سَـارة.

من يرثي حالك يا درنة؟ إنَّها ليلةٌ أُخرى، ألمٌ متواصل، وحُزنٌ يتوسط قلب كُل ليبي، وأنَا هُنا، أرى حالك يا درنة، أرثيك فتخونني عيناي بفيضانٍ يغرقني دُون أدنى مُقاومة ولكن على أحدٍ منَّا أنَّ يسرد ما فاتك. نحن هُنا، وحينما أقول نحن فلا تعتبري أنَّ للحكومات مكانٍ بيننا ولا جُهدًا لها في بناء حاجزٍ يفصلنا، فهي كما تعلمي تتوسط اجتماعاتٍ وتحتسي القهوة، توقع على قرارتٍ وتفتح قضايا لا جاني فيها سواها، فهذه المرة لا تقلقي. أمَّا شعبك غربًا وجنوبًا، جميعنا أتينا إليك، هرعنا بكُل ما لدينا مِن جُهد، لأول مرة نجتمع على أرضٍ واحدة، وعزاؤنا أنَّ أرضك كانت شاهِدة على هذا الجمع، كان الثمن غاليًا، وكان الألم أكبر مِما تصورنا، وددنا لو كان اللقاء أجمل، وددنا لو أتيناك محملين بما هو أجمل مِن ما يواري شهدائك، أو لو وقفنا في صف لنحتفل باعمارك، ولكِن هذه الدُنيا يا درنة، وجميعنا نعلم أنَّها فانية، والامتحان الأكبر كان في أرضك فلا اعتراض على قدرٍ مكتوبٌ عليك. أمَّا عن بقية الأحداث، فلا مكانٌ للخوف بعد اليوم، سنختار الغرق لننقذ ما تبقى مِنك، وسنفرش بيوتنا لكُل من لا مأوى له، وإنَّ ضاق بنا الحال سنتقاسم كِسرة الخُبز معهم، فُهنا لا لاجئ ولا مُحتاج، هُنا إخوة، مهما حال بينهم الزمن لهم عودة ولنَا كُل ما تحتاجه العودة مِن وجع. - في رِثاء درنة نكتب، وستخوننا الأحرف وسنظل نكتب.

قال رسول اللَّهﷺ : «إن خير أيامكم يوم الجمعة فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه.»

اللهمّ إنَّها في ذمّتك وحبل جوارك، فقِهِا فتنة القبر، وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر لها وارحمها، إنّك أنت الغفور الرحيم.

"الدعاء وصيةٌ بيننا."

لنكن عونًا لأهلنا في هذه المِحنة حتَّى بأبسط ما لدينا.

يا أرحم الراحمين، برحمتك نستغيث، اغث عبادك المستضعفين وآمن خوفهم وارحم ميتهم واشف مصابهم واجبر قلوبهم وبدل حزنهم فرحًا وعسرهم يسرًا يارب 🤲🏻

عزيزي.. بعد غِياب طويل أكتب إليك، ولا أُخفيك سِرًا أنَّ الحُروف اعتادت أنَّ تتشابك لتُعلن عن مشاعري تجاهك، والكلمات وإنَّ كانت سطحية إلاَّ أنَّها معك تُصبح أكثر عُمقًا. كعادتي معك ومع الحياة، بداية كُل الأمور تُربكني، حتَّى كتابتي لهذه الرِسالة، اعتدت أنَّ لا تمر ذكرى لنَا إلاَّ وكتبت لك فيها، ولكن ذكرانا الماضية لم استطع النهوض بقلبي لإنه كان ولازال مُحاط بالفوضى، مليء بالفجوات التي أرممها كُل نهاية يوم، ولكن هذه اللحظة لا أود سوى أنَّ أُخلد الحُب للأبد. لا أُريد البوح بعدد السنين فإنَّها مُجرد أرقام أمام كُل شعور اعيشه معك يومًا بعد يوم، مُنذ أنَّ عرفتك وأنَا أعيش كُل شعور بلِذة، حتَّى الحُزن معك كان انتصار، مُنذ اللقاء الأول وأنا أُغمض عيناي واسرح بلا وعي، أعود لنظرتك فأقول لنفسي أيثمل المرء مِن نظرة؟ أكرر الأمر؛ وأجدني استمع لصوتك، أعُيده، يتمايل قلبي مع كُل كلمة، أُعيده للواقع وأجدك معي، أمام ناظري ومُحيط بروحي، أكُرر خيالي تارةً وأتمسك بكِ في الواقع مرةً أُخرى لأن حياةً واحدة معك لا تكفيني. حينما يكون الحديث عنك، أُصبح أكتب بلا تركيز، فأجدني أخلط المشاعر وأقلب معايير الكتابة التي اعتدت عليها، ليس لأنني لا أُجيد الكِتابة، إنما لأنني أُتقن شيئًا أكثر مِنها، وهو الحُب، وهُنا اتسائل تُرى سيفهم القُرَّاء أنَّه بين كُل سطرٍ والآخر هُناك مشاعر مخفية؟ ندوب اعتدت أنَّ لا يراها أحد واستطعت وحدك كشفها وتضميدها؟ رُبما سأقف هُنا، ليس لعجزي عن الكِتابة وإنما لأنَّ مشاعري لو تركت لها المجال ستُصبح هذه الرِسالة سرمدية. سأعود قريبًا، برسالة أو رُبما نصوص مُستمرة.