『مَوطِنُ الغُرَبَاء』

ْ " وَرَبَطنا عَلىٰ قُلوبِهِم " ‏ شدّ اللّٰه على قُلُوبِهِم بالصَبرِ والتَثبِيت، وقوّاهُم بالإيمان.. فصَبِروا علىٰ هُجرانِ دارِ قومَهُم، ومُفارَقة ما كانوا فِيهِ مِن العِزّ وخَصبِ العيّش وفَرّوا بدِينِهِم للكَهفِ.

ْ في قِصة أصحاب الكهف تجِد أنّهُم فِتية آواهُم اللّٰه ثُم ناموا بأمرِهِ كُل هذه السِنين.. دخلوا الكهف وهِم علىٰ دينهِم خائِفين، استيقظوا بعد سِنين وما كان همّهُم إلا أن يكونوا مِن هلاك العودة إلى الكُفر مُتنبّهِين.. لم يقُل أحدهُم ذهب العُمر ولم أتزوج.. ما صدرَ عن أحدِهِم تحسُّر على فوات عُمرهِ في النوم وعدم تنّعُمهُ بالدُنيا.. وقد " قَالُوا رَبُّكُم أَعلَمُ بِمَا لَبِثتُم " .. أي أنّ احتِمالية فوات الدُنيا تبدّت عِندهُم وأساسًا هُم مِن لحظة دُخولِهِم الكهف تبدّت لهُم هذه الاحتِمالية! كان همّهُم كُلهُ حِماية دينهُم وعقيدتهُم ولا أثَر للحياة ومُتَعها.. كانوا في أتمّ الرِضاء بقدَرِ اللّٰه تعالى يتصرّفون تصرُّف الفائِزين المُتيّقِنين باللّٰه! " إِنّهُم فِتيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِم وَزِدنَاهُم هُدى " .. سل اللّٰه اليوم هذا الإيمان وزيادة الهُدى هذهِ! " وَرَبَطنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِم " .. فالحياة مَليئة بالفِتن والإنسان ضعيف، والحياة الدُنيا تُغري والبَلاءات كثُرَت لحِكمة اللّٰه، ويخاف أحدُنا أن يتحسّر على فوات الدُنيا بطبيعتهِ الضعيفة! الحمدُ للّٰه أنّ اللّٰه تعالى اشترى مِن المؤمِنين أنفُسهُم، وأموالهُم بأنّ لهُم الجنّة.