cookie

We use cookies to improve your browsing experience. By clicking «Accept all», you agree to the use of cookies.

avatar

📚رآيـةالإرشــاد الزيديه📚

قناة راية الارشاد الزيديه 🔱تقدم لكم 📚دروس تعليمية دينية ⬅️فقه➖عقائد➖علم الباطن➖🔹فتاوى ➖ مناهج المستويات➖ دروس في العقيدة الزيديه الصحيحه🔹 https://t.me/zzaidiah

Show more
Advertising posts
1 180
Subscribers
No data24 hours
-37 days
-530 days

Data loading in progress...

Subscriber growth rate

Data loading in progress...

إن قمة التواضع تكمن في هذا العالم الكبير انظرو له وهو قاعد بين طلاب التمهيدي و بين الصجه يعلم الله ان الواحد يسمع صجتهم مثل الرعد من مسافة وهو جالس معهم ومرتاح بينهم بينما كبار رجال الاموال وكبار مشائخ القبائل يتمنون في جلسة معه ويفرحون بها اذا حضيو بها حتى ولو ساعة واحده والله لولا انني كنت موجود بينهم لكنت اول الحاسدين لهولا البسطاء على هذه الجلسة معه وهم يتناقلون الكلام معه وهو يصغي لهم ويرغب في الاستماع للكلامهم حفظك الله ياابو محمود *(وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضئ)* ✳️اشترك في قنــــــــــاة⬇️ 📚سفيــــــــــــنــــة🦋النجــــــــــــــاة📚 على التلغرام من خلال الرابط👇 https://t.me/+wLXOSgKGYm1lMzNk قناة وتساب 👇 اوعلي راوبط وتساب👇 https://chat.whatsapp.com/IBqlPafe0JDKDXcMTTA050 https://chat.whatsapp.com/EFmojT2LvbmKG0CCndNFJM https://chat.whatsapp.com/Dg2R3MXNhXsHc7hgoBqt4q
Show all...
VID-20240714-WA0003.mp44.77 MB
*ثمار العلم والحكمة* *قسم أصول الدين* *كتاب التوحيد* [حكم التفكر في الخالق] سؤال: ما حل مشكلة رجل إذا تفكر في المخلوق تفكر في الخالق مباشرة، ولا يستطيع صرف هذه الفكرة الشيطانية .. إلخ؟ الجواب: أن الله سبحانه وتعالى قد أمر بالتفكر في المخلوقات، وصرف الآيات في ذلك المجال، والواجب على المتفكر في المخلوقات أن يجاهد وساوس الشيطان بقدر جهده، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وقد شكا بعض الصحابة من نحو ما شكوت منه، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من عرض له شيء من ذلك فليقل: آمنت بالله» أو كما قال، ولا ينبغي ترك التفكر فيما خلق الله سبحانه وتعالى من أجل ما ذكرت، بل الواجب مدافعة وساوس الشيطان، وليس عليه بعد ذلك شيء، بل ذلك محض الإيمان كما جاء في الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما شكا إليه رجل مثل ما شكوت فقال يا رسول الله: لأن تقطع رقبتي أحب إلي من أن أذكر تلك الخواطر، أو كما قال. *المصدر //ك* 👇🏻📗📕📘📔 **ثمار العلم والحكمة* *للإمام السيد العلامة المجتهد* *محمد عبدالله عوض، المؤيدي الضحياني* *(وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضئ)* ✳️اشترك في قنــــــــــاة⬇️ 📚سفيــــــــــــنــــة🦋النجــــــــــــــاة📚 على التلغرام من خلال الرابط👇 https://t.me/+wLXOSgKGYm1lMzNk اوعلي راوبط وتساب👇 https://chat.whatsapp.com/IBqlPafe0JDKDXcMTTA050 https://chat.whatsapp.com/EFmojT2LvbmKG0CCndNFJM https://chat.whatsapp.com/Dg2R3MXNhXsHc7hgoBqt4q
Show all...
📚سفيــــــــــنــــة النجــــــــــــــــاة📗

🔱تقدم لكم 📚دروس تعليمية دينية ⬅️فقه➖عقائد➖علم الباطن➖🔹فتاوى ➖ مناهج المستويات➖ دروس في العقيدة الزيديه الصحيحه🔹

*الإعجاز العلمي في القرآن والسنة،* *{لحمل والجنين والولادة}* المشيمة غشاء عاقل أم تقدير إلهي؟ المشيمة هي قرص كبير يرافق الجنين في رحم الأم، هذه المشيمة تلقى بعد الولادة، وفيها دورتان دمويتان يفصل بينهما غشاء رقيق اسمه الغشاء المشيمي، الدورتان الدمويتان هما دورة دم الأم، ودور دم الجنين، ومن المعلوم أن زمرة دم الأم غير زمرة دم الجنين، كل دم له زمرة قائمة بذاتها، وهاتان الدورتان تفصلان في المشيمة، ويفصل بينهما غشاء رقيق، هذا الغشاء الرقيق فيه معجزة كاملة، إنه يفصل بين دماء الجنين، ودماء الأم، ولكنه يسمح بمرور الغذاء المنتقى والمختار بعناية فائقة من دم الأم إلى دم الجنين، إنه غشاء عاقل، فالجنين يحتاج إلى بوتاس، وإلى كلس، وغير ذلك، وهذا الغشاء يسمح بمرور ما يحتاجه الجنين من غذاء، ينتقى بعناية فائقة ليلائم الجنين، ويعين على نموه، ويسمح هذا الغشاء أيضا بمرور الأكسجين من دم الأم، التي تتنفس، وتأخذه من الهواء، ويعطى إلى دم الجنين عبر هذا الغشاء، ويسمح هذا الغشاء أيضا بمرور مواد المناعة من الأمراض والأوبئة، فإن مناعة الأم، والتي هي الأضداد في دمها تمر عبر هذا الغشاء إلى دم الجنين، وهذا الغشاء يسمح بانتقال المواد السامة، ونتائج الاحتراق، كغاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عمليات البناء والهدم من دم الجنين إلى دم الأم، ففضلات الجنين الموجودة في الدم تنتقل عبر هذا الغشاء إلى دم الأم، إذا فهو غشاء يسمح بمرور الغذاء المنتقى، والأكسجين، ويسمح بمرور المصول المناعية، ويمنع مرور معظم الجراثيم والأوبئة، ويسمح بمرور الفضلات الناتجة عن الاستقلاب أو الاحتراق في خلايا جسم الجنين، فما هذا الغشاء؟كل هذا يتم دون أن يختلط دم الأم مع دم الجنين، فدم الأم مستقل، ودم الجنين مستقل، وهذا الغشاء يفصل بينهما، إنه آية من آيات الله الدالة على عظمته، دم الأم من زمرة، ودم الجنين من زمرة، والجنين يأخذ الأكسجين والمصول المناعية، ويأخذ الغذاء المنتقى، ويطرح الفضلات عبر هذا الغشاء، وهذا الغشاء لا يسمح للجراثيم والأوبئة أن تمر إلى الجنين، فلو أصيبت الأم بمرض جرثومي، فهذا المرض في الأعم الأغلب لا ينتقل إلى جنينها عبر هذا الغشاء، إنه غشاء عاقل، هكذا يسميه علماء الطب وهو تقدير إلهي ناطق برحمة الله وجميل لطفه، غشاء يسمح بمرور ما يحتاجه الجنين، ويسمح بطرح ما يؤذي الجنين، ولا يسمح بمرور ما يؤذي الجنين، فما يؤذي الجنين يطرح من دم الجنين في دم الأم، أما ما يؤذيه فلا يسمح بانتقاله من دم الأم إليه، هذه آية من آيات الله الدالة على عظمته. لخص العلماء وظيفة المشيمة بأنه يعطي الأكسجين، ويأخذ ثاني أكسيد الكربون، فيقوم بوظيفة الرئة، فرئة الجنين في المشيمة، ويعطي الغذاء المهضوم بالقدر المعلوم، وقد تتبع العلماء هذا الغذاء عبر أشهر فوجدوا أن هذه المشيمة تعطي الجنين غذاء معيرا تعييرا يوميا بحسب نموه، إذا تقوم هذه المشيمة بوظيفة جهاز الهضم، وهذه المشيمة أيضا ترسل هرمونات تثبت الجنين في الرحم، وترسل هرمونات تنمي الثديين استعدادا لفرز الحليب، لو يعلم الإنسان ما في هذه المشيمة من خصائص ووظائف ودقائق لخر لله ساجدا *((وفقناالله واياكم لما يحب ويرضئ))* ⚠️⚠️ *تنبــــــــــيه🅾* ❗️ هذه الدروس منقولة من كتب ومصادر *ليـســـــــــت* من كتب ومصادر علمأ اهل البيت ✳️اشترك في قنــــــــــاة⬇️ 📚سفيــــــــــــنــــة🦋النجــــــــــــــاة📚 على التلغرام من خلال الرابط👇 https://t.me/+wLXOSgKGYm1lMzNk اوعلي راوبط وتساب👇 https://chat.whatsapp.com/IBqlPafe0JDKDXcMTTA050 https://chat.whatsapp.com/EFmojT2LvbmKG0CCndNFJM https://chat.whatsapp.com/Dg2R3MXNhXsHc7hgoBqt4q
Show all...
📚سفيــــــــــنــــة النجــــــــــــــــاة📗

🔱تقدم لكم 📚دروس تعليمية دينية ⬅️فقه➖عقائد➖علم الباطن➖🔹فتاوى ➖ مناهج المستويات➖ دروس في العقيدة الزيديه الصحيحه🔹

*زمن التيه والضلال* ومواقع التواصل الإجتماعي... بسم الله الرحمن الرحيم... اللهم صلِى على محمدٍ وعلى آله الطيبين الطاهرين... أمابعد...؟ مما لا شكّ فيه أنّ الجوال أصبح من أكثر الأجهزة انتشاراً في العالم، وأصبح جميع الناس بمختلف أعمارهم واهتمامتهم يستخدمونه كغرض أساسي في حياتهم اليوميّة، ولا يستطيعون الاستغناء عنه... فوائد الجوال كثيرة ولا يمكن إحصاؤها... ومضاره كثيرة ولايمكن إحصاؤها!! فمن فوائده ؟؟ إستخدامه في طلب العلم وتعلم العلم الصحيح من مصدره والتواصل مع الإخوان والأهل والأصدقاء والبعض يستخدمه كمصدر رزق ودخل له التواصل مع المؤمنين وكثير من فوائدة هذه الفئة يستخدمون الجوال الأستخدام الصحيح!! أما الفئة الأخرة!! ففي المعاصي نعوذ بالله ونستجير بالله وفي الكلام الفاحش والكلام البذيء وفي الألعاب التي لاتُرد عليهم نفع بل ضرها أكثر من نفعها وخصوصاً الببجي وتسليط الضوء عليها لعدم إستشعار الناس بخطرها...! اليوم أصنام في اللعبة غداً الله أعلم إيش بيصير أحنا كمستخدمين لها نخدم الغرب ونروج لمن صنعها ترويجاً تاماً وتشجيع من لم يعرفها بلعبها كذلك أستخدام مواقع التواصل بشكل عام! الواتساب الفيسبوك السناب شات تويتر التلجرام التوك توك وكثير من البرامج لم نذكرها وكلاهما سلاح فتاك [ذو حدين ] من أراد أن يستخدمه في طاعة فهو متاحة ومن أراد المعاصي واللهو والطرب وماإلى ذلك فهو متاح؟؟ علينا كمسلمين وندعي أننا مسلمين أن نستخدم ذلك الجوال في طاعة الله وفيما يعود بالنفع علينا ولانكون لعبة يلعبون علينا الغرب بكثرة البرامج والألعاب ويلهوننا عن ديينا الحنيف!! نفرض فرضية أنك لم تستخدم الجوال في معصية فرضاً؟؟ هل نستخدمه بما يعود بالنفع علينا وعلى مجتمعنا !! هل نستخدمه فيما يخدم الدين!! هل نستخدمه فيما ينصر شريعة سيد المرسلين! هل نستخدمه لإظهار الحق وإبطال الباطل!! هل !؟؟؟ هل!؟؟؟؟ هل!؟؟؟؟ هل!؟؟؟؟ إلخ.... نحنُ محاسبين على تضييع الوقت ؟ نحن محاسبين على الثانية الوحدة؟ نحن محاسبين على الدقيقة؟ نحن محاسبين على الساعة! نحن محاسبين على النفس الذي نتنفس به!! حساب دقيق جداً جداً حساب أدق من الشعرة... لماذا نعكف الليل والنهار على ذلك الجوال؟ لماذا أصبحنا لانُبالي أدخلنا في معصية أم في طاعة!! لماذا نأخذمن الدين مايصلح لنا ؟؟ ونرمي وراء ظهورنا مالم يصلح لنا؟؟ الدين كتله كاملة ونأخذه كله جملةً وتفصيلا وليس نأخذ ماأردنا ونرمي ماأردنا!! ولاننسى ولايخفى علينا ونتذكر دائما قول الله سبحانه!! "يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ" الذي يحاسب الخلق يعلم ما تسترقه العيون من النظر الحرام في الجوال وغيره ويعلم ما يستتر في القلوب، والله محيط بكل شيء. نراقب الله في الخلوات وفي العلن! نتذكر كلام الله!! يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ" الخير الذي فعلته وقدمته ستجده أمامك يوم القيامة... فعل فعلت خير من الجوال وبرامجه!! والسوء والشر والمعاصي التي فعلتها ستجدها أمامك يوم القيامة!! أنتبه! الآية فيها ترغيب وترهيب لأن كل نفس إذا وجدت يوم القيامة ما عملته من خير حاضراً تُثاب عليه رغبت في عمل الخير وأما إذا عملت سوءاً - المعاصي والآثام - تتمنى أن لا تراه وأن يكون بعيداً عنها بحيث يغيب عن نظرها. إذا أدركت النفس هذه الحقيقة خافت وارتدعت عن الحرام، ومن باب التأكيد على الوعد والوعيد فإن الله يخوّفكم منه ومن عذابه وفي الوقت نفسه فهو رؤوف عطوف بالعباد يضع لهم ما يصلحهم. فلنتق الله سبحانة ونعمل بجد وأجتهاد فيما يعود بالنفع علينا وعلى الدين... نرجع إلى الله ونتوب والله كريم من أقبل عليه والله لن يرده!! إقرأ كلام الله!! إقرأ ماذا قال؟ "قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ".. هذه الآية تفتح أبواب الأمل برحمة الله الواسعة فالله يأمر نبيّه أن ينادي عباد الله وكل الناس عباده الزاني شارب الخمر الكاذب المنافق والفاسق عاق والديه صاحب الأغاني - الذين تجاوزوا في الإساءة لأنفسهم بالكفر أو العصيان أو الغلط أن لا ييأسوا - لا يقنطوا من رحمة الله، من عفوه وغفرانه فإن أبواب رحمته تسعهم وهو يتقبّل عودتهم إليه، *(وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضئ)* ✳️اشترك في قنــــــــــاة⬇️ 📚سفيــــــــــــنــــة🦋النجــــــــــــــاة📚 على التلغرام من خلال الرابط👇 https://t.me/+wLXOSgKGYm1lMzNk قناة وتساب 👇 https://chat.whatsapp.com/IBqlPafe0JDKDXcMTTA050 https://chat.whatsapp.com/EFmojT2LvbmKG0CCndNFJM
Show all...
📚سفيــــــــــنــــة النجــــــــــــــــاة📗

🔱تقدم لكم 📚دروس تعليمية دينية ⬅️فقه➖عقائد➖علم الباطن➖🔹فتاوى ➖ مناهج المستويات➖ دروس في العقيدة الزيديه الصحيحه🔹

وها هو علي الأكبرُ يعودُ ليسألَ أهلَهُ قطرةً من ماءٍ فلا يجدُها. فكررَ القولَ: يا أبه، العطشُ فتتَ كبدي. فقال له الحسينُ عليه السلام: اصبرْ حبيبي قليلًا، وارجعْ إلى القتالِ، فإنك لا تُمسي حتى تلقى جدَّكَ رسولَ اللهِ فيسقيكَ بكأسِهِ الأوفى شربةً لا تظمأُ بعدها أبدا، فهجمَ علي الأكبرُ على القومِ وقاتلَهم حتى أجهدَهُ التعبُ، وتكاثروا من حولِهِ، فطعنوه في ظهرِهِ، وضربوه على رأسِهِ، فانحنى علي على رقبةِ الجوادِ فاعتنقها، ونادى بأعلى صوتِهِ: يا أبتي عليك مني السلامُ، هذا جدِّي رسولُ اللهِ قد سقاني بكأسِهِ شربةً لا أظمأُ بعدها أبدًا، فحملَهُ الجوادُ إلى معسكرِ الأعداءِ وهو غائبٌ عن الوعي من شدةِ الضربةِ وألمِ العطشِ، فاستقبلَهُ الأعداءُ بالسيوفِ، وقطَّعوه إرباً إرباً. فأسرعَ إليه الحسينُ عليه السلام وفرقَهم عنه فوجدَهُ صريعًا مقطعًا بالسيوفِ، فبكى الحسينُ وقالَ: على الدنيا بعدك العفا يا بني، قاتلَ اللهُ قوماً قتلوك، ما أجرأهم على اللهِ وعلى انتهاكِ حرمةِ رسولِ اللهِ. فحملَهُ الحسينُ وجمع ما تناثرَ مِن أعضائِهِ، وذهبَ به إلى المخيمِ، ووضعَهُ بجانبِ إخوته. وبينما هم يبكون عليه إذ جاءوا بجثةِ محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ جعفر، وألقوها بجانبِهِ، وما هي إلا برهةٌ قصيرةٌ حتى جاؤوا بجثةِ أخيه عونٍ الولدِ الثاني لزينبَ بنتِ علي. وهكذا تساقطَ رجالُ بني هاشمٍ الواحدُ تلوَ الآخر، فبرزَ أبناءُ جعفرٍ فقتلوا، وبرزَ أبناءُ عقيلٍ فقتلوا، وذهبوا إلى ربِّهم شهداءَ أبرارَ أتقياءَ، فرحين بما آتاهم اللهُ من فضلِهِ،{وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ}. وقد ذكرَ صاحبُ الاعتبارِ وسلوةِ العارفين عن محمدِ بنِ الحنفيةِ أنه قالَ: قُتل مِنَّا مع الحسينِ بنِ عليٍّ سبعةَ عشرَ شابًا كلُّهم قد ارتكضَ في بطنِ فاطمةَ بنتِ أسدٍ عليهم السلام، وهؤلاءِ هم خيرةُ الخيرةِ مِن أهلِ البيتِ. فكم قتلوا من آل أحمد سيدًا ... إمامًا زكت أعراقه ومناقبُه فلم لا تمور الأرض حزنًا وكيف لا ... من الفلك الدوار تهوي كواكبُه عبادَ الله: بينما أهلُ البيتِ في بكاءٍ وعويلٍ على مَن ذهبَ من القتلى إذ غشي على طفلٍ صغيرٍ من شدةِ العطشِ وألمِ الظمإِ، فكان يرتعشُ من العطشِ كالطيرِ المذبوحِ يعالجُ سكراتِ الموتِ، فطلبوا من الحسينِ أن يأخذَ الطفلَ إلى القومِ لعلهم يرِقّون لحالِهِ ويرحمونَهُ بشربةٍ من الماءِ. عندها حملَ الحسينُ عليه السلام الطفلَ بين يديه وهو يعلمُ علمَ يقينٍ أن القومَ لن يجيبوه، ولكن إبلاغًا للحجةِ حتى لا يبقى لهم عذرٌ عندَ اللهِ. وتوجه الحسينُ إلى القومِ والطفلُ بين يديه ونادى: يا قومُ، قد قتلتم أصحابي وأهلَ بيتي، ولم يبق عندي سوى هذا الطفلِ وهو يتلظى عطشًا، ارحموه لصغرِ سِنِّهِ، فليس عليه جنايةٌ، ولا يدري ما الغايةُ، خذوه فاسقوه شربةَ ماءٍ، فإنه قد أشرفَ على الهلاكِ. وبينما القوم في خلافٍ من أمرِهم وتنازعٍ في الذي يردون عليه والحسينُ منتظرٌ لما يجيبون إذا بسهمٍ غادرٍ قد مَرَقَ من بين القومِ فوقعَ في عنقِ الطفلِ فذبحَهُ من الوريدِ إلى الوريدِ. فلما أحسَّ الطفلُ بحرارةِ السهمِ اعتنقَ أباه وصاحَ صيحةً عظيمةً سمعها أهلُ المعسكرِ. فجعلَ الحسينُ يضعُ يدَهُ تحتَ دمِ الطفلِ، وكلما امتلأتْ رمى به نحوَ السماءِ فما رجعَ منه قطرةٌ، وهو يقول: هكذا ألقى جدِّي رسولَ اللهِ على هذه الحالةِ، ثم رجعَ بهِ الحسينُ إلى المخيمِ قد غرقَ في دمائِهِ وقد فارقَ الحياةَ. عبادَ الله: رحلَ عن الحسينِ أهلُهُ وشيعتُهُ وأنصارُهُ ومن تبعَهم من الغلمانِ والأطفالِ نحوَ الفردوسِ الأعلى إلى جوارِ رسولِ اللهِ وعليٍّ والحسنِ وفاطمةَ صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين، وبقيَ الإمامُ الحسينُ عليه السلام وحيدًا في أرضِ المعركةِ يقاسي العطشَ ونزفَ الجراحِ، والطواغيتُ يحيطون به من كلِّ مكانٍ. فكان تارةً يكرُّ عليهم حتى يفرقَهم، وتارةً يعودُ إلى مخيمِ النساءِ يحميهن ويخففُ عليهن. فاشتدَّ عليه العطشُ، وبلغَ به الظمأُ كلَّ مبلغٍ، فطلبَ من القومِ الماءَ، فردوا عليه في سخريةٍ واستهزاءٍ: الماءُ أمامَكَ فتقدمْ لتشربَ إن استطعتْ. فثارت حميةُ الحسينِ وحملَ على القومِ يضربُهم ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمالِ، واخترقَ الصفوفَ وفرقَ الجنودَ حتى وصلَ إلى الماءِ، فترجلَ عن جوادِهِ، وملأَ كفَّهُ بالماءِ، فلما أدناه من فمِهِ رماه الحصينُ بنُ نميرٍ بسهمِ في فمِهِ فأحمرَ الماءُ في يدِهِ من الدماءِ، فصارَ الحسينُ يتلقى الدمَ بيدِهِ ثم يرمي به إلى السماءِ وهو يحمدُ اللهَ ويثني عليه، ويقولُ: اللهم إني أشكو إليكَ ما يُصنعُ بابنِ بنتِ نبيئِكَ.
Show all...
باعوا دينَهم بعرضٍ من الدنيا زهيدٍ فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسرانُ المبينُ {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ}}، ثم إن يزيدَ وضعَ الرأسَ بين يديه و أظهرَ ما كان يخفيه بين جنبيه من الكفرِ والنفاقِ، وأفصحَ عما يكنه من البغضِ لآلِ محمدٍ الأطهارِ وللنبيِّ المختارِ. وقال شعراً فيه يتفاخرُ بأنه قد انتقمَ لآبائِهِ -من محمد وآله- الذين قتلَهم في بدرٍ وأحدٍ حيثُ قالَ: ليت أشياخي ببدرٍ شَهِدُوا ... جزعَ الخزرجِ مِن وَقْعِ الأَسَلْ لأهلُّوا واستحلُّوا فرحًا ... ثم قالوا: يا يزيدُ لا تُشلْ لستُ من عتبةَ إن لم انتقمْ ... من بني أحمدَ ما كان فَعَلْ قد قتلنا القرمَ من أشياخِهم ... وعدلنا ميلَ بدرٍ فاعتدلْ ثم ختم هذه الأبيات ببيتٍ من الشعرٍ فيه رِدَّةٌ عن الإسلامِ وإنكارٌ للوحي والقرآنِ فقالَ: لعبتْ هاشمُ بالملكِ فلا ... خبرٌ جاءَ ولا وحيٌ نزل عبادَ الله: لقد فتحَ يزيدُ بنُ معاويةَ أبوابَ قصرِهِ فدخلَهُ البرُّ والفاجرُ ليشاهدوا رأسَ الحسينِ ونساءَه وأبناءَه وهم في أسوإِ حالٍ، وذلك قصداً منه ليشمتَ بأهلِ البيتِ ويستذلَّهم ويهينَهم، [وروي أن كان ممن حضرَ في ذلك المجلس رجلٌ نصرانيٌّ من أهل الذمةِ، فلما نظرَ إلى رأسِ الحسينِ عليه السلام وهو بين يدي يزيدَ، ورأى ما على ذلك الرأسِ من المحاسِنِ المحمديةِ، والصفاتِ الحيدريةِ، والمناقبِ الفاطميةِ، والهالةِ من النورِ التي تكسو وجهَهُ تعجبَ النصرانيُّ من ذلك، فقالَ: يا يزيدُ، لمن هذا الرأس، فقال يزيدُ: هذا رأسُ الحسينِ بنِ فاطمةَ الزهراءِ بنتِ رسولِ اللهِ. فقالَ النصرانيُّ ومَن قتله؟ فقال يزيدُ: قتلَهُ عاملي ابنُ زيادٍ في العراقِ، حيثُ طلبَ الخلافةَ لنفسِهِ. فقال النصرانيُّ: ومَن يكونُ أحقُّ بالخلافةِ منه وهو ابنُ رسولِ اللهِ، نبيِّكم ورسولِكم، فتبًّا لكم ولدينكم إن كان يأمرُكم بهذا العملِ، فلي دينٌ خيرٌ من دينِكم. ثم قال: اعلم يا يزيدُ أن أبي مِن أحفادِ داوودَ النبيِّ وبيني وبينه أجدادٌ كثيرةٌ، والنصارى يعظمونني ويأخذون الترابَ من تحتِ أقدامي، وأنتم بالأمسِ كان نبيُّكم بينكم، أفتقتلون أبناءَهُ وذريتَهُ وتعذبون حريمَهُ، فقبحًا لكم. فقال يزيدُ: لولا أن بلغني عن رسولِ اللهِ أنه قال: «من قتل ذميّاً معاهداً كنت خصمَهُ يوم القيامة» لقتلتك لأجلِ تعرضِكَ بهذا الكلام. فقال النصراني: واعجباً لجهلك يا يزيدُ، أيكونُ رسولُ اللهِ خصمَ مَن قتلَ معاهدًا ولا يكون خصمَ من قَتَلَ أبناءَهَ وسَاقَ بناتَه. فقال يزيدُ: اقتلوه لئلا يفضحنا. فقال النصراني: أتريدُ أن تقتلَني، قال: لا بُدَّ من قتلِك، فالتفت النصرانيُّ إلى الحاضرين حولَه وقالَ: إني رأيتُ البارحةَ رسولَ اللهِ نبيَّكم وهو يقولُ لي: يا فلان، أنت معنا في الجنةِ. ثم إنه نطقَ الشهادتين وأعلنَ إسلامَهُ من ساعتِهِ، ثم وثبَ على رأسِ الحسينِ وجعلَ يقبلُهُ ويبكي، ثم أمر يزيدُ بقتلِهِ فقُتلَ بعد ذلك، قُتلَ بعد أن علَّمَ يزيدَ الغويَّ وحاشيتَهُ الفاسدةَ درسًا في الوفاءِ والثباتِ على مبدإِ الحقِّ ولو كان في ذلك خروجُ روحِهِ، علَّمهم كيف يقولون كلمةَ الحقِّ وكيف يواجهون الباطلَ مهما كلفَ ذلك من ثمنٍ.] عبادَ الله: هذه قطرةٌ من مطرةٍ من سيرةِ كربلاءَ وما حملتْ في طياتِها من الأحزانِ والآلامِ، ولولا ضيقُ المقامِ لَزِدْنا، ولكنْ في القليلِ العظةُ والعبرةُ. وهذه نبذةٌ يسيرةٌ من تاريخِ بني أميةَ وآلِ أبي سفيانَ الحافلِ بالجرائمِ والآثامِ والمجازرِ التي ارتكبوها، والتي راحَ ضحيتَها الآلافُ، والتي من أشدِّها فظاعةً وقعةُ (الحَرِّةِ) تلك الواقعةُ المؤلمةُ التي دارت رحاها في مدينةِ رسولِ اللهِ والتي كان الضحيةُ فيها هم أبناء الصحابةُ من المهاجرين والأنصارِ، وذلك عندما أمرَ يزيدُ جيشَهُ باقتحامِ مدينةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ واستباحَها للجندِ ثلاثةَ أيامٍ ينهبون ويقتلون ويسلبون وينتهكون الأعراضَ ويغتصبون النساءَ الطاهراتِ من بناتِ المهاجرين والأنصارِ، وأجبروهم على أن يبايعوا ليزيدَ بيعةَ عبوديةٍ وأنهم عبيدٌ له يتصرفُ فيهم كيف يشاءُ، ومن قال: أبايعُ على سنةِ اللهِ ورسولِهِ ضُربتْ عنقُهُ، بل يقول: أبايعُ على أني عبدٌ ليزيدَ بنِ معاويةَ، وقد خُتمَ في هذه البيعةِ على أعناقِ وأيدي بقيةِ الصحابةِ على أنهم خَوَلٌ وعبيدٌ ليزيدَ. ولقد روي أن عددَ من قُتِلَ في هذه الوقعةِ ألفٌ وسبعمائةٍ من أبناء المهاجرين والأنصارِ، وعشرةُ آلافٍ من سائرِ الناس، سوى النساءِ والأطفالِ. هذا، وقد كان الرجلُ من الأنصارِ يقولُ لمن جاءَ يخطبُ ابنتَهُ: لَعَلَّهُ أصابَها شيءٌ يومَ الحرةِ [أي: أنه لا يضمنُ بقاءها بكرًا لكثرةِ من عاث بهنَّ من جيشِ يزيدَ في تلك الأيامِ] حيث افتضوا ألفَ عذراء في تلك الواقعةِ وأحبلوا منهم الكثيرَ، فإنا للهِ وإنا إليه راجعون، وصَدَقَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله
Show all...
وسلمالقائلُ: «فسادُ أمتي على أيدي أغيلمةٍ من سفهاءِ قريشٍ» وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «أولُ من يبدلُ سنتي رجلٌ من بني أميةَ» وقوله: «إذا رأيتم معاويةَ على منبري فاقتلوه». فهم الشجرة الملعونة في القرآن، وهم وصمة عارٍ وشنار على كل إنسان وهم أذناب وأعوان وأنصار كل شيطان، وهم أهل المكر والكذب والخداع والزور والبهتان، فعليهم لعنة الله ولعنة الملائكة والإنس أجمعين. عبادَ الله: هذه هي الفتوحاتُ الإسلاميةُ وهذا هو الجهادُ الذي تتحدثُ عنه كتبُ التاريخِ ويمتدحون عليها بني أميةَ فإنا للهِ وإنا إليه راجعون. فالذين فتحوا الأندلس هم الذين أحرقوا الكعبة، والذين فتحوا القسطنطينية هم الذين قتلوا الحسين، والذين فتحوا ما وراء النهر هم الذين عبثوا بالتوابين وقتلوا زيدًا ومن معه من الثائرين. ولم يكتفِ يزيدُ بما فعلَ في المدينةِ، بل وَجَّهَ جيوشَهُ جهةَ مكةَ المكرمةِ، فرُميتْ بالمنجنيقِ من الجبالِ حتى تهدمتْ واحترقتْ؛ وذلك لإجبارِ الناسِ على السمعِ والطاعةِ ليزيدَ وعلى أن يكونوا عبيدًا له. قالَ المسعودي: ليزيدَ أخبارٌ عجيبةٌ، ومثالبُ كبيرةٌ من شربِ الخمرِ، وقتلِ ابنِ رسولِ اللهِ، ولعنِ الوصيِّ، وهدمِ البيتِ الحرامِ وإحراقِهِ، وسفكِ الدماءِ، واستباحةِ مدينةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، ولو لم يكن لبني أميةَ من ذنبٍ إلا ذنب الحجاجِ بنِ يوسفَ الطاغيةِ السفاحِ الذي ولَّوه أمرَ المسلمين فعاثَ فيهم قتلاً وسفكاً للدماءِ حتى قُتِلَ في سجنِهِ وحدَهُ أكثرُ من مائةِ ألفِ قتيلٍ، فاللهُ المستعانُ وإليه المصيرُ. سيلقون يومَ الحشرِ غبَّ فعالهم ... وكل امرئ يجزى بما هو كاسبه وأخيراً نقول: السلامُ عليكَ يا أبا عبدِ اللهِ الحسينِ. السلامُ عليكَ يا سبطَ رسولِ اللهِ وريحانتَهُ. السلامُ عليكَ يا شهيدَ كربلاءَ، السلامُ عليكَ يومَ ولدتَ ويومَ استشهدتَ ويوم تبعثُ شهيدًا. السلامُ عليكَ وعلى عبادِ اللهِ الصالحين وعلى رفقائِك في كربلاءَ. ولعنَ اللهُ قاتليك وخاذليك ومبغضيك من يومِنا هذا إلى يومِ الدينِ، ولا عدوانَ إلا على الظالمين، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين. 📚كتاب سبائك الذهب في المواعظ والخطب.. *(وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضئ)* ✳️اشترك في قنــــــــــاة⬇️ 📚سفيــــــــــــنــــة🦋النجــــــــــــــاة📚 على التلغرام من خلال الرابط👇 https://t.me/+wLXOSgKGYm1lMzNk اوعلي راوبط وتساب👇 https://chat.whatsapp.com/IBqlPafe0JDKDXcMTTA050 https://chat.whatsapp.com/EFmojT2LvbmKG0CCndNFJM https://chat.whatsapp.com/Dg2R3MXNhXsHc7hgoBqt4q
Show all...
📚سفيــــــــــنــــة النجــــــــــــــــاة📗

🔱تقدم لكم 📚دروس تعليمية دينية ⬅️فقه➖عقائد➖علم الباطن➖🔹فتاوى ➖ مناهج المستويات➖ دروس في العقيدة الزيديه الصحيحه🔹

رجعَ الحسينُ من على الماءِ عطشانًا قد أنهكَهُ الظمأُ ولسانُ حالِهِ. شيعتي إذا شربتم عذبَ ماءٍ فاذكروني شيعتي كلما هممتم بالشربِ وأدنيتم الماءَ الباردَ من أفواهِكم فتذكروا عطشي وحرَّ كبدي، وما أعانيه من الظمإِ في أرضِ كربلاءَ مع الأطفالِ والنساءِ. عبادَ الله: استفردَ الجيشُ بالحسينِ عليه السلام بعد رحيلِ أصحابِهِ عنه شهداءَ، تكالبُ القومُ على الإمامِ الحسينِ من كلِّ جانبٍ، وأحاطوا به من كلِّ ناحيةٍ، وتكاثروا عليه، وأخذوا يرشقونه بالنبالِ، حتى أجهدَهُ التعبُ والعطشُ وكثرةُ جراحِهِ، فمالَ عن ظهرِ جوادِهِ صريعًا على الأرضِ، فتقدمَ نحوَهُ الشمرُ اللعينُ واحتزَّ رأسَهُ وهو يستغيثُ بشربةِ ماءٍ فلم يجيبوه، فذبحوه وهو عطشانُ، وسلبوه درعَه، وعرّوه من ثيابِهِ إلا سراويلَ باليةٍ لا مطمعَ فيها كان قد لبسَها خوفًا من أن تُكشفَ عورتُهُ، وداسوا جسدَهُ الشريفَ بحوافرِ الخيلِ حتى مزقوه، وتركوه ومن معه من الشهداءِ في أرضِ كربلاءَ، بلا دفنٍ ثلاثةَ أيامٍ تحتَ الشمسِ، وطعاماً للطيرِ والسباعِ، ولم يكتفوا بذلك بل توجهوا نحوَ خيامِ الأطفالِ والنساءِ، نحو حرمِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وأضرموا النارَ في الخيامِ وروّعوا من تبقى من الأطفالِ، وأرهبوا النساء، وأخذوا يسلبون ما عليهن من اللباسِ والحُلي، حتى الأقنعة وما يغطين به رؤوسهنَّ، بل روي أن أحدهم رأى قرطاً [خرصاً] في أذنِ فاطمةَ الصغرى بنتِ الحسينِ فحاول أخذَهُ فلم يقدرْ فقرضَهُ وأدمى أذنها، ونزعَهُ والدمُ منها يسيل، ثم نظرَ إلى خلخالٍ في رجلي طفلةٍ صغيرةٍ فعالجَهُ وأخذَهُ، فأخذَ النسوةُ يصحن ويستغثن ولكن لا ناصرَ ولا مغيثَ، فضربوهنَّ ضربًا مؤلمًا، وساقوهنَّ كما تساق السبايا حاسرات، موثوقاتٍ بالحبالِ كالعبيدِ، ورأسُ الحسينِ عليه السلام ورؤوسُ أهلِ البيتِ الكرامِ مغروزةٌ في رؤوسِ الرماحِ تتقدمُ الموكبَ الذي يشقُّ طريقَهُ إلى دارِ الخلافةِ إلى عند يزيدَ بنِ معاويةَ في الشام، ونساءُ رسولِ اللهِ ومحارمُهُ في أسوإِ حالٍ، حاسراتٍ يدورون بهنَّ في البلدانِ، ويطوفون بهن من مكانٍ إلى مكانٍ، وكلما وصلوا إلى مدينةٍ استقبلهم أهلها وهم ينظرون إلى حرمِ رسولِ اللهِ وبناتِهِ صلى الله عليه وآله وسلم، ورؤوسُ أهلِ البيتِ على رؤوسِ الرماحِ، فهل هذا جزاءُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم؟ وهل هذه هي المودةُ التي أمرَ بها اللهُ؟ وهل هذا هو أجرُ تبليغِ الرسالةِ؟ {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ۞ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} ماذا لآل أمية عصب الشقا ... عند النبي محمد من ثار شقيت أمية سوف تلقى ربها ... يوم القيامة خشع الأبصار ولما دخلت النساء إلى الكوفةِ أخذَ نساءُ أهلِ الكوفةِ يبكين على نساءِ أهلِ البيتِ. فقالت لهم أمُّ كلثوم أختُ الحسينِ سلامُ اللهِ عليهما: ويلكم يا أهلَ الكوفةِ، رجالُكم يقتلوننا ونساؤكم يبكين علينا، فقبحًا لكم، لقد جئتم شيئًا منكرًا، ثم أنشدت شعراً تقول فيه: ماذا تقولون إن قال النبيُّ لكم ... ماذا فعلتم وأنتم آخرُ الأممِ بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي ... منهم أسارى وقتلى ضُرِّجُوا بدمِ ما كان هذا جزائي إذ نصحتُ لكم ... أن تخلفوني بسوءٍ في ذَوي رحمي عبادَ الله: لقد ارتحلَ أهلُ البيتِ من كربلاءَ إلى الكوفةِ، ثم من الكوفةِ إلى دمشق في رحلةٍ مضنيةٍ متعبةٍ تتقطعُ لها القلوبُ، وتنقطعُ دونها حياجينُ الصبرِ، ورأسُ الحسينِ عليه السلام في مقدمةِ الموكبِ شامخاً في الهواءِ على رأسِ رمحٍ، وكلما نظرَ النسوةُ من أهلِ البيتِ والأطفالِ إليه زادوا في البكاءِ والعويلِ، إلى أن وصلوا على أبوابِ دمشقٍ، وخرجَ الناسُ على جنباتِ الطرقاتِ يتفرجون على هذا المشهدِ المرعبِ. قال سهلُ الشهروزي: كنت حاضرًا عند دخولِهم إلى دمشقٍ فنظرتُ إليهن فإذا فيهن طفلةٌ صغيرةٌ على ناقةٍ مهزولةٍ، وهي تنادي: (وا أبتاه وا حسيناه)، ثم نظرَتْ إليَّ وقالت لي: أما تستحي مِن اللهِ وأنتَ تنظرُ إلى بناتِ رسولِ اللهِ، فقلتُ لها: يا بنيةُ، واللهِ ما نظرتُ إليكم نظرةً أستوجبُ بها التوبيخُ. فقالت: من أنت؟ قلت: أنا سهلُ الشهروزي قد كنتُ في زيارةِ جدِّك رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم، فهل لك من حاجةٍ؟ فقالت: إن كان معك شيءٌ من الدراهمِ فأعطِهِ حاملَ رأسِ الحسينِ، وقل له أن يتقدمَ برأسِ أبي الحسينِ أمامَنا حتى تشتغلَ الأنظارُ إليه عَنَّا، فقد خزينا من نظرةِ الناسِ إلينا. قال سهل: فأعطيتُ حاملَ الرأسِ كثيرًا من الدراهمِ، فتقدمَ به وسارَ به في أزقةِ دمشقٍ.
Show all...
لقد أسمَعْتَ لو ناديتَ حيًّا ... ولكن لا حياةَ لمن تنادي ونار لو نفخت بها أضاءَتْ ... ولكن أنت تنفخ في رماد فأهلُ الكوفةِ قد نكثوا البيعةَ، وعادوا للمكرِ والخديعةِ، وأخلفوا اللهَ ما وعدوه، ونقضوا العهودَ والمواثيقَ، وزادتْ بهمُ الجرأةُ فأقدموا على قتلِ رسولِ الحسينِ عليه السلام مسلمِ بنِ عقيلٍ، ولم يكتفوا بذلك، بل لقد خرجوا موجهين رماحَهم وسيوفَهم إلى صدرِ الحسينِ وأهلِ بيتِهِ. ولَمَّا تحققَ للإمامِ الحسينِ الخبرُ، واطَّلَعَ على جليةِ الأمرِ عادَ إلى الخيامِ، وجمعَ أصحابَهُ، وأخبرَهم بما بلَغَهُ عن أهلِ الكوفةِ من الأخبارِ، ثم قالَ لهم: إنَّ القومَ لا يطلبون غيري، وأنتم اليومَ في حلٍّ من بيعتي، فإذا أقبلَ الليلُ فتفرقوا في الصحراءِ تحت جنحِ الظلامِ، وانجوا بأنفسِكم. ولكن القوم أبوا ورفضوا ما عَرَضَهُ عليهم، وأقسموا على أنفسِهم أن يهلكوا دونَهُ. وكيف تطيبُ نفوسُهم بأن يسلِّموا ابنَ بنتِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لقمةً سائغةً لتلك الذئابِ المفترسةِ؟ وكيف يرضى مؤمنٌ أن ينجوَ بنفسِهِ ويتركَ حرمَ رسولِ اللهِ ونسائِهِ وأطفالِهِ في تلك الصحراءِ بين أيدي تلك الوحوشِ التي لا ترحمُ؟ ما حجتُهم عندَ رسولِ اللهِ أن يتركوا أبناءَهُ عرضةً للسلبِ والنهبِ، وطعاماً للسيوفِ المرهفاتِ. لقد رفضوا ما عرضَهُ عليهم الحسينُ عليه السلام وعقدوا العزمَ على أن يقدّموا أرواحَهم قرابينَ فداءً بين يديه حتى تختلطَ دماؤُهم بدماءِ أبناءِ الرسولِ، وتزفَ أرواحُهم مجتمعةً إلى الرفيقِ الأعلىِ، ليكونَ في مقدمةِ المستقبلين أشرفُ الأنبياءِ والمرسلين محمدُ بنُ عبدِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الذي ينتظرُ حفيدَهُ وفلذةَ كبدِهِ بفارغِ الصبرِ. يالله كل هذه الجيوش على هذه الكوكبة الطاهرة- أرسل ابن زياد شبث بن ربعي وشمر بن ذي الجوشن في سبعة ألف رجل- يا لها من نفوس فاجرة وقلوب كافرة، وأجساد خامرة- لولا أن الله أخر الجزاء ليوم الحساب لاستحقوا أن تمور بهم الأرض مورًا وتسير الجبال سيرًا- ولكن بعد الحياة موت. عبادَ الله: لقد كان الحسينُ عليه السلام من أشدِّ الناسِ حرصًا على صونِ الأعراضِ وحفظِ الدماءِ، لم يكن به مِن حاجةٍ لإزهاقِ الأرواحِ ولا إراقةِ الدماءِ. لقد كان رجلَ إصلاحٍ وبناءٍ، ورجلَ سلامٍ، يسعى لنشرِ الودِّ والمحبةِ والرحمةِ والعدلِ والمساواةِ بين الناسِ. ولذا كان يخرجُ بين الصفين ينادي عسكرَ يزيدَ كلَّ يومٍ بأعلى صوتِهِ يدعوهم بأسمائِهم وكُناهم: يا فلانُ بنُ فلان، يا أبا فلانٍ، ويعظُهم ويحذرُهم عاقبةَ فعلِهم وفداحةَ ما هم ناوون الإقدامَ عليه. فلا يردون عليه إلا بالسبِّ والشتيمةِ والقذفِ بالحجارةِ والنبالِ، بل لقد أرسلَ الإمامُ الحسينُ إلى ابن سعدٍ قائدِ جيشِ ابن زيادٍ وطلبَ منه أن يجتمعَ به ساعةً، فاجتمعا ليلًا وتناجيا طويلًا. ثم قالَ له الحسينُ عليه السلام: يا ابنَ سعدٍ، اخترْ مني إحدى ثلاث: إما أن تتركوني أرجعُ على المدينة كما جئتُ، أو إلى إحدى بلادِ المسلمين، أو أسيرُ إلى يزيدَ أرى رأيي معه. ولكن لم يلقَ لصدى صوتِهِ أذنًا سامعةً، وذهبَ كلُّ صراخِهِ أدراجَ الرياحِ، فالقوم كانوا متعطشين إلى سفكِ الدماءِ قد أدمنوا على القتلِ والسلبِ والنهبِ. عبادَ الله: نهضَ جيشُ يزيدَ لحربِ الحسينِ عليه السلام وتتابعتْ جنودُ الظالمينَ زرافاتٍ، تتقدمُهم الراياتُ إلى أرضِ كربلاءَ، حتى اجتمعَ في كربلاءَ قرابةُ ثلاثينَ ألفَ مقاتلٍ، وقيلَ: سبعين ألفًا، الذين خرجوا إلى حرب الحسين، حيث إن أغلبَ أهلِ الكوفةِ الذين بايعوا الإمامَ الحسينَ وغيرِهم من القبائلِ قد نكثوا بيعتَهُ وقد خرجوا كباراً وصغارًا ليقاتلوا الحسين بدلاً من أن ينصروه حتى أنهم مِن كثرتِهم لم يجدوا خيلاً يركبونها فركبوا الحمير والأبقار، وذلك طمعاً منهم في المالِ الذي أغراهم به يُزيد، والجوائزِ المغريةِ التي طمعوا فيها، وهكذا ما زالت العساكرُ والجنودُ تتوافدُ إلى أرضِ كربلاءَ ثلاثةَ أيامٍ متتاليةٍ، والذي لم يحضرْ للحربِ فقد حضرَ للسلبِ والنهبِ. عساكرُ جرارةٍ، وفوارسُ مدججةٌ بالسلاحٍ، غارقةٌ في الحديدِ، كادوا أن يبلغوا السبعينَ ألفَ محاربٍ، خرجوا لا لينصروا الدينَ، ولا لفتحِ بلادِ المشركين، ولم يحضروا لردِّ عدوانِ الفرسِ أو الرومِ، بل خرجوا للقضاءِ على طائفة من قرابة النبي وقرناءِ القرآنِ ومن صحابة النبي وأبنائهم فيهم الأطفالُ والنساءُ. قد ذبلت شفاهُهم من الظمإِ وتيبستْ حلوقُهم من العطشِ، خرجتْ جنودُ يزيدَ وابنِ زيادٍ مدججةً بالسلاحِ قد ضاقتْ بهم الصحراءُ من أجلِ القضاءِ على ذريةِ النبيِّ الخاتمِ، ومن أجلِ أن يستحلوا حرمَ رسولِ اللهِ، ويسوقون بناتَهُ كالسبايا كما تساقُ العبيدُ، فإنا للهِ وإنا إليه راجعون.
Show all...
📚سفيــــــــــنــــة النجــــــــــــــــاة📗 *قصـة فاجعة كربلاء* في العاشر من محرم الحرام بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمدُ للهِ العزيزِ الجبارِ، الواحدِ القهارِ، مكورِ الليلِ على النهارِ، وعَدَ مَن أطاعَهُ بالجنةِ، وأوعدَ من عصاه النارَ. وأشهدُ ألا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، نَصَرَ عبدَهُ، وأعزَّ جندَهُ، وهزَمَ الأحزابَ وحدَهُ، ولا شيءَ بعدَهُ. وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، وخيرتُهُ من خلقِهِ، صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وعترتِهِ الطاهرينَ وسلَّم تسليماً كثيراً. أما بعدُ: عبادَ الله: بَعَدَ أيامٍ قلائلَ مِن ذهابِ مسلمِ بنِ عقيلٍ إلى الكوفةِ تَحَرَّكَ الموكبُ المباركُ مُيَمِّمًا وجهَهَ تلقاءَ الكوفةِ وفي مقدمتِهِ سبطُ رسولِ اللهِ الحسينُ بنُ عليٍّ عليه السلام وأهلُ بيتِهِ. تحرَّكَتْ تلكَ القافلةُ مودعةً الديارَ المقدسةَ والبلدَ الحرامَ وهي تتألمُ حزنًا على فراقِ الأصحابِ والخلانِ والديارِ التي بها نشأوا، وكأن التاريخَ يعيدُ نفسَهُ ويُذَكِّرُنا بخروجِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم حين كادَهُ المشركونَ ليقتلوه فخرجَ إلى المدينةِ مهاجراً وقلبُهُ يتقطعُ ألماً وحزناً على فراقِ مكةَ. خرجَ الإمامُ الحسينُ عليه السلام في أثرِ مسلمِ بنِ عقيلٍ الذي أرسلَهُ إلى أهلِ الكوفةِ. خرجَ الإمامُ الحسينُ هو ومن معه من أهلِهِ وشيعته مِن الرجالِ والأطفالِ والنساءِ، خرجَ في موكبٍ هو مِن أعظمِ المواكبِ قدراً وأعلاها شأناً. خرجَ في مائة من ولد النبي ستون فارسا وأربعون راجلا فيهم الأطفالُ والنسوةُ، مع من لحق به من صفوة الشيعة. خرجَ عليه السلام يقطعُ الفيافي والقفارَ، ويجوبُ الصحاري والوديان سيرًا على الأقدامِ تحتَ لهيبِ الشمسِ المحرقةِ، وفي الصحاري الموحشةِ، وهو يجدُّ السيرَ ويحثُّ الخُطى، يقطعُ المسافاتِ الشاسعةَ نحوَ الكوفةِ وكلُّه شوقٌ بأن يلتقيَ بمسلمِ بنِ عقيلٍ وأنصارِهِ مِن أهلِ الكوفةِ الذين وعدوه أن يمدوهُ بالعونِ والنصرةِ، خرج وهو يردد: سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى ... إذا ما نوى حقًّا وجاهدَ مسلما وواسى الرجال الصالحين بنفسه ... وفارق مثبورًا وخالفَ مجرما فإن متُّ لم أندمْ وإن عشتُ لم أُلَمْ ... كفى بكَ ذُلًّا أن تعيشَ وتُرغما عبادَ الله: ما زالَ الحسينُ عليه السلام يطوي الصحاري القاحلةَ حيثُ لا ماءَ ولا كلأ، ويجدُّ السيرَ بين تلك الرمالِ الناعمةِ التي أصبحت قطعةً من الحميمِ من شدةِ حرِّها وحرِّ الهواء، فقد كان ذلك المسيرُ في أيامِ القيظِ وفي أشدِّ أيامِ الصيفِ حرًّا، وبينما كان الحسينُ عليه السلام يشقُّ طريقَهُ نحوَ الكوفةِ وقد شارفَ على الوصولِ إليها إذ اعترضَ طريقَهُ الحر بن يزيد في ألف فارس بأمر عبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ، ومنعوه من دخولِ الكوفةِ وحاصروه، وضيقوا عليه الخناقَ. فما كان منه عليه السلام إلا أن عَدَلَ بأهلِهِ وشيعتِهِ إلى ناحيةٍ في الصحراءِ، فمالَ إلى ناحيةٍ قريبةٍ من نهرِ الفراتِ ليحتميَ بها من كيدِ الأعداءِ، وليكونَ قريبًا من الماءِ، فضيقَ عليه الحرُّ حتى ألجأه إلى أرض كربلاء، فقالَ الحسينُ لمن حولَهُ: ما اسمُ هذه الأرض؟ قالوا: (كربلاء)، فتنفسَ عليه السلام الصعداءَ، وقالَ: (ذات كربٍ وبلاءٍ). ثم نزلَ الحسينُ عليه السلام وحطَّ رحالَهُ في أرضِ كربلاءَ، وكانت أرضًا جرداءَ لا عشبَ فيها ولا كلأَ ولا مرعى ولا ماءَ. وفي اليوم الثاني أتى ابن سعد في أربعة آلاف فارس وعدد كبير من الراجلين. ووقفَ الإمامُ الحسينُ في قلبِ الصحراءِ يفكرُ في أمرِهِ، ويقلبُ ناضريه في الأفقِ البعيدِ، ويمدُّ بصرَهُ إلى أطرافِ الصحراءِ الشاسعةِ، ويحدثُ نفسَهُ، ويسألهم عن مصيرِ مسلمِ بنِ عقيلٍ؟ وأين هي الجنودُ التي تربو على مائةِ ألفِ فارسٍ الذين وعدوه النصرةَ؟ أين تلك الأيمانُ المؤكدةُ والعهودُ المغلظةُ التي قطعوها على أنفسِهم؟ هل يعقلُ أن يكونوا قد نكثوا البيعةَ، وأخلفوا الوعودَ وعادوا للمكرِ والخديعةِ كما هي عادتُهم؟ فإن كانوا قد فعلوها، فأين هو مسلمُ بنُ عقيلٍ؟ لماذا لم يحضرْ؟ لماذا لم يعدْ ليخبرَنا بذلك؟ أيعقلُ أن يكونوا قد مكروا به وقتلوه!!! ولم لا؟ إنَّ ذلك ليس بالمستبعدِ على أهلِ العراقِ أهلِ الكفرِ والنفاقِ، أَوَلَيسوا قد خدعوا الإمامَ عليًّا عليه السلام ومكروا به؟ ما زالَ الحسينُ وهو في قلبِ الصحراءِ تتضاربُ في رأسِهِ الأفكارُ في أمرِ مسلمِ بنِ عقيلٍ، تساوِرُهُ الأوهامُ والشكوكُ حولَ موقفِ أهلِ الكوفةِ الذين بايعوه على النصرةِ. ولا زالَ الحسينُ عليه السلام يتلفتُ الفينةَ بعدَ الأخرى هنا وهناك، يبحثُ عن غبارٍ يبعثُ بخبرٍ، أو رايةٍ تخفقُ أو فرسٍ يعدو من قِبَلِ الكوفةِ ولو لفارسٍ واحدٍ يأتي لنصرتِهِ، ولكن:
Show all...
Choose a Different Plan

Your current plan allows analytics for only 5 channels. To get more, please choose a different plan.