نتعافى.

ان تتآكل جفونك من اثر البُّكاء ان تُحاول فهم عبثية ذاتِك ترفعُكَ خيبةً وتُلقي بك الأُخرى أرضًا ؛ تجمع آهاتِك تَتَنَهد تَموت جسدًا وتثقَلُ روحكَ فتَتَمنى الموت كما لو انَكَ قد عِشت جُلَّ الخيبات واقساها تَتَمناه لأنهُ اهوَّن من ذلك عليك ؛ إلٰهي المُعَظَّم انت اكرم من ان تضيع حفنة تُراب لا تنفع لشيءٍ الا بعد ان نفخت فيها من روحك المُقَدَسة فَلا تَترُكها تُضِلُّ الطريق إليك ايضًا.

توسلٌ يشقُ جِدار فؤادي ودموعٌ تُنسي الغريق حالهُ لشدتها شجنٌ يصمُّ أفواه الجدران حَولي لتهرول الرياح إليكِ حاملةً أنفاسي فأنتِ الملاذ الآمِن والملجأُ الوحيد كهفي الذي آوَّي إليهِ كلّما اِنهالت عليَّ الدنيا بِهُمومِها وأمطرت على رأسي سُحب الغمام فيا سيدتي ومولاتي أشفعي لي وكوني بالقرب مني ... عند هبوب ريحِ الحِساب فأنتِ الوجيهة الشفيعة والأُمُّ الحنونة.

خفتت الأضواء.. سكتت الأصوات.. حلَّ الصَمت الظاهري.. أمّا الباطن فهو لا يبرحُ عن الحَديث.. حديثٌ لا يَسمعهُ إلا اللّٰه.. تتلاشىٰ الأفكار من نقطة إنطلاقها، أو ربما تتداخل لترسم لوحةً غير مفهومة.. تمتزج ألوانها بين الرمادي والأصفر. روحٌ تهدأ تارة وتضطرب أخرىٰ، تفرُّ باحثة عن بصيصٍ تلوذ به.. بعيدًا عن هذا العالم الذي لم يسكُن! نورٌ قادر علىٰ أن يجتاح همهمتها التي باتت لا تُفقَه، وضجيجها الذي لا يسكنُ إلا بتمتمات الذِكر.

طال الغيابُ بل طال غيابنا وازدادت فينا ألامُ اغترابنا وأنّت وحنت لك أرواحنا وراح الفؤاد باضطراره يطلب نظرة لُطفك به فقد ابتعد مِرارا وما ذاق بذلك إلا المَرارة، يا نور خُطى العاشقين وحرارة سعي التائقين ورحيمًا بأفئدة التائبين وحبيب قلوب المُتطهرين أقبِل فإنا إليك مُحتاجون وللقاء حضرتك متلهفون ولمسحة يديك مُشتاقون ولدولتك الكريمة مترقبون ولك والله إنا فدائيون.

أخطُ لك كلماتي بدلاً من خُطواتي التي لا تنوي الأيام أن تجعل لي فيها نصيبًا مرةً أُخرى، أخطُها من وسط رُكامي وحُطامي وألامي واحتراقي بنار ابتعادي أخُطها إليك… علَّ الشَوق فيَّ يحمِّلُها إليك وأوقن ذلك فبشوقي المكتوم هذا تعبر روحي القارات فكيف إذن بكلماتي!

-

إلهي! هذهِ المرّة أتوجهُ إليكَ عاجزًا ، ودون أيّ إدعاءاتٍ خاوية؛ دون صرخات السكر؛ سامحني.. خُذ بيدي مُحتاجٌ إليك ، محتاجُ إلى عشقك، إلى محبّك وعونك. - الشهيد الدكتور مصطفى شمران.

عِندما اقرأ دُعاء يا مَفزعي أتركُ كُلَّ ما حَولِي وأدعُ عَقلِي وقَلْبِي وكُلّ كيانِي يسرحُ فِي عظمةِ كَلماته، لاحظّ أنهُ بعدما ينتهي القارئ من وصفِ ضَعفهِ لله ومَسكنتهِ وحاجتهِ له يبدأ بالطلب من نُقطةٍ دقيقةٍ جدًا "أَسألُكَ إِيْمانًا تُباشِرُ بِهِ قَلْبِي" أيّ أن كُلّ شيء يبدأ من القَلب حتى صَلاحُ سريرتِكَ وحُسنُ نِيتك ليُكمل بعدها بطلبٍ قلما نلتفتُ إليه "وَيَقِينًا صَادِقًا حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لَنْ يُصِيْبَنِي إِلَّا ما كَتَبْتَ لِي، وَرَضنِي مِن العَيْشِ بِما قَسَمْتَ لِي" الرِّضا بما قَدر وأراد وصِدقُ التَّوكُل علىٰ الله لهيَ مِن الأُمور المُهمة التي لو استقرت في القلوب لتركنا الدُنيا وما فِيها دون أن نكترثَ لِما سَيحلُ بِنا فَنحن مُطمئِنين بِتسليمنا إياه أمورنا ومُستريحين من التفكير فيما قُدر إذ أننا نضع حياتنا كفالةً في يد الله.

أبتَاه يا عَليّ، أفترِش لكَ محراباً في قَلبي صَلِّ فيه لكن لا يَمسّك سيف، ولا يَمسنّي يُتم.

كن ذكيًّا في الدُّعاء هذِه اللّيلة، اطلب مَضامين عالية، قل: يا رَبّ غيِّر تَركيبَتي الباطنيّة، ومحور الاهتمام في حياتي، أُريده لك ولطاعَتِك، وخِدمتك! -الشَّيخ حبيب الكاظمي.