تَحنُّن

أَقِفُ أَمامَ المِرآة تَخرجُ دَمعة..فأَمسَحُها تَهربُ الثّانيَة..فأَمسَحُها فتُصبِحُ هِجرةً جَماعيَّة مِن الدُّموع النَّازِحة عَلى عُرضِ مساحةِ وجنَتَيّ.. لمَاذا هذا الكمُّ الهَائِلُ مِن الدّمعِ يُريدُ مُغادَرة مُقلتَاي؟ هل ملّت مِن الحُزن الَّذي يتنقَّلُ مِن الرِّمشِ للآخَر مُتباهيَّاً بِسيطَرتهِ علي؟ أمّ ملَّت مِن احمِرارِ بيَاضِ عيني عندَ الغَضبِ والحُزن وسَئِمَت مِن عُروقِ عَيني الحَمراء وهي تتشَاجرُ معَ بعضِها وتتشَابكُ وكأنَّها مَجمُوعة مِن خُيوطٍ رقِيقة مَعقُودة.. عمليةٌ تُشبهُ تحوُّلَ السَّماءِ الصَّافية إِلى حَمراء مُلطَّخة بالدِّماء الفائِرة القانِئة.. بعدَ مُشاهَدة عمليّة تقيُّؤ مَشاعِري عَلى هيئَة دموعٍ حارَّة من خِلالِ انعكَاسِ وجهي الرَّثّ على المِرآة، أَبحثُ عَن مكانٍ هادِىء أَجلسُ فيهِ لكي أسمعَ الضَّجيجَ الّذي بداخِلي بِوضُوح وأُحدِّد ما هيَّتُه.. أَهوَ صَوتُ طفلٍ رَضيعٍ تتقَطعُ يكادُ يختنِق مِن شدَّة البُكاء؟ أَم هُو صَوتُ أمٍّ شعثَاء ثكلَى تنعَى أَولادها بصوتٍ قبيحٍ وحزينٍ وتنثرُ التُّراب فوقَ رأسِها وتلطُم خدَّاها وتمزِّق ثيَابها؟ أَم هُو أنينُ فتاةٍ عشرينيّةٍ باذخةُ الجَمال تملكُ عينينِ بنِّيتَين كغزالٍ أحوَر وشَعراً أسوداً كموجِ الليل ومَريضة نفسيَّاً، جالسةٌ بِمفردِها تأنُّ كأنينِ المجَانين وتقصُّ شعرَها الخُصلَة تِلوَ الأُخرى؟ شيءٌ يِشبهُ قتلَ النّفسِ عًلى مَراحل.. للآن ولم أَعرف ما هيَّة هذا الصّوت الَّذي يَدوي في حاراتِ قَلبي القَديمة.. صَوتٌ كصوتِ تحطُّم قواريرِ زُجاج؟ صَوتُ ولادةِ إمرأةٍ عجوز تعفَّنت وهي بِسنِّ اليأس؟ أَم صَوتُ أضلُعٍ تَتكسَّر ومَشاعرٍ تتقطَّع؟ لا لا.. عرِفتُ ما هُو.. أَعتقدُ أنَّهُ صوتٌ يُشبِهُ صوتَ طفلةٍ بتَراء القَدمين تًزحفُ صَارِخة بِصوتٍ حَادّ وأنفاسٍ لاهِثة تُحاولُ الهُروب مِن الجِنِّ الَّذي يُلاحِقُها يريدُ تقطِيعها عُضواً بعدَ العُضو ونَبش أحشائِها ليُقدِّمها لكِبار السَّحَرَة والمُشعوذين.. أَمضي ليلَتي وأَنا أُحاولُ تَحديدَ ماهيَّة الصَّوت الَّذي بِداخلي.. وتَتعدَّدُ الإحتِمالات.. - آية صالح. ١٢:٠٠ صَ ٤ حزيران ٢٠٢٤

الظُّروفُ الصَّعبَة..الخُذلان..الخِيانَة..الفَقد..الفُقر كُلُّها تَصنعُ الأَبطَال نَعم هَذا صَحيح، ولكنَّها في المُقابِل تَجعَلُهم أبطَال بِقلوبٍ أشبهَ بِمدينَةٍ سيِّئةِ الخَدمَات لا يَوجدُ شَيءٌ في هَذهِ الحَياة بِلا مُقابِل حتَّى الصَّفعَات الَّتي تَنهمِرُ عَلى خَدَّيكَ كَوابلٍ مِن الكُفوف لهَا ثمَن..وغالباً يَكون مَشاعِرك. - آية صالح.

- أنَ الله سبحانهُ وتعالى وَهبَ لكلٍ منا احلاماً نَسعى لتَحقِيقها، لا بأسَ أن تَعبنا وأن سَهرنا وتنازلنا عن الكثير من أجلِ أحلامِنا، فَفرحة وصُولكَ لِحُلمك سَتُنسيكَ كُل هذا.. -

يَهفو إِليكَ المُشْتاقُ طَمَعًا بِشَوقِهِ فَزِدْ بالشَّوقِ إنَّ الحُبَّ أَشْواقُ..

هَذا هو أَسوأُ مَافي الحَرب، أَنَّها تُحوِّلُنا إِمَّا إِلى قَاتِل أَو إِلى قَتِيل.. قَتيلٌ لا يَعرفُ وَجهَ قَاتلهِ وقَاتلٌ سَيتذَكَّرُ دَوماً وَجهَ القَاتِل.

أُحِبُّ الأَدبَ قبلَ العَقل وأُحِبُّ العَقلَ قبلَ الوَجه وأُحِبُّ مَن إِذَا نَطقَ أَبهَر وإِذَا صمَتَ كانَ أَحسنَ مَايَختارُ الصَّمت

هَذا هو أَسوأُ مَافي الحَرب.. أَنَّها تُحوِّلُنا إِمَّا إِلى قَاتِل أَو إِلى قَتِيل قَتيلٌ لا يَعرفُ وَجهَ قَاتلهِ وقَاتلٌ سَيتذَكَّرُ دَوماً وَجهَ القَاتِل

أَوَّلُ طَلبٍ مِن الله في سُورَةِ الفَاتِحة " إِهْدِنَا " نَحنُ نَتخبَّطُ يَوميَّاً، نَحنُ نُعصِيهِ يَوميَّاً هُو يَعلَمُ نَقصَنا لذَلكَ ولقَّننَا هَذهِ الكَلمة " إِهْدِنَا "