سَوَّاح .

أتى ذلك الصوت أبهى وأعذب مما ظننت ، ذلك الصوت الذي بلّغني بأن طفلة قد أتت للحياة في هذا الهزيع من الليل ، وبأنني قد أصبحت خالة للمرة الثالثة ، شيء مثل ذلك مُحال أن تصمد أمامه أدمُعي ، وحبورًا كهذا أعجز عن وصفه أو كتابته .

🌷

أهلًا ياغُرباء نعم هذه المرة غُرباء لقد عُدنا غربَاء كما كُنا من قَبل «عَابرينَ وحسّب»، رُبما هَذه رسالة ودَاع أخيره، أتمنى أن تكونوا بخير دائمًا وأتمنّى أن نعود كما كُنا كالسابق أو تمحوني من ذاكرتكّم ونصبحُ "لا نعرف بعضنا" وأتمنى أن لا نعود صُحبًا مرةً أُخرى، فأنا لستُ إباء وأنتم لستم صُحبِ ولكني لّم أمحي مشاعر الحُب الذّي خبئتهُ لكم سَيكونُ محفورًا بجوف فُؤادِي وسأتذكر تلك الأيام التّي جمعتنا هُنا، ودَاعًا ــــ

ها أنا أعود لعاداتي السيئة ، للقهوة ، وللسهر ، وللإفراط في التمنّي ، ولك .

لقد طابَ لي العيش في هذه المدينة فأنا هنا مجهول الهوية تمامًا ، لا أحد يعرفني ، حتى جاري الذي يقيم في الشقة المجاورة يجهلني ، في هذه المدينة أستطيع الخروج للمشي ليلًا ، وأستطيع الذهاب للمكتبة سيرًا على الأقدام ، وأستطيع سماع السّت فيروز وهي تتغنّى بينما أنا أشاهد أولئك الغرباء من النافذة ، هنا فقط أستطيع أن أشعر بالنَّسيم وهو يتغلغل لرئتي ، إن هذه المدينة يا سادة جعلتني إنسانًا آخر غير سَوَّاح ، السكن فيها هذَّب روحي ، وجعلني أتوقف عن شتم البشريّة ، وأظن أنكم سوف تلاحظون ذلك يا سادة عند قراءتكم لهُراءاتي السابقة ، ولكنني آمل أن لا أعود لذلك السوء عند عودتي لمدينتي ، وآمل أن أبقى إنسانًا مُهذبًا ومُحبًا وراغبًا للعيش ، ولكن هناك ما يقلقني ، إن هذه الراحة التي تعتَريني هنا تُرعبني جدًا ، لأنني أدرك بطبيعة الحال عودتي لدياري ، ولكنني أحاول جاهدًا أن أعيش في ظِل اللحظة الراهنة فقط ، ناسيًا ما قد مضى ومتجاهلًا ما قد سيأتي .

صباح الخير ، أما بعد شاركوني أغانيّكم العتيقة يا صَحب فأنا في مزاج جيّد .