المُـعـتَـصِـم

نشرتها الآن حتَّى تعرفوا أحكام صلاة العيدين. تقبَّل الله منَّا ومنكم يا رب.

#فقه كِـتَـابُ الـصَّـلَاة -بَابُ صلاة العيدين- • وهيَ فرضُ كفَاية، إذَا تركهَا أهل بلدٍ قاتلهم الإمام. • ووقتها كَصلاةِ الضُّحَى "من ارتفاعِ الشَّمس إلى الزَّوال"، وإن لَم يعلم العيد إلَّا بعده "ثاني يوم" صُلِّيَت من الغدِ قضاءً، ومن فَاتته مع الإمام فإنَّهُ يصلِّيهَا متَى شَاء لأنَّها نافلة لا اجتماع فيهَا. • وشروطِ وجوبها كشروطِ وجوبِ الجمعة، وشروط صحَّتها: ١- استيطان. ٢- وأن يكون العدد كعدد صلاةِ الجمعة. ٣- ولا يشترط إذن الإمام. - سُنَن صَلاة العيدينِ: • صَلاة الفِطْرِ: تَأخير الصَّلاة وَأكلٌ قبلَها. • صلَاة الأَضحَى: تقديمُ الصَّلاة وترك أَكلٍ قبلَها وبعدهَا لمُضحٍّ، فيأكل من أضحيتهِ. • وتُسنُّ في صحرَاء قريبة من البنيان عُرفًا، ولا تصحُّ في صحراء بعيدةٍ عن بنيان عرفًا، وَتُكرهُ في الجامعِ بلا عُذر -باستثناء مكَّة، فتسنُّ صلاة العيدينِ في الحرم المكِّي-. • ويُسنُّ تبكير مأمومٍ إليها ماشيًا فلا يركب -إلَّا لعذرٍ كبعد ومرض- بعد صلاةِ الصُّبح، وله في العودةِ الرُّكوب، وتأخُّر إمامٍ إلى وقت الصَّلاة على أحسنِ هيئة، إلَّا المعتكف ففي ثياب اعتكافه ولو كان إمامًا. • ويُسنُّ لمن فَاتته أو بعضهَا أَن يقضيهَا على صفتهَا. • ويُسنُّ الرُّجوع من طريقٍ آخر. • والتَّكبيرات الزَّوائد والذِّكرُ بينهَا والخطبتَانِ سُنَّة. - مكروهَات صلاة العيدين: • يُكرهُ التَّنفُّل قبل الصَّلاة وبعدهَا في موضعهَا قبل مفارقتها -سواء كان إمامًا أو مأمومًا، في صحراء فُعِلَت أو في مسجد-. - صفة صلاةُ العيدين: • ركعتانُ قبل الخُطبة، ويقرأُ في الأُولى جهرًا بسبِّح، وفي الثَّانية بالغاشية. • يكبِّر في الأولى بعد الاستفتَاح وقبل التَّعوُّذ والقراءة ستًّا "ستًّا بدون تكبيرةِ الإحرام". • يكبِّر في الثَّانية قبل القراءة خَمسًا "خمسًا بدون تكبيرة الإنتقَال". • ويرفعُ يديهِ مع كلِّ تكبيرةٍ، ويقول بين كلِّ تكبيرتينِ: "الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلا، وصلَّى الله على محمَّد النَّبيِّ وآله وصحبهِ وسلَّم تسليمًا كثيرا"، وإن أحبَّ قال غير ذلك من الأذكَار. - صفة خطبتي العِيد: • إذَا سلَّم الإمام خطبَ خطبتينِ كخطبتي الجمعة، يستفتح الأُولى بتسعِ تكبيرات متتابعات، والثَّانية بسبعِ تكبيرَات، ويحثُّهم في خطبةِ الفطرِ على الصَّدقة ويبيِّن لهم مَا يخرجون، ويرغِّبهم في خطبةِ الأَضحى في الأضحية ويبيِّن لهم حكمهَا ومَا يضحُّون، ولا يجب استماع الخطبتينِ ولا حضورهمَا ويحرُم الكلامُ فيهمَا. - سنَّة التَّكبير: • يُسنُّ التَّكبير المُطلق -والجهرُ به لغير أُنثى- ليلتي العيد "وفي الفطر آكد"، من أوَّل ذي الحجَّة -من غروب الشَّمس- إلى فراغ خطبةِ العيد. • وَيُسنُّ التَّكبير المقيَّد عقب كلِّ فريضة في جماعة، ويُقدَّم التَّكبير على أذكار الصَّلاة في حقِّ مأمومٍ، والإمامُ يستغفر ثمَّ يكبِّر، وبدايتهُ لمحلٍّ -غير محرم- فجرِ يوم عرفة، ولمحرمٍ ظهر يومِ النَّحر، ونهايتهُ عصر آخر أيَّام التَّشريق. • وإن نَسِيَهُ -التَّكبير- قضاهُ ما لم يحدِث أو يطل الفصل أو يخرج من المسجد، ولا يسنُّ التَّكبير عَقِبَ صلاة العيد، وصفتهُ شفعًا: "الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد".

#فقه كِـتَـابُ الـصَّـلَاة -بَابُ صلاة الجمعة- • تجبُ الجُمعةُ كُلَّ مُسلمٍ مكلَّفٍ ذكرٍ حُرٍّ مُسْتَوْطِنٍ بِبِنَاءٍ معتاد ولو تفرَّق، ليس بينهُ وبينَ موضعهَا أكثرُ من فرسخٍ -9 كيلو فأقلَّ-. • ولا تجبُ على مسافرٍ -والأفضل له أن يحضرهَا- سفر قصرٍ ولا عبدٍ وامرأةٍ، ومن حضَرَها منهم أجزَأتهُ -عن صلاة الظُّهر- ولم تنعقد بهِ، ولم يصحَّ أن يؤمَّ فيهَا، ومن سقطت عنهُ لعذرٍ -غير سفرٍ- كالمريضِ والخائف، وجبت عليهِ إن حضرهَا، وانعقدت به، ويجوزُ أن يؤمَّ فيها. • مَن صلَّى الظُّهرَ قبل الجمعة "قبل صلاةِ الإمام" ممَّن تجبُ عليهِ الجمعة فَلا تصحُّ منه، وَإن كَان ممَّن لا تجبُ عليهِ الجمعة تصحُّ منه ولكن بعد الإمامِ أَفضل. • يحرُم السَّفر على من تلزمهُ الجمعة بعد الزَّوال "وقت الظُّهر" إلَّا إن أتى بها في طريقهِ، ويكرهُ السَّفر قبل الزَّوال مَا لم يأتِ بهَا -الجمعة- في طريقهِ، أو يخف فَوت رفقة. - شروط صحَّة الجمعة: ١- الوَقت: "من ارتفاعِ الشَّمس إلى آخر وقتِ الظُّهر"، فإن خَرج الوقت قبل التَّحريمة صَلُّوا ظُهرًا، وَإن كبَّروا تكبيرة الإحرامِ داخل وقت الجمعة فإنَّهم يتمُّونهَا جمعة. ٢- حُضورِ أَربعين "مع الإمام" ممَّن تجبُ عليهم الجُمعة، ولا يشترط إذن الإمام لإقامتها، فَإن نقصوا -عن العدد- قبل إتمامهَا استَأنفوا جمعة إن أَمكن إتمامِ العَدد، وإلَّا صلُّوهَا ظهرًا. ٣- أن يكونوا بقريةِ مستوطنين، وتصحُّ فيمَا قاربَ البنيان من الصَّحراء. ٤- تقديمُ خُطبتان -ولا يشترطُ لهمَا الطَّهارة، ولا أن يتولَّاهمَا ممَّن يتولَّى الصَّلاة، ولا أن يؤدِّيهمَا رجل واحد، وتصحُّ بغير العربيَّة لغيرِ قادرٍ على العربيَّة-، وَأركانها: • دخولُ وقت الجمعة. • النِّيَّة. • حَمدُ الله. • الصَّلاةُ على رسول الله ﷺ. • قراءةُ آية كاملة تستقلُّ بمعنى -ولا بدَّ أن يأتي بها بالعربيَّة-. • حضورُ العدد المعتبر. • رَفعُ الصُّوت بقدر إسماع الأربعين. • الوصيَّةُ بتقوى الله، ولا يتعيَّن لفظهَا. • وَأَنْ تكونَا ممَّن يَصِحُّ أَنْ يؤمَّ فِيهَا -الجمعة-. - سُنن الخُطبة: • كونهَا على منبرٍ أَو في موضعٍ عالٍ. • السَّلام إذَا أقبل الإمام بوجهه أَو خرج. • جلوس الإمام إلى فراغ الأذان. • جلوس الإمام بين الخطبتين قليلًا. • الخطبة قَائمًا. • اعتمادُ الإمام على سيفٍ أَو عصَا. • نظر الإمام إلى تِلقاءه "أمامه"، ويكره التفاته. • تقصيرُ الخطبتينِ، والخطبة الثَّانية أَقصر. • الدُّعاء للمسلمين "وَأبيح لمعيَّن كالسُّلطَان"، ويكرهُ للإمام رفع يديهِ حالَ الدُّعاء في الخُطبة، ولا بأس أن يشيرَ بأصبعهِ. - صفتهَا: • عدد ركعاتهَا ركعتين، ويُقرأ في الأولى بَعد الفاتحة "سورة الجمعة"، ويقرأ في الثَّانية "سورة المنافقون". • ويحرُم إقامتها -الجمعة وكذلك العيد- في أكثر من موضعٍ في نفسِ البَلد إلَّا لحاجة -كسعةِ البلد أو تباعد أقطاره-، وكذَا صلاة العيد، فإن فعلوا فالصَّحيحة ما باشرها الإمام -أمَّ فيها- أو أذن فيها، فإن استويا في إذنٍ أو عدمه فالثَّانية -التي سُبِقَت بصلاة جمعة- باطلة، وإن وقعتا معًا أو جُهِلَت الأولى منهمَا -لمَ يُدرَ أيُّهما أسبق- بطلتَا. • ويُسنُّ قبل الجمعةِ أَربع رَكعات "غير رواتب"، ويُسنُّ بعدهَا ركعتينِ إلى ستٍّ. • ويُسنُّ قراءة سورة الكَهف في ليلتهَا ويومهَا، وكَثرهُ الصَّلاة على النَّبي ﷺ والدُّعاء، والغُسل، والتَّنظيف والتَّطيُّب، ولبس أحسن الثِّياب -وأحسنهَا البيَاض-، والتَّبكير إليهَا للصَّلاة ماشيًا بعد طلوع الفجرِ الثَّاني لا بعد طلوعِ الشَّمس، ويجبُ الذَّهاب إليها بعد النِّداء الثَّاني إلَّا بعيد منزلٍ عن موضع الجمعة، فيجب سعيُهُ في وقتٍ يدركهَا إذا سعى فيهِ إليهَا، والدُّنوِّ من الإِمَام. • ويُكرهُ لغير إمامٍ تخطِّي رقاب النَّاس، إلَّا لفرجةٍ لا يصلُ إليهَا إلَّا بهِ، ويكرهُ إيثار بمكانٍ أَفضَل لا قبول المَكان. • وحرُمَ أن يقيمَ غيره فيجلس مكانهُ ولو كان عبده إلَّا صغيرٍ وصاحبٍ له قدَّمه فجلسَ في موضعٍ يحفظه له، ومن قام من موضعهِ لعارض لحقه ثم عاد إليه قريبًا فهو أحقُّ به، وحرُمَ رفع مصلَّى مفروش -وكذا الجلوس والصَّلاة عليه- ما لم تحضر -تُقَم- الصَّلاة، وحرُمَ الكَلام حَال الخطبة على غير الخطيبِ -لا على من كلَّمهُ الخطيبُ لحاجةٍ أو من تكلَّم للخطيب-، ويجوزُ قبل الخطبة وبعدها وفي أثناء سكتات الخطيب، وله الصَّلاة على النَّبيِّ ﷺ إذا سمعها من الخطيب، ويسنُّ أن تكون سرًّا، وله أن يحمدَ الله إذَا عطس. • ومَن دخل -المسجدَ- والإمامُ يخطبُ، صلَّى التَّحيَّة فَقط خفيفة. • ومَن أدركَ مع الإمام منهَا ركعةً أتمَّها جمعة، وإن أدركَ أقلَّ من ذلكَ أتمَّها ظهرًا إذَا كان نوى الظُّهر وقد دخل وقته.

بارك الله فيكم بخصوص هذه الأيَّام العظيمة، يا حبَّذا أن تقرؤوا في كلِّ يوم ثلاثة أجزاء، مع الإكثار من الذِّكر واعتزال المواقع التي قد تأخذ من أوقاتكم، ويا حبَّذا لو تخصِّصون قراءة هذه الأدعية قبل إفطاركم، مع تطويل قيامكم وتهجُّدكم، ومن أفضل العبادات أن تدعو لمن أساء في حقِّك أو تستغفر له ولجميع من ظلمك، فاللهمَّ اشهد عليَّ أنِّي قد عفوت عن جميع من لي حقٌّ عنده، وأرجو أن تبادلوني بهذا العفو إن صدر منِّي ما يؤذيكم، فأنا عبد كثير الذَّنب كثير الخطأ راجي رحمة ربِّي وأخشى أن لا أدركها. بارك الله فيكم وتقبَّل الله طاعاتكم، ونلقاكم على خير، كلُّ عام وأنتم بخير.

اللهمَّ صلِّ على محمَّد وعلى آله وأصحابه أجمعين. لا تنسوا سورة الكهف بارك الله فيكم.

الشيخ الواعظ محمد حسين يعقوب

في هذه الأيام المباركات لا تغفل عن بركة المؤمن على المؤمن... {إنما المؤمنون إخوة} وهذه الأخوَّة لها من البركة الشيء العظيم، غير أن كثيراً من الناس غافلون عن استثمار هذه الأخوَّة. فمَن أحسن مراعاتها جاءه الأجر العظيم وهو جالس في بيته. وأضرب هنا ثلاثة أمثلة على ذلك مما الناس عنه في غفلة مع عظيم أجره، وهو من آثار بركة المؤمن على المؤمن: ١- الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات. ٢- محبة الخير لهم. ٣- العفو عن مسيئهم. أما الاستغفار لهم فذلك عمل الأنبياء والملائكة. قال تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: {ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب} [إبراهيم]. وعن نوح عليه الصلاة والسلام: {رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا} [نوح]. وقال آمراً نبيه ﷺ: {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات والله يعلم متقلبكم ومثواكم} [محمد]. وقال تعالى: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم} [غافر]. والاستغفار للمؤمنين مظنة مغفرة، إذ يقول لك الملك إذا دعوت لأخ لك: «ولك بمثله». وقد ورد في الحديث عند الطبراني في مسند الشاميين: «من استغفر للمؤمنين والمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة». وفي سنده ضعف، غير أنه لا يبعد في الكرم الإلهي، فقد رُوي في الحديث الصحيح: «إن الله هو السلام، فإذا صلى أحدكم، فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض» وهذه كتلك لو تأملت. وأما تمني الخير لهم: ففي الحديث الصحيح: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وأول ما تحب لهم الهداية والمغفرة، وبرهانها الاستغفار السابق، وتحب لهم المنافع الدنيوية والأخروية، فتحب لمريضهم الشفاء ولمبتلاهم الفرج ولمشردهم الأمان والمسكن ولفقيرهم الكفاية وهكذا، ولا تحسد ذا نعمة منهم، بل تدعو له وتُبرِّك. وهذه العبادة باطنة لا يطلع عليها إلا الله، غير أن لها آثاراً تظهر وتتعودها بمشاركة الناس في أفراحهم ومواساتهم في أحزانهم، ومن لم تصله من أهل الإسلام تدعو له بالخير، وعوِّد نفسك دائماً تمني الخير لهم والتعبد لله عز وجل بذلك. وأما الثالثة: العفو عن المسيء منهم: فهذه تتقاطع مع السابقة في أن استغفارك لهم يعني تمني المغفرة لهم، وهذا يتناسب مع عفوك في حقك، والله لا يُضيع أجر المحسنين والراحمون يرحمهم الرحمن، والعفو لا يناقض بيان الحق ودفع الإساءة إن كانت تشويه سمعة أو افتراء؛ ولكن مع ذلك تعفو في حق نفسك رجاء أن يعفو الله عنك، وتعفو عمن أساء إليك سواءً علمته أم لم تعلمه، ولا تظنن أنك بهذا تُفوِّت على نفسك منفعة أخذ حسنات الرجل، فأهل العفو والصبر آجر من غيرهم بلا خلاف. فهذه أمور تصنعها في مجلسك فيها ثواب عظيم إن تقبَّلها الله وكلنا رجاء له سبحانه، ثم توكيد صدقك فيها بأن تسعى في كل خير تستطيعه لإخوانك، ورأس ذلك إيصال التوحيد والسنة لهم ثم ما يتبع ذلك من المنافع الدنيوية.

يحببنَ النَّتائج ولا يرغبن ببذل التَّضحيات لها! كثير من النِّساء -وخاصَّة المتديِّنات- يحببنَ أن يتزوَّجن برجلٍ عالمٍ مثقَّف له من السِّيادة الفكريَّة الثَّقافيَّة ما يغذِّي جهلها، عنده من العلم ما يجعلها أسيرة له دائمًا، فتكون دائمة الرُّجوع إليه في الأمور العلميَّة والثَّقافيَّة، مفتخرة به بين أقرانها، فرحة بقوامته عليها، متطلِّعة لكلِّ جديد منه، متفرِّغة لكلِّ مقال له. ولكن لا يعرفنَ أنَّ هذه النَّتيجة المرغوبة تحتاج إلى تضحيات كثيرة منها كونها زوجة لهذا العالم/الطَّالب، فطالب العلم المتقدِّم أو العالم المتبحِّر منشغل دائمًا بعلمه، ولا يجد لزوجته وقتًا كثيرًا غالبًا، ولذلك كانت بعض الصَّالحات تقول لزوجها: "والله إنَّ كتبك هذه أشدُّ عليَّ من ثلاث ضرائر!". فهي تحبُّ أن تراك عالمًا أو طالبًا للعلمِ وتفتخر بك بين أقرانها نعم، ولكن لا أن يكونَ الثَّمن منها، هي تريدُ النَّتيجة وعكسها في ذات الوقت!، تريدك عالمًا متبحِّرًا في شتَّى أنواع العلوم وفي ذات الوقت تريد منك كلَّ وقتك، وهذا لا يستقيم!. فغالب الفتيات اللَّواتي يطلبنَ هذا الطَّلب لا يعرفن حقيقته، فزواجهنَّ بطالب العلم المجتهد أو من الشَّيخ المتقن يلحقه تضحيات كثيرة، يحسبنَ أنَّهنَّ سيتزوَّجنَ نبيًّا ينزل عليه الوحي تنزيلًا يبلِّغه بكلِّ ما هو جديد دون دراسة منه وانشغال، وفي حقيقة الأمر سيكون غالب وقته بين كتبه، يَا أخيَّة أنتِ تقدمين على أمرٍ صعب، فإمَّا أن تقبلي به وتحتسبي تحمُّلكِ هذا لوجه الله، أو تلغي هذه الفكرة من رأسك، أمَّا أن تطلبي الشَّيء وعكسه فلا يصح. ولربَّما قالت إحداهنَّ: "لا هذا غير صحيح، زوجي متديِّن ويعطيني من وقته كثيرًا حتَّى أملَّ منه ولا ينشغل عنِّي كما تقول"، فأقول: "هذا مسلم عامِّي، مثقَّف ثقافة بسيطة، يحبُّ الدِّين وأهله، ينشر بعض الكلمات، ينشر بعض المقاطع الدِّينيَّة، يعني هذا حدُّه وآخره، أمَّا أنا فأتكلَّم عن الطَّالب المجتهد الذي ينوي أن يكون شيخًا مفيدًا للأمَّة، ومثل هذا لا يكاد أن يجد وقتًا لمأكله ومشربه حتَّى يجد وقتًا لزوجته!، وسيبقى على هذا الحال حتَّى يتقن العلم إتقانًا كليًّا ومن بعدها لربَّما يتفرَّغ لزوجته ولأولاده التَّفرُّغ المطلوب، ولكن هذا بعد ماذا؟ بعد أن يقضي شبابه بين كتبه، يعني بعد فوات الأوان". فلذلك إن أردتِ أن تكوني زوجة للدَّاعية الفلاني الذي يرغب أن يكون عالمًا كالعالم الفلاني، فيجبُ عليكِ أن تضحِّي كما ضحَّت زوجة هذا العالم حتَّى صار عالمًا، والله المستعان.

عزيزي الرَّجل أوكلَّما رأيت امرأة أجمَل من التي كنت تنوي خطبتهَا ذهبتَ إليها لتجرِّب حظَّك؟ ما هذا؟ ستبقى تبحث طوال عمرك إذَا ظللت على هذا النَّحو، فكلُّ امرأة جميلة تراها هناك من هي أجمل منها وهكذا إلى ما لا نهاية، ولذلك عليك أن تنظر إلى الصِّفات الأساسيَّة التي لا بدَّ من أن تكون فيها، كالدِّين والخلق والجمال الطَّبيعي المقبول، فإن وجدتها وكانت نفسك مطمئنَّة لها فلا تفكِّر مرَّتين وأقدم عليها وتوكَّل على الله وكفى. أمَّا أن تبقى متذبذبًا بين هذه وهذه فلن تصل إلى نهاية إلَّا وشيب رأسك قد بدأ بالظُّهور.