كوكب دري

إستشهد الشيخ مجيب الرحمن أنصاري، إمام وخطيب مسجد ابواسماعيل الهروي ومدير دارالعلوم الأنصار العالية ومدير الإذاعة الانصار في مدينة هرات غربي افغانستان إثر هجوم انتحاري في طريقه إلى المسجد اليوم قبل صلاة الجمعة واستشهد مع الشيخ عدد كبير من المصلين، و كان الشيخ مجيب الرحمن انصاري من دعاة البارزين في افغانستان وقد تخرج من الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة عام 1440هجري.

اللهم عليك بالخوارج.

‏إنا لله وإنا إليه راجعون. ببالغ الحزن ننعي أحد كبار علماء ‎#أفغانستان، ودعاتها الشجعان، وخطبائها المفوهين، الشيخ المولانا مجيب الرحمن أنصاري الذي استشهد اليوم نتيجة هجوم غادر وجبان أثناء ‎صلاة الجمعة. ‏كما تعرب ‎الإمارة الإسلامية عن حزنها الشديد على استشهاد الشيخ رحمه الله، وتتوعد المخططين لهذه الجريمة والواقفين وراءها بالعقاب الشديد. ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم الإمارة الإسلامية

قال أنور الكشميري في فيض الباري على صحيح البخاري(١\١٢٤): جمع الشَّوْكَاني فقهه في رسالة سمَّاها «الدُّرر البَهِيَّةً»، ووضع فيها مسائل أخشى على العامل بها أن لا يُغْفَر له، منها: طهارة جميع الأشياء سوى دم الحيض، وغائط الإِنسان، وبوله. وقال: إنَّ شَحْم الخنزير ليس بحرامٍ، لأن القرآن سمّى لحمه حرامًا، والشحم ليس بلحمٍ، فلا يكون حرمًا، ونعوذ بالله منه. قلت:الشيخ أنور الكشميري يمدح له علمه في الفقه واللغة ،وهو حنفي فيه بعض إنصاف،كما فيه تعصب،ويحمد له وقف حياته على العلم وقد شرح البخاري مراراً كثيرة،كما شرح الترمذي،وله مواقف مشهودة في إثبات ختم النبوة،وكذلك الرد على القاديانيين،ومن قرأ كتبه أفاد منها علماً،كما في الرجل ثقة في النفس،يهجم على مسائل العلم بقوة واعتزاز، وقد أفدت من كتابه فيض الباري في مسائل تتعلق بتوجيه مذهب الأحناف وتفسيره والتدليل عليه. وهو في تعصبه للحنفية وجمع أدلتهم يأخذه اتجاهه على غمط غيرهم في أبواب،وهذا شأن مشايخ التقليد إن تكلموا في مرتبة تزيد عن التقليد المحض،حيث يبدو حال المتكلم بين المجتهد الذي تلاقى رأيه مع قول المذهب وبين تقليده الذي يجزم فيه صواب كل قول في المذهب،وهذه مرتبة تكثر في أصحاب المذاهب. وهنا الشيخ أنور يجدع الشوكاني،وكلمته هذه غير لائقة،وخاصة قوله:أخشى على العامل بها أن لا يغفر له،وهي مناقضة لحال الناس من أهل العلم ومن أهل التقليد في مسائل الفقه،مع وجود أمثال لها في كلام أهل العلم في تنفيرهم لمقالات يرونها شاذة شذوذاً شديداً عن الجادة،لكن قواعد العلم أن الفقه ظني؛أي ما تعلق في مسائل الاجتهاد توجب براءة الذمة إذا قلد المقلد أو اجتهد المجتهد،والشوكاني مع تفرده(شذوذه)عن الأئمة الأربعة في مسائل وميله لفقه ابن حزم في الفقه إلا أنه صاحب نظر،ولست ممن يميل لفقهه ولا فقه ابن حزم لكن هذا لا يجيز اسقاط ما يقوله الشوكاني حتى يجعل اجتهاده موجباً للإثم لا الإعذار. والقصد باختصار شديد أن هذه كلمةر غير مرضية من الشيخ أنور،ولعله قصد تنفير السامع من متابعة الشوكاني،خاصة لما جرى في زمانه من خصومة شديدة بين مذهب الأحناف المنتشر في القارة الهندية وبين من يسمونهم بأهل متابعة الدليل،وهي قسمة غير صحيحة تحتاج لشرح طويل،ولو كان أهل المذاهب على سيرة المتقدمين منهم كتلاميذ الأئمة وكان من زعم اتباع الدليل على طريقة أئمة الفقه كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وأمثالهم لكان الخلاف أشبه باللفظي،لكن أتباع المذاهب على طريقة المتأخرين،وزاعمو اتباع الدليل على طريقة ابن حزم وأسلوبه فكانت الشقة كبيرة بينهما. والله أعلم.

قال أبو بكر ابن مجاهد المقرئ: قال لي ثعلب: يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيدٍ وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة في المنام، فقال لي: "أقرئ أبا العباس مني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل". وفيات الأعيان. كتبت مرة عن هذه،فهل تراها لا تصلح لتزكية علم العربية؟ والله إنها لشاهدة حق عما فيها هذا العلم وأهله.

الرؤى ولحظات الموت تشهد شهادة مطمئنة للقلوب بصلاح بعضهم وبصحة دينه وطريقه. عندما أسمع رؤيا عن رجل تشهد له بالصلاح،أو لحظة موته وهو على طاعة وصلاح تعرف خطأك في تضليل الأمة أو تضليل أصحاب طريق ما،ذلك لأن هذه مواقف اختيار رباني ،وفي سير العلماء تجد حرص جامعيها على ذكر المرائي التي رآها الناس والعلماء بعد موته،لتكون مؤكدة على حال هذا الرجل . أعلم أنه سيقال:ديننا لا يؤخذ من الرؤى،وهذا حق،فالموضوع يتعلق بمرجحات لا حجج قاطعة،ولو تفكر المرء بشواهد دين الرجال والنساء من المرائي ولحظات الموت لراجع كثيراً مما يقوله مرغما نفسه على حمل معتقد يصر عليه ونفسه تأباه كتكفير جماعات مسلمة،أو تضليلها،وأذكر أني لما نزلت على أحد السجون وقد انتشر غلو تكفير طوائف مسلمة فيها فبينت لهم غلط هذا الأمر فكان أن قال لي أحد الطلبة:أرحتني والله،فلقد كنت أجبر نفسي على معتقد تأباه نفسي وتنفر منه،ولكن ماذا أفعل وهم يقولون لي هذا من أصول عقيدة المسلم تكفير هذه الجماعات،وإن لم تفعل فقد كفرت!. تأمل رؤى الناس في عباد الله،كما تأمل حال موتهم وهم صيام أو مصلين أو في طاعة من الطاعات تعلم ما في الأمة من خير،وأن الخير لا يقتصر على اجتهاد واحد .

استعراض الجيش ومناظر الفرح في طالبان أفغانستان ليس إظهاراً للفرح بالنصر فقط لكن إغاظة لمن راهن على زوالها ودمارها وأمريكا وحلفائها. يحق لهم إغاظة أعداء الله تعالى كما يحق لهم الفرح بنصر الله. وفقهم الله لمرضاته .

يظن بعضهم أن الناس ينسون عظماء أمتهم،لما يرى من اشتغال الناس بالعظماء قليلاً ثم يغيبون،فينعى على الأمة هذا الخلق،ولذلك يثرب ويقسو في الكلام،ويندب حظ الراحلين من الشهداء والعظماء بأنهم ذهبوا في غياهب النسيان،وهذا غلط من هؤلاء الناس. دخل الصحابة على فاطمة عليها السلام بعد دفن النبي صلى الله عليه وسلم فقالت لأنس رضي الله عنه :يا أَنَسُ، كيفَ سَخَتْ أنفُسُكم أنْ تَحْثُوا التُّرابَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. ولم يجبها أنس رضي الله عنه،ولكن السنن تجيب،وسيرورة الحياة تحدث عن نفسها،أن ستمضي الدنيا بسننها وقواعدها،وكم من حزين أرهقه الحزن ثم نسي،لما هي عليه الدنيا،ولا عيب عليه ولا تثريب؟. وكم من أرملة حلفت أن لا تنسى زوجها فلما انقضت عدتها تزينت للخطاب؟ يعاب على بعض الناس أنه يريد وقف الدنيا ومسيرة الشمس على ذكر خليله أو صاحبه عند كل البشر،فلا حديث عندهم إلا عنه وعن دكراه. الحياة ليست كذلك،ويكفيهم أنه إذا مرت ذكراهم أن يذكروا بطيب الذكر والأثر،ثم الترحم عليهم نقول هذا في كل آحد حاشا رسول الله،فالبخيل من ذكر عنده ولم يصل عليه،ومن صلى عليه صلاة صلى الله عليه عشرا.

الربيع بن سليمان عن الشافعي⁩ رحمهما الله تعالى : لو رأيتموه لقلتم إن هذه ليست كتبه،كان والله لسانه أكبر من كتبه. العادة في الأدباء والكتاب أن ما يكتبونه أعمق وأفصح مما يقولونه،لأن الكتاب يعاد فيه،ويتأمل مرة بعد مرة،فيأخذ حظه من العناية،واللسان سباق،فلربما تفجؤه الفكرة فيقولها على سجيتها،فتكون من فطير القول،ويقل فيها رعاية القلب والفكر،ولكن الشافعي سمى قلبه وعقله،وفصح لسانه في الإبانة عن العقل حتى ليبهر سامعه أكثر من قرائه،ذلك لأن القول فيه لغة زائدة عن الكلمة المجردة عن اللون إلا لون القلم،ففيها لون الكلام والنطق،وحركة العين،وكل الإنسان وهو يقولها على معنى من التلذذ والتفكر،ولذلك قد قيل:إن صوته يفسر كلامه،وكم من فهم يفوت بفوات سماع صاحبه وهو يقوله على معنى من لغة الحرف في الصوت،فيفسر ويبين ويفصح. رحم الله الشافعي،كان نسيج وحده.