المَهديّ جَغْنان الإِدرِيسي

تَعليق موجز من الشيخ أحمد ولملمة سريعة لخيوط ملف السمع والطاعة مقابل مواجهة الظلم بالقوة، وسياقهما السياسي والتاريخي، وموضع خلاف العلماء فيهما، مع فائدة إيمانية في معنى (الصبر). والحديثان جليلان عظيمان، غير أن التّدليس جرى عليهما كما جرى على غيرهما، وأسقِطا على مَن لا حقّ لهم في ذلك من الخونة المُعتدين، بينما أخذَه ضِعافُ النفوس من كثير من الملتزمين بأحطّ الفُهوم وأخسّها، والله المستعان! تجدونه هنا، إلى حدود الدقيقة ٤٢ تقريبا.

فَيا موتُ زُرْ إنّ الحياةَ ذَميمةٌ.. ويا نفْسُ جِدّي إنّ دهرَكِ هازِلُ

لا يَضرّه مَن خذله.. والله لا يَضرّه مَن خذله! أما عمائم النفاق التي لا ترى في سّب رسول الله -بأبي وأمي- داعيا للانتفاضة وبث الفتاوى العاجلة في الناس.. فهي المَخذولة! أما عمائم النفاق التي لا ترى في محاصرة الأقصى بأعلام الكفرة داعيا إلى إحداث رجّة تَحرّرية في صفوف العاملين والشباب في العالم الإسلامي ولو على سبيل الغَضبة والنصرة.. فهي والله المَخذولة! لا بارك الله في تلك المجالس التي يَلتفّ حولها الآلاف تتعلم حديثَ رسول الله -زعمتَ وزعموا- ثم إذا طالته ألسنُ الشواذ نكصتَ على عَقِبيك وانقلبوا إلى أنفسهم خائبين خائرين كأنّ رؤوسهم الطير من الرّهبة. إلا أقصى المسلمين يا قاتلكم الله، إلا مَسرى رسول الله! #أمتي

اللهم ارحم ضعفنا.. اللهم رحمتك ببلاد المُسلمين..!

﴿هَـٰۤأَنتُمۡ هَـٰۤؤُلَاۤء تُدۡعَوۡنَ لِتُنفِقُوا۟ فِی سَبِیلِ الله، فَمِنكُم مَّن یَبۡخَلُ، وَمَن یَبۡخَلۡ فَإِنَّمَا یَبۡخَلُ عَن نَّفۡسِهِ، وَاللهُ ٱلۡغَنِیُّ وَأَنتُمُ ٱلۡفُقَرَاۤءُۚ، وَإِن تَتَوَلَّوۡا۟ یَسۡتَبۡدِلۡ قَوۡمًا غَیۡرَكُمۡ ثُمَّ لَا یَكُونُوۤا۟ أَمۡثَـٰلَكُم﴾ عن جهاد المالِ نطقتْ، آيةٌ مُخيفة!!

. لهذا لم يكن عجبًا أن ينقلبَ أهلُ الجهاد أرَقّ القلوب وأرهفَها؛ فإنهم أعلمُ الخَلق بموجبات الضراعة، وأحنُّ الناس بالناس إذ سَلّوا سيوفَهم على مَن حَقّ البشريةِ عليهم أن يُقطع دابرُهم إلى الأبد.. هكذا.. بكل بساطة!!

مِن مَزالق النصرة الخفيّة والمُخيفة أيضا بل والتي ينزلق فيها فئام من "الأنصار" على مواقع التواصل؛ قسوةُ القلب. هذا والناظِرُ إلى مستوى التدافع الرقمي على شبكات التواصل وتفاصيله وتفاعلاته ومحادثاته وجدالاته يجد أنه مُرتكِس في إشكالاتٍ قلبية وروحية هي من صميم ما جُعل في مركز التنبيه الإلهي في كتابه العزيز. كيف؟! من أهم وأعظم مقاصد الحروب التي نَغفل عنها -غير مقاصد الاصطفاء والتمحيص والتمييز التي نعلمها جميعا- مقصدُ التضرع إلى الله تعالى، وهذا وإنْ وُجد في أهل #غزة إذ ثبّتَهم كما نحسِب، إلا أنّ غيرَهم ممن عُني بهذه الحرب مآلا ونتيجةً تجدهم من أبعد الخلق عنه للأسف [عن هذا المقصد]. ولهذا نَجد قولا في غاية البيان والوضوح فيه يبيّن الحق سبحانه المقصد من البلاء والحروب التي تصيب الأمم، يقول:﴿فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ﴾.. وتأمّل -يا رعاك الله- لفظَ "الضراعة" مع لفظ "البأساء" وكيف تُوّج غياب الأول عن الثاني بمَصير مريرٍ مثل "القسوة"، ثم انتقل معي إلى الآية التي بعدها. يقول الله تعالى مباشرة بعد الآية السابقة: ﴿فَلَوۡلَاۤ إِذۡ جَاۤءَهُم بَأۡسُنَا تَضَرَّعُوا۟ وَلَـٰكِن قَسَتۡ قُلُوبُهُمۡ﴾.. بالنسبة الألفاظ السابقة تماما؛ تأكيدا على أن القلوب الخالية من معاني التضرع المُضيّعة لمَقصد البأس محتومٌ عليه -كونًا وقَدرًا- أن تُصابَ بواحدة من أعظم العقوبات التي كثُر ذكرها في القرآن، ألا وهي قسوة القلب؛ (فَقست قلوبُهم). وليست القسوة حالةً عابرة تعرض للمرء بين الحين والحين؛ بل هي أحيانا عقابٌ إلهي يُصيب به الله المؤمنَ حين يُقصّر فيما أوجبَ الله عليه، ولا شك أن الواجبَ في سياق الحديث عن الحرب؛ اللجوءُ إلى الله والتضرع إليه. وحسبُك إذا أردتَ أن تعرف جُرم من قلبُه قد قسا بتركِه لذكر الله -والضّراعةُ ذِكر- أن تسمع كلامَ الله عنه إذْ قال: ﴿فَوَیۡلࣱ لِّلۡقَـٰسِیَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ﴾.. وهذا وعيدٌ قَلّ أن تجدَه بهذا التصوير الشديد في غير هذا الموطن مِن مواطن الحديث عن (القسوة). ومُقابل الضراعةِ المُوجب للعقاب ب(القسوة)؛ التهاون في الطاعات من صلوات خمس وأذكار الصباح والمساء وترك أوراد القرآن وتضييع مظان إجابة الدعوات، ويُضاف على هذا وينقص بحسْب ما ثبت عليه المرء في يومه وليلته، وما تركه حين دقت طبول الحرب. وَلينظُر كلٌّ منا إلى قلبه، فكم مِن حاملٍ سيفا كالغُثاء لا يكاد يحمل سيفه إلا رَهقًا؛ من شدة خواء روحه وفراغ سوّيته.. وما على هذا تقوم أمة الإسلام.. #أمتي

تأمل كلامَه وصوت الطائرات، ثم تعال! لو تمثّلتْ الشعوب الإسلامية كلام هذا الرجل الشهم، وأدركت فضلَ أبنائها المجاهدين والمصلحين عليها، ووَصَلت هَمّها اليومي في الدوام بِهَمّهم الدّامي في الثغور والخنادق وميادين التدافع مع الكفرة والمستبدين، والتحمت معهم في صفوف الجهاد ولو بالتشجيع والدّفع والنصرة بالمال والكلمة.. لو تمثلت الأمةُ هذا الكلام؛ لما والله كان لها إلا أن تكون عزيزةً بين أمم الفُجور والإباحية وكسب المال، يُؤخذ لِهَبّتها كلُّ عتاد، ولِقَرارها ألفُ حساب.. وإن لم يكن لها من الطائرات ما للعدو وأذنابه!! لكنا ابتُلينا بعاطفة شعبية وأخرى نخبوية غاية في الخَوَر والجُبن، يتصدرها عمائمُ السوء ومن تبعهم ممن لا يتورع عن الطعن في ظهور المجاهدين، بعد أن يرمونهم بكل نفَس خارجِيّ مَقيت، مُستفِزّين إليهم أصحاب القرار والنفوذ، ومُتبِعين لهم بِشَرّ عوام هذه الأمة ودهماءها ومن يهيم في مستنقعات الدنيا الفانية التي لا قَعر لها، لا يهمهم إلا غلاء الأسعار الذي يهدد بطونهم. هذا الرجل مُحصّلةُ حربٍ لم يكد ير أبناءُ هذا الجيل مثلها في البشاعة؛ وهو حُجّة عليّ وعليك.. وعلى الأمة كاملة! فإلى متى الخِذلان منا يا قَوم؟! #أمتي

الذي خفت بريقُ النصرة في صدره ولهيبُها بين جوانحه، وانقلب إلى اهتماماته الدنيوية وأهدافه وطموحاته مستسلما لقيود العجز وحدّتِه وحتميّتِه؛ فليعلم أن هذا الشررَ الخامد كان عليه أن يشتعل قبل يوم السابع، حين كانت الأمة تموت وتصرخ ولا سامِع، بينَا هو معدود في عوالم التفاهة والغفلة مع النوام، أو أسيرا مع الأسرى في الوقت الذي ظن نفسَه حرا يقِظا طَليقا. إنما تنهض الأمة بطول النفَس يا ناس، وبالصدقِ في حَمل الهم، والثبات على جهاد الفكرة، والرغبة فيما عند الله من نعيم مُقِيم، وتَحديث النفْس بشرف العمل والبذل للدين، والزهد فيما أتَت به هذه الدنيا من رَغد مُغرٍ زائل. وهذا الشعور والله لا يُلقّاه إلا مُجاهد وإن بلا سلاح؛ فالجهاد فلسفة وفكرة بالأصالةِ إهابُها الكِفاح، تتغلغل في نفْس الصادق حتى تسبَغ على ملامحِه وتفاصيل وجهه وثيابه، وتصير نَثرا مَدسوسا في كلامه وحسيسًا لا يُفارق فِكرَه وسجداته. فما بال أقوامٍ خارتْ قِواهم بعد بضعة أشهر من المعركة يترقبون نهايتَها؟.. ونحن هنا نستتبع الأخبار أيّهم آتٍ بالبِشارة كي نُعلن الحرب؟!! #أمتي

. كل ظلامٍ دامِس يَعقبه فجرٌ قَريب، وكل حَلقة مُستَحكَمة، تنحلّ بالفَرَج الوَليد.. ولو كانت الوَحشةُ هي الأصل؛ لما أشرقت الشمسُ أبدا! ﴿كَذَ ٰ⁠لِكَ یُبَیِّنُ ٱللَّهُ لَكُمۡ ءَایَـٰتِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾