_تَائِهَـة.

مَا مِن أحدٍ يعرفُ القصةَ كاملة، وحدُكَ مَنْ يتذكر التفاصيل كُلها ويُهزم، أنتَ فقط المُتألمُ مِن صفعات الخذلان المُتكررة، لَمْ يعُدْ الليل وحدهُ مُلتقىٰ أحزانكَ وذكرياتكَ بل أنتَ ملعونٌ بنشاطِ عقلكَ طوال الوقت؛ تضحكُ بانفعالٍ واضح لتُخفي لكمات الألم بقلبِكَ، تذهبُ للنومِ فإما يُقيدُكَ الأرق وإما أن تجدَ عقلَكَ الباطن في استقبالكَ بكوابيسٍ مُرهقة تلعنُ بسببها تلك الساعة التي فكرت فيها النوم، حتىٰ في معاملاتِكَ اليومية لَمْ تعُدْ صاحب الصدر الرحب الودود، لَمْ تعُدْ أنتَ بِكُلِّ مَا تحملهُ مِن عطفٍ ولين، تستشيطُ غضبًا مِن أتفه الأمور، لا تقبل الحديث مع أحد، فنجان قهوتكَ يفشلُ الآن في تهدئة روعكَ، كُتبكَ لا تقدر علىٰ مواساتكَ وانتشالكَ كما في سابق عهدها، لقد أصبحتَ أبهت نسخة مِنكَ. 0

السلامُ عليكَ يا صاحب القلب الذي سأسكنُهُ؛ تحيةً طيبةً وبعد.. لقد أخذ مني القلق ليلة أمسٍ مآخذهُ كُلّها، بات نائمًا بجوارِي وملازمًا خطواتي طوال النهار -كعادته الحبيبة-، لَمْ أقدر عليه البتة، وأكل الخوفُ قلبي -كما هو مُعتاد-.. كانت ليلةً عصيبة في النومِ، ونهارًا خاملًا ثقيلًا صِرتُ أتنقلُ فيه مِن أريكةٍ لأُخرى لعلّي أجدُ ضالتي، لعلّي أهدأُ ولو قليلًا ولكن القلق لَمْ يسمح للهُدوءِ بزيارتي.. هنا في رأسي تُقام أعتى الحُروب وأشرسها، وهنا في صدري يجلسُ طفلٌ ثقيل الظل يعبث بأعصابي. عزيزي صاحب القلب الذي سأسكنُهُ؛ أنتظرُكَ ها هُنا، لا أعرفُ شخصك ولكني أعرفُ أني صاحبة هذا القلبُ الحنون، أثق بأن الطمأنينة تنتظرني بجوارِكَ، والسكينة ستلوحُ لي مِن فوق عاتقِكَ الذي سيكون مُتكأي، أعلمُ أنك ستكون فكرتي الآمنة داخل عقلي القَلّق.. والسلامُ إلى أن نلتقي.

.

طرقتُ البابَ و تعرِفُ مَن أنا، أنا أمتُك الّتي رعيتها مُنذ الصِغر؛ أنا الطفلة الّتي خلقتها، و صورتها و علمتها البيان شيئًا فشيئًا .. أنا الطفلة الَّتي ضلّت وابتعدت،جلست تقرأ القرآن فوجدتك تقول: فذكّر بالقران من يخافُ وعيد"ثُمَّ ابتعدت أكثر، و جارت الحياة كثيرًا، وكانت تلك الآية تُعيدها مرارًا و تكرارًا .. أنا الناظرة للسماء و كُلي أمل أن تنظُر إليَّ بِرضى، أو أن يذكُرني لك أحد مخلوقاتك بخير؛ أنا الطين الَّذي لا يُساوي شيءً مِن دونِ نفخةٍ من روحك .. أنا أمتُك الَّتي ترجوا منك أن ترُدها ردًا جميلًا، و تهديها سبيل غير ذي عوج .. ياربِّ إني أُجاهد فيكَ فاهدنِي سُبل السلام ودلّني فخطواتي تتعثّر .

"أتمنى أن يُرسل الله لي شخصًا يستحقني بالفعل، ويضع الحنان في كل شيءٍ يفعله لأجلي، شخصًا حتى لو كانت الأيام خادشة بيننا يستمر في كونه ناعمًا معيّ، ويرى اللطف بداخلي دائمًا حتى في الأوقات التي يكون الغضب فيها ملتصق بروحي، شخصٌ يشبه لين قلبي ورِقته ويحميني بقلبهِ".

أشعرُ بفجوةٍ داخلي علىٰ وشكِ ابتلاعي، هُناكَ صَدَّعٌ وشروخ تفتكُ بقلبي، وكأنني أقفُ علىٰ حافةِ حفرة السعير ومَنْ استغثتُ بِهِ طالبًا النجدة لا يُبالي صراخاتي، يُلقي وسيلة إنقاذي -الوحيدة- أرضًا، ينظرُ لي بلا اكتراثٍ، ويمضي، يمضي بعيدًا، وأسقطُ في الهاويةِ لأتمزق.. إنَّهُ الخذلان في أقسىٰ صورهِ.

قيل لها تمني؛ قالت أودُّ أنْ أكونَ حُرةٌ، أُريدُ أنْ اخلعَ قلبي وأركضُ حافيةً بلا قيود، واتنازلُ عن عقلي مقابلَ جناحين، لا أُريدُ سوىٰ التحليقِ كالفراشِ في الفضاءِ الواسع بلا حدودٍ، وبلا ثُقلٍ يغرزُ بقدماي في الوحلِ.

صباح الخير أيها العالم لنتفق أن لا كدر ولا إحباطات لنبتسم فقط ولتمضي هذة الأيام كما قُدّر لها🤍.

سامِحني، عندما آثَرتُ حظَّ نفسيَ والهوى على مرحَمةِ الشَّرع. وظننتُ أنَّ تخطيطَ المرءِ قد يُنجِيه، فغفلتُ بعدَ ذلِكَ عن قُدرتِك، وقوَّتِك، وهوانِ الدُّنيا بمن فيها علَيك، ما خلا الصَّالِحين. الأيَّامُ تُتَداوَل على نفسِ الوَتيرة، والجديدُ لم يعُد مُبهِجًا كعادتِه، وعلا صوتُ الضَّحِك، ليُخفِيَ صوتَ البكاء، ليس الكلُّ مسرورًا لكن بالتَّأكيد جميعُهم حَزانى، ويحمِلونَ سرًّا ما، وجُرحًا ما، يُفتَحُ من أيِّ شيء، من مَزحة. سُبحانَك، خلقتَ السَّماواتِ والأرض، وخلقتَ السَّرَّاءَ والضَّرَّاء، توجَّهتُ إليك، ونيَّتي أن أمضِيَ في طريقٍ جديد، وأنتَ صاحبُ الطَّريقِ والمُستَقَر، فاجعلْ خاتمةَ الطَّريقِ خَيرا. سُبحانَك، النَّاسُ في وادٍ وأنا في واد، والنِّداءاتُ تتَلاشى بين صدى السَّماوات، إلَّا من صوتٍ ناجاكَ فصدَق. لا تجعلْ قلبيَ ينزلقُ للدُّنيا، وينسى ما قد خُلِقَ لأجلِه. كلٌّ يسيرُ إلى مُستَقَر، وأنا أسيرُ على غيرِ هُدى، إلَّا من نورِ يقيني بِك، وحُسن ظنِّي إلَيك، ورجائيَ بأن تستَجيب، ما كان خيرًا لي، حيثُ اختَرته، ولم تخيِّرني به. سُبحانَك، دبِّر أمري، حين آتي بابَكَ العالي لِترضى.

?text= أعطني رأيك عني بسرية تامة وصراحة http://47812684562559.sarhne.com