نرجسي

يترقبون أهتمامك ولا أحد يهتم بك، يخبرونك بوقع نصوصك على أرواحهم ولا أحد يُغير مشاعر قلمك ليكتب بسعادة مُطلقة، يعاتبونك على أنك مُنفعل ولا أحد يعترف بأنه كان السبب لذلك، ينشغلون عنك وأنت بجوارهم وحين تنشغل يغضبون، يهملون روحك فتنام حزينة ويذكرونك بمدى لامبالاتك حين لم تسأل عن حالهم، يغرسون في صدرك بأنهم غير حقيقين ويطلبون منك حقيقتك، يبادلونك مشاعرهم في وقتهم المناسب وينتظرون منك الوقت لأجلهم، يُرهقونك بكثرة الأسئلة ويطلبون منك إجاباتك، يتحدثون بما يُريدونه منك ولكنهم يمطرون في أرض ليست بأرضك، يزرعون الشك في صدرك ويطلبون منك اليقين، فكل ما توقعنا رحيله منا يتأجل بالداخل كي يخرج يوماً ما ليذكرنا بأننا لم ننسى.

هذا الشعور الذي يليه صمت طويل ورغبة في البُكاء لا ينتهي، كما أنهُ لا يتعلق بأي شخص في حياتي، لا أحد منهم سببه، أنا من يشعرُ به فحسب، أريد بقدر تساؤلاتي أجد الإجابات دون أن تُرهق نفسي، أريد أن أشعر بأن هنالك من لا يهون عليه حُزني، وأنا لا أخبر أحداً بسهولة ما الذي أشعرُ به، وكأن بيني وبين الآخرين سور الصين، لا تليق بي هذه الجدّية والعقلانية مع ما أشعرُ به، أريد أن أضحك بعدما كان البُكاء يتدحرج في حلقي، لا أريد المحبة في الرخاء كما أحب رؤيتها في الشدّة، لا أريد أن يُصيبني الندم حين أخبر أحدهم بما أشعره فيزيد من حدّة شعوري قوله، ضعيف الإنسان أمام أفكاره ونفسه، قد تُرهقه كلمة لم تأتي في وقتها المناسب، مسكين أيها الإنسان، ينتظرون منك المواساة ولا أحد يواسيك، يتوقعون منك الحنيّة وقت الغضب ولا أحد يحميك من غضبك ...

وكان في إنعدام سعيي للأشياء نوايا للتخلي عن العذاب ليس إلا.

تنكمش مع الوقت الأحلام التي كانت تلمع في عيون المسافة وتتسع مع الصوت لم أعد أريد شيئاً غير حزن أقل حِدة أقل ضجيجاً.

حديقة الأزهار بداخلك تحتاج إلى الضوء أفتح نوافذ قلبك ودعها تتنفس النور.

لم أنقص يوماً، بل كنت أكمل نقصك.

مصاب بالحيرة والأستغراب مثل محادثة قديمة كانت تفيض من الشعور.

‏أريد أن أفرح ذلك الفرح الخفيف العادي ‏الخالي من الإنجازات الكبرى.

‏تؤلمني أشياء كثيرة، ربما وداعٍ لم أُبكيه، ربما حُزنٍ لم أشكوه، وربما معاناةٍ أستنزفتني، وربما مجرد ألمٍ أعتدتُ عليه وأعتاد عليّ، لا أعلم كم دمعةً كتمتها، وكم جُرحٍ أدعيت أنه خدش، لم أعد أريد هذه الصلابة، أريد حقي من الهشاشة، أريد أن أبكي الآن.