كَرَم 𓂆.

فإمَّا إلىٰ النَّصرِ فوقَ الأنام وإمَّا إلىٰ اللّٰهِ في الخالدين!

‏السّلام عليك يا صاحبي، ‏ ‏صدقني حين أقول لكَ أن أشرس معركةٍ ‏يخوضها الإنسان، هي معركة الحفاظ على نقاء قلبه! ‏هذه الحياة مُتلفةٌ للقلوب! ‏فمهما خسرتَ إياكَ أن تخسرَ قلبكَ، ‏من يخسر قلبه مهزوم، ولو ربح الدنيا كلها! ‏ ‏يا صاحبي، ‏إنَّ المؤمن في هذه الدنيا كالمقاتل في الحرب، ‏يُغيِّرُ موقعه ولكنه لا يترك الجبهة! ‏بعض المعارك طاحنة لا يقدر عليها كل الجنود، ‏ولا بأس بالانسحاب من بعض المعارك ما دامت النية ‏أن نكسب الحرب نهاية المطاف! ‏فإن كانت لكَ عبادةٌ تسابقُ بها الريح، ثم وجدتَ في نفسكَ عنها فتوراً، ‏فافتح لكَ مضماراً آخر، ‏وإن أُوصدَ في وجهكَ بابٌ إلى الله ، ‏فلا تجلس وتضع يدكَ على خدك! ‏افتحْ لكَ باباً جديداً تلجُ منه، ‏قيام الليل القديم الذي ما عاد ميدانك، ‏عوّضه بصدقات النهار يا صاحبي، ‏وصيام التطوع الذي فترتَ عنه، ‏اجبره بحفظ القرآن! ‏ ‏هذه النفسُ إن لم تشتغل بالحق اشتغلتْ بالباطل، ‏لهذا احملها على الحقِّ حملاً، ‏كُن كالجنديِّ الجريح الذي يتحاملُ على نفسه ‏كي يصل إلى موقع الجيش.. ‏لا تستسلم لجراحك ففي هذا الاستسلام مقتلكَ! ‏ ‏يا صاحبي، ‏إنَّ العبدَ قد يُحرم العبادة بالذّنب الذي يُصيبه، ‏ولكن إياكَ أن تجعلَ هذا الذّنب سوطاً في يد الشيطان، ‏يجلدكَ به كلما هممتَ بطاعةٍ! ‏خسارة معركةٍ لا تعني خسارة الحرب، ‏وسقوط ريشةٍ لا يعني سقوط الطائر، ‏وانكسار غصنٍ من الشجرة لا يعني أن الريح قد انتصرتْ، ‏يمكن للمرء أن يتحامل على نفسه، فلا تترك موقعكَ! ‏ ‏والسّلام لقلبكَ

يا وَيّحَ روحي يا أَخاً كُنّا مَعاً أنتَ الّذي في قِصَتي أنتَ الوَحِيد..

من تدوينات شهيدنا راغد

هذا قَدَرُ اللهِ وإنّا لله وإنّا إِليهِ رَاجِعونْ إلى رحمةِ الله ورضْوانِه الشهيد المهندس الحبيب: راغد ابراهيم ابو ريدة.

المُقـاتل الأول مصـاب ويبقى ثابتًا يجـاهد بروحـه للّحظة الأخيـرة، يرتقي فيحمل رفيقه السـلاح فورًا مع أنه في منطقة يستطيع أن يحمي نفسه، إلا أنه صدَق رفيق دربه فحمل سلاحـه ليرتقي بجاور رفيقه. ‏فتنت أرواحـنا يا شهيـد الله أكبر يا لهذه الأنفس الكبيرة الله أكبر ما أعظم إقدامهم ‏والله صدق مَن قال: (والإقدامُ قتَّـال) حسبهم أنَّ الله اشترى ‏اللهمَّ قبولًا ورفعة اللهمَّ بحقِّ هؤلاء الصادقين وبحق الذين لا حول لهم ولا قوة وبحق أمهاتنا وأطفالنا فرجًا قريبًا يا رب يا رحمن يا رحيم

﴿وَلا تَهِنوا فِي ابتِغاءِ القَومِ! إِن تَكونوا تَألَمونَ فَإِنَّهُم يَألَمونَ كَما تَألَمونَ وَتَرجونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرجونَ ﴾ نحن نألم كما يألمون لأنها دنيا.. نألم على الفقد، نألم على الظلم، نألم على الثكالى وعلى أطفالٍ يُتّمت، نألم على حياةٍ لا تشبه الحياة، وعلى أرضٍ لم نعد نرَ ملامحها.. لكنّ ألمنا هذا في سبيل الله، وكلّ ما في سبيل الله يهون، واللهِ يهون.. في الدنيا نألمُ ويألَمون. لكنّ الآخرة هي الفَيْصَل! إنّ لنا في أفراح الآخرة سلوى تُنسينا كل ما قاسينا هنا، وكل ما تجرعناه من آلام.. حيث نرجو من الله ما لا يرجون.. نرجو رحمة تعوّضنا كلّ ما فقدنا، وطمأنينةً تسكّن قلوبنا التي عاث فيها الحزن زمناً طويلاً، وجناتِ عدنٍ نلقى فيها أحبابنا ومَن سبقونا.. نلقى فيها[ الله] فذلك والله غاية المنى..

" حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ " يقولُ تعالى ذِكرُه : ولهؤلاء الكُفار من قُرَيْشٍ أعمالٌ من دُونِ ذلك هم لها عاملون ، إلى أن يُؤخذَ أهلُ النَّعمة والبطر منهم بالعذاب. وقال ابنُ زيد : ( إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) ، قال : المُتْرَفُون : العظماء. ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقولُ : فإذا أخذناهم به جَأَرُوا، يقول : ضَجُّوا واستَغاثُوا مِمّا حَلّ بهم من عذابنا، ولعلّ الجُؤار : رفعُ الصَوْت . وعن ابن عباس : ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) يقول : يستغيثون. عن مُجاهِد في قَوْلِه : ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال: بالسيوف يوم بدر. والضَحَّاك قال في قوله : ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) : يعني أهل بدر، أخذهم اللهُ بالعذاب يوم بدر. وعن ابن جُرَيج : ( حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ ) قال : عذاب يوم بدر. ( إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ ) قال : الذين بمكة. - تفسيرُ الامام الطَبري رحمه اللهُ .

{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء: ١٨]

"تضيقُ عليَّ الأرضُ خوفَ فراقكم!"