✾ عَلى خُطى السَّلف الصَّالح ✾

[3] ٣- الطعن في ولاة أمور المسلمين والتشهير بهم وذكر مساوئهم: • منهج أهل السنة والجماعة وسط بين طرفين فهم لا يدّعون العصمة في ولاة أمورهم -مثل الروافض ومن سار على دربهم-، ولا ينزعون البيعة ويخرجون عليهم -مثلما يفعله الخوارج والبغاة-؛ ولكنهم يطيعون ولاة أمورهم في طاعة الله، ولا يدّعون لهم العصمة؛ بل يُجوّزون عليهم الخطأ، وينصحونهم في ما بدر منهم من زلل، ويرشدونهم ولا يغُشّونهم، عملا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:«الدينُ النصيحةُ. قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: للهِ ولكتابِه ولرسولِه ولأئمةِ المسلمين وعامَّتِهم». وهم في نصيحتهم لا يتّبعون أهواءهم وعواطفهم؛ بل ينصحون وُلاتهم سِرَّا، وفق ما ثبت عن نبيهم -صلى الله عليه وسلم-، ويُكرمونهم ولا يُهينونهم، فقد ثبت عن عياض بن غَنْم أن رسول الله ﷺ قال: «من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ولكن يأخذ بيده فيخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه». وقد بين ذلك أيضا حبر الأمة عبد الله بن عباس -رضي الله عنه-، فقد ثبت عن سعيد بن جبير أنه قال: قلتُ لابن عباس -رضي الله عنه-: "آمر إمامي بالمعروف؟ قال : إن خشيت أن يقتلك فلا، فإن كنت فاعلاً ففيما بينك وبينه، ولا تغتب إمامك". و عن أبي بكرة -رضي الله عنه- قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة، ومن أهان سلطان الله في الدنيا أهانه الله يوم القيامة». - وكلام العلماء المعاصرين والمتقدمين واضح جدا في هذه المسألة وكلهم ينكرون الطعن في ولاة الأمر وسبّهم، وكلامُهُم موجود ومشتهر لكل من أراد الحق. ونكتفي بهذا؛ لأن الغرض من هذه الكتابة التحذير من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم #مؤثرين، وليس غرضنا التفصيل في هذه المسائل المذكورة، ولعلنا سنُفرد لها منشورات أخرى إن يسر الله ذلك.

[2] ٢- الطعن في علماء أهل السنة والجماعة واتهامهم بأنهم علماء سلاطين: إعلموا أن أهل الاسلام الصادقين يحبون علماءهم ويتبعون توجيهاتهم، ويعرفون لهم حقّهم امتثالا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس منا من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا حقه»، ويَعُدّون التأدّب معهم والذب عنهم من السنة، قال طاووس بن كيسان: “إن من السنة أن توقر العالم”. وهم مع ذلك لا يقفون عند قول عالم، ولا يتعصبون لمذهب، ولا يردون قول الحق وإن ورد على لسان المخالف، يقولون قولة واحدة: "ليس أحد إلا ويؤخذ من قوله ويترك، ما خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ". - وهم يتّبعون الأئمة، ويقتدون بالسلف، ولا ينكلون بأحد لمجرد زلة أو هفوة؛ بل يلتمسون لهم المعاذير، قال ابن القيم رحمه الله: " شَيْخُ الْإِسْلَامِ حَبِيبٌ إِلَيْنَا -يعني الهروي رحمه الله- وَالْحَقُّ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْهُ، وَكُلُّ مَنْ عَدَا الْمَعْصُومِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ وَمَتْرُوكٌ، وَنَحْنُ نَحْمِلُ كَلَامَهُ عَلَى أَحْسَنِ مَحَامِلِهِ، ثُمَّ نُبَيِّنُ مَا فِيهِ" [مدارج السالكين (2/ 38)]. - صحيح أنّ العلماء غير معصومين وأنّه لابد من ردّ خطئهم؛ لكن يكون ذلك بعلم وأدب وممن هو أهل لذلك؛ فإنّ ذلك كله داخل في توقيرهم. - واعلموا رحمكم الله أنّ الطعن في العلماء خطأ جسيم لا يصدر إلا من جاهل أو صاحب هوى مبتدع، وصاحبه على خطر عظيم، قال الشيخ ابن باز في موقعه: "فالذي يتعرض لعلماء السنة ويُحذِّر منهم إنما يصير منافقًا، خبيث القلب، خبيث العقيدة، فيجب الحذر منه، والأخذ على يديه، والتَّنبيه عليه حتى يُوقف عند حدِّه، وحتى يُعاقب بما يستحقّ؛ لأن التحذير من أهل العلم والتَّنفير منهم حتى لا يُستفاد منهم، وحتى لا يتعلم منهم شرع الله؛ إنما يكون من أهل النفاق والكفر بالله، والعناد للحق، وكراهته للإسلام". - واعلموا أن العلماء هم أولياء الله، ومن عاداهم يُخشى عليه أن يصدق عليه ما جاء في الحديث القدسي: «من عادى لي وليًّا، فقد آذنته بالحرب». قال الإمام أبو حنيفة: "إن لم يكن الفقهاء أولياء الله فليس لله ولي". وقال الشافعي: "إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فما لله ولي". [الفقيه والمتفقه (1/36)]. هذه هي منزلة العلماء ومكانتهم في الدين، ويجب على كل مسلم أن يتأدب معهم أشد الأدب، قال الطحاوي -رحمه الله-: "وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين، أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر: لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير سبيل".

#الحلقة_الثانية [بيان خطورة ما يفعله جمعٌ من المؤثرين من الطعن في المستقيمين] (1) ١- طعن كثير من المؤثرين في الإخوة السلفيين والاستهزاء بهم: لا يجوز الاستهزاء بالمسلم ولا السخرية منه، ولا سبه بغير حق، فذلك كله مما حرمه الله تعالى، قال سبحانه: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ » فانظروا وصفَ اللهِ الساخرين الذين لم يتوبوا في آخر الآية: «وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ»، فاحذر يا عبد الله أن تسبّ أخاك أو تستهزئ به فتكون من الظالمين، وانظر وعيده سبحانه للساخرين في بداية السورة التي يحفظها أكثرنا: «وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَة»، والهَمْز: هو السخرية من الناس بالاشارة، واللَّمْز: هو السخرية من الناس بالقول. ويزداد هذا الفعل قبحا وشناعة وإثما إذا كان الدافع له هو: إلتزام المسلم بدينه واستقامته عليه، فهذا -والعياذ بالله- قد يؤدي بصاحبه إلى الكفر. سُئل الشيخ ابن عثيمين عن حكم من يسخر بالملتزمين بدين الله ويستهزئ بهم؟ فأجاب: "هؤلاء الذين يسخرون بالملتزمين بدين الله المنفذين لأوامر الله فيهم نوع نفاق؛ لأنّ الله قال عن المنافقين: «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ۙ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ». ثم إن كانوا يستهزئون بهم من أجل ما هم عليه من الشرع فإنّ استهزاءهم بهم استهزاء بالشريعة، والاستهزاء بالشريعة كفر، أما إذا كانوا يستهزئون بهم يعنون أشخاصهم وزيهم بقطع النظر عما هم عليه من اتباع السنة فإنهم لا يكفرون بذلك؛ لأن الإنسان قد يستهزئ بالشخص نفسه بقطع النظر عن عمله وفعله؛ لكنهم على خطر عظيم، والواجب تشجيع مَن التزم بشريعة الله ومعونته، وتوجيهه إذا كان على نوع مِن الخطأ حتى يستقيم على الأمر المطلوب" انتهى. فالواجب على هؤلاء المؤثرين -وغيرهم- ترك الطعن في المسلمين بغير حق واستغفار الله من ذلك، وينبغي على كل مسلم أن يدافع عن عرض أخيه إن سمع فيه كلاما بالباطل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن ردَّ عن عِرضِ أخيه ردَّ اللهُ عن وجهِه النَّارَ يومَ القيامةِ»

قال رسول الله ﷺ : " إِنَّ العبدَ المؤْمن إذا كان في انْقِطَاعٍ من الدُّنْيَا، وإِقْبالٍ مِن الْآخِرَةِ، نزل إليه مِن السَّمَاءِ ملائكةٌ بِيضُ الوجُوهِ، كأَنَّ وجوهَهُمُ الشمسُ، معهُمْ كفنٌ مِن أكْفَانِ الجنَّةِ، وحَنُوطٌ مِن حَنُوطِ الجَنَّةِ، حتى يَجْلِسُوا منه مَدَّ البَصَرِ ".

• صحيح الجامع (١٦٧٦)

- معنى الحَنوط : " كلّ ما يُطيَّب به الميِّت، مِن مسك وعنبر وكافور وغير ذلك؛ ممّا يُذَرّ عليه تطييبًا له وتجفيفًا لرطوبته ".

فَإِنَّ الْعَبْدَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الذَّنْبِ لِبَقَايَا فِي نَفْسِهِ، فَمَنْ خَرَجَ مِنْ قَلْبِهِ الشُّبْهَةُ وَالشَّهْوَةُ لَمْ يَعُدْ إلَى الذَّنْبِ.

مجموع الفتاوى لابن تيمية (58/16).

{ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } أي: حلت عليكم السلامة والتحية من الله وحصلت لكم، وذلك متضمن لزوال كل مكروه، ومستلزم لحصول كل محبوب. { بِمَا صَبَرْتُمْ } أي: صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية، والجنان الغالية. { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } فحقيق بمن نصح نفسه وكان لها عنده قيمة، أن يجاهدها، لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب، لعلها تحظى بهذه الدار، التي هي منية النفوس، وسرور الأرواح الجامعة لجميع اللذات والأفراح، فلمثلها فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون.

تفسير السعدي رحمه الله.

✉️من لديها نصيحة أو توجيه أو اقتراح عن القناة او لصاحبتها غفر الله لها 🔽 http://12198300159393.sarhne.com ✉️او عبر البوت 🔽 @almostaqima_bot