▫️قناة | عبدالله الغامدي

فظيعٌ جهل ما يجري وأفظع منه أن تدري!

" اللهم إليك نشكو ضعف إخواننا في فلسطين، وقلة حيلتهم، وهوانهم على الناس. يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربهم، إلى من تكلهم إلى بعيد يتجهمهم، أو إلى عدوٍ مَلَّكته أمرهم. إن لم يكن بك عليهم غضب فلا نبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لهم. نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن ينزل بهم غضبك، أو يحل عليهم سخطك. لك العُتْبى حتى ترضى، لا حول ولا قوة إلا بك".

"رسول الله ﷺ سيدُ الأنام ، ويوم الجمعة سيدُ الأيام ، فللصلاةِ عليه في هذا اليوم مزيةٌ ليست لغيره مع حكمة أخرى، وهي أن كل خير نالته أمتُه في الدنيا والآخرة، فإنما نالته على يده، فجمع الله لأمته به بين خيري الدنيا والآخرة ﷺ؛ فأعظم كرامة تحصل لهم، فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو يوم عيد لهم في الدنيا، ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم، ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمن شكره وحمده وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته". - ابن القيِّم | زاد المعاد

قراءة الآيات أو السور التي تعالج أزماتٍ مماثلةً تعانيها =من أعظم ما يعين على الثبات، ويغرس العلم والمعاني القرآنية في القلب، فقرقٌ بين من يقرأ القرآن ومن يصحبه ويعيش معه.. وهذا من حكمة نزول القرآن مفرقًا منجمًا في ثلاث وعشرين سنة؛ كما قال تعالى: (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك..)، (وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) .. وهو أيضًا من أسرار فضل علم الصحابة رضي الله عنهم على من بعدهم، كما أنهم شهدوا من قرائن الأحوال ما لم يشهده من بعدهم. ثم إن القلب يذهل عن الحقائق وقت الشدة، فإذا فزع إلى الوحي عَلِم .. ولذلك لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وتلا أبوبكر: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..) تنبهوا، قال ابن عباس: "فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر" .. فالأحداث الجسام تزلزل القلب، فيذهل عما كان يعرف، فمن يفزع إلى الوحي يثبته الله ويبصره بالحق، فيرى غير ما يراه الناس.

• حركة القلب داخلة في التكليف.. حب المؤمنين، والتألم لمصابهم، والحزن لحزنهم؛ من جملة الأعمال الصالحة، المثقّلة لميزان العبد. والعكس بالعكس: انطواء القلب على بغض المؤمنين، والفرح بانتصار عدوهم من الكافرين؛ من جملة الأعمال السيئة المخففة لميزان العبد؛ تأمل كيف سجّل القرآن حركة قلب المنافق، وعدّه من جملة أعماله الآثمة: ﴿إِن تُصِبكَ حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَإِن تُصِبكَ مُصيبَةٌ يَقولوا قَد أَخَذنا أَمرَنا مِن قَبلُ وَيَتَوَلَّوا وَهُم فَرِحونَ﴾ [التوبة: ٥٠]. •

مشاهدة بعض مقاطع الدمار والكوارث ودماء الأطفال وأهالي الأبرياء الذين ودعوا الحياة؛ كل هذا مهم في إحياء القلب وإيقاد جمرة الغل والبغضاء لأعداء هذا الدين، لكن هنا تنبيه مهم ينبغي أن يستحضره من يشاهد تلك المقاطع حتى يكتمل المشهد:

من عقيدة أهل السنة والجماعة: أن الله لا يُقدّر شرًا محضًا في هذا الكون، مهما بلغ ظاهر الشر في الأمر؛ فإنّه ينطوي حتمًا علىٰ خيرات وحِكم عظيمة، فالشرُّ ليس إليه سبحانه. ولو تأمَّل المرء في هذا الحدث الأخير لإخواننا -علىٰ شدة إيلامه وشناعته- لوجد الكثير من الحِكم والخيرات في طي هذا المُصاب: فتأمل ما حصل بعده مباشرة من اجتماع كلمة المسلمين علىٰ نصرتهم لإخوانهم، ومعرفتهم وتبصرهم بحقيقة عدوهم، وعودتهم لنصرة قضية المسجد الأقصى، وتميّز وتمحيص المنافقين من المؤمنين، وخسارة الكيان الغاصب المحتل للتعاطف معه، وصعود المئات من الشهداء إلىٰ الله لينالوا أعلى مرتبة في الجنة بعد النبوة والصديقية؛ من تأمّل كل هذه الحِكم والخيرات وغيرها التي ما كانت لتكون إلا بأمثال هذا الحدث = علم حينها أنَّ الله حكيمٌ في أمره، لطيفٌ بعباده، لا يُقدّر عليهم شرًا في الظاهر إلا وفي أعطافه من الخيرات ما لا يُحصر ولا يُحصى؛ فلربنا الحمد من قبل ومن بعد، رضينا بالله ربًّا لنا وفوّضنا إلى الخبير الحكيم تدبير أمورنا وشؤوننا.