cookie

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربة التصفح الخاصة بك. بالنقر على "قبول الكل"، أنت توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط.

avatar

غِرَاسُ السَّلَفِ 📚

قال شيخُ الإسلامِ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ سُفيانُ بنُ سعيدٍ الثَّوريُّ: "إنِ استطعتَ ألَّا تحكَّ رأسَك إلَّا بأثَرٍ فافْعَلْ!". بوت القناة: @G_Salafi_bot

إظهار المزيد
مشاركات الإعلانات
2 666
المشتركون
-224 ساعات
-97 أيام
-1830 أيام

جاري تحميل البيانات...

معدل نمو المشترك

جاري تحميل البيانات...

القاضي النُّعمانُ بنُ مُحمَّدِ بنِ منصورٍ القيروانيُّ المغربيُّ الرَّافضيُّ الباطنيُّ (تـ ٣٦٣ هـ): قال الذَّهبيُّ في السِّير ( ١٦ / ١٥٠ - ١٥١ ): "العلَّامةُ، المارِقُ، قاضي الدَّولةِ العُبَيديَّةِ، كان مالكيًّا، فارتدَّ إلى مذهبِ الباطنيَّةِ، وصنَّفَ له أُسَّ الدَّعوةِ، ونبذَ الدِّينَ وراءَ ظهرِه، وألَّفَ في المناقبِ والمثالبِ، وردَّ على أَئمَّةِ الدِّينِ، وانسلخَ من الإسلامِ، فسُحقًا له وبُعدًا، ونافقَ الدَّولةَ لا بل وافَقَهُم، وكان مُلازِمًا للمُعزِّ أبي تميمٍ مُنشِئِ القاهرةِ. وله يدٌ طُولى في فُنونِ العُلومِ والفِقهِ والاختلافِ، ونَفَسٌ طويلٌ في البحثِ، فكان عِلمُه وبالًا عليه. وصنَّفَ في الرَّدِّ على أبي حنيفةَ في الفِقهِ، وعلى مالكٍ، والشَّافعيِّ، وانتصرَ لفِقهِ أهلِ البيتِ، وله كِتابٌ في اختلافِ العُلَماءِ، وكُتبُه كِبارٌ مُطوَّلةٌ، وكان وافرَ الحِشمةِ، عظيمَ الحُرمةِ، في أولادِه قُضاةٌ وكُبَراءٌ. وانتقلَ إلى غيرِ رِضوانِ اللهِ بالقاهرةِ في رجبٍ سنةَ ثلاثٍ وسِتِّينَ وَثلاثِ مائةٍ". اهـ وقال في العِبَرِ ( ٢ / ١٧٧ ): "النُّعمانُ بنُ مُحمَّدِ بنِ منصورٍ القيروانيُّ، الشِّيعيُّ ظاهرًا، الزِّنديقُ باطنًا، قاضي قُضاةِ الدَّولةِ العُبَيديَّةِ، صنَّفَ كتابَ "ابتداءِ الدَّعوةِ"، وكتابًا في فقهِ الشِّيعةِ، وكُتُبًا كثيرةً تدلُّ على انسِلاخِه من الدِّينِ، يُبَدِّلُ فيها معانيَ القُرآنِ ويُحَرِّفُها". اهـ
إظهار الكل...
أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ أحمدَ بنِ سَهلٍ الرَّمليُّ، الإمامُ الشَّهيدُ القُدوةُ، المعروفُ بابْنِ النَّابُلسيِّ: قال الحافظُ أبو ذرٍّ الهَرَويُّ: سجَنَهُ بنو عُبَيدٍ، وصَلَبُوهُ على السُّنَّةِ، سمعتُ الدَّارَقُطنيُّ يذكُرُه ويبكي ويقولُ: كان يقولُ وهو يُسلَخُ: ( كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ). قال ابنُ الجوزيِّ: أقام جوهرٌ القائدُ لأبي تميمٍ صاحبِ مِصرَ أبا بكرٍ النَّابُلسيَّ، فقال له: بَلَغَنا أنَّكَ قلتَ: إذا كان مع الرجلِ عشرةُ أسهُمٍ، وجبَ أن يرميَ في الرُّومِ سَهمًا، وفينا تِسعةً. قال: ما قلتُ هذا، بل قلتُ: إذا كان معه عشرةُ أسهُمٍ، وجبَ أن يرميَكم بتِسعةٍ، وأن يرميَ العاشرَ فيكم أيضًا؛ فإنَّكم غيَّرتُم المِلَّةَ، وقَتَلتُم الصَّالحينَ، وادَّعَيتُم نُورَ الإلهيَّةِ. فشَهَرَهُ ثم ضرَبَهُ، ثم أمرَ يَهوديًّا فسَلَخَهُ. قال مَعمَرُ بنُ أحمدَ بنِ زِيادٍ الصُّوفيُّ: أخبرني الثِّقةُ، أنَّ أبا بكرٍ سُلِخَ من مَفرِقِ رأسِه حتَّى بُلِغَ الوجهُ، فكان يذكرُ اللهَ ويصبرُ حتَّى بلغَ الصَّدرَ فرَحِمَهُ السَّلَّاخُ، فوكَزَهُ بالسِّكِّينِ مَوضِعَ قلبِه فقضى عليه. وأخبرني الثِّقةُ أنَّه كان إمامًا في الحديثِ والفِقهِ، صائِمَ الدَّهرِ، كبيرَ الصَّولةِ عند العامَّةِ والخاصَّةِ، ولمَّا سُلخَ كان يُسمَعُ من جسدِه قِراءةُ القُرآنِ. يُنظَرُ: المُنتَظَمُ ( ١٤ / ٢٤٥ - ٢٤٦ ) لابنِ الجوزيِّ، وتاريخُ دِمشقَ ( ٥١ / ٤٩ - ٥١ ) لابنِ عساكرَ، وسِيَرُ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٦ / ١٤٨ - ١٥٠ ) والعِبَرُ في خَبَرِ مَن غَبَرَ ( ٢ / ١١٦ ) كِلاهُما للذَّهبيِّ، والبِدايةُ والنِّهايةُ ( ١٥ / ٣٦٦ - ٣٦٧ ) لابنِ كثيرٍ، والوافي بالوَفَياتِ ( ٢ / ٣٣ - ٣٤ ) للصَّفَديِّ، وحُسنُ المُحاضَرةِ في تاريخِ مصرَ والقاهرةِ ( ١ / ٥١٥ ) للسُّيوطيِّ. وقال الذَّهبيُّ عقبَ ترجمتِه: "لا يُوصَفُ ما قلبَ هؤلاءِ العُبَيديَّةُ الدِّينَ ظهرًا لبطنٍ، واستولوا على المغربِ، ثم على مِصرَ والشَّامِ، وسبُّوا الصَّحابةَ". وقولُ ابنِ الجوزيِّ: "أقام جوهرٌ القائدُ لأبي تميمٍ صاحبِ مِصرَ أبا بكرٍ النَّابُلسيَّ": جوهرٌ هذا هو ابن عبدِ اللهِ الصّقلّيّ الرّوميّ، رافضيٌّ شيعيٌّ، باطنيٌّ، وكان من القُوَّادِ في أيِّام الفاطِميِّينَ، وهو قائدُ جُيوشِ أبي تميمٍ هذا. وأبو تميمٍ هو المُعِزُّ لدِينِ اللهِ مَعَدُّ بنُ إسماعيلَ العُبَيديُّ الرَّافضيُّ.
إظهار الكل...
ترجمةٌ غريبةٌ في "سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ" لأبي عبدِ اللهِ الذَّهَبيِّ: من عادةِ الإمامِ الذَّهبيِّ أن يُتَرجِمَ لكلِّ عَلَمٍ على حِدَةٍ، فإذا كان للمُتَرجَمِ له أبٌ أو ابنٌ أو أخٌ عَلَمٌ مِثلُه؛ يذكُرُه مُلحَقًا بالأوَّلِ، فيقولُ بعد انتهاءِ التَّرجمةِ: وأبوه، وابنه، وأخوه.. وهنا نجدُه ترجمَ لأَخَوَينِ معًا، فقال: الأخَوانِ الشَّاعِرانِ المُحسِنانِ: أبو بكرٍ مُحمَّدٌ، وأبو عُثمانَ سعيدٌ، ابنا هاشمِ بنِ وَعْكةَ بنِ عُرامِ بنِ عُثمانَ بنِ بِلالٍ المَوصِليَّانِ الخالِدِيَّانِ. كانا كفَرَسَي رِهانٍ في قُوَّةِ الذَّكَاءِ، وسُرعةِ النَّظمِ وجَودَتِه، يتشاركانِ في القصيدةِ الواحدةِ. ومُحَمَّدٌ هو الأكبرُ، قدم دِمشقَ في صُحبةِ سيفِ الدَّولةِ، وهما من خواصِّ شُعَرائِه، اشتركا في شيءٍ كثيرٍ. وكانَ سَرِيٌّ الرَّفَّاءُ يهجوهما ويهجوانِه. ونظمَ فيهما أبو إسحاقَ الصَّابيُّ: أرى الشَّاعِرَينِ الخالِدِيَّينِ سَيَّرا ** قصائدَ يفنى الدَّهرُ وهيَ تُخَلَّدُ هما لاجتِماعِ الفضلِ رُوحٌ مُؤلَّفٌ ** ومعناهما من حيثُ ما شئتَ مُفرَدُ قال النَّديمُ في كتابِ "الفِهرَسْت": كانا سَرِيعَي البديهةِ، قال لي أبو بكرٍ منهما: إنِّي أحفظُ ألفَ سَمَرٍ، كلُّ سَمَرٍ في نحوِ مائةِ ورقةٍ. قال: وكانا مع ذلك إذا استحسنا شيئًا غصَبَاهُ صاحبَهُ حيًّا كان أو ميتًا، كذا كانَتْ طِباعُهُما. ولهما من الكُتبِ: كِتابُ "أخبارِ المَوصِلِ"، و"أخبارِ أبي تمَّامٍ"، وغيرِ ذلك من الأدَبيَّاتِ. سِيَرُ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٦ / ٣٨٦ - ٣٨٧ ) -بتصرُّفٍ-. وذكَرَهُما الثَّعالبيُّ في "يتيمةِ الدَّهرِ" فقال: إنْ هذانِ لَساحرانِ، يغربانِ بما يجلبانِ، ويُبدِعانِ فيما يصنعانِ، وكان ما يجمعُهما من أُخوَّةِ الأدبِ مِثلَ ما يَنظمُهما من أُخوَّةِ النَّسَبِ، فهما في المُوافَقةِ والمُساعَدةِ يَحيَيانِ برُوحٍ واحدةٍ، ويشتركانِ في قَرضِ الشِّعرِ وينفردانِ، ولا يكادانِ في الحَضَر والسَّفَرِ يفترقانِ، وكانا في التَّساوي والتَّشابُكِ، والتَّشاكُلِ والتَّشارُكِ كما قال أبو تمَّامٍ: رَضِيعَيْ لِبانٍ شَرِيكَي عنانٍ ** عَتِيقَيْ رِهانٍ حَلِيفَيْ صفاءِ بل كما قال البُحتريُّ: كالفَرقَدَينِ إذا تأمَّلَ ناظرٌ ** لم يَعلُ مَوضِعُ فَرقَدٍ عن فَرقَدِ بل كما قال أبو إسحاقَ الصَّابيُّ فيهما: أرى الشَّاعِرَينِ الخالِدِيَّينِ سَيَّرا ** قصائدَ يفنى الدَّهرُ وهيَ تُخَلَّدُ جواهرُ من أبكارِ لفظٍ وعونِه ** يُقصِّرُ عنها راجزٌ ومُقصِّدُ تنازعَ قومٌ فيهما وتناقَضُوا ** ومرَّ جِدالٌ بَينهم يتردَّدُ فطائفةٌ قالَتْ سعيدٌ مُقدَّمٌ ** وطائفةٌ قالَتْ لهم بل مُحمَّدُ وصارُوا إلى حُكمي فأصلحتُ بينهم ** وما قلتُ إلَّا بالَّتي هي أرشدُ هما في اجتِماعِ الفضلِ زوجٌ مُؤلَّفٌ ** ومعناهما من حيثُ يثبتُ مُفرَدُ كذا فَرقَدا الظَّلماءِ لمَّا تَشَاكَلا ** علا أشكلا هل ذاك أم ذاك أمجدُ فزوجُهما ما مِثلُهُ في اتِّفاقِهِ ** وفَردُهُما بينَ الكواكبِ أوحَدُ فقامُوا على صُلحٍ وقال جميعُهم ** رضينا وساوى فَرقَدَ الأرضِ فَرقَدُ قال الثَّعالبيُّ: وما أعدلَ هذه الحُكومةَ من أبي إسحاقَ! فما منهما إلَّا مُحسِنٌ ينظمُ في سلكِ الإبداعِ ما فاقَ وراقَ، ويُكاثرُ بمحاسِنِه وبدائِعِه الأفرادِ من شُعَراءِ الشَّامِ والعِراقِ. انظُرْ يتيمةَ الدَّهرِ ( ٢ / ٢١٤ - ٢١٥ ) للثَّعالبيِّ. وقولُ الذَّهبيِّ: "وكانَ سَرِيٌّ الرَّفَّاءُ يهجوهما ويهجوانِه": هو أبو الحسنِ السَّرِيُّ بنُ أحمدَ الرَّفَّاءُ الكِنديُّ الموصليُّ. كان بينه وبين الخالِديَّينِ هجاءٌ وشرٌّ وعداوةٌ. وقد جمع الدّكتور سامي الدّهّان ديوانَ الأخَوَينِ الخالِدِيَّينِ، وهو مطبوعٌ في دار صادر.
إظهار الكل...
هذا الشَّيخُ لا أجِدُ ما أسمِّيهِ به إلَّا قولَ: بقيَّةِ السَّلَفِ! ما شاء اللهُ، اللَّهُمَّ بارِكْ.. جالستُه وحضرتُ له دُروسًا؛ ما وجدتُه إلَّا بحرًا لا ساحلَ له، وبحرًا لا يُنزَفُ، وبحرًا لا تُكَدِّرُه الدِّلاءُ!
إظهار الكل...
مؤلفات الشيخ مشهور.pdf3.27 KB
📚 قائمة بمؤلفات وتحقيقات الشيخ مشهور آل سلمان - حفظه الله ورعاه وبارك في علمه وعمله وعمره وجزاه خيراً - 📍المطبوعة ٢٩٨ + التي سلَّمها لدور النشر ولم تطبع بَعدُ ١٤ + التي لم يتمها ٣٧ ، المجموع: ٣٤٩ كتاباً. ◽️🖌️فائدة: الكتاب الواحد من تحقيقات الشيخ حقيقته كُتُب في كتاب واحد - ماشاء الله اللهم بارك - . اللهم زد وبارك وانفع بها المسلمين. 👇
إظهار الكل...
رحمهم اللهُ كيف لو أدركوا زمانَنا هذا؟ قال أبو القاسمِ الحِنَّائيُّ في فوائدِه ( ١٢٠ ): أخبرنا أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عُبَيدِ اللهِ بنِ يحيى القطَّانُ قِراءةً عليهِ وأنا أسمعُ قال: أخبرنا أبو الحسنِ خيثمةُ بنُ سُلَيمانَ بنِ حَيدرةَ القُرشيُّ، ثنا مُحمَّدُ بنُ عوفِ بنِ سُفيانَ الطَّائيُّ بحِمصَ، ثنا عُثمانُ بنُ سعيدٍ، ثنا مُحمَّدُ بنُ مُهاجرٍ، عن الزُّبَيديِّ، عن الزُّهريِّ، عن عُروةَ، عن عائِشةَ رضي اللهُ عنها قالت: رحمَ اللهُ لَبِيدًا إذ يقولُ: ذهبَ الذين يُعاشُ في أكنافِهم *** وبقيتُ في خَلَفٍ كجِلدِ الأجربِ - فقالت عائِشةُ: رحم اللهُ لبيدًا، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ - قال عُروةُ: رحم اللهُ عائشةَ، كيف لو أدرَكَتْ زمانَنا هذا؟ - قال الزُّهريُّ: رحم اللهُ عُروةَ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ - قال الزُّبَيديُّ: رحم اللهُ الزُّهريَّ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ - قال مُحمَّدُ بنُ مُهاجرٍ: رحم اللهُ الزُّبَيديَّ، كيف لو أدرك زمانَنا هذا؟ - قال عُثمانُ بنُ سعيدٍ: رحم اللهُ مُحمَّدَ بنَ مُهاجرٍ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ - قال مُحمَّدُ بنُ عوفٍ: رحم اللهُ عُثمانَ بنَ سعيدٍ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذَا؟ - قال خيثمةُ: رحم اللهُ مُحمَّدَ بنَ عوفٍ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ - قال أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ: رحم اللهُ خيثمةَ، كيف لو أدركَ زمانَنا هذا؟ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وهذا إسنادٌ غريبٌ صحيحٌ، رجالُه ثِقاتٌ أئمَّةٌ. ورواه هكذا مُسَلْسَلًا: البُخاريُّ في التَّاريخِ الأوسطِ ( ١٨٢ )، والطَّبريُّ في تهذيبِ الآثارِ ( ١ / ١٢٤ برقم ٢٠٤ / مسند عمر )، وابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ١٦ / ٤٤١ - ٤٤٢ ) و ( ٣٧ / ٤٠٢ ) و ( ٤٣ / ١٣٣ - ١٣٤ )، والسُّيوطيُّ في جِيادِ المُسَلْسَلاتِ ( ص٢٦٠ - ٢٦٤ )، وابنُ المِبرَدِ في النِّهايةِ في اتِّصالِ الرِّوايةِ ( ص٤٤ - ٤٦ )، وغيرُهم.. أمَّا نحنُ، فماذا عسانا أن نقولَ؟ كيف لو أدركوا زمانَنا هذا؟ ورأوا أحبابَنا قد قَضَوا نَحْبَهُم تحتَ براميلِ الجزَّارِ النُّصَيريِّ طاغيةِ الشَّامِ.. وفي رصاصِ قاذِفاتِه.. وجحيمِ دبَّاباتِه.. ونيرانِ راجِماتِه... وفي غياهبِ سُجونِه! فكم من أُمٍّ قد ذابَ قلبُها في انتظارِ ولَدِها، وكم من زوجةٍ احترقَ وَجدُها وتقطَّعَتْ كبدُها في انتظارِ زَوجِها، وكم من طٍفلٍ مُنتَظِرٍ قُدومَ والدِه.. وكم وكم وكم ممَّن قد تجرَّعَ كأسَ الفِراقِ، وذاق عَلْقَمَ الفقدِ ولوعةَ الوداعِ، وسكبَ دُموعَ القلبِ قبل العينِ على غيابِ أخٍ أو قريبٍ أو حبيبٍ أو صديقٍ في تلك السُّجونِ.. لو أدركوا زمانَنا؛ لَتَضرَّمتْ قُلوبُهم وتفطَّرَتْ، وجفَّتْ دُموعُهم، واحترَقَتْ أكبادُهم، وذابَتْ أفئدتُهم، وجاشَتْ نُفوسُهم، وتفطَّرَتِ المرائرُ على فِراقِ وفَقدِ الأحِبَّةِ.. وما الدَّهرُ إلَّا جامعٌ ومُفرِّقٌ ** وما النّّاسُ إلَّا راحلٌ ومُودّعُ فإن نحنُ عِشنا يجمعُ اللهُ شَمْلَنا ** وإن نحنُ مِتنا فالقيامةُ تجمعُ
إظهار الكل...
فقال الطَّبرانيُّ: هذا كلُّه داد أو بابا، ارجعْ إلى أصلِ العِلمِ، فهاتِ ما تحفظُ فيه عمَّن تروي في الاستنجاءِ، فروى الجعابيُّ طريقًا أو طريقَينِ. فأخذ الطَّبرانيُّ يروي عن الدَّبَريِّ، وعن ابنِ برَّةَ الصَّنعانيِّ، وعن البَوسيِّ أصحابِ عبدِ الرَّزَّاقِ، وعن أبي زُرعةَ الدِّمشقيِّ، ومشايخِ الشَّامِ. فقال الجعابيُّ: لم أُدرِكْ هؤلاءِ، فقال الطَّبرانيُّ: إنَّما أنتَ صبيٌّ يا بُنيَّ، أنتَ مَن لقيتَ؟ فغضبَ الجعابيُّ وقال: ثنا أبو خليفةَ الفضلُ بنُ الحُبابِ الجُمَحيُّ، ثنا سليمانُ بنُ أحمدَ اللَّخميُّ. فضحك الطبرانيُّ وقال: كأنَّكَ تُريدُ أن تغربَ عليَّ، أتعرفُ سُلَيمانَ بنَ أحمدَ الذي روى عنه أبو خليفةَ؟ قال: لا، قال: أنا هو، حدَّثتُ أبا خليفةَ، وحدَّثَ عنِّي أبو خليفةَ. وكان أبو الفضلِ ابنُ العميدِ مُتَّكئًا، فاستوى جالسًا وقال: هذا واللهِ شرفٌ؛ أن يُحدِّثَ أبو خليفةَ عن شيخٍ من مشايخِنا منذُ ستِّينَ سنةً. فضرب الجعابيُّ بيدِه على ظَهرِ الطَّبرانيِّ وقال: استَوَتْ حُرمَتُكَ يا أبا القاسمِ. فقال الطَّبرانيُّ: حُرمَتي كانَتْ مُستَويةً وعبدانُ الأهوازيُّ وأبو خليفةَ والمشايخُ أحياءُ. ففُرِّقُوا عن ذلك المجلسِ، وقد غلبَ الطِّبرانيُّ جميعَهم. انظُرِ "التَّدوينَ في أخبارِ قزوينَ" ( ٢ / ٨١ - ٨٣ ) للرَّافعيِّ. وقد تمَّ إصلاحُ عِدَّةِ أخطاءٍ في هذا الخبرِ وقَعَتْ في المطبوعِ من الكتابِ. وقولُه: "فأخذ الطَّبرانيُّ يروي عن الدَّبَريِّ، وعن ابنِ برَّةَ الصَّنعانيِّ، وعن البَوسيِّ أصحابِ عبدِ الرَّزَّاقِ": أراد الطَّبرانيُّ بروايتِه عن هؤلاءِ أن يفخرَ على الجِعابيِّ بعُلُوِّ إسنادِه. فإنَّ إسحاقَ بنَ إبراهيمَ الدَّبَريَّ، وإبراهيمَ بنَ مُحمَّدِ بنِ برَّةَ الصَّنعانيَّ، والحسنَ بنَ عبدِ الأعلى البَوسيَّ، من تلاميذِ الإمامِ الحافظِ الكبيرِ عبدِ الرِّزَّاقِ الصَّنعانيِّ، وقد أدركهم الطَّبرانيُّ، فهم من كبارِ شُيوخِه. وهناك تلميذٌ رابعٌ لعبدِ الرَّزَّاقِ أدرَكَه الطَّبرانيُّ أيضًا، وهو إبراهيمُ بنُ مُحمَّدِ بنِ عبدِ اللهِ الشِّباميُّ الصَّنعانيُّ. وقد روى الطَّبرانيُّ أيضًا عن أصحابِ يزيدَ بنِ هارونَ، ورَوحِ بنِ عُبادةَ، والضَّحَّاكِ بنِ مَخلَدٍ، وحجَّاجِ بنِ مُحمَّدٍ المِصِّيصيُّ. وقد طوَّفَ البِلادَ تَرحالًا في طلبِ العلمِ؛ فسمع بالشَّامِ، والحِجازِ، واليَمَنِ، وبغدادَ، والكُوفةِ، والبصرةِ، ومِصرَ، وأصبهانَ، وخُوزستانَ، وغيرَها. قال الذَّهبيُّ في السِّير ( ١٦ / ١٢١ ): "وإنَّما وصل إلى العراقِ بعد فراغِه من مِصرَ والشَّامِ والحِجازِ واليَمَنَ، وإلَّا فلو قصد العِراقَ أوَّلًا؛ لَأدركَ إسنادًا عظيمًا". وقولُه: "..وأبو أحمدَ العسَّالُ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ حمزةَ، وأبو مُحمَّدِ بنِ حيَّانَ..": هؤلاءِ كانوا شُيوخَ أصبهانَ مع الطَّبرانيِّ. وأبو محمَّدِ بنُ حيَّانَ، هو المعروفُ بأبي الشَّيخِ، صاحبُ كتابِ "أخلاقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، وكتابِ "أمثالِ الحديثِ"، وكتابِ "العَظَمَةِ"، وكتابِ "طبقاتِ المُحدِّثينَ بأصبهانَ"، وغيرِها.. قال أبو أحمدَ العسَّالُ: إذا سمعتُ من الطَّبرانيِّ عشرينَ ألفَ حديثٍ، وسمع منه أبو إسحاقَ بنُ حمزةَ ثلاثينَ ألفًا، وسمع منه أبو الشَّيخِ أربعينَ ألفًا؛ كَمُلْنا.
إظهار الكل...
قال الخطيبُ البغداديُّ في الجامعِ لأخلاقِ الرَّاوي ( ١٩٠٠ ): حدَّثَني أبو النَّجيبِ عبدُ الغفَّارِ بنُ عبدِ الواحدِ الأُرمَويُّ مُذاكَرةً قال: سمعتُ الحسنَ بنَ عليٍّ المُقرِئَ يقولُ: سمعتُ أبا الحُسَينِ بنَ فارسٍ اللُّغَويَّ يقولُ: سمعتُ الأُستاذَ ابنَ العميدِ يقولُ: ما كنتُ أظنُّ أنَّ في الدُّنيا حلاوةً ألذَّ من الرِّئاسةِ والوزارةِ التي أنا فيها حتَّى شاهدتُ مُذاكَرةَ سُلَيمانَ بنِ أحمدَ الطَّبَرانيِّ وأبي بكرٍ الجِعابيِّ بحضرتي، فكان الطَّبرانيُّ يغلبُ الجِعابيَّ بكثرةِ حِفظِه، وكان الجِعابيُّ يغلبُ الطَّبرانيَّ بفِطنَتِه وذكاءِ أهلِ بغدادَ، حتَّى ارتفعتْ أصواتُهما ولا يكادُ أحدُهما يغلبُ صاحبَه، فقال الجِعابيُّ: عندي حديثٌ ليس في الدُّنيا إلَّا عندي، فقال: هاتِه. فقال: حدَّثنا أبو خليفةَ، حدَّثنا سُلَيمانُ بنُ أيُّوبَ، وحدَّثَ بالحديثِ. فقال الطَّبَرانيُّ: أنا سُلَيمانُ بنُ أيُّوبَ، ومنِّي سَمِعَ أبو خليفةَ، فاسْمَعْ منِّي حتَّى يعلوَ إسنادُكَ؛ فإنَّكَ تروي عن أبي خليفةَ، عنِّي. فخجل الجِعابيُّ وغلَبَهُ الطَّبرانيُّ. قال ابنُ العميدِ: فوددتُ في مكاني أنَّ الوزارةَ والرِّئاسةَ ليتَها لم تكن لي وكنتُ أنا الطَّبرانيَّ، وفرحتُ مثلَ الفرحِ الذي فرِحَ به الطَّبرانيُّ لأجلِ الحديثِ، أو كما قال. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قولُه: "فاسْمَعْ منِّي حتَّى يعلوَ إسنادُكَ": الإسنادُ العالي: هو ما كان رجالُ إسنادِه أقلَّ. وطلبُ الإسنادِ العالي عند المُحدِّثينَ سُنَّةٌ. وكان المُحدِّثونَ يقطعونَ المسافاتِ الطَّويلةَ، ويجوبونَ البلادَ والقِفارَ والفيافيَ طلبًا للإسنادِ العالي؛ لقُربِهِ من المُصطفى صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبُعدِه عن الوقوعِ في الخطإِ. فالطَّبرانيُّ يقولُ للجعابيِّ: أنا سُلَيمانُ بن أيُّوبَ الذي سمع منه أبو خليفةَ هذا الحديثَ، فاسمَعْه منِّي حتَّى يكونَ إسنادُكَ عاليًا. والطَّبرانيُّ هو الإمامُ الكبيرُ الحافظُ مُسندُ الدُّنيا أبو القاسمِ سُلَيمانُ بنُ أحمدَ بنِ أيُّوبَ الشَّاميُّ الطَّبرانيُّ، صاحبُ المعاجمِ الثَّلاثةِ. كان رحَّالًا جوَّالًا في طلبِ العلمِ والحديثِ، وجمعَ وصنَّفَ، وعُمِّرَ دهرًا طويلًا، وازدحم عليه المُحدِّثونَ، ورحلوا إليه من الأقطارِ. والجِعابيُّ هو الحافظُ البارِعُ العلَّامةُ فريدُ زمانِه أبو بكرٍ مُحمَّدُ بنُ عُمَرَ بنِ مُحمَّدِ بنِ سَلمٍ الجِعابيُّ البغداديُّ. والطَّبرانيُّ والجِعابيُّ أقرانٌ. وابنُ العميدِ هو الوزيرُ أبو الفضلِ مُحمَّدُ بنُ الحُسَينِ بنِ مُحمَّدٍ الكاتب، وزيرُ الملكِ رُكنِ الدَّولةِ الحسنِ بنِ بُوَيهِ الدَّيلميِّ. كان عجبًا في التَّرسُّلِ والإنشاءِ والبلاغةِ، يُضرَبُ به المثلُ، وكان يُقالُ له: الجاحظُ الثَّاني. وقولُ الجِعابيِّ: "حدَّثنا أبو خليفةَ، حدَّثنا سُلَيمانُ بنُ أيُّوبَ": أبو خليفةَ هذا هو الإمامُ المُحدِّثُ الأديبُ الفضلُ بنُ الحُبَابِ الجُمَحيُّ البصريُّ. وكان ثقةً صادقًا مأمونًا أديبًا فصيحًا مُفَوَّهًا، وعُمِّرَ؛ عاش مائةَ عامٍ سوى أشهُرٍ. وأبو خليفةَ من شُيوخِ الطَّبرانيِّ والجِعابيِّ. وهنا نراه يروي عن تِلمِيذِه الطَّبرانيِّ، وهذا من قبيلِ روايةِ الأكابرِ عن الأصاغرِ. وروى هذه المُذاكَرةَ والمُناظَرةَ: الحافظُ ابنُ عساكرَ في تاريخِ دمشقَ ( ٢٢ / ١٦٦ - ١٦٧ ) من طريقِ الخطيبِ البغداديِّ، بهذا الإسنادِ. وذكَرَها ابنُ أبي يعلى في طَبَقاتِ الحنابلةِ ( ٢ / ٥٠ )، وياقوتُ في مُعجَمِ البُلدانِ ( ٤ / ١٩ )، والذَّهبيُّ في سِيَرِ أعلامِ النُّبَلاءِ ( ١٦ / ١٢٥ ) وفي تذكرةِ الحُفَّاظِ ( ٣ / ٩١٥ )، وابنُ القيِّمِ في مِفتاحِ دارِ السَّعادةِ ( ١ / ٥٠٣ )، وابنُ عبدِ الهادي في طبقاتِ عُلَماءِ الحديثِ ( ٣ / ١٠٩ )، والزَّركشيُّ في النُّكَتِ على مُقَدِّمةِ ابنِ الصَّلاحِ ( ١ / ٣٥ - ٣٦ ). ولهذه المُناظَرةِ والمُذاكَرةِ روايةٌ أُخرى في سِياقٍ مُمتِعٍ: ذكَرَها الرَّافعيُّ في تاريخِه في ترجمةِ ابنِ العميدِ، فقال: ..وكان العُلَماءُ من كلِّ طَبَقةٍ وفي كلِّ فنٍّ يحضرونَ مجلسَهُ للمُناظَرةِ والمُذاكَرةِ، وهو يُشارِكُهم فيها، وفي التَّاريخِ لمُحمَّدِ بنِ إبراهيمَ القاضي وغيرِه، أنَّ أبا الفضلِ وردَ قزوينَ، ويحكي أنَّه اجتمع عنده بأصبهانَ فِي وزارَتِه أبو القاسمِ الطَّبرانيُّ، وأبو أحمدَ العسَّالُ، وأبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ حمزةَ، وأبو مُحمَّدِ بنِ حيَّانَ، وحضر معهم أبو بكرٍ الجعابيُّ، فقال لهم أبو الفضل بنُ العميدِ: تذاكَرُوا مع أبي بكرٍ الجِعابيِّ. فبدأ الجعابيُّ فروى أحاديثَ أغربَ بها على القومِ، وكان في جُملَتِها أسامي قومٍ من السَّلَفِ يُعرَفُونَ بالكُنى، وكنَّى قومًا يُعرَفُونَ بالأسامي.
إظهار الكل...
Photo unavailableShow in Telegram
تضحيةُ الأميرِ أبي الهيثمِ خالدِ بنِ عبدِ اللهِ القَسْريِّ الدِّمشقيِّ بالضَّالِّ كبشِ المُعَطِّلةِ الجعدِ بنِ درهمٍ. قال الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ في الكافيةِ الشَّافيةِ: ولأجلِ ذا ضحَّى بجَعدٍ خالدُ الـ ـقَسْريُّ يومَ ذبائحِ القُربانِ إذ قال: إبراهيمُ ليسَ خليلَهُ كلَّا ولا مُوسى الكليمَ الدَّاني شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كلُّ صاحبِ سُنَّةٍ للهِ درُّكَ من أخي قُربانِ
إظهار الكل...
اختر خطة مختلفة

تسمح خطتك الحالية بتحليلات لما لا يزيد عن 5 قنوات. للحصول على المزيد، يُرجى اختيار خطة مختلفة.