صَرْحُ العِلم

ما تنسوا الأُمَّة وإخوانكم من دعواتكم، ولا تغفلوا عنا .

السَّلامُ عَليكُم ورحمةُ الله وبَركاته. ها نحنُ في ليلة التَاسع من ذِي الحجّة ، هذا اليوم الذي نُجهز فيه أنفسنا لساعات مُهيبة مُقبلينَ فيها على الله، اُنظُر إِلَى حَالِ قَلبِكَ قَبل أن تكتب دعواتك، تبرأ من حولكَ وقوّتك إلى حولِ الله وقوّته ، اشتغل في هذه الليلة على شحنِ قلبك ، أكثر من ذكر الله وتِلاوة القُرآن ليفتح الله على فؤادكَ فتحًا طيّبًا مُباركًا. أوصيكم ونَفسي بِاغتِنَامِ ما تبقى من عشرِ ذي الحجّة، لا يَكُن هَمُّكَ مَتَى تَختِم، ولا تنظر إلى النّاس بل إلى نفسك، اجعل سعيكَ وجهادكَ لله استشعر كُل عبادة تقوم بها ولو كانت قليلة، تصدّقوا رحمكم الله ولو بالقليل. لا تغفلوا عن أُمّتكم بالدُّعاء وإخوانكم في كُلِّ مكان،: أهلكم وأحبّتكم وإخوانكم في السُودان وغزّة والشّام، واليمن ، أسراكم في سجون الروافض واليهود والنصيرية، أخواتكم العفيفات في مُخيّم الهول، مشايخنا فكّ الله قيدهم وردّهم إلى ثغورهم، لا تنسوهم بالله عليكم كثّفوا دعواتكم لهم. وجدّدوا ولاءكم لله وعقيدتكم بالبراءة من كلُِّ مُشركٍ وكافر ومن جميع الطواغيت. سلوا الله أن يُهلكَ كُل من كَفر بالله ومنعَ إقامة شرعه وكذّب رسله وافترى وسبّ صحابةِ رسول الله. سلوا الله أن يُيسّر الحلال لشبابِ وبناتِ المسلمين ، واذكُروني بدعوةٍ صادقة عند خَالِقي جلّ جلالهُ ولكم بالمثلِ وأكثر. يا ربّ أعنّا وتقبّل منّا.. نستودِعكُم الله.

لا حرج على الإنسان أن يلزم المَسجد في يوم عرفة بالذِّكر والابتهال والتضرع لله ، فإنّ هذا ممّا لا بأسَ به، لأنّه زمن فاضل وزمن جليل. ولا حرج على المرأة في بيتها أن تتخذ لها موضعًا للصلاة تبتهل وتتضرع لله عزّ وجلّ، فإن هذا من الأمور التي تُستحسن. الشّيخ عبد العزيز الطريفي - فرّج الله عنه-

تأتيني الرؤى الصالحة قبل يوم عرفة بشهرٍ وربما بأسابيع، تحملُ لي في طياتها بشرى الحج. يحدث هذا معي كل سنة، وأصبحت أنتظرها بلهفة، وإن حُرمت منها أعلم أن السبب هو ذنب مني. قبل شهر ونصف، رأيتُ "جبل عرفات بصورته الحقيقية، لا تعديل فيه ولا تشويه واضح جدًا، كان بيني وبينه فاصل حدودي. رأيت حجاج بيت الله يرتدون الأبيض، رافعين أيديهم لله عز وجل، متضرعين خاشعين، متذللين بين يديه،سمعت صوت بكائهم، ومن شدة رغبتي بالوصول إليهم بكيتُ في الرؤيا حتى ظننتُ البُكاءَ فالقٌ كبدي،حاولتُ الوصول إليهم، ولكن كان هناك عائق". عندما استيقظت من نومي، غمرت السكينة فؤادي. جمال الوقوف بعرفة، أصوات التضرع لله والبكاء الخاشع الأسيف، جعلني أستشعر قول موسى عليه في سورة طه: ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ وسمعت قبل يومين بودكاست عن الحج ومناسكه، قال فيه الشيخ: "الحج شوق للقاء الله". فقلت: إي وربي . يا ربّ، أكرمني بالحجّ والعمرة، نحن ومن نحب والمُسلمين أجمع.

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : " صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ ". مَن صامَه يَغفِرُ اللهُ له ذُنوبَ سَنتينِ: السَّنةِ الماضيةِ والسَّنةِ الآتيةِ، وهذا الصَّومُ يكونُ لغَيرِ الحاجِّ؛ فإنَّ الحاجَّ يُكرَهُ له صِيامُ يَومِ عَرَفةَ؛ وذلِكَ لأنَّ الصَّومَ في هذا اليَومِ يُضعِفُ الحاجَّ عنِ الوُقوفِ والدُّعاءِ، وأمَّا غَيرُ الحاجِّ فإنَّه مُخاطَبٌ بهذا الحَديثِ في الفَضلِ والنَّوالِ مِن اللهِ عزَّ وجلَّ.

اعزموا النيّة واجعلوها خالصةً لله وتوكّلوا عليه سُبحَانه.

حقّ أمّتنا علينا عظيم، ولا أيسرَ من دقائق معدودة نخصّصها في الدُّعاء لمرضاها وأسراها وموتاها والمستضعفين في غزّة والسُودان واليمن وفي كُلِّ مكان وأهل الثغور من المُجاهدين في سبيلِ الله، والثابتين القابضين على دينهم ، وهذه ساعةٌ مُباركة في يومٍ مُبارك، فارفعوا أكُفّ الضّراعة وتوسّلوا للملكِ الرحيم، وحاشاه سُبحانه أن يردّ عبدًا لاذ به وصمدَ إليه.

أفضل الأيام العشر آخرها يوم عرفة ويوم النحر، كرمضان أفضله آخره، ومن قصَّر في أول العشر فليستدرك آخرها؛ فإنما الأعمال بالخواتيم. - الشيخ عبدالعزيز الطريفي- فرّج الله عنه.

- قد ينال المُؤمن بدعاءِ أخيهِ ما لا يُدركه بدعائِه لنفسِه .

حفُّونا بدعواتِكم الله يرضى عنكم.

‏ㅤ

نحن لا زلنا في أفضل أيام الدنيا، فلنغتنم ما بقي منها بتقوى الله والعمل الصالح، ولا نجعلها كسائر الأيام الأخرى. ‏فمن حُرم الخير في هذه الأيام فهو المحروم حقًّا. ‏عليك يا عبد الله بالجد والاجتهاد في فعل الطاعات، فلعلنا لا نُدرك هذه الأيّام العام المقبل.

" وتزوّدوا "