غُرَبَاء

أصول الخطايا كلها ثلاثة: الكبر: وهو الذي أصار إبليس إلى ما أصاره، والحرص: وهو الذي أخرج آدم من الجنة، والحسد: وهو الذي جرأ أحد ابني آدم على أخيه فمن وقي شر هذه الثلاثة فقد وقي الشر؛ فالكفر من الكبر، والمعاصي من الحرص، والبغي والظلم من الحسد. #ابن_القيم - الفوائد

«قالَ تعَالىٰ: ﴿ والَّذِینَ جَـٰهَدُوا فِینَا لَنَهدِیَنَّهُم سُبُلَنَا ﴾. علَّقَ سُبحَانهُ الهِدَايَة بالجِهادِ؛ فأكمَلُ النَّاسِ هِدايَةً أعظمُهُم جِهادًا، وأفرضُ الجِهادِ جِهادُ النَّفسِ وجِهَادُ الهوَىٰ وجِهادُ الشَّيطَانِ وجِهادُ الدُّنيا؛ فَمَن جَاهدَ هَذهِ الأربعَةَ في اللهِ هَداهُ اللهُ سُبُلَ رِضاهُ المُوصِلةِ إلىٰ جنَّتِه، ومَن تَركَ الجِهادَ فاتَهُ مِن الهُدىٰ بحَسبِ مَا عطَّل مِن الجِهَاد. قَالَ الجنيدُ: والذِينَ جَاهدُوا أهواءَهُم فِينَا بالتَّوبَةِ لَنَهدِينَّهم سُبُلَ الإخلَاصِ. ولَا يَتمكَّنُ مِن جِهادِ عَدوِّه في الظَّاهِر إلَّا مَن جَاهدَ هَذِه الأعدَاءَ باطِنًا؛ فمَن نُصِر عَليهَا نُصِرَ عَلىٰ عَدُوِّه، ومَن نُصِرَت عَليهِ نُصِرَ عَليهِ عَدُوُّه». #ابن_القيم - كتاب الفوائد

الغيرة غيرتان: غيرة على الشيء، وغيرة من الشيء. فالغيرة على المحبوب: حرصك عليه، والغيرة من المكروه أن يزاحمك عليه. فالغيرة على المحبوب لا تتم إلا بالغيرة من المزاحم. وهذه تحمد حيث يكون المحبوب تقبح المشاركة في حبه؛ كالمخلوق. وأما من تحسن المشاركة في حبه؛ كالرسول والعالم بل الحبيب القريب سبحانه ؛ فلا يتُصور غيرة المزاحمة عليه، بل هو حسد! والغيرة المحمودة في حقه أن يغار المحب على محبته له أن يصرفها إلى غيره، أو يغار عليها أن بطلع عليها الغير فيفسدها عليه، أو يغار على أعماله أن يكون فيها شيء لغير محبوبه، أو يغار عليها أن يشوبها ما يكره محبوبه من رياء أو إعجاب أو محبه لإشراف غيره عليها أو غيبته عن شهود منته عليه فيها. وبالجملة فغيرته تقتضي أن تكون أحواله وأعماله وأفعاله كلها لله، وكذلك يغار على أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضى محبوبه. #ابن_القيم - كتاب الفوائد

عزلة الجاهل فساد، وأما عزلة العالم فمعها حذاؤها وسقاؤها. #ابن_القيم الفوائد

تنفير عوام المسلمين من عقيدة الأشاعرة سهل ويسير، ولا يحتاج إلى إدخالهم في دقائق المسائل؛ ركز على أربعة ٱمور فقط: الأولى: أنّ الأشاعرة يقولون أنّ ربك ليس فوق السماوات السبع. الثانية: أنّ الأشاعرة يقولون أنّ ربك لا يسمع صوتك أثناء دعاءك ومناجاتك وتضرعك إليه سبحانه وتعالى. الثالثة: أنّ الأشاعرة يقولون أنّ ربك لا يبصرك وأنت تصلي وتبكي وتسعى وتشقى. الرابعة: أنّ الأشاعرة يقولون أنك لن ترى ربك يوم القيامة بعينيك، ولن تتلذذ بالنظر إلى وجه الكريم. هذه المقالات القبيحة كفيلة أن تنفر حتى البهائم من هؤلاء الجهمية.

من عظم وقار الله في قلبه أن يعصيه؛ وقره الله في قلوب الخلق أن يذلوه #ابن_القيم الفوائد

قال الشيخ عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب -رحمه اللّٰه-: "وأما قول من يقول: إن من تكلم بالشهادتين ما يجوز تكفيره، وقائل هذا القول لا بد أن يتناقض، ولا يمكنه طرد قوله، في مثل: من أنكر البعث، أو شك فيه، مع إتيانه بالشهادتين، أو أنكر نبوة أحد من الأنبياء الذين سماهم الله في كتابه، أو قال الزنى حلال، أو نحو ذلك، فلا أظن يتوقف في كُفرِ هؤلاء وأمثالهم، إلا من يُكابر ويُعاند. فإن كابر وعاند، وقال: لا يضر شيء من ذلك، ولا يكفر به من أتى بالشهادتين، فلا شك في كفره، ولا كفر من شك في كفره، لأنه بقوله هذا مكذب لله ولرسوله، ولإجماع المسلمين؛ والأدلة على ذلك ظاهرة بالكتاب والسنة والإجماع. فمن قال: إن التلفظ بالشهادتين لا يضر معهما شيء، أو قال: من أتى بالشهادتين وصلى وصام لا يجوز تكفيره، وإن عبد غير الله فهو كافر، ومن شك في كفره فهو كافر، لأن قائل هذا القول مكذب لله ورسوله، وإجماع المسلمين كما قدمنا، ونصوص الكتاب والسنة في ذلك كثيرة، مع الإجماع القطعي، الذي لا يستريب فيه من له أدنى نَظَرٍ في كلام العلماء، لكن التقليد والهوى يعمي ويصم {وَمَن لَم يَجعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُورٍ}". [الدرر]

لما أعرض الناس عن تحكيم الكتاب والسنة والمحاكمة إليهما، واعتقدوا عدم الاكتفاء بهما، وعدلوا إلى الآراء والقياس والاستحسان وأقوال الشيوخ؛ عرض لهم من ذلك فساد في فطرهم، وظلمة في قلوبهم، وكدر في أفهامهم، ومحق في عقولهم، وعمتهم هذه الأمور وغلبت عليهم؛ حتى ربي فيها الصغير، وهرم عليها الكبير، فلم يروها منكرًا! فجاءتهم دولة أخرى قامت فيها البدع مقام السنن، والنفس مقام العقل، والهوى مقام الرشد، والضلال مقام الهدى، والمنكر مقام المعروف، والجهل مقام العلم، والرياء مقام الإخلاص، والباطل مقام الحق، والكذب مقام الصدق، والمداهنة مقام النصيحة، والظلم مقام العدل؛ فصارت الدولة والغلبة لهذه الأمور، وأهلها هم المشار إليهم، وكانت قبل ذلك لأضدادها، وكان أهلها هم المشار إليهم.

فإذا رأيت دولة هذه الأمور قد أقبلت، وراياتها قد نُصبت، وجيوشها قد ركبت؛ فبطن الأرض والله خير من ظهرها، وقلل الجبال خير من السهول، ومخالطة الوحش أسلم من مخالطة الناس.

اقشعرت الأرض وأظلمت السماء وظهر الفساد في البر والبحر من ظلم الفجرة، وذهبت البركات وقلت الخيرات وهزلت الوحوش وتكدرت الحياة من فسق الظلمة، وبكى ضوء النهار وظلمة الليل من الأعمال الخبيثة والأفعال الفظيعة، وشكا الكرام الكاتبون والمعقبات إلى ربهم من كثرة الفواحش وغلبة المنكرات والقبائح.

وهذا والله منذر بسيل عذاب قد انعقد غمامه، ومؤذن بليل قد اذلهم ظلامه؛

فاعزلوا عن طريق هذا السيل بتوبة نصوح ما دامت التوبة ممكنة وبابها مفتوح. #ابن_القيم - الفوائد

"إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ". الحكم له وحده، وأمرك ألا تعبد إلا إياه، فهذا هو الدين القويم المستقيم الذي لا إعوجاج فيه! فمن أقر بالحاكمية للّٰه وتحاكم إلى شرع اللّٰه بشهادة اللّٰه فإنه على الدين القويم المُستقيم الذي لا إعوجاج فيه، ذلك الدين القيّم! وخُتمت الآية بقول اللّٰه عز وجل: "وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ". لماذا لا يعلمون؟! لا يعلمون الحقائق الثلاثة التي ذُكرت في الآية.. لا يعلمون أن الحاكمية حَصَرٌ باللّٰه تبارك وتعالى! لا يعلمون أن التحاكم لا يكون إلا للّٰه! لا يعلمون أن هذا هو الدين القيّم! "وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" وأنتم تعلمون أن كلام ربنا عز وجل حاشاه لا يخالف الواقع! فإذا بحثت عن هذا الجزء في أرض الواقع ((وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ)) تخرج بالمحصلة التالية، النَسمة في الكرة الأرضية حوالي 7.5 مليار نسمة من بين هولاء  حوالي 6 مليار ليسوا مُسلمين إذًا كل هؤلاء لا يعلمون أن الحاكمية للّٰه وكل هؤلاء لا يعلمون أن التحاكم لا يكون إلا إلى شرع اللّٰه، وكل هؤلاء لا يعلمون أن ذلك هو الدين القيّم، فإذا نحيت هؤلاء جانبًا ثم أتيت إلى المليار والربع الذين هم تحت اسم الإسلام كم منهم يعلمون هذه الحقائق الثلاثة؟! - إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ! - أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ! - ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ! (((وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ))) وعدم علمهم بهذه الحقائق الثلاثة لا تنفي عنهم إثم الردة إذا وقعوا فيه!