محمد ابوهزيم

النكتة الخامسه: قد يذكر العلماء في الكتب بأن هذا قبيح لا يليق بحق الله سبحانه وتعالى .... فيتعجب الناظر فيقول كيف هذا مع ان من مذهب الأشاعرة بأن لا قبيح إلا ما قبحه الشرع... وواقع الحال ان الأمر ملتبس على الناظر، اما اولا فتكون المسألة ليست من باب ما يترتب عليه ثواب وعقاب التي يقول الأشاعرة بأنها لا تثبت إلا شرعا ككون الصلاة حسنة وتركها قبيح، اما ثانيا فيكون الكلام في سياق نفي النقائص عن الله سبحانه وتعالى مثلا كما نقول الصمم والعمى نقص وهما عقلا محال ان يتصف بهما الله سبحانه وتعالى ... فإن كان القبح بمعنى النقص فهو منفي عن الله سبحانه وتعالى، وإن كان الحسن بمعنى ما يترتب على فعله ثواب والقبيح عكسه فليس في ما يفعله الله سبحانه وتعالى ما يترتب عليه شيء من ذلك.... فإن قيل: لما كان النقص محال ان يتصف به الله سبحانه وتعالى طالما انه ليس فيه قبح لذاته... قلنا: لأن النقص دليل الاحتياج والافتقار وهي ما امارت الممكن وهي لا تليق بحق الواجب سبحانه وتعالى.... فينبغي ان يفهم مراد علماء الأشاعرة على وفق مذهبهم لا على وفق فهمك لمذهبهم..!

مقالات في نقض بعض المسائل في مذهب الشيعة المـقـالـة الـعـاشـرة: (( في نقض الأدلة الدالة على أن الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو سيدنا علي رضي الله عنه بلا فصل )) قال الحلي في شرح التجريد ما حاصله (( ولحديث غدير خم إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عداه وانصر من نصره واخذل من خذله، ولفظة مولى تفيد الأولى بالتصرف، قال الله سبحانه وتعالى ^ مَأْوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ ۖ هِىَ مَوْلَىٰكُمْ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ^ اي أولى بهم )) اهـ قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق: الرد من وجوه... وفي آخر المقال نلزمهم بما لا ينفكون عنه إن شاء الله سبحانه وتعالى... الوجه الأول: وليكن هذا الحديث دالا على الإمامة، لكن لا يفيد ان الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة هو سيدنا علي رضي الله عنه. الوجه الثاني: قال الإمام الاصفهاني في شرح التجريد ما حاصله: ((المراد من قوله سبحانه وتعالى ^ مَأْوَىٰكُمُ ٱلنَّارُ ۖ هِىَ مَوْلَىٰكُمْ ۖ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ^ مولاكم بمعنى مقركم و مكانكم ولهذا قال الله سبحانه وتعالى وبئس المصير.... انتهى. قلت: اي انسان متجرد يقرأ هذه الآية فإنه يفهم ما ذكره العلامه الاصفهاني، ثم حمل معنى مولى في الآية على معنى الأولى ما معنى أولى هنا؟ هل تريدون معنى أولى الذي تريدونه وهو الأولى بالتصرف؟ لعمري إن قائل ذلك لا يفقه شيء... وإن كان معنى أولى في الآية معنى اخر غير الأولى بالتصرف فلم أفهم معنى الاستشهاد بها..! قال العلامه الاصفهاني: لو سلمنا وجوب حمل المولى في الحديث على الأولى دون غيره من المعاني، لكن لا نسلم ان معناه الأولى بالتصرف فيهم، بل أمكن أن يكون المراد أولى بهم في محبته وتعظيمه، وترجيح حمل المولى على المعنى الثاني بيانه هو انه لو حمل مولى على معنى الأولى بالتصرف فيهم للزم إما : أن يكون علي إماما في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف الإجماع، إذ هم يستدلون على أنه الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم، أو يكون مقيدا بما بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف الظاهر من الحديث. اهـ قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق: لو حملنا الحديث على أنه نص على الإمامة فإن ذلك يكون مقيد بما بعد وفاة النبي صلى الله والدليل ما ورد في أحاديث أخرى كالحديث الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بأن سيدنا علي سيقتل يضربه في صدغيه، فلذلك قال اللهم عاد من عاداه.... الخ، وهذا لا يدل على الإمامة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل... ( هذا كله ان سلمنا ان الحديث يدل على الإمامة ). الوجه الثالث: قال الحلبي في شرح جواهر الكلام ما حاصله: ما يستدلون به معارض بقوله سبحانه تعالى ^ : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم... الآية ^ الخطاب للصحابه واقل الجمع ثلاثه والله سبحانه وتعالى وعد ووعد الله حق، وهذه الصفات توفرت في الخلفاء الأربع رضي الله عنهم.... اهـ قلت: فلو كانت الإمامة لعلي رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل، لكانت خلافة من قبل على رضي الله عنه خلافة غير المؤمن، لأن الخلافه قبل سيدنا علي واقعة والناس انقادت لذلك، والله وعد بأنه يستخلف المؤمن، فإما تصيرون إلى تكفير الخلفاء قبل علي فيلزمكم ان الله سبحانه وتعالى استخلف كافرا تعالى الله فيلزمكم تكذيب الله سبحانه وتعالى وهو خروج من ملة الإسلام، واما تصيرون الى صحة خلافة من هو قبل سيدنا علي كرم الله وجهه ويبطل قولكم بأن سيدنا علي رضي الله عنه هو الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل .... والله ولي التوفيق.

النكتة الرابعة: كنت قد شرعت في كتابة بعض التنبيهات ونشرتها لكم وسميتها بالنكات وهذه النكتة الرابعة. انه قد سبق إلى وهم البعض ان الله سبحانه وتعالى حي، وكل حي فجائز عليه الانتقال بإرادته تعالى الله عن ذلك، فقالوا بأن الله سبحانه وتعالى ينتقل حيث اثبتوا له النزول.... والسر في هذا الغلط، ليس انهم اثبتوا الحركة بالإرادة للحي، فمن لم يكن حيا لا يتحرك بإرادته، لكن الغلط هو التعميم على كل حي، فمن فهم ان الانتقال هو عبارة عن ترك حيز والانتقال لحيز آخر، فهم ان الحركة لا تكون إلا للذات المتحيزة، فالحركة بالإرادة تكون للذوات المتصفة بالحياة والتحيز، اما الذات الغير متحيزة فلا تتصف بالحركة وان كانت متصفة بالحياة.... هذا

مقالات في نقض بعض المسائل في مذهب الشيعة المقال التاسع: (( في نقض الأدلة الدالة على أن الإمام بعد النبي صلى الله عليه وسلم هو علي)) قال الحلي في شرح التجريد ما حاصله (( إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ^^ سلموا على علي بإمرة المؤمنين ^^، وقال فيه ^^ إنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجليين ^^ وانه صلى الله عليه وسلم لما اخى بين الصحابه رضي الله عنهم قال علي رضي الله عنه اخيت بينهم دوني، فقال سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ^^ ألم ترضى ان تكون اخي وخليفتي من بعدي ^^،. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في علي ^^ هذا ولي كل مؤمن ومؤمنة ^^ )) قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق الرد من وجوه: لكن لا بد أن تعلم أن الشيعة يريدون ان سيدنا علي رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، ونحن نلزمهم بالوجه الثالث بما لا ينفكون عنه ان شاء الله... ولنشرع في الرد.... الوجه الأول: حديث بإمرة المؤمنين وحديث سيد المسلمين كلاهما لا يصح كما قال الحافظ ابن حجر وغيره .... وحديث المؤخاة لم أجد فيه انت اخي وخليفتي، بل الذي عند الترمذي جاء فيه ( انت اخي في الدنيا والآخرة،والحديث عند الترمذي في سنده حكيم بن جبير وهو ضعيف كما قال المباركفوري، وحديث ولي كل مؤمن ومؤمنة جاء بلفط ولي كل مؤمن بعدي... وقد اختلف فيها العلماء فقال الإمام ابن كثير هذه الزيادة منكرة.... الوجه الثاني: عدم التعرض لصحة الأحاديث من عدمه: قال العلامة الأصفهاني في شرح التجريد ما حاصله (( هذه أحاديث احاد ولا يصح الاحتجاج بها في هذا الباب، وحديث سلموا على علي بإمرة المؤمنين لتأميره في أمر خيبر، وقوله عليه الصلاة والسلام الم ترضى ان تكون اخي وخليفتي يحتمل ان يكون خليفته على المدينة ويحتمل ان يكون قاضي دَينه وإنجاز موعده، ومع تطرق هذه الاحتمالات فلا قطع... انتهى الوجه الثالث: قلت: كون سيدنا علي رضي الله عنه خليفة النبي صلى الله عليه وسلم بعده لا يستلزم ان يكون خليفته بلا فصل بينهما، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قالها له لعلمه صلى الله عليه وسلم انه سيكون من الخلفاء الأربع، وانه هذه الروايات التي اتت بحق سيدنا علي رضي الله عنه إنما تكون من باب التوصية بأهل البيت فإن الواحد منا ان كان ذا شأن عظيم والناس يحبونه فإنه يمدح أهل بيته امام الملأ فيدخل حبهم في قلوب العامة فيعتنون بهم لأجل الموصي بهم لأنهم يحبونه ، وحديث المؤخاة يحتمل ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لحزن علي رضي الله عنه من انه صلى الله عليه وسلم اخى بين الصحابه وهو ليس معهم فقاله له من باب اعلامه بأنه سيكون خليفه على المؤمنين ومن كان خليفه عليهم فإنهم سيحبونه ويؤاخونه.... وليس فيما ينقلون من روايات ما يدل على أن سيدنا علي رضي الله عنه هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم بلا فصل..... ثم انه ها هنا الزام لهم: انكم تقولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن سيدنا علي رضي الله عنه هو الخليفة بعده بلا فصل ( اي هو الخليفة الأول )، فنقول ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم يجب أن يكون صادقا مطابقا للواقع، لكنا علمنا بأن اول الخلفاء كان هو سيدنا ابو بكر رضي الله عنه، فيلزمكم الاعتراف بأن ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كذب حاشاه عليه الصلاة والسلام من الكذب، فإما ان تصيروا إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم حاشاه واما ان تسلموا بأنه لا نص صريح على أن اول خليفة هو سيدنا علي كرم الله وجهه، ومن الله سبحانه وتعالى التوفيق.

مقالات في نقض بعض المسائل في مذهب الشيعة المقالة الثامنة: في نقض الأدلة على وجوب النص على الإمام قال الحلي في شرح التجريد ما حاصله (( الثاني: ما علم من سيرته صلى الله عليه وسلم انه كان ارحم بالولد من والده، فكان يرشد الناس إلى ما ياحتجونه، وكان إذا سافر النبي صلى الله عليه وسلم ترك فيهم من يقوم بامورهم، فكيف يتصور ان بتركهم بلا ان ينص على من يتولى أمورهم... قلت وبالله سبحانه وتعالى التوفيق: ليس العجب من ايراده هذا الدليل، لكن العجيب وصفه هذا الدليل بأنه برهان..! وانت تعلم بأن هذا من باب الخطابه، فهو كقول القائل الأب رحيم بابنائه ويستحيل أن بتركهم بلا ان يترك لهم مالا من بعده حتى يتمكنوا من العيش.... فنقول له: كون النبي صلى الله عليه وسلم رحيم بالأمة كما استلزم عندك ان ينص على الإمام، فنقول فليستلزم انه صلى الله عليه وسلم ترك للأمة مالا فهو رحيم بالفقير، ثم نقول كونه صلى الله عليه وسلم رحيما بنا لا يستدعي ان ينص على الإمام، لانا نقول لعل المصلحة في عدم التنصيص، وإن سألتني عن فوائد عدم التنصيص اعطيتك فوائد عديدة لا أطيل بذكرها، بل نختصر بأن عدم النص على الإمام لعل فبه مصلحه.... قوله ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سافر ترك فيهم من يتولى أمورهم ) قلنا: قال الإمام الاضفهاني في شرح التجريد ما حاصله : هذا لا يدل على وجوب الاستخلاف والتنصيص عليه، وعلى فرض وجويه إلا أنه في حال حياته، ووجوبه في حال حياته لا يستوجب ان يكون واجبا بعد انتقاله للرفيق الأعلى، لجواز ان يكون الله سبحانه وتعالى كلفه بأحد الأمرين دون الاخر.... انتهى... قلت: هذا حاصل ما ذكره من أدلة على وجوب النص على الإمام وكما ترى لم يأتي ببرهان على ذلك.... هذا

مقالات في نقض بعض المسائل في مذهب الشي عة المقالة السابعة: في الرد على وجوب التنصيص على الإمام قال الحلي في شرح التجريد (( انا قد بينا انه يجب أن يكون الإمام معصوما والعصمة امر خفي لا يعلمها إلا الله تعالى، فيجب أن يكون نصبه من قبله تعالى لأنه العالم بالشرط دون غيره.... قلت وبالله التوفيق: قد بينا بأن الأدلة التي ذكرها على العصمة مخدوشة فهذا الدليل لا يتم. قال الإمام الأصفهاني رحمه الله تعالى في شرح التجريد ما حاصله بعد أن رد هذا الدليل بعدم تسليم وجوب عصمة الإمام، قال ما حاصله: إن سُلم وجوب كون الإمام معصوما في نفس الأمر، إلا انا لا نسلم بأن لا طريق لمعرفته إلا الشرع.... انتهى. قلت: فمع التسليم بأن الإمام معصوم إلا انا لا نسلم وجوب النص الشرعي عليه فما المانع من طريق اخر، لا بد من بيان استحالة معرفة ذلك بطريق اخر.... وانت تعلم بأن هذا كلام من باب الاطناب، ويكفي في بيان فساد هذا الدليل ما ذكرناه اولا وهو اننا لا نُسلم وجوب عصمة الإمام خصوصا بعد أن بينا عدم صحة الأدلة التي اوردها.. هذا.

مقالات في نقض بعض المسائل في مذهب الشيعة المقالة السادسة: (( في نقض الأدلة على وجوب عصمة الإمام)) قال الحلي في شرح التجريد ما حاصله(( لو وقع منه المعصية لكان اقل درجة من العوام، وهذا ينافي كونه اعرف منهم بالله سبحانه وتعالى... الخ)) قلت وبالله التوفيق: ما المانع ان يكون يقع منه المعاصي في بعض الأمور خلاف العوام فإن معاصيهم أكثر؟ فإن قال: المعصية الواحده منه تنزله منزلة اقل من درجة العوام لأنها معصية العارف بربه خلاف العوام... قلنا: اما اولا فعلى هذا وجبت عصمة العلماء لأنهم اعرف بالله سبحانه وتعالى من العوام، فإن قال: نحن نقصد بالعوام كل من سوى الإمام، قلنا كبيركم الملقب بأمير السوفسطاء الذي أصابه الهوس من الإمام الرازي اقصد الداماد وصف السيد السند بأنه من العامة، وهذا يدل على ان علماء الشيعة ليسوا من العوام عندكم، ونقول ثانيا: إن وقعت المعصية من الإمام فإنه يكون أقل منزلة من العوام عند من؟ إن قلتم عند الله سبحانه وتعالى، قلنا ما الدليل؟ وإن قلتم في نظر العامة يكون أقل منزلة منهم، قلنا: فليكن الأمر كذلك وليكن هذا توبيخ من الله سبحانه وتعالى له لينتبه على أفعاله ويدرك بأنه في منصب عظيم، فإن قلت: هكذا العامة لن يسمعوا كلامه، قلنا: بل عليهم طاعته لادلة أخرى دالة على ذلك، فإن قالوا هو قدوة،. قلنا بينا أن الاقتداء بما يفعل يكون بما يرضي الله جل جلاله ولم يقم الدليل على وجوب الاقتداء بالإمام في جميع أفعاله..... هذا اخر الكلام في الرد على اخر أدلة الحلي على وجوب عصمة الإمام، ولأنك كما رأيت بعض هذه الأدلة لا تسمن ولا تغني من جوع فإن الإمام الاصفهاني في شرحه ترك الكلام عليها وقال (( الرد عليها يظهر لمن عنده أدنى نظر)).... والكلام معهم يأتي في مسألة جديدة في المقال القادم إن شاء الله سبحانه وتعالى.

فائدة دقيقة: الـــوجــود الــمــطــلــق و الـــوجــود الــخــاص (( وانظر التعليقات سوف أضع كلام المحقق زاهد الهروي ان شاء الله سبحانه وتعالى )) في مسألة الوجود والخلاف بين العلماء فيه اهو نزاع حقيقي ام لفظي كما ذكره بعض العلماء كصاحب يانع الازهار وصاحب القول السديد.. وكذلك الخلاف في كونه بديهي ام نظري، فانتبه لهذا المقال سيغنيك مؤنة البحث الطويل... اعلم بأن الوجود يطلق وبراد به المعنى الانتزاعي ويطلق ويراد به منشأ الانتزاع، فالأول لا وجود له في الخارج وهو بديهي التصور ، اما الثاني فهو محل الخلاف وهو الوجود الحقيقي، فذهب الأشعري إلى أنه عين الموجود مطلقا، والمتكلمون إلى أن الوجود صفة موجودة قائمة بكل موجود واجب كان او ممكن، والحكماء إلى أن الوجود عينه في الواجب وزائد في الممكن، والهروي إلى أن الوجود جزئي حقيقي واجب الوجود بذاته وموجودية الأشياء بانتسابها اليه، ينبغي أن يحمل مراد العلامه الهروي ان الوجود الحقيقي هو ذات الله سبحانه وتعالى وان وجود الممكنات بانتسابها لوجود الواجب سبحانه وتعالى لا ان وجودها صفة قائمة بها، خلاف ما اثبته بعض الفلاسفة بأن الوجود في الممكنات صفة زائدة على ذواتها.... فما ذكره صاحب يانع الازهار وصاحب القول السديد إلى أن من قال بأنه زايد على الماهية أراد به في الذهن ومن قال بأنه عين الماهية أراد به في الخارج، ليس صحيحا، فالوجود المطلق هو الذي يزيد على الماهية ذهنا، والنزاع بينهم إنما في الوجود الخاص... قال العلامة ساجقلي زاده في نشر الطوالع نقلا عن السيد السند (( لا خلاف بينهم في ان الوجود المطلق زائد على الماهية في الواجب و الممكن وإنما نزاعهم في الوجود الخاص)) ثم تعقبه فقال إنما عدم الخلاف بين من اثبت الوجود المطلق و الأشعري لا يثبته... هذا كلامه. قلت: قول الأشعري بأن وجود كل شيء عينه أراد به الوجود الخاص كما ذكره هو، اما الوجود المطلق فلا يليق بعاقل ان بنكره اصلا وزيادته إنما هي في الذهن لا في الخارج، والوجود المطلق هو المنتزع من الوجودات الخاصة، وكلام السيد ان الخلاف بينهم في ما هو زائد في الخارج وما يذكر من أدلة عن الأشعري من ادله على بطلان الزيادة صريح بأن كلامه في الزيادة خارجا.... فما يذكر من أدلة اخذا وردا في ان الأشعري يقول لو قلتم بأن الوجود زائد فإما ان يقوم في الماهية الموجودة فيستسلسل او يدور واما ان يفوم في الماهية المعدومة فيكون المعدوم موجودا، وردهم عليه بأنه يقوم في الماهية من حيث هي هي لا من حيث هي موجودة ولا من حيث هي معدومة، إنما هو نزاع حقيقي فكلامهم في الوجود الخاص.... فالخلاف في الزيادة وعدمها وفي كونه هل الوجود له حد ام لا إنما ينبغي أن يكون في الوجود الخاص لا في الوجود المطلق المنتزع من الوجودات الخاصة... قلت: وانت تعلم بأن ما تراه في الكتب إنما هو كلام في الوجود المطلق وليس هذا محل الخلاف. وقد ذكرت لك تلخيص المسألة وتصوير المذاهب فيه كما ذكره العلامة الهروي كنا تراه في التعليقات إن شاء الله سبحانه وتعالى... واعدك في بيان الحق من هذه الأقوال بقدر جهدي قريبا بإذن الله سبحانه وتعالى.... هذا