مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى
في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف
(الأحد: 17 من ذي الحجة 1445هـ = 23 يونيو 2024م)
• إن عَوْنَ الله لطالب العلم في طلب العلم مِن أكرمِ النِّعَم وأعلاها؛ لأن فَهْمَ العلمِ من أقربِ القُرُبات، والقراءةُ في كُتب العلم أفضلُ من صلاة النَّافلة.
• الموضوعُ الذي أتكلَّم فيه، وسأتكلَّم فيه، موضوعٌ في غاية الدِّقة، وفي غاية الغموض، وأساسُه الذي يجبُ أن يكون عندك حقيقةً كـ«لا إله إلا الله» هو أن الشيخ عبد القاهر يَقطعُ بأنه لا فضيلةَ في الكلام ترجع إلى شيء إلَّا إلى معناه، لا فضيلةَ في الكلام ترجع إلى لفظه ألبتة، وإنما كلُّ فضلِ الكلام على الكلام راجعٌ إلى المعاني، واحذر أن تُدخِلَ الألفاظ في التَّبايُن والتَّفاضُل بين أنواع الكلام.
• الحديث عن الألفاظ وقيمة الألفاظ مشهورٌ جدًّا، وجارٍ على ألسنة الكبار الذين نأخذ عنهم العلم، فكيف تُقنعني أنت يا شيخ عبد القاهر بأنه ليس للَّفظِ فضيلةٌ مع أنني أحفظ هذا عمَّن أخذتَ أنتَ عنهم العلم.. يقول لك عبد القاهر: أنا مُسلِّمٌ لك بالذي تقول، وبأن الذين أخذتُ أنا عنهم العلمَ نَسبَ الفضيلة للألفاظ، ولكنهم لم يريدوا الألفاظ التي هي الكلمات المسموعة، وإنما أطلقوا الألفاظ على صُوَر المعاني حتى لا تَلتبِسَ بالمعاني التي هي الأغراضُ والمقاصد.
• عبد القاهر عقلية علمية نادرة أُحِبُّ أن تعرفوا شيئًا عنها؛ لأن معرفتَك لحقائقِ عقليةِ العالِم وأبعادِها وأعماقِها تُعدُّ معرفةً جليلةً جدًّا جدًّا تَفتحُ لك أبوابَ علمه.
• هناك مَعانٍ هي أغراضٌ ومقاصدُ، وهناك مَعانٍ ليست أغراضًا ولا مقاصدَ؛ فأطلقَ العلماءُ عليها «الألفاظ» حتَّى لا تَلتبِسَ بالمعاني التي هي الأغراضُ والمقاصدُ، والذي لا يَفهمُ هذه الدَّقائقَ لا يَفهمُ في العلم.
• طالبُ العلمِ الذي يَتحجَّجُ بظروف الحياة والأولاد والعمل = تأكَّدْ أنه أُغْلِقَ في وجهه بابُ العلم؛ لأن الذي فُتِحَ في وجهه بابُ العلم لا يَعرِفُ شيئًا يَصرِفُه عن العلم، وإنما يَعلَمُ أن العِلمَ يَصرِفُه عن كل شيء.
• لن تَدخُلَ بابَ العلم إلَّا إذا دخلتَ بابَ الغوامض، وهذا يُذكِّرني بقول العلماء: «إن أردتَ أن تتعلَّمَ العلمَ فعليك بمسائل الخلاف»؛ لأن مسائلَ الخلاف مِن غوامض المعرفة، وهي التي ترى فيها العقولَ تتحاور، وتتجادل، وتقول، وتَقبل، وتَرفض.
• صُور المعاني هي التي يرجع إليها عَملُ الشاعر، هي سَبْكُه، هي رَصْفُه، هي شِعْرُه، هي عَمَلُه، وقد سمَّى العلماءُ هذه الصُّورَ «ألفاظًا» حتى لا تَلتبِسَ بالمعاني التي هي الأغراضُ والمقاصد.
• ليس أمامنا إلَّا الحقيقة؛ لأننا عِشْنا في الكذب ما عِشْنا، وشَرِبنا المُرَّ من الكذب، والحقيقةُ هي أنك ما عِشْتَ إنَّما تتعلَّم كيف تتعلَّم، أما أن تتعلَّمَ العلمَ فهذا تَجوُّزٌ وتَساهُلٌ، إنما أنت في الحقيقة تتعلَّم كيف تتعلَّم، ثم تموتُ وأنت تتعلَّم كيف تتعلَّم، وهذا هو معنى قوله تعالى: «وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا».
• بعد هذا العُمرِ الطَّويل مِن الانقطاعِ للعلم أرى أنني مازلت أتعلَّمُ كيف أتعلَّم.
• أفضلُ حديثٍ في العلم هو الحديثُ حولَ العلم لا الحديث في العلم.
• ما تأخذُه عنِّي وما تأخذُه عن غيري يجب أن يكونَ تحت بؤرة عقلِك لتُفكِّرَ فيه.
• الكشفُ عن الغوامض كشفٌ صعبٌ جدًّا؛ فقد أضطر أحيانًا إلى استعمالاتٍ فيها تسامُحٌ وتساهُل وأنا أُبيِّن الحقائق؛ فلا تأخذْ مني كلامًا وتُسلِّمْ به، ولا من غيري كلامًا وتُسلِّمْ به، ولا مِن رسولِ الله كلامًا وتُسلِّمْ به إلا ما كان مِن وَحْي الله له؛ لأنه - عليه السلام - معصومٌ نَعَمْ فيما أوحِيَ إليه، ولكنه إذا تكلَّم بغير الوحي، وتكلَّم في المعاني العامَّة التي يتكلَّم فيها الناس، يُقبَلُ من كلامه ويُترَك، والصحابة سألوه يوم بدر: أهذا منزلٌ أنزَلَكَه الله أم هو الرأي؟ فقال: بل هو الرأي، فقالوا: نرى مَنزِلاً آخر، فنزلَ رسولُ الله على رأيهم.
• كلامُ سيِّدنا رسول الله بوَحْيٍ ليس فيه إلَّا سَمِعْنا وأطَعْنا؛ فَهِمْنا أم لم نَفْهَم. ما يأتيني من ربِّي لا أقولُ فيه إلَّا سَمِعْنا وأطَعْنا.
• سيدُنا محمدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم - نبيٌّ كغيره من الأنبياء، ثم هو يتميَّز بأنه خيرُ خَلقِ الله، وهذا الذي هو خَيرُ خَلقِ الله يسأله أصحابُه المَيامِين: أهذا منزلٌ أنزَلَكَه الله أم هو الرأي؟ فيقول: بل هو الرأي، فيقولون: نرى مَنزِلاً آخر، فينزلُ خَيرُ الخَلْق على رأي أصحابه.
• نَزلَ خَيرُ الخَلقِ على رأي أصحابه، أمَّا فكرة «الاستبداد» و«هاأنذا» و«ليس لكم رأيٌ مع رأيي» فلا تُوجَدُ مع الخَيِّرين، إنَّما تُوجَدُ مع غير الخَيِّرين.