في أعماق الكتابة

من الأخطاء الشائعة استعمال (سويًّا) بمعنى (معًا) فيقال: جئنا سويًّا. ‏والصواب: جئنا معًا. ‏لأن السويَّ هو السالم من النقص. ‏وفي القرآن {قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليالٍ سويًّا} أي سالمًا صحيحًا لا علة بك من خرس أو مرض يمنعك من الكلام. د. فهد بن سليمان التركي

إنني أكتب رغم اعتقادي أن كلامي حبر على ورق، أو صرخة في واد، لا تزعزع جبلا، ولا تخيف أسدا. إن صياح الديك لا يُطلع الفجر، لكن لا بدّ للديك من أن يصيح. قرّب الله الصبح الذي نسمع بتباشيره. فمتى تحقق الأعمال الأقوال، ولا نظل نسقي الكمون بالوعد؟ مارون عبود | مناوشات

"وما أحسن ما فعل موسى الهادي معَ أَبي الأَسدِ وقد مدحه بقوله: يَا خَيْرَ مَنْ عَقَدَتْ كَفَّاهُ حُجْزَتَهُ وَخَيْرَ مَنْ قَلَّدَتْهُ أَمْرَهَا مُضَرُ فَإِنَّهُ قَالَ لَهُ: إِلَّا مَن ، يا بائس ، فقال قبل أن يبلع ريقه: إِلَّا النَّبِيَّ رَسُولَ اللهِ إِنَّ لَهُ فَخْراً وَأَنْتَ بِذَاكَ الْفَخْرِ تَفْتَخِرُ فعرف أَنَّهُ ارتجله ، وفتَشَ صحيفتهُ فلم يجده فيها ، فَأَسنى جائزَتَهُ ، وَأَكْرَمَ وِفَادَتَهُ". عبدالرحمن السقاف | العود الهندي ص٦٦٨-٦٦٩.

كل الأشكال الأدبية حين يطرقها الأديب يجد سلوةً وراحة، ويستجمُّ بها من شيء من معاناته.. لكني أزعم أن الشِّعر مختلف جداً في ذلك، فالشاعر حين يوزِّع جراحه على "مفاعيل" الشعر، ويُقسِّم آهاته على إيقاعاته= يشعر بأنه ينتصِف لنفسه من همومه، ويردّ لها شيئاً من اعتبارها، فيخرج من حالة البوح أهنأَ بالاً، وأفسحَ صدراً وأسعدَ بتعبيره وبيانه من كثيرٍ من الناثرين.

وقوفك طويلاً بباب المعنى المتعسِّر يُيسِّر لك الولوج إليه وحسن التعبير عنه.. فلا تيأس -أيها الكاتب- ولا تستسلم!

لتفهم شيئاً من روح الجاحظ المرِحة، ومذهبه في الضحك انظر إلى كلامه هذا في كتابه الماتع (البخلاء) بعد حكايته هذا الخبر له مع أحد أصحابه، وهو محفوظ النقاش، وكيف كان احتجاج صاحبه وحسن تبريره لبخله، قال الجاحظ بعقبِ ذلك: ‏"فما ضحكت قَطُّ كضحكي تلك الليلة، ولقد أكلته جميعاً فما هضمَه إلا الضحك والنشاط والسرور، فيما أظن، ولو كان معي من يفهم طِيبَ ما تكلَّمَ به لأتى علي الضحك، أو لقضى علي، ولكنَّ ضحِكَ من كان وحده لا يكون على شطر مشاركة الأصحاب".

"أدبٌ تُحِبُّ الأذن مسمعهُ إنْ قامَ فيهِ بِمحفل لَجِب أَبْـوابُهُ شَـتَّـى وأحْـسَـنُها فـي غُـزرِه: بَـوّابَـةُ الأدب ✨" تعلن مبادرة مدارج الأدب عن افتتاح التسجيل في النسخة السادسة من برنامج بوابة الأدب ▪︎ مدة البرنامج: 100 يوم 🖇 رابط التسجيل: https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLSdvulOS6WCs3DUg_XH9xGA8nR31ThpVGpIS2Suej3h2yQ-khA/viewform?usp=sf_link 🖇 خطة البرنامج: https://drive.google.com/file/d/1-5tzMU0ndCU7A0cl5hESu2jXOcq84aQK/view?usp=drivesdk قناة مرقاة: T.me/mirqaway

لاحظت أن من أعصى الأخطاء اللغوية على التصحيح: الخطأ في لفظة (التواجد)؛ إذ يُقصد بها في الغالب معنى الوجود والحضور.. والصحيح أنها من (الوجْد) الذي من معانيه: الحزن، والحب.. فالتواجد: تفاعلٌ من الوجد.. وهذا المعنى نادراً ما يُقصَد. مثال: لا تقُل: هو متواجد في البيت❌ وقل: هو موجود في البيت.✔️ ‏ما أكثر ما يقع هذا الخطأ من كثير من القراء بل من المثقفين الذين لا عناية لهم كبيرةً باللغة.

كثير من الخواطر التي أكتبها تأتيني وأنا في السيارة أنتقل من مكان لآخر.. فإذا ما سافرتُ أو خرجت في رحلة قريبةٍ أو بعيدة كانت الخواطر أغزر، وربما أجود.. وقد كان بعضُ الكُتّاب رحّالةً يجوب البلدان لا لشيء إلا ليكتب، وليجد ما يحرّك أفكاره وعواطفه ويُذكي أحاسيسَه فيدفعه للكتابة.. ‏ولا يخفى عليك ما للمشي أيضاً من أثرٍ في ذلك. ‏المثل الشعبي يقول: في الحركة بركة.. ‏وكثيرا ما يكون الإلهام ابن الرحيل والانتقال.

صارت قاعدتي في كثير من الأعمال: اِبدأ وسوف يتيسر العمل، وسوف تنفتح لك دروبٌ لإكماله، ربما لم تكن على بالك عند البدء.. جربت ذلك في الكتابة، وفيما سواها من الأعمال.. لا تؤجل عملاً إذا كنت تستطيع أن تخطوَ فيه ولو خطوةً واحدة.