المُـعـتَـصِـم

المُجتهد والمُقلِّد

-حطوا 👍🏻 عالأنسب -

شو الأحلى عشان نعتمده؟

رَأيتُ هذَا المَقطع للصُّوفي الجفري هداه الله وهو يعرِّض بطريقة أهل العلمِ في تحفيظِ القُرآن، وَقَد أَبَدى رومانسيَّة عَالية -خصوصًا أمام المتبرِّجات- لولدهِ حتَّى آل بهِ الحَال إلى أن يُقدِّم هذه الرُّومانسيَّة على حفظ القرآن الكريم. وَلا يخفى على أحدٍ منكم بطلانَ قول هذا الصُّوفي إلَّا على رجلٍ كانت عنده هذه العَاطفة التي تجعله يقدِّم الدُّنيا على الآخرة فيقبل البَاطل على كدره ويردَّ الحقَّ على صفائه. أولًا- أسلوب التَّرهيب والتَّرغيب يختلفُ باختلاف الأشخَاص، فَلا يمكن أن ترغِّب جاحدًا، ولا يمكن أن ترهِّب مقبلًا، لكلِّ مقامٍ مقال، وَلا يصح إطلاقُ القول هكذَا بأنَّ هذا الزَّمان زمان ترغيبٍ لا ترهيب، وَأن تعامل النَّاس كلهم بناءً على قاعدةٍ واحدة بإطلَاق هكذَا تنتج جيلًا فاسدًا، فمن قصَّر في حفظهِ للقرآن نعم يُشتدُّ عليه حتَّى يحفظه، وَلو كلُّ رجلٍ عامل أبناءه بهذه الطَّريقة لما حفظ القرآن أحد. ثانيًا- أستغربُ حقًّا أن يخرجَ هذَا الكلام من رجلٍ محسوب على أهل العلم -وهو ليس كذلك-، ومن رجلٍ يدركُ مَا معنى طلب العلم، فوَالله ما ارتاحت أجساد طلبة العلم مذ أن طلبوه حقَّ الرَّاحة، منذُ متى يُطلب العلم بالرَّاحة وبالدَّلال الزَّائد؟! خصوصًا وأنَّ العلم الذي يُحفَظ هو القرآن، القرآن كلامُ الله الذي إن نزَل على جبلٍ لرأيتم الجبل خاشعًا متصدِّعًا من خشية الله، القرآن الذي قَال عنهُ النَّبيُّ ﷺ: "تَعاهَدُوا هذا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها". ثالثًا- يقول هذَا الصُّوفي أن ولد أخته قال له: "لماذا يحترمنا المدرِّس الكندي أكثر من مدرِّس القرآن"، والعجيب أنَّه عندما سأله عن مقصده قَال لهُ أنَّ مدرِّس القرآن يقول لهم لا تكذبوا وإلَّا فالنَّار مصيركم واعتبرهَا قلَّة احترام!، ثمَّ وجد عنده العَصا، وبناءً على هذَا أخرجَ أولاده من حلقات تحفيظِ القرآن، الله المستعان، أَلا يدري أنَّ القرآن أعظم قدرًا وجلالةً من علوم الدُّنيا قاطبةً؟ من الطَّبيعي أن يشتدَّ الشَّيخ على أولاده إذَا قصُّروا في حفظِ كلام الله، ومن الطَّبيعي أن ينبِّههم على أن الكذبَ محرَّم وعاقبته وخيمة حينمَا يكذبون ويتحجَّجون عندمَا يتخلَّفون عن حلقات تحفيظ القرآن أو عن تسميع وردهم أو ما شابه، وأمَّا المدرِّس الكنديُّ -الكَافر- لَن يأبه بمصيرِ أولاده ولا مصير علومهم الدُّنيوية ولا الأخرويَّة فمن الطَّبيعي أن لا يشتدَّ عليهم!، ومن ثمَّ هل يوجد عند هذا الكَافر معايير للحقِّ والباطل حتَّى يحذِّر أولادك منها؟ يعني إن أخطَأ ولدك أمامه ماذا سيقول له؟ النَّار مصيرك؟ يا رجل هذَا مدرِّس كَافر يكفر بالله وبرسوله ولا معايير للحقِّ والباطل عنده أنت على ماذَا تتكلَّم؟ ولدكَ هذا لو سرقَ وزنَا ولَاط أمام المدرِّس الكندي الكَافر سيعتبرهَا حريَّة شخصيَة وسيحترمَ توجُّهاته ولربَّما ساعده!، ومن ثمَّ منذ متى كَان التَّحذير من النَّار ومن يوم القيامة قلَّة احترام؟ ماذا نفعل بنصوص الوحيين؟ كلُّهَا قلَّة أدَب؟ حسبي الله ونعم الوكيل، هَذا ما يخرج من أفواه الصُّوفيَّة يا أهل السُّنَّة، فاحمدوا الله على ما أنتم عليه. رابعًا- ما الغَرض من ذكر هذه الحادثة أمام الحاضرين وفيهم متبرِّجات؟ أليس الأولى أن ينكر على تبرُّجهنَّ من أن يقصُّ عليهم كم كان مدرِّس القرآن قاسيًا؟ آه نسيت، هذَا زمن ترغيب لا ترهيب. خامسًا- لفرضًا كَان المدرِّس قاسيًا، وكان أسلوبه مبالغ فيه، ألم تجدَ غيره لأولادك حتَّى تحفِّظهم القرآن؟ سلَّمنا لك أنَّ المدرِّس قاسي، حسنًا غيره؟ أنت بنفسك لمَ لم تتولَّى تحفيظهم يا حنون؟ الموضوع ليس في قسوة المدرِّس من عدمه، أنت تريد أن تثير جدلًا فقط، تريدُ أن تظهر أنَّ التَّصوُّف هو الإسلام المعتدل الذي يجعل -داعية- مثلك يجلسُ أمام متبرِّجات ويقصُّ عليهنَّ كم كان أستاذ أولاده في القرآن قاسيًا. لا حول ولا قوَّة إلَّا بالله، أَراحنا الله من خزعبلاتكم. #مقالات