عِقْدٌ مُوشَّحٌ '

كتب إليّ شيخي بعد أن قرأ سؤالي: لقد دارت حماليقُ عيني عجبًا مما سألت وإنكارا.. مش كنا قلنا نبحث كويس قبل ما نسأل بعدين العبارة شارحة نفسها يا بنتي، يقولون: هذا قتيلٌ شريفٌ إذا قتل وطئته النساء يزعمن أن يلدن مثله، يعني أنت لم تفهمي فقط معنى كلمة مقاليت، ولم تتصوري هيئة الوطأ لأنه انصرف إلى الهيئة المعهودة في ذهنك، يعني كان أصلك تبحثي في معاني هذه الكلمات، وتختاري الأليق والأنسب لمعنى البيت مجتمعًا، أو معنى البيت مضمومًا إلى لِفقِه، وليس هذا مما يُعيِي مش محتاجة.. ولا ايه ابحثي جيدا واستفرغي كل مظانِّ البحث حتى إذا فعلتِ ذلك كله واستيأستِ فلا يرِقَّنَّ وجهك عند السؤال بعدها. أما السؤال في كل شيء لم نفهمه لاستعصاء كلمة أو بعض كلمة فهذا تسرّع لا يليق بطالب العلم.. وهو منكِ أنت لما بلوتُ فيك من ذكاء عز نظيره، أشدُّ سوءًا وحماقة. فأنا كرهتُ هذا السؤال ----- الخلاصة يعني: اتهزأت 👍🏻🚶‍♂️

من صراحة ردًّا على السؤال: أرى هجاء مقذعا لو غمس بعين الفيجة لاسودت منه! يريد فيما يظهر لي أن النساء -اللواتي لا يعيش لهن ولد- تفعل به بعد موته ما لم يستطعن فعله معه قبلًا عسى يأتيهن ولد يكبر ويشرف مثله وزاد في قبح البيت قولهن ألا يلقى عليه مئزر يغطي عورته فلا يتشهين عليه! ما كلامي يعتد به لكن هذا ما فهمته وأستغفر الله العظيم هامش بحثت في لسان العرب فوجدت هذا: وكانت العرب تزعم أن المقلات ، إذا وطئت رجلا كريما قتل غدرا عاش ولدها.اه ولعل هذا يؤيد كلامي والله أعلم

جميل! أحسن الله إليكم، ووفقنا وإياكم.

لم أفهم قولهم: تظلُّ مقاليتُ النساءِ يطأنَه يقُلنَ ألا يُلقَى على المرء مِئزَرُ قالوا: هذا قتيلٌ شريفٌ فإذا قُتل وطئته النساء، يزعمنَ أنهنّ يلِدنَ مثله. من قدر عليها، فليكتب لنا هنا بِرًّا: http://mariemnagi123.sarhne.com

ضرب الشيخُ أبو موسى مثَلًا حلوًا عذبًا، وكل كلامه كذلك -أدام الله رفعته، ورفع في الدنيا والآخرة محلَّه ودرجته- يقول -رضي الله عنه-: ( تتبعتُ شعرَ أبي تمام فوجدتُّ أبا تمام يُجيدُ ويجوِّد ويُحسِنُ ويُحسِّن ويرتقي في شعر كثيرٍ له إلى قمة الشعر، وجيّدُه جيدٌ جدا، وصدق البحتريّ، وأعجبني وأصاب، حين سُئل عن شعر أبي تمام، فقال: جيدُه خيرٌ من جيدي.. ثم أجده يقول أبياتًا فيها من الرداءَة، وفيها من الكدر والنكد الشيء الكثير، فتتبعتُ فوجدت الأبيات الكَدِرَة التي فيها نكد، تأتي دائما في شعر أبي تمام بين أبيات جِيادٍ جدا.. أي والله! والبيت الذي عابوه هذا: لا والذي هو عالمٌ أنّ النوى صبِرٌ، وأنّ أبا الحُسين كريمُ قبله: زعمت هواكَ عفا الغداةَ كما عفا عنها طلولٌ باللِّوى ورسومُ ثم؛ لا والذي (...) وبعده: ما زُلتُ عن سبب الوفاء، ولا غدت نفسي إلى إلفٍ سواكَ تحومُ طب يا سيدي، مادمت تجيد هذه الجودة، فلماذا كنت حريصًا على أن تضع أمامنا هذه المرارة في لساننا قبل أن تأتي بالبيت الأروع؟! قل إنّ أبا تمام كان يريد أن يشعرنا بحلاوة الأحلى، فأذاقنا مرارةَ الأمَرّ.. قل إنّ أبا تمام كان يضِنّ علينا بحلاوته ويحرص أن يضع في أفواهنا شيئًا من المرارة! قل ما شئت.. ووجدتُّ أيضًا للمتنبي أشياء كهذه: جللًا كما بي فليكُ التبريحُ كلام حلو جدا!! ثم ينتقل ويقول: أغذاء ذا الرَّشَأ الأغنِّ الشِّيحُ؟ يقول هل هذه الحسناءُ غذائها الشيح؟ الشيح الذي تأكله الظباء، فالمعاني متباينة أشدَّ التباين، دا ألعن من حكاية (وأنّ أبا الحُسين كريمُ) وهؤلاء شعراءٌ كبار!! تأتي النبهاءُ من النقاد العظام الذين هم ليسوا أقلّ شأنًا من الشعراء، بل هم أكثر قدرة على فهم الشعر من الشعراء، ويقولون إنّ الشاعر يفعل ذلك في باب التشبيب خاصة للإشارة أن ما هو فيه من صبوة غلب عليه فصارَ لا يُحسِن الكلام. يعني الخطأ هذا معنى يدل به الشاعرُ على مراده، ويعبر بها على أنّ ما هو فيه قد غلب على قلبه وعقله فصار لا يحسن صقل كلامه.. يا أخي لو كان هناك كلام يؤكل بالفؤاد ويُشرَب لأُكِل كلامهم هذا بالفؤاد وشُرِب! وذكروا جِرَانَ العَوْد القائل: يومَ ارتحلتُ برَحلي قبلَ بَرذَعَتي والعقلُ مُتَّلِهٌ والقلبُ مشغولُ ثم انصرفت إلى نِضوي لأبعثه إثرَ الحُدُوجِ الغوادي وهو معقولُ فهذا أعجبني جدا .. وقلت: إذا كان الخطأ سيأتينا بمثل هذا فأنعِم به من خطأ.. إذا كان خطأ الكبار سيهدينا إلى مثل هذا فأنعِم به من خطأ! )

ليس الأصل في النفس أن تكون موحشة أو خالية من إنسان.. والنفس المستوحشةُ لا بدّ أنها اتّصلت، ثم لأمر قُضِيَ ضاقت بالصِّلات فأُفرِغت من الناس. ولكنّها صالحةٌ للاتّصال مُصلَحةٌ به، وقالوا فيما غبر: "لا خير في الناس، ولا بد من الناس".

كتب معاويةُ بن أبي سفيانَ إلى زيادٍ: إذا جاءك كتابي فأوفِد إليّ ابنكَ عُبيدَ الله. فأوفَدَه عليه، فما سأله عن شيء إلا أنفَذَه، حتى سأله عن الشعر فلم يعرف منه شيئًا، قال: ما منعك من روايته؟ قال: كرهتُ أن أجمع بين كلام الله وكلام الشيطان في صدري. قال: اغرُبْ، والله لقد وضعتُ رجلي في الرِّكاب يوم صِفّين مرارًا، ما يمنعني من الانهزام إلا أبياتُ ابن الإطنابة حيث يقول: أبَتْ لي عفّتي وأبى بلائي وأخذي الحمدَ بالثمنِ الرَّبيحِ وإعطائي على الإعدام مالي وإقدامي على البطل المُشيحِ وقولي كلما جشأَتْ وجاشَت مكانَكِ تُعذَري أو تستريحي لأدفعَ عن مآثرَ صالحاتٍ وأحمي بعدُ عن أنفٍ صحيحِ وكتب إلى أبيه: أن رَوِّه الشعرَ، فروّاه فكان يسقط عليه منه شيءٌ.

وقال: الدعاء ليس حرفًا فصيحًا ولا عبارةً مُزَيَّنة، ولكنه ثمرة معرفتك بنفسك فقرًا وذِلَّةً وحاجةً وعجزًا وضعفًا، ومعرفتك بربك كرمًا وجُودًا ومِنَّةً ورحمةً، وغنًى تامًا، وقدرةً مُطلقة، فلا رادَّ لفضله ولا مُمْسِكَ لرحمته، سبحانه وبحمده! ولذلك كان بعض العارفين يناجي ربه باكيا ويقول: اللهم أنتَ أنتَ، وأنا أنا!

ليس لك إلا فقرك، ومنسأة مسكنتك تتوكأ عليها، وطمعك فيمن لا أكرم منه ولا أرحم ولا أقرب، وقد تودد إليك مع كمال استغنائه عنك، وشرع لك نور الدعاء وصلة الضراعة، تحملك إليه وتدنيك منه، وهو الملك لا إله إلا هو، لا مُمْسِك لرحمته، ولا رادَّ لفضله، سبحانه وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزِنةَ عرشه ومِدادَ كلماته! •| وجدان العليّ

«تحملهُ الناقةُ الأدماءُ مُعتجِراً بالبُردِ كالبدرِ جلّى ليلةَ الظُّلمِ وفي عِطافَيهِ أو أثناء بُردَتهِ ما يعلم الله من دينٍ ومن كرمِ» ﷺ