رَقائِق

اللهم ارحم عبدك فتحي محمود اللهمّ إن كان محسنًا فزد من حسناته، وإن كان مسيئًا فتجاوز عن سيّئاته. اللهمّ أدخله الجنّة من غير مناقشة حساب، ولا سابقة عذاب. اللهمّ اّنسه في وحدته، وفي وحشته، وفي غربته. اللهمّ أنزله منزلًا مباركًا، وأنت خير المنزلين. اللهمّ أنزله منازل الصدّيقين، والشّهداء، والصّالحين، وحسن أولئك رفيقًا. اللهمّ اجعل قبره روضةً من رياض الجنّة، ولا تجعله حفرةً من حفر النّار. اللهمّ افسح له في قبره مدّ بصره، وافرش قبره من فراش الجنّة. اللهمّ أعذه من عذاب القبر، وجفاف ِالأرض عن جنبيها.

يا مؤنس الروح في وحشة الأيام، ويا مرسى الأمان عند تخبط المشاعر؛ احمنا من يأسنا وجدّد عزائمنا وأنر ظلمتنا.

هذه ليلةٌ ونيسة.. أعلم أن أيام هذا الأسبوع كانت تقاتلك قتالاً؛ فمرت بها عدة ابتلاءات للأمة مضافة لابتلاءاتك الشخصية من هموم نفسك، والبلاد بعد هموم الأهل والأحباب، ولا بد أنك حسبت ذنوبك، وأخرى لم تلحظها وها هو وقت الراحة فكفاية الهموم وغفران الذنوب وتجلي الحب وضمان الدنيا والآخرة مُباركة نضرة يكون بالعكوف على الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم صلِ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

‏اللهمَّ هجرة لبلدٍ طيبٍ يُرضيك، اللهمَّ اجعل لنا فرجًا ومخرجًا، اللهمَّ أغثنا ونجنا، يا ربّ!

الحمدلله كم نذنب فيستر، الحمدلله كم نسأل فيكرم، الحمدلله كم نجحد فيحلم، الحمدلله كم نحمد فيضاعف العطايا ويشكر، ووالله وما حمدنا إلا نعمة من نعمه؛ فلك الحمد ربّنا على ما أنعمت به من نعمك التي لا تحصى؛ فاغفر تقصيرنا؛ فأنت أعلم بقلوبنا، ولأفعالنا أبصر!

هذه الدنيا غير عادلة لكن الله عادل.. يسمع ويرى ويُجازي ولأجله نحتسب.

اللهم إنّا مغلوبون، فانتصر. اللهم إليك نشكو ضعف قوّتنا، وقلّة حيلتنا، وخوَر عزائمنا، وتشتُّت شملنا، ورقّة ديننا، وتفرّق كلمتنا، وميلنا إلى العاجلة، طولَ آمالنا، وهواننا على النّاس، وتكالب الأعداء علينا. اللهم إليك نبرأ مِن كلِّ دمٍ حرامٍ يُراق، وكلِّ نفسٍ مؤمنةٍ بغيرِ حقٍّ تُزهَق، وكلِّ كَلْمةٍ يُكلَمُها مظلومٌ، وكلِّ جَوْعةٍ وكلِّ صرخةٍ وكلِّ حَزْنةٍ وكلِّ حسرةٍ وكلِّ كسرةٍ .. اللهم لا تُمِت قلوبَنا، ولا تطمس على أعيننا، ولا تتوَّلَ عنّا رحمتُك، أرحمَ الرّاحمين. يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجلال والإكرام.

يا ربّ؛ وسّع لي صدري عندما يضيق، وهدِّئ لي قلبي عندما أحمل فيه الخوف كقنبلةٍ موقوتة ولا أدري أين أذهب به، وابسط أمامي الطريق الذي ترشدني إليه ولا يبينُ لي منه إلا موضع قدمي. إنني إنسانة، أعجزُ فأضيق كأنني ثقب إبرة، وأخافُ فأضطرب وأفسدُ كل شيء، ويخفى عليَّ الطريقُ فتتجمّد رِجلايَ وتُسلبان ذاكرة المشي. أنتَ خلقتَني وعلمتُ أنك فوقي، أنظر نحو السماء وأقولُ أنكَ تراقبُ كل شيء، فلا تتركني أتخبط وحدي وأنتَ الركنُ الوحيد الذي آوي إليه عندما أتعب، والوجهة الوحيدة التي أتذكرُها عندما أتوه.

ربك رحيم ودينك جميل متعقدش نفسك أذنبت؟ تُب أذنبت تاني؟ تُب تاني أذنبت تالت؟ تُب تالت طب لحد امتى؟ لحد ما ربنا يأذن بتوبة نَصوح ويقبضك عليها .. أو على الأقل تُقبَض وانت تجاهد نفسك لكن تُقبض وانت مستسلم للمعصية ولا تتوب؟ تلك والله سُوء خاتمة

‏من النصائح الثمينة التي يحتاجها الإنسان ويذكِّر بها نفسه كل يوم؛ هي إجابة ابن تيمية رحمه الله على سائل اشتكى له الكسل والتشتت في مسارات الحياة وقلة التوفيق والإنجاز وكثرة عوارض الدنيا ومشاكلها، فقال في نصيحته له: "وليتخذ وردًا من الأذكار طرفي النهار ووقت النوم، وليصبر على ما يعرض له من الموانع والصوارف، فإنه لا يلبث أن يؤيّده الله بروح منه، ويكتب الإيمان في قلبه، وليحرص على إكمال الفرائض من الصلوات الخمس بباطنه وظاهره، فإنها عمود الدين، ولتكن هجّيراه (أي وليردد طول وقته): "لا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم"، فإنه بها يحمل الأثقال ويكابد الأهوال وينال رفيع الأحوال، ولا يسأم من الدعاء والطلب، فإنَّ العبد يستجاب له ما لم يُعجِّل فيقول: "قد دعوت فلم يستجب لي". وليعلم أنَّ النصر مع الصبر، وأنَّ الفرَج مع الكرب، وأنَّ مع العُسر يسرا، ولم ينل أحد شيئًا من جسيم الخير - نبيٌّ فمن دونه- إلا بالصبر، والحمد لله رب العالمين".