أروىٰ الشويهـدِي.

لكُلّ حُـزن وزن .. رُبما هذا الحزن يُبكيني، وهو ذاته قد يقتل أحدهم، وهو ذاته قد يكون سبب لإكتئاب أحدهم، فمثلما قلت مُسبقًا لكُلّ حُزن وزن. آن لك أن تعيَ ذلك، أحتوِ آلام الناس بقدرِ أثرها فيهم، لا فيك، وواسهم بقدر ما يشعرون، لا بقدر ما تشعُر، قُل كلامًا يُنسيّهم همهم، ويُسعد قلوبهم، واعطي حُزنهم حقه، حتى وإن كان هيّنًا في صدرك، لكنهُ على أيةِ حال ضخمٌ في صدورهم. "إنَّ اللعبة عند الطفل كالجوهرة الثمينة عندك، وإن ألمَه لفقدان لُعبته، كألمِك لفقدان جوهرتك، وإن قدر مصيبته في تلك كقدر مصيبتك في هذه." لذلك لا تستخف بحزن الناس، ولا بهمهم، ولا بمخاوفهم، أرجوك لا تستخف، فالطبعُ يختلف، وتقديّرهم للحزن يختلف، مثلما تفكيرهم يختلف، لأنهم هم وليسوا أنت. وصلى الله وسلم وبارك على خيرِ الأنام، وأرحمهم، وأفضلهم، وخاتم الأنبياء والمُرسلين، الذي واسى طفلًا مات عصفورهُ. فكيف يا أحبّة لا نواسي من كُسر قلبه، وشحب وجهه، وهُدم حلمه، ولم يُجبر خاطره ؟ - أروىٰ الشويهـدِي.

لا أود أن أغادرُك.. رُبما لأنّي لا أريد أن أجرحك برحيلي. ولازلت لم أدرك بَعد أن قُربي ليسَ لصالحك ولا لصالحي، فسامحني، واعذرني. فكُلّ شيء حدث رغمًا عنّي. - أروىٰ الشويهـدِي.

ربنا أستودعناك أحبة تحت الثرى ربَّ أرحمهم وأغفر لهم وآنس وحشتهم وأجمعنا بهم في جنتك بفضلك وجودك يا أكرم الأكرمين .

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )

عليكِ سلام الله يا رقتي، وبعد: اليوم هو أسعد تاريخ للمطر فقد جاءت أنشودته وللحب فقد كنتِ نشوته، لكن الآن هذا التاريخ يائسًا، هذا العيد وحيد من دونك.. كل عام وبيتك البعيد أشد سعة، كل عام وقبرك أكثر إنارة وأجمل روض من رياض النعيم.. انتظرت هذا اليوم، انتظرته كثيرًا وقد حرت أي شيء أهديكِ؟ فجاءت البشرى، حصلت على هدية ستثبتك في ذاكرتنا -أنتِ التي لا تهتزين حتى في قلبي- .. حبيبتي أروى قد رزقت رفيقتنا رِهام بطفلة وهذه الطفلة تحملكِ كثيرًا ونتطلع لأن تحمل طباعك وقلبك... قلبك بالذات يا حناني الوارف، يا أحن أيام عمري.. هذه الصغيرة اسمها "أروى"، وسوف تكون أروى جدًا بإذن الله! وهديتي الأخرى تخليدكِ في نصوصٍ ما دمت على قيد الحياة، أي شغف يجتاحني ستكونين أحق من أبدعه في دفاتري.. آسفة حقًا، آسفة لأن هذا أول عيد مولد أكتب لكِ فيه، لأنني لم أكن أعطي لأعياد الميلاد أهمية، آسفة لأنني لم أوضح لكِ بأنني لطالما فكرتِ بكِ، لطالما دعوت من أجلكِ ومن أجل عودة -أخاك العزيز-.. آسفة لأنني لم أقل لكِ صراحة كم ستكون الحياة حالكة إذ غاب نوركِ، وكم سأموت مرة إذا اختفيتِ فجأة.. أنا آسفة بحق يا أروى لأنني مهما أحببتكِ لن أفي بحقك، أنا... أنا أحبكِ يا أروى، من صميم القلب. الحانّة، التي تختنق بدمعها للتو: فام. Arwa Elshwehdi

"هي ساعةٌ فيها الدعاءُ يُجابُ فلتذكُروا الأحبابَ يا أحبابُ." ولا تغفلوا عنّي 🤎

الكهف ليهدينا ربنا لأقرب من هذا رشدا..

عزيزتي أروى.. "لقد كبرتِ كما ينبغي رغم ان الطفولة كانت ناقصة إلا أنَّكِ لم تتذرعي بهذا، وقمتِ بما يجب عليكِ فعله. لا أعلم إن كانت التهاني التي حصلتِ عليها كافية، ولكن إن لم تكن كذلك، فمن واجبي أن أقول لك التالي: تهانيّ على نضجك. عزيزتي الصغيرة، حاملة القوى الخارقة رغم الجسد الهزيل شكرًا لكِ للمشاركة في ذكرياتي. قد تذمّرتُ في وجهكِ كثيرًا من قبل، لأنكِ -هربتِ- تاركةً جروحك الصعبة لي، -أنا التي لم تنضج بعد- ولكنّي الآن أعي سبب كل وجع نخر قلبينا، وأدرك أيضًا بأن كياننا واحد، لم ينفصل غير بلحظات وهم قام الوجع بتمكينها كطريقةٍ للنجاة لكن.. الآن نجوتِ! لم يعد هناك ضرورة لاتخاذ حيلٍ تشعرك بالأمان أصبح بإمكاننا الترحيب بالوجع الآن، واستقباله كنسخةٍ نقيَّة من وجودنا. لازلت اتذكّركِ واستشعركِ بداخلي كلَّما استَفزَّتني الذكريات لتخرج مشاعر لم أكن ادرك وجودها وأحبك كلَّما كان الأمر صعبًا كالماضي الذي تجاوزتيه بطفولتك وبساطتك البهيّة، كعادتك. أرحّب بكِ كلّما نسيت نفسك في طرق الحياة المشغولة بكل شيء عداكِ. وأستقبلك لأحبكِ كإنسان، يُخطأ ويُصيب، يقع ليقف، يبكي ثم يضحك. ولا ينفك أبدًا من العيش ككائن متناقض لكنه موجود واتحمّل وجود الخطر كله، بلا وسائل دفاع او اختباء.. لأنه: "هل للمرء منجى من الأخطار غير مواجهتها ببسالة؟" 🤎

عزيزتِي الأحبّ.. قدّر الله لِي ثلاث أعوام مليئة بك، والآن لا أحصي عدد الأيام التِّي ستكون خاليةً منك.. تكبّلت يديّ عن كتابتك، أنا هنا أتحسر..أتحسرُ على كلِّ ما فاتنا، لقائاتنا المؤجلة، كلّ الأحاديثِ المركونة، أحلامنا وسعينا. لا أخفيكِ لم يعد لديَّ شغفٍ لإكمال شيءٍ، ولا يدفعنِي إلا عهدنا بالتحقيق. أيضاً..لا ينفكُّ عنِّي قولُك (مش مسامحتك كان نسيتيني في الدعاء)، أصلكِ بالدعاءِ حباً وشوقاً وعهداً. آهٍ، رأيتُ قائمة تحوي أسماء طلابِ الشهادة في مدارس درنة، كان موسمٌ بجانبِ اسمك متوفية.. خفتِي كثيراً من هذه المرحلة، التِي رحلتي قبل أن تخوضيها، وددتُ كثيراً أن أراكِ حققتي هدفكِ فيها..أن أراك في خضمِ صراعاتِ القانون، خسر القانون شخصاً إن دخله كان عمّرهُ وأزهره. كلما رأيتُ خاتماً للقرآنِ يتوسدنِي حلمك بختمهِ قبل العشرين، لكن أتعلمين؟ علمتُ من فترة، أنّ من مات وهو يحفظ القرآن يتمُّ الله له حفظهُ بعد موته، ستكملين حفظك في مكانٍ أحبُّ إليك، وأسأل الله أن أكملهُ أنا أيضاً قريباً، ونجمعُ يوم الحشرِ سوياً من أهل القرآنِ مع السفرة الكرام البررة. كان المفترض أن يكون هذا عامك الثامن عشر، أن يكون هناك نصٌ كتب بأناملك الرقيقة، أن نتبادل الأمانِي والصور والذكريات كما العادة.. لكنّك لستِ هنا هذه المرة، فقط ذكراك، وهذا جرحي الدائم. أشتاقك..كثيراً. هُنا الجميع يفتقدك، يرثيك، يدعوا لك..هنا الكثير مِن مَن عرفك بعد موتِك وأحبّك وتمنّى لو نال طِيب معرفتِك، وأسى لفقدِك، فكيف بالذِّي نال قربك. عزيزتِي، آمنتي كثيراً بالأثرِ، الذكر بعد الموتِ، والبقاء رغم الإنتهاء.. وحقق مناك، عمّر الله أثركِ كما طاب بقائك. كنتِ دائماً تغيبين وتعودين، لكن غيابك هذه المرة كان مختلفاً.. أنتظرك وأعلم بأنّك لن تأتِ.. وأنتظر أيضاً-أروى الصغيرة- أتمنى أن يهبنِي الله الأمومة بابنة تكون -سميّتك- أن تشاركك الإسم..والشهر والأطباع وكل تفاصيلك. دُمتِ بنعيم الله حتى نلتقي، أستودعتك الله، يُكرمك برحمتهِ في نعيم أبدي، ويجعلك وأهلك من عباده المقبولين الذين يدخلون الجنة يوم القيامة بلا حساب ولا سابق عذاب. طاب ذكرك بالخير للأبد. -هاجر الفاخري | أم أروى.. لأروى..