خواطري

أصدق من أحبك من قربك إلى الله، بقوله وفعله وحاله، فإن هذا برهان عظيم على صدق محبته لك وإن كره هواك ذلك منه. فالمحب الحقيقي هو من نظر في المآلات المحمودة لمحبوبه، وهيأه إلى ذلك حتى وإن كان في ذلك فوات بعض لذاته ومحبوباته التي تتبع هواه، إذ قلبه لا يرتضي مضرة من أحبه.

كان في مداره كوكبًا سعيدًا يسبح باطراد في فلكه، وحينما فقد ما يجذبه انحرف عن مساره وتاه في ظلام معتم وصامت، وتخبط في الفضاء الواسع، وتضعضع حاله حتى صار صخرة تسبح بلا دليل، ولكنه لما رأى الأرض طار متلهفًا، ومن شدة الشوق والانجذاب احترق كشهابٍ لمع في الأفق سريعًا ثم تلاشى وانطفأ!

يرتبط مفهوم 'الزمن الجميل' أو 'الزمن غير الجميل!' بما يعلقه الإنسان في ذهنه عنهما من ذكريات جميلة أو غير جميلة، متخيلة متوهمة أو حقيقية. فمن عادة الإنسان غالبًا إعطاء وصف الجمال للزمن الماضي الذي لم يعش فيه، وليس بالضرورة أن يكون ذلك الوصف هو حقيقة ينطبق على ذلك الزمن.

من أعظم مصادر الفرح والسعادة وتعميق الإحساس الرضا، ملاحظة النِّعَم وتحدث النفس داخلها باستمرار عنها، وشكر الله باللسان المطابق للقلب الممتن امتنانًا مأسورًا بالفرح بملاحظتها والاعتراف بها أمام المنعم بها سبحانه، وتقريرها في النفس بأتم وأبلغ تقرير على وجودها، وحب من أنعم بها.

العقل كالمغناطيس تنجذب إليه الأفكار والخواطر التي اعتاد عليها، فإن اعتاد على التفكير الإيجابي انجذبت إليه الأفكار الإيجابية، وإن اعتاد على التفكير السلبي انجذبت إليه الأفكار السلبية. عقلك هو مغناطيس أفكارك، فدربه على اجتذاب الأفكار والخواطر الإيجابية وتجاهل وطرد الأفكار السلبية.

القلب إذا اقتنع بشيءٍ أرى عينه ما ليس له وجود في الحقيقة والواقع، وإذا أنكر شيئًا أنكرته عيونه حتى ولو كان ماثلاً بين يديه. ولقد دلت الأيام والتجارب على أنَّ الذي يبصر ويعمى هو القلب وليس العين.

السكينة التي تجدها النفوس وقت وجود دواعي اضطراب القلوب وقلقها وفتنتها، هو ثمرة بذرة التقوى في الصدر، التي زرعت قبل مدة ليست قصيرة، وتجذرت بالعمل الصالح وسلامة الصدر، فنمت شجرة الإيمان وامتدت عروقها في القلب وأغصانها في الأطراف، فجاءت ثمرتها السكينة والثبات زمن الاضطراب والقلق.

ما بين ليلة الدخلة وليلة الطلاق! ‏تجد في بعض الحالات، مفارقة عجيبة ومحزنة، وأنت ترى حدة النزاع وشراسته والهبوط في الإهانات والانحدار في الشح المادي والمطالبات والوصول إلى النزاعات والصراعات العائلية الممتدة ثم إلى القضاء، ثم تعود بذاكرتك تتخيل مشاعرهم ليلة الزفاف ولحظات الدخلة! ‏مستحيل أن تجتمع تلك المشاعر المتناقضة والمتناحرة في تلك اللحظتين معًا، وربما كان الزمن الفاصل ليس بعيدًا جدًا! ‏ليلة يغمرها الفرح والشوق والترقب والآمال العريضة، وليلة طافحة بالخصومات والنزاعات والشقاق وربما الكيد والابتزاز ولي الذراع من الطرفين! أمرٌ محيرٌ ويحزن ويصدم كثيرًا. ‏وحين يمر الإنسان بليالي الزفاف في قصور الأفراح سريعًا وهو يراهم من بعيد يتساءل عن مصير تلك الفرحة الغامرة والتكاليف الباهظة بعد برهة من الزمن، وهل ستتحول إلى هذا المصير المحزن والمحبط! ‏لا شك الأصل هو أن نجاحات الزواجات أعظم وأكثر من إخفاقاتها، والعاقل لا يرغب أن يمر بتجربة قاسية. ‏الكلام يطول هنا ولا يمكن اختصاره للحديث عن ذلك، وكل الذي أرغب في قوله هنا بكل قوة، هو: احسنوا الاختيار، احسنوا الاختيار، احسنوا الاختيار.

تظل عالقة بلحظات عابرة في الماضي مضت من حياتها، فتستسلم للوهم وتبقى معلقة هناك كفراشة تعثرت في خيوط عنكبوت، وتستمر ترهن بقية عمرها الغض لما تصرم وانقضى، توهم نفسها أنه وفاء أو حزن صادق وتوجع لازم، وهو في الحقيقة ثقب أسود يبتلع كل شيء جميل في حياتها، والانتصار الحقيقي بالتحرر منه.

لست بحاجة لإسقاط أحدٍ، فقط اجتهد واصعد بنفسك، فالذي تحتاجه هو أن ترتقي لتكون مع المتميزين والمتقدمين.