أبو الزبير الشامي

كل ما أغرد به وما أنشره عبر حساباتي من فوائد ونصح وكلمات ومرئيات وصوتيات ليس موجهاً لفصيل أو أمير بعينه داخل المحرر، إنما هو للأمة عموماً، هو لمن هم خارج المحرر ولعامة المسلمين وبسطائهم ومساكينهم وضعفائهم، فقد أخذت على نفسي أن لا أوجه النصح لأحد بعينه لا من الفصائل و لا من الأمراء لا سراً ولا تلميحاً ولا تصريحاً، فقد قمت بما يفرض علي ديني من ٢٠١٢ إلى الآن وسأبقى أقوم بذلك حتى تطلع الروح من الجسد، ونسأل الله أن يكون قريباً أن تدخل طلقة في جسدي وتفيض روحي إلى ربي في سبيله وأرتاح، ولا أحد يعزيني ولا أحد يلومني ولا أحد يسألني عن السبب.

تقول أخت الشيخ المجاهد أبو جميل قطب تقبله الله(حركة أحرار الشام) عندما رجع ابنها المجاهد محمد قطب (حركة أحرار الشام) عندما رجع من المعركة التي باءت بالفشل جلس في إحدى زوايا المنزل وبدأ بالبكاء، وبكاء الرجال في مثل هذه المواقف محمود، وأذكر عندما المصيرية اعتقلوا أختاً لنا وجرها علجين بيدهما، وذلك في بداية الثورة، كادت عروق أحدهم تنفجر من هول المشهد ومن غيرته على هذه المرأة الشريفة العفيفة.

اليوم عندما وصل شيخنا الفاضل محمد إسماعيل أبو يحيى عند الكلام عن الحزن المحمود تذكرت الأخ المجاهد أبو عبد الله صابونية تقبله الله تعالى (كتائب أحرار الشام) عندما كان بكى بكاءً شديداً لأنه منع من الذهاب إلى المعركة !؟ فثمة حزن تؤجر عليه،: {تَوَلَّوا۟ وَّأَعۡیُنُهُمۡ تَفِیضُ مِنَ ٱلدَّمۡعِ حَزَنًا أَلَّا یَجِدُوا۟ مَا یُنفِقُونَ}.

في ميزان شريعتنا لمن يجمع بين العلم والهجرة والجهاد والدعوة والسابقة في ذلك كله، مقام كريم، ومنزلة مباركة، وأجر عظيم، لا سيما إن كان متوازناً وسطياً ولم يعبث ولم يرتكب ما يأتي بالمفاسد، فمتى ندرك ذلك يا أبناء الأمة، متى نعطي الناس منزلتهم ولا نبخسهم، ولا نظلمهم، متى يدرك حدثاء السن من أبناء الأمة متى يدركون هذه المعاني !؟.

قد يُبتلى المرء بنقيض صنيعه ليختبر الله قلبه، وليرفع درجته، وليكفر سيئاته، وغير ذلك من الحِكم التي لا يعلمها إلا وحده سبحانه وتعالى. أنفق مالاً كثيراً في سبيل الله، وفي يوم من الأيام اشترى عسلاً فقال له صاحبه هل تشتري العسل من مال الجهاد !؟ فقال له ما أنفقت على زوجي وأبنائي قط من مال الجهاد !؟ أُعطي عطاء فوزعه على المجاهدين، وطلاب العلم، ولم يأخذ منه إلا بقدر ما وزع رغم حاجته، فرآه أحدهم يلبس لباساً جديداً -قد أرسلته له والدته التي لم يراها منذ سنوات عديدة - فقال له من أين لك هذا !؟ هل هذا من كذا وكذا !؟. بعد ما توفى والده أعطوه حقه من الميراث فأرسل نصفه إلى أهل غزة فطُعن به !؟ امتنع عن أخذ الجعل مقابل عمله في سبيل الله مع ما يعيشه وأهله من حاجة فاتُهم أنه يستفيد من فلان لأنه قال كلمة إنصاف بحقه !؟ نهى عن منكر ما لحرصه وخوفه من عقاب الله ونزوله على عباده فاتُهم أنه من يصنع هذا المنكر !؟ وهلم جرا من قصص نعيشها ونسمعها في واقعنا. اللهم ثبت قلوبنا على ما يرضيك. اللهم اجعلنا صادقين معك. اللهم اجعلنا مخلصين لك. اللهم اجعلنا متبعين لأثر نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم-. اللهم اجعل خاتمتنا في سبيلك.

لا يظن أحد أن طريق الهجرة والجهاد في سبيل الله محفوف بالراحة والرياحين، بل العكس تماماً وكلما طال الطريق اشتد الأمر أكثر، فربما يصل المرء إلى مرحلة يعيش غربة أشد من الغربة التي عاشها قبل الهجرة والجهاد، يعيش الغربة بكل معانيها وحذافيرها، اللهم ثبتنا على طريقك الذي يرضيك واحفظنا من الفتن واجعل خاتمتنا خاتمة في سبيلك ترضيك.