توَّاقة

«ونسألك اللهم مسألة من آيس من كل شيء إلا منك، وفر من كل شيء إلا إليك»..

ارفعوا أكفّ الدعاء، وهيّؤوا القلب للافتقار على بابه ﷻ، وسلوا ربّكم الكريم الجواد وأنتم موقنون بالإجابة.. اسألوه في دينكم ودنياكم وآخرتكم، ولا تنسوا أحبّتكم وأمّتكم والمستضعفين في كل مكان، وأسرى المسلمين، والمحزونين المكروبين المستوحشين أن يجعل الله لهم أُنسًا وفرجًا ومخرجًا قريبًا؛ فالله أكبر من كل شيء، ولا إله غيره ولا قريب ولا طبيب سواه.

ما أجملَ أن نسأل ربّنا المولى دقيق الحاجات حتى وصغائرها.. لكن مع ذلك، فلا يجوز أن ننسى مآلنا الأخير، وحياتنا الأبديَّة بطلب حوائج مؤقتة. فاللهُمَّ آتنا في الدُّنيا حسَنة، وفي الآخِرة حسَنة، وقِنا عذابَ النَّار.

مع أن البادي في الأفق القريب مزيد كلوح واسوداد واكفهرار لا تخطئه عين الناظر، إلا أن وراءه لمعان ضوء وإشراق صبح لا تخطئه بصيرة الموقنين، وعند الصباح يحمد القوم السرى.

‌ وحرفان كمان

حرف واحد يفصلنا عن حلم عظيم.

ما الذي يميّزنا؟ تأمّلت الحال منذ بداية الطوفان -بل حال أمّتنا عبر مختلف العصور- وحتى الآن فوجدتُ أنّ ما يميّزنا هو اليقين والمرجعية للوحي وتحقيق العبودية لله عز وجل عمومًا.. ينشر جيش الاحتلال اللعين آلاف الصور والمقاطع لمشاهد صعبة أليمة لاستشهاد إخواننا على أنّها نصرٌ وغَلَبة ولإظهار قوة؛ فنجد انقسامًا بيِّنًا؛ مَن مرجعيته غير الوحي بل مبادئ وفكر دُنيوي فقط، وهذا مع تتابع الأحداث سيظنّها النهاية والخسارة الأليمة وأنه لن تقوم لنا قومة بعدها بل قد يصل به الحال لأمورٍ غير محمودة؛ مِن فقدان عقلٍ أو اكتئاب أو ربما اليأس من رحمة الله وخروج من الدين.. إلخ، على عكس مَن كانت مرجعيته الوحي؛ يرى الأمل في رحم الألم، ويُعاد تشكيل المفاهيم عنده مرةً أخرى على ضوء هذا الوحي، ويتلّمس نورًا وسط الظلماء، ونصرًا بات قريبًا جدًّا، بل بالفعل هذا نصرٌ وبشارة من الله لعباده المجاهدين، يعلمون حقًّا أن الغاية هي الفوز والنصر هناك وقد وصلوا -نحسبهم-، وأمَّا هنا؛ فكلّها مغادِرة ونحن معها، ويتصبّر بكلام ربّه ويتشبّث بحِباله وسط أحداثٍ متسارعة شديدة تفتّت الأفئدة.. - « لا سواء؛ قتلانا في الجنة وقتلاكُم في النار» - قصة أصحاب الأخدود؛ هؤلاء القوم الذين أُحرِقوا أحياءً، بمنظورنا العادي نجد أنهم انتهوا بأبشع طريقة، لكن نجد ربّنا تبارك وتعالى يقول مصحِّحًا تلك النظرة الضيِّقة: ﴿ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾! - سَحَرة فرعون الذين لتوّهم ءامنوا بعدما رأوا آيات الله وما عملوا عملًا سوى الإيمان وأن اليقين وقع في قلوبهم وها هو فرعون يحذّرهم ويخوّفهم بجبروته ﴿لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلَـٰفٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾، ماذا كان ردُّهم؟! ﴿قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ • إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَآ أَن كُنَّآ أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ - وشجاعة الصحابة وشراؤهم الآخرة بالدنيا، وفي حاضرنا بذل وتضحيات المجاهدين في غزة وبقية بلاد الإسلام.. المتأمّل لهذا كله سيعلم يقينًا أنّ الإنسان قاصر عن معرفة وإدراك خفايا الأمور، وعاجز وضعيف عن تحمُّل كل هذا وحده بلا معين أو مصبّر.. فإذا اهتدى؛ سيعلم أنّ المخرج من هذا التيه هو الاستمساك بحبل الله والسعي لفهم وَحيه وسُنَنه، وأنه لا حول ولا قوة إلا به.

كنتُ أكابد وقت هذه الدروس مصاعب شديدة جداً، وكنتُ أعالج نفسي بشرح أحاديث الصبر في رياض الصالحين؛ فوجدت الدواء في هذه المعاني، وخاصة هذا الدرس، وبالأخص نصفه الثاني، وهذه من بركة السنة المحمدية التي فيها كل الخير: https://youtu.be/fuVB4bOqndg فصلّى الله على محمد وسلّم وآتاه الوسيلة

‌ ‌+ ⁴

يُقال إن أحد الأحياء المجاورة ينادي أهله مِمَّن تغرَّبوا عنه وطال بُعدهم؛ أن هلُمُّوا للخبر هلُمُّوا! حيٌّ معروف بالهِمّة العالية و #العطاء الجميل والسُّمعة الطيّبة، إلا أنه قد أصيب بوعكة؛ أثّرت على نشاطه وهمّته، وساد فيه الخمود والسكون.. لكنّ ما وردَ يفيد أنّ في الأمور جديد، لا يعرفها إلا أصحاب الحيّ مِمَّن هجروه زمانًا.. ودليل الساري؛ اطرقي أبواب الحيّ³ بضغطة، وألقي السلام وادخلي، وفي المُثبَّت خلف الباب ما يغنيكِ عن السؤال؛ هلمِّي لتفاعلِ جَمْعٍ قد حنّ لأهله ولبِّي النِّدَا، ولا تكوني من التارِكات الغافلات؛ خشية الندم وضياع الفهم وشتات الهمم! #رسالة_مقصودة_لأناس_مقصودة