أسامة | على قيد الحلم

ربما خير.. لتصحى العقول من سكرة الأتراك، وليستيقظ النائمون على حلم التحرير المزعوم الذي ستقدمه تركيا على طبق من ذهب، وليفهم من هم في أدنى درجة من الوعي إلى محكني السياسية وخبراء العسكرة أنها لن ولم تكن ساعة بجانبنا إلا لمصلحة. ربما خير.. لنعود إلى البندقية، وللخندق والدشمة، لنعود إلى صوابنا بعد سنوات الشتات، لنفهم أننا سوريون وأنهم أتراك وأنه علينا وبأيدينا حل مشاكلنا وليس عليهم من ذلك شيء ولن يكون! ربما خير.. ليكتب الله لقليل من الأتراك أجر المناصرة، ويكتب على كثير منهم وزر الظلم والاعتداء والبغي وعلى من بغى تدور الدوائر وإني أشعر في قرارة نفسي أن من خذل أهل الشام سيلاقي الخذلان أضعافاً والمرارة أشكالاً ولا شماتة ولكنها سنن الحياة والكون. ربما خير.. لنستمع لنداء الاعتصام {واعتصموا}، ونداء {إن تنصروا الله} تنتصروا، ونداء {كم فئة قليلة غلبت} فنغلب بإذن الله.. وقلتها في غزة مرة أنني أشعر -وأنا المقصر- أن لله حكمة في أن يترك أهل غزة هكذا دون معين.. ليتنزل النصر بإذن الله كالماء البارد على الظمأ دون منة لأحد من الخلق فيه وهذه هي آخر الأوراق التي تعلق بها الشعب السوري طويلاً سقطت أمام عينيه في أكثر من موضع ليدرك أن النصر من عند الله وحده وإن انقطعت كل الأسباب.

يبدو أن هذا الكوكب لم يعد يتسع لشعب متعب يدعى الشعب السوري.. #تركيا

رحمك الله

"رفضت أمّي أن يكتب على جسدنا أحد نادتنا إلى داخل الخـ.ـيمة وبين أصابعها الجافة قلم حبر أسود كانت تحبه وتضعه في درج المكتبة بدأت بي "أحمد تعال" كتبَت اسمي الرباعي على يدي أحمد راشد صالح ..... اسم الأم: عبير العمر: ٩سنوات فصيل الدم: A+ مكان السكن الأصلي: حيّ ... بناية كتبت مع قبلات كثيرة، على كفّي الأيمن والأيسر ، على ذراعيّ، على ظهري، على فخد.ي الأيمن والأيسر، كتبت على بطني، على باطن قدمي، على صد.ري،... نادت هبة أختي، كنت أقرأ ما تكتب، نفس المعلومات الا أنّ هبة عمرها ٥ سنوات ثم راشد وعمره ٣ سنوات لكنّ جسده لم يتسع لكل الكلمات تنهّدت وقالت: "راشد ما رح يضيع عنّا ، رح يعرفوه، بضلّ بحضني" ونظرت إلينا برأس مائل وابتسامة صغيرة وقالت "تخافوش أنا كتبت ع جسمي بكل مكان إني أم أحمد وراشد و هبة وكتبت زوجة الش،.هيد فهمي صالح" سيجمعوننا معاً سيجمعوننا ... ولو كنّا أ،شلا،ء"

للقرآن سطوة عجيبة على النفوس، وربما لن تتمكن هذه السطوة من النفس ذلك التمكن إلا إذا تمعن الإنسان في آيات الله وفسرها وعاش معها، وأجد طريقة السماع من الأمور التي تساعد، فتأمل معي تلاوة الإمام المنشاوي لقول الله {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}، ألا تجده أعظم بكثير من تلاوتك للآية نفسها.. استمع لها ثم أجب، وللشيخ نفسه اسمع قول الله تعالى { حتى إذا فشلتم وتنازعتم.. } فلا تشعر إلا أنك أنت الوحيد المعني بها، وأنها تخاطبك ومجتمعك.

{ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين}

إنَّ الشباب لا يضيع مع طول العمر، ولكنَّه يضيع مع طول العبث. والحياة لا تفنى مع شدة الجهد، ولكنها تفنى في شدة الغفلة. والعقل لا يكلُّ مع طول الفكر، ولكنَّه يكلُّ مع طول الاستخفاف بالفكر. - ‏محمود شاكر.

كان مما اختتم به كتابه رحمه الله قصة أحدهم الذي راح يناقش قضايا فكرية ويثيرها في وقت غير مناسب وقرر مخالفة الجماعة وغادر البلاد دون إذن فاعتقل وكان أكبر سبب من أسباب خسارة الطليعة لقوتها " السرية، والتنظيم العالي " فاعترف على مجموعة من الضباط الذين تحملوا أذى النصيرية حتى يمكن الله لهم وييسر لهم فاعتقلوا، واعترف على بعض الأخوة الذين كانوا ركائز كبيرة في مشروع الطليعة.. العبرة التي أراد إيصالها " ايضاحاً لا تصريحاً حتى " أن الجماعة خير، وأن قيادة الجماعة أشمل في رؤيتها للأمور، ولا أكتب الكلمات بمعان معينة وإنما دونكم كتاب الراحل فانظروا فيه وتأملوا تلك التجربة

على ثرى دمشق، لقاء الأرواح.. الآن وأنا أرى الشمس إلى أفول، والهواء قد انطلق يداعب أغصان الزيتون وأفئدة المشتاقين، في مكان لا شيطان فيه ولا دنيا، ولحن عتيق ينادي بهدوء وسكينة وحزن "إخواننا كانوا"، وخوف لذيذ له نكهة امتزجت مع الإباء الثغور.. القاسم المشترك بيني وبينهم، من هم؟ أصحابي على ثرى دمشق، فهناك ضمت أرواحهم السماء، وأجسادهم الأرض، وهنا أيضا ضمت أرواح أحبتي السماء، وأجسادهم الأرض، تشابهت الأسماء.. بل تطابقت، وتطابق الهوى وقبلة الفؤاد، واجتمعت كلها في أمية الروح. كم عام مر؟ بدأت أثق الآن أنها ليست كثيرة، الإجرام نفسه لم يختلف فزمن الأب كزمن الابن والأخير ألعن، والتضحية في التسعينيات هي نفسها في هذه الثورة والأخيرة أكرم، شجاعة الأبطال هناك هي نفسها شجاعة الأبطال هنا في هذه الأيام ولا محل للمقارنة إذ أنها أرواح بذلت، وأفئدة تحرقت، وشموع احترقت لتنير الدرب.. وإني لأحسبها مسيرة كبر الله فيها مروان حديد لنتابع - بمعية الله - المسير الآن حتى النصر. أبو عمر أيمن الشربجي، وثرى دمشق المباركة، وهنا وثرى الشام المباركة، أمانة أثقلت الطليعة المباركة فحملناها - بفضل الله - معهم، أقرأ له فلا يزال يروي في كتابه حكاية البطولة فأحسبني بينهم وأشم عطر البارود، يروي مآثر إخوانه بعد الرحيل وينتقي لها أحلى العبارات فيخيل لي صور إخواني الراحلين كلما قرأت صفحة جديدة كلما رأيت أبو عمر أيمن وإخوانه وهم يعانون، ويبذلون ويضحون ويصبرون.. وكلما رأيت بطش النصيرية تذكرت قول الله تعالى { لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأوهم جهنم وبأس المهاد }، أعادني الكتاب إلى الوراء إلى بدايات الثورة العظيمة وكيف فجر الأحرار معاقل المجرمين وأحالوها بحول الله رماداً، لما يحكي مداهمة المجرمين لمعاقل الأبطال ويروي حكايات البطولة يرتعد صدري، وتبرق عيني، وأتخيلهم كيف يتجندلون لله وهم قابضين على الراية غير مبدلين ما عاهدوا عليه. ثم طرت مع سؤال راودني، كيف كنت تفعل لو لم يكن هناك جهاد في هذه الأيام؟ يالله.. كيف سأحتمل كل ذلك.. كيف لي أن أقرأ قصص إجرامهم وأصبر، وكيف لي أن أقرأ عن البطولات ثم أجدني بين القواعد والنساء، كيف لي أن أمسك البندقية فأشكو لها ما عالجه الصدر من أشواق.. لينهال علي ما قيل " قد عرفت، فالزم! ".. اللهم اللزوم حتى مسير الروح إليك. لأرواح العظماء الذين لم تنصفهم الأرض، عمالقة العطاء، الرجال النجباء، أبو عمر أيمن وإخوانه وشهداء جهادنا العظيم أزكى تحية، وأصدق محبة، وأجل مودة.. وإلى لقاء يجمعنا متحابين وإن لم تلتقي الأجساد فإن الأرواح قد اتصلت.. "لا لست أنساهم حتى وإن رحلوا لا زلت أذكرهم يحدو بي الأمل.." 16 ذو الحجة 1445، السابعة مساءً.