رَزْنَة

اليوم وأنا أبلل ملامحي أمام المرآة، رأيت الشيب كيف أتخذ من جمجمتي نهرًا يغرق لونهُ على أعتابها، أصبحت الخصلات البيضاء تلتهم ما دونها، كُنت أتساءل عن سبب هذا الانتشار الواسع وأنا ما زلت في منتصف الرابع والعشرين من العمر! ذهبت لأخبر أختي؛ راغبة بأن تجد لي حلًا، ولكنها ردّدت المثل المُعتاد في قريتي " الشيب ولا العيب" نفضت ملامحي ونهضت، أخبرت أمي بأنِّي أصبحت عجوزًا شابةً! قالت لي: "ورثتي الشيب من والدكِ، تزوجته والشيب يُغطي عمرهُ الصغير" ركضت إلى الباب قبل أن يغلق أخي مازحتهُ قائلة: أصبحت فتاة يغزوها الشيب، وأبدو أكبر منك؛ لذلك يجب أن تنصت لكلِّ ما أقوله .. أنزل رأسه وقال: "انظري كم لديَّ منه" جميعهم وضعوا لهذا المتسلّل الأبيض عذرًا يغفر لهُ سرقة لون شعري اللامع، ووحدي كُنت أعلم بأنَّها الكلمات التي توقفت عن نطقها قد شابت على رأسي! #رزنة_صالح #عفوية

غزة...

تمسك الإنسان في ما منع عنه أو منع منه يكون لسببين: 1- أن النفس لا تصبر على الحصر فإنهُ يكفي حصرها في صورة البدن، فإذا حصرت في المعنى يمنع زاد طيشها، ولهذا لو قعد الإنسان في بيته شهرًا لم يصعب عليه، ولو قيل له: لا تخرج من بيتك يومًا طال عليه. 2- أنها يشقّ عليها الدخول تحت حكم، ولهذا تستلذ الحرام، ولا تكاد تستطيب المباح، ولذلك يسهل عليها التبعد على ما ترى، ولا تؤثره لا على ما يؤثر.. #كتاب_صيد_الخاطر

﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾

حين كُنت ابنة خمس سنوات، كُنت أتساءل: ماذا تعني رائحة أب؟ ماذا يعني دفء منزل فيه حشرجة صوت رجل كبير؟ همساته، عصبيته، حتَّى أنَّ روحي كانت تجوع وتسأل نفسها: كيف تبدو ملامح الأب عند الغضب؟ كُنت أحيانًا أفكر: هل لهُ عطر مخصص أم أنَّ الآباء كالأمهات لهم رائحة من عَبق الجنة! رغبت بأن تكون أوَّل لعبة لي هدية منه، أوَّل شهادة لي تحمل توقيعه، أوَّل نجاح لي يكافئني بحضنه، رسمت في مخيلتي كيف ركضت كثيرًا حتَّى أسقط بين يديه، هل أحضان الآباء دافئة! أحيانًا أستمتع بالمشاجرات بين زميلاتي في الصفوف واستدعاء أولياء الأمور؛ حتَّى أستطيع تخيُّل نفسي كيف سأخطو خلف أبي إلى المدير، أحيانًا أطبع في مخيلتي صورًا كثيرة، جسدًا كاملًا ولكن بملامحَ مبتورة! كيف تبدو عيناه! خصلات شعره هل توضأت بالشيب! هل يوجد لضحكاته صوت أو أنَّهُ كان فقط يبتسم! أحيانًا أسكب نظراتي في ملامح إخوتي وأسال نفسي: مَن يشبهه منَّا؟ كنت أبحث في نظراتهم المُتعبة عن صور قديمة دفنت عبر الزمان، حينها كُنت صغيرة جدًّا ولكنِّي أعلم بأنَّهم يفقتدونه، أعلم بأنَّ هذا المنزل يحتاج إليه، كانت لدينا الكثير من الأسئلة ولكنَّنا تركناها فارغة في دفاتر أعمارنا؛ خوفًا من أن يتسلل طيف الحزن إلى ملامح أمي، كبرنا ولكن علامات الاستفهام ما زالت تخنقنا. #رزنة_صالح

وأنا أنظر للرجلِ الذي يَصرخُ "يالله" بكلّ حُرقةٍ وينظرُ إلى السماءِ، تذكّرتُ "الإحسَان"، تذكّرتُ أن ننادي الله وكأنّنا نراه، أبصرتُ كم في صدرِ هذا الرجلُ الذي يحتَضِنُ جثّةَ والده منَ ألم، حزنٌ أكبر مِن أن يستوعبه البشر، كان يعلمُ ذلك.. كان يعلمُ جيدًا لذلك نظر هُناك عاليًا، نظر وكانت كلماته مُحمّلةً بكلِّ أنواعِ القهرِ والخذلانِ والفَقدِ والوجع.. ولكنّهُ حينَ نظَر لله، وصَلتني رسالةٌ عظيمةٌ جدًا بأنّ قوةَ هذه الصّرخة لن يستجيبَ لها إلا قويّ، وأنّ هذا القويّ يجب أن تكون قوّته غيرُ محدودةً، وانتِقامه شديدًا، واستجابَته جابرةً.. لذلكَ هي لله.. #رزنة_صالح

أقسم بالله الذي لا إله إلا هو أنّ هذا الظلم والإجرام والاحتلال سيزول، ويحلّ العدل وتُرفَع راية الإسلام، وإن لم نستيقظ ونعيد ترتيب أولوياتنا ونجعل نصرة الإسلام والمسلمين أولى ما نشتغل به؛ ونكسر الحلقة الحياتية المفرغة التي تُبدد طاقاتنا؛ فستحلّ علينا سنة الله تعالى: (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم) ووالله ما اشتدّ هذا الظلام إلا لعظم نور الفجر القادم، ووالله إنه لقريب. ومن بقي بعد كل هذه الأحداث يمدح ظالماً أو يثني على خائن يوالي الكفار فهو أعمى البصيرة لا يُرجى منه نصر للمسلمين. فلا بد من إعادة النظر في كل شيء بناء على ميزان العدل والظلم والحق والباطل ونصرة الأمة وخذلانها. والإسلام قادم..

"طول الطريق أخبي أولادي من الشمس، أول ما وصلنا قصـ.ـفـ.ـوهم" - غرْة ٢٠٢٤