قناة السعيد صبحي العيسوي

" صنيع العلمانيين وأضرابهم مع النصوص الدالة على إعمال المسلم الوازع الأخلاقي واستفتاء القلب، باتخاذها مطية لترويج ضميرٍ مُدَّعى، مُوظف علمانياً ، بديلاً عن الدين والتدين والشريعة بأدلتها ونصوصها ، فراجت دعاوى تُبوئ الضمير وفتوى القلب مقام الدِّين، وذلك أن العلمانية جعلت بعض المجتمعات بلا دين، وغيبت أرواح الناس في عالم المادة والشهوات، فصارت المجتمعات العلمانية نتيجة ذلك في مأساة حقيقية؛ أُسُّها الاحتياج الشديد لإشباع الأشواق الروحية في واقع غارق في المادية. فلما أرقهم ذلك هبوا لإيجاد أمرٍ يظن فيه الغربيون وأذنابهم الشرقيون أنه يعوضهم عن الدين ويكون بديلاً يروي الروح، شريطة ألا يكون ذلك دِينًا يحكُم حياة الناس وعلاقاتهم ومجتمعاتهم؛ فاتَّبع أولئك دِينًا ممسوخًا ؛ يعبدون فيه إلهاّ داخلياً ذهنياً ، ليس له وجود خارجي؛ غير مؤثر، ولا فاعل في تسيير هذا الكون، وتنظيمه، والحكم فيه؛ إلهُ مُتصور في الأذهان فقط، لا في الأعيان تحت مسمى (الضمير ) يكون مُشرعا للانسان ولما تعينت الفكرة ،والغاية كان البحث عن الدعم الفكري المروج لها ؛ فانتهض رجالهم في العالم الإسلامي بالبحث في المضامين التراثية من نصوص وشواهد من الوحي، وأفكار ومذاهب لتدعم أفكارهم ولو ظاهريا، لتروج الفكرة في المجتمعات الإسلامية باسم الوازع ، واستفتاء القلب، والضمير لتدعم إبعاد الدين جانبًا، وتجرِّف أحكامه وتعطلها، أو تحرفها بستار تأويلي ؛ وفي ذلك كله يكون الضميرُ الأمرَ النَّاهي والمشرع . ومن لم يوغل في تلك الدحاض بصورتها الوحشية، فإنه سيتخذ الضمير والوازع بديلا عن النصوص الشرعية، فلا يعباً بتعلمها، أو التماس العمل بضوابطها، بحجة أن الله تعالى قد وضع للعباد ميزانا نفسيًا، فلا يكون الإنسان في حاجة إلى تعلم الأمور الشرعية وأحكام الحلال والحرام، ويتعامل بـ (ما يمليه عليه ضميره!). ووقتئذ ستدوي صيحاتهم : (لا لمجالس العلم!) والا للكليات والأقسام الشرعية و (لا للبرامج الدينية في الإعلام!) الخ " . «السعيد العيسوي - التوظيف العلماني للمضامين التراثية (١٤-١٥)» #مشاركة_القراء

يصحُّ القول بأنَّ أقدم سيرة ذاتية لمحدّثٍ وصلت إلينا هي رسالةُ الحافظ أبي عـبـدالله محمّد بن عبدالواحد الدقّاق (٥١٦ هــ) المنشورةُ عن أصل خطيٍّ فريد بخطِّ مصنّفها، وقد وصفها بقوله: " رسالةٌ علّقتها ببخارى في شهر رمضان سنة ثمان وخمس مئة، في ذكر حالي وأمري، مقرونةً بغُصّتي وقصَّتي" وهي مشتملة على مادةٍ في التراجم لجماعةٍ من شيوخه وأقرانه، ومن مستحسن فوائدها إشارته إلى منزلة كتاب " القواطع" لأبي المظفر السمعاني (٤٨٩ هـ) وتمحضه في أصول الفقه دون شوائب المتكلمين، روى عن أحد شيوخه أنه قال: " قرأتُ على الشيخ الإمام الأجلِّ أبي المظفر السمعاني في كتابه المصنّف في أصول الفقه المسمى بكتاب " القواطع": " اخترتُ مذهب السلف الصالح لأنه أسلمُ وأقربُ إلى الكتاب والسنّة"، ثم علق الدقّاقُ على ذلك قائلا: " وهو أصولُ الفقهِ لا الكلام"

كيف احتلت على الشيخ محمد عزير شمس رحمه الله للقراءة عليه؟ قبل سبع سنين أخذني الشيخ القاضي عبد المجيد السبهان إلى دار عالم الفوائد، وبها التقيت الشيخ المحقق علي العمران، وتوسطنا به للقراءة على الشيخ محمد عزير، فقال: إنه عسر في التعليم فلا تحاولوا، قلنا له: افتح لنا بابا لزيارته ونحن نلي أمرنا. فذهبنا إلى غرفته في الدار وليس فيها غير الغبار يملأ المكتبة، ولا حاسوب ولا جوال، فجلست أمامه طالبا القراءة بلسان القاضي عبد المجيد، فاعتذر عن ذلك، وبإلحاح القاضي وأني جئت من الأردن للعلم، قال: أختبرُه وإذا نجح قرأنا شيئا. فسألني سؤالات كثيرة في الشعر والعروض والوفيات، فمن المعلقات لم أكن مستحضرا لها لقرب عهدي بحفظها دون ضبط تام، إلى أن أنشدني بيتا من المنسرح وسألني من أي بحر هذا البيت؟ فجهلت، ثم سألني عن قوله تعالى على لسان يوسف: (قال رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه) أهذه للذكور أو الإناث؟ فقلت: الذكور. فخطّأني وجلس يذكر تعلمه الصرف في بلده، وأن شذا العرف كان يدرَّس في المتوسطة، وذكر لي من أخطأ من العلماء الكبار في قوله: (يدعونني). ثم سألني عن وفيات بعض العلماء فأجبت، وأنا أنتظر شيئا أحسنه لعلني به أقرأ على الشيخ، والحمد لله فقد ذكر وفاة الإمام ثعلب وأخطأ في ذلك، فقلت له: ليس الأمر كما ذكرت وإنما وفاته سنة كذا وكذا، ففكر مليًّا، وقال صحيح صحيح، بأيش تحب أن نقرأ؟ ثم أشار إلى يميني وأخرج مقدمة تهذيب اللغة، وتواعدنا على القراءة في مجالس، وأتممتها عليه بفضل الله بقراءتي، ولم أجد في حياتي أسرع منه في التصويب النحوي بل أجزم أن حسه بلغ أن يعرف ما إعراب الكلمة الآتية قبل أن أقرأها. وكانت اللقاءات مسجلة عند صهري الدكتور محمد جرار أبو البراء ثم فقدها، ولكن جُلُّ ما ذكره كنت قد دوّنته ونشرتُ بعضه، وكان يحب أن أناقشه فلم أفوّت هذه الفرصة للمشاكسة، ونلت رضاه بحمد الله. وكان معنا في بعض هذه المجالس أخونا الدكتور السعيد صبحي العيسوي، وناوله كتابا له في ليلة، فلم يأت يومنا الآخر إلا والشيخ قد قرأه كاملا وحمّر بياض جنباته بتعليقاته، وفرح بكتابه، أظنه (مدارج التعلم). رحمة الله على شيخنا محمد عزير شمس. ملاحظة: سبب هذه الكتابة ما أقرؤه الآن من مقابلة أحمد الزيات لابن التلاميد الشنقيطي.

نسخة pdf هدية من كتابي التوظيف العلماني للمضامين التراثية.

تلاوة مميزة، رائقة... أحتفظ بها منذ عدة سنوات..

المؤرخ الممتاز: ابن تيمية الدكتور عبد اللطيف المحيميد. #صدر حديثاً

عَلِم سبحانه ما يصيب البشر من هم وقلق= فدلهم على طريق العلاج والنجاة من دخان الهموم والقلق.. ألا بذكر الله تطمئن القلوب: ذكر الله وحسن صفاته وجميل أفعاله .. ذكر صنيعه مع أوليائه ، ومع أعدائه .. ذكر أيام الله .. ذكر إنعامه القديم .. ذكر جبره للمكسورين والضعفاء..