صَلَاْحُ بَنِي قَيْسٍ

أن الفكر السياسي الأمريكي المعاصر أصبح ومن خلال التحولات التي مر بها عبر تاريخه هو فكر تجاوز الاشتغال على أصول النظريات السياسية التقليدية التي تحاول أن تضع الأطر النظرية العامة للممارسة والعمل السياسي إلى الاشتغال على إعادة الاهتمام والاعتبار للحدث السياسي نفسه وتوظيفه في حقل بناء استراتيجيات جديدة تعزز من خلالها الولايات المتحدة الأمريكية أجندتها في رسم سياساتها الخارجية.

( الجيوبوليتيك وتشكيل الخطاب السياسي، د. مجيد حميد شهاب البدري، ط. شهريار للنشر والتوزيع-الاولى، ص١٨ )

يروى عن خالد بن الوليد رضي الله عنه، في رسالته إلى الفرس: ”أما بعد فالحمد لله الذي حل نظامكم ووهن كيدكم وفرق كلمتكم وأوهن بأسكم وسلب أموالكم وأزال عزكم“ في يوم واحد، يرزق الله اولياؤه المؤمنين، وعباده المستضعفين، فرحة تشرح قلوبهم وتشفي صدورهم، بقتل هؤلاء الطواغيت المجرمين، فمنهم من صار أشلاء ومنهم من طال عمره وقصر عمله وأتى إليه باقبح الأعمال واقذر الاقوال. اليوم يستقبل علي الكوراني اسياده في جهنم، مشتركين في العذاب متجاورين في المستقر، فبئس المستقر وبئس الجوار، اليوم يتبرأ بعضهم من بعض ويلعن بعضهم بعضا. ﴿قَالَ ٱدۡخُلُوا۟ فِیۤ أُمَمࣲ قَدۡ خَلَتۡ مِن قَبۡلِكُم مِّنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ فِی ٱلنَّارِۖ كُلَّمَا دَخَلَتۡ أُمَّةࣱ لَّعَنَتۡ أُخۡتَهَاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا ٱدَّارَكُوا۟ فِیهَا جَمِیعࣰا قَالَتۡ أُخۡرَىٰهُمۡ لِأُولَىٰهُمۡ رَبَّنَا هَـٰۤؤُلَاۤءِ أَضَلُّونَا فَـَٔاتِهِمۡ عَذَابࣰا ضِعۡفࣰا مِّنَ ٱلنَّارِۖ قَالَ لِكُلࣲّ ضِعۡفࣱ وَلَـٰكِن لَّا تَعۡلَمُونَ ○ ﴿وَقَالَتۡ أُولَىٰهُمۡ لِأُخۡرَىٰهُمۡ فَمَا كَانَ لَكُمۡ عَلَیۡنَا مِن فَضۡلࣲ فَذُوقُوا۟ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡسِبُونَ ○ ﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ كَذَّبُوا۟ بِـَٔایَـٰتِنَا وَٱسۡتَكۡبَرُوا۟ عَنۡهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمۡ أَبۡوَ ٰ⁠بُ ٱلسَّمَاۤءِ وَلَا یَدۡخُلُونَ ٱلۡجَنَّةَ حَتَّىٰ یَلِجَ ٱلۡجَمَلُ فِی سَمِّ ٱلۡخِیَاطِۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلۡمُجۡرِمِینَ ○ ﴿لَهُم مِّن جَهَنَّمَ مِهَادࣱ وَمِن فَوۡقِهِمۡ غَوَاشࣲۚ وَكَذَ ٰ⁠لِكَ نَجۡزِی ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾

"من الخطأ أنْ تعقدَ حِلفًا مع حاكم، شهرتُه أعظمُ من قوته". (مطارحات ميكافيلي، نيقولو ميكافيلي، تعريب: خيري حماد، دار الآفاق الحديثة، بيروت-لبنان، الطبعة الثالثة: شباط (فبراير) 1982، ص473.)

وصلنا خبر ان والد شيخنا ابو جعفر الخليفي يمر بوعكة صحية شديدة، فلا تنسوه من صالح دعائكم. اللهم رب الناس اذهب البأس، اشف وانت الشافي شفاء لا يغادر سقما، اللهم امسح عليه بيمينك الشافية، اللهم اشف عبدك فهد ينكأ لك عدوا أو يمشي لك في صلاة.

اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على آل ابراهيم وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل ابراهيم انك حميد مجيد.

”التاريخ يعيد نفسه فى المرة الأولى كمأساة، وفى المرة الثانية كمهزلة“

فالإنسان المقهور الذي حمل السلاح دون ثقافة سياسية كافية، توجه وضعه الجديد، قد يقلب الأدوار في تعامله مع الجمهور أو مع من هم في إمرته فيتصرف بذهنية المتسلط القديم.

( التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، د. مصطفى حجازي، ط. المركز الثقافي العربي-التاسعة، ص٥٩ )

ينبه مصطفى حجازي في كتابه التخلف الاجتماعي، على دور المستعمر في قهر الشعوب المتخلفة، وزرع عقدة النقص والدونية داخل هذه الشعوب لكي يسهل السيطرة عليها، حتى يضحى الإنسان المقهور يقتنع بفكرة دونيته مقابل علو المستعمر، ويستمد نظرته لنفسه من نظرة المستعمر، لينتج عنها عقدة النقص.

«لا شك في أن الفئة المتسلطة، بغية استمرار تسلطها تعمل على تغذية عقدة النقص والعجز هذه لدى الجماهير، حتى تظل على استكانتها وتبعيتها، وحتى لا تحاول اتخاذ زمام المبادرة في تقرير مصيرها بنفسها. الأمثلة على ذلك لا تحصى، ويكفي أن نرى ما يحاوله المستعمر عادة من غرس مشاعر النقص في الشعوب التي يستغلها من ناحية، وغرس وهم تفوقه عليها علماً وفناً وتقنية وحياة لدرجة التضليل والزعم أنه أتى لتعليمها والارتقاء بها من خلال احتذاء مثاله.»(¹)

إلى هنا كان مصطفى حجازي يطرح تحليل منضبط، وفكرة مبنية على علماء اجتماع كتبوا عن التخلف والاستعمار قبله كفرانس فانون، وغيره من الاقتصاديين. لكن نرى مصطفى حجازي ينقض غزله ويقع فيما عابه على الإنسان المقهور أو ما يسميه احيانا "المجتمعات المتخلفة" لينظّر في مسائل اشاعها المستعمر نفسه ولا يراها بعين محايدة بل بعين المستعمر نفسه، كعدم الإيمان بالديمقراطية(²) أو ما يسميه قهر الرجل للمرأة، فيقول مثلا:

«ولكن الرجل المقهور يسقط العار أساساً على المرأة المرأة العورة، أي موطن الضعف والعيب. بسبب هذا الإسقاط يربط شرفه كله وكرامته كلها بأمر جنسي ليس له أي مبرر من الناحية البيولوجية المحض، ونعني الحياة الجنسية للمرأة»(³)

فمن حكم بأن تحرر المرأة من الرقابة الابوية نظام الإنسان المتقدم في مقابل الإنسان المتخلف الذي يرفض هذا؟ اليس المستعمر نفسه؟ وإذا كان المستعمر يزرع فكرة الدونية في المقهورين لماذا يحكم على فكرته بالصواب والحق المطلق؟ في الواقع أن مصطفى حجازي في هذا الكتاب تناقض تناقضات فجة، فاحيانا يفسر أمور فطرية كانت بين الناس من قبل عصر ثنائية (التقدم/التخلف)، ليسقطها على هذا العصر ويلبسها لباس الإنسان المتخلف، وهو في هذا الباب لا يختلف كبير اختلاف عن المتخلف الذي يحلل نفسيته، إذ أنهم كلاهما رضخوا لافكار غيرهم، ولكل واحد منهم وجهته. -------------------------------------------- [1] التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور، د. مصطفى حجازي، ط. المركز الثقافي العربي-التاسعة، ص46 [2] التخلف الاجتماعي، ص46 [3] التخلف الاجتماعي، ص47