نور عدنان الزرعي

أبكى لكَ الجبلَ الشاهقَ بشلال.. ليُريَكَ معنى الجلال! وشَقَّ صَلابةَ الأرضِ بزلزال! ليُعلِّمَكَ كيفَ المُحَالُ يُزال وملأَ الوَردَ عِطرًا يَفُوح! لِتشتاقَ لِجمَالهِ برؤيتكَ الجمال وأرسلَ النَسيمَ حَولكَ يَلوح! ليُلاطِفَكَ برحمتِهِ الرحيمُ المُتعال فهل عندكَ لجمالِ وِدادِهِ لكَ مقال؟ أم هل تغيّرَ بعد الشرحِ الحالُ قبل القال! فعن أعتابهِ لا تغب.. وبالثِّقةِ بهِ امتلئ.. ولِحَرَمِ حُبِّه القُدسِيِّ ابقَ تَردَّد وتعالَ تنال. (أقبِلْ ولا تخف...). (فانظروا إلى آثارِ رحمتِ الله...). نور عدنان الزرعي

لسنا ننسى حنان من حنّ علينا في أيامٍ قاسيات، في حين كنا لا نحتاج الموعظة والنصيحة بالقدر الذي كان القلب مضنًا، يحتاج الحنان ثم الحنان. لسنا ننسى من قال كلمة استندت عليها قلوبنا حين أوشكت أن تنهار، من تفقّدنا برسالة اطمئنان، من أخبرنا أننا عنده لا نهون، من نحّى مشاغل يومه ليسأل عنا، من دعا لنا حتى أورقت أوردة القلب وعاد النبض حيًّا وعبق العمرُ سرورًا. لسنا ننسى من غمرنا بلطف الكلمة والأسلوب، من أحاطنا باللطف، من أصغى لشكوانا وبوحنا الطويل حتى نرتاح ولم يقاطعنا، تمثّل الإصغاء حد الاحتواء. لسنا ننسى من عطفَ بنظرة، من أقام القلب بعد اليأس والإحباط بكلمة، بتسليط الضوء على نقاطنا الجميلة، من رأى فينا الخير، ثم نصح بلطفٍ بحكمةٍ وعقلٍ وطيب موعظة. لسنا ننسى من معهم اللحظة الواحدة توازي عمرًا من السعادات، والجبر، والخير، من نرتاح بوجودهم وجُودهم، من لقاءاتهم جنة نتمنى لو تدوم ولا نهبط منها. ولسنا ننسى من أحبهم القلب قبل أن يعرف السبب، ثم تبدّى أن رأي القلب كان صائبًا حين أقرّ على ذلكم العقل من بديع مواقفهم. هذا القلب يُحسّ ما دام ساقيه القرآن والذكر، هذا القلبُ يشعر وله رأيُ الوَهلة الأولى، هذا القلب له صوتٌ فلْنُصغِ له، حين ينضغط من إنسان! وينبسط وينشرح لآخر. ليس جزافًا. لولا الأحبّة، هذه الحياة صعبة، تمشي فيها غربةٌ على غربة! لكن رحمة الله في حياتنا أن جعل فيها وَنَسٌ بهؤلاء الناس ولو قِلّة. ألا رحمةُ الله على كلِّ هيِّنٍ ليِّنٍ سهل. نور عدنان الزرعي

_لماذا لا تصلي كل الأوقات؟! _قالت: لا أشعر بهمّةٍ على القيام للصلاة خلال النهار، أتكاسلُ عنها، فتفوتني، وأقول لن أصلي حتى تأتيني الهمة. _لا تفكري، حين تريدين القيام للصلاة، لا تعطي الشيطان فرصةً للتسويف فالحوار فالملل فالتأجيل حتى تفوت! ولأثبت لك أنك تستطيعين القيام للصلاة ولو مع قمة الكسل أو التعب، تخيلي أنك جالسة الآن على الكنبة في بيتك بقمة التعب والكسل، ثم فجأةً وجدتِ طفلة تقربكِ وقفت على كنبة عالية، ثم هوت وكادت تسقط. ماذا تفعلين؟ تركضين إليها بسرعةٍ خارقة لتحمليها وتحميها من الوقوع، دون الاسترسال بأي تفكير أنني الآن متعبة، ليس عندي رغبة في القيام، لعلي أأجل ذلك لبعد حين أو أو... تخيلي أن هذه نفسكِ، تكاد تسقط في النار بسبب ترك الصلاة وترك صلاة الفريضة من الكبائر، تخيلي نفسك ستقومين بسرعة لتحميها من الهويِّ في جهنم، بأداء الصلاة. جميلة جدا فكرة #التوقف. أن تتخيلي أن في ذهنك زر توقف، تضغطينه عند إرادة القيام بأعمال لابد منها، لكن الهِمّة لا تسعفكِ. ثم من قال لكِ أننا نقوم بكل العبادات ونحن نطير إليها بسهولة طيرانا! بعض العبادات نقوم إليها بدفع النفس وجهادها. حتى الأولياء كان واحدهم يعاني الصلاة، كان يقول: [كابدتُ الصلاة عشرين عام، وتنعّمت بها عشرين عام] وهو من الأولياء! حين جاهد نفسه ٢٠ عام أكرمه الله لصدق طلبه ودعائه ومحاولاته المستمرة بالثبات ٢٠ عام. والدعاء.. (ربِّ اجعلني مقيمَ الصلاةِ ومن ذرّيتي ربّنا وتقبّل دعاء) إذا كان سيدنا إبراهيم يطلب العون على الصلاة له ولأولاده من الله فنحن أولى. نور عدنان الزرعي

للصلاة في وقت المِحن طعمٌ آخر، ولذّةٌ ما بعذها لذّة! تقفُ بقلبك الشفيف المرهف وكأن (وحنانًا من لدنا...) تحوم حولك. وراحتاك تمسك قلبك وتضغط عليه من أن يقع أرضًا من فرط الهمّ. وكلّما سجدت لله سجدةً تضمّختْ يداكَ من مدد وعطر القُرب، حيث: (واسجد واقترب). فتقومُ وتعاود إمساك قلبك وتشد عليه كي لا يتلاشى بيدين لهما الآنَ أثر. وأيُّما أثر! فالأنامل التي تُلامس السجود، تلامس سبحة الذكر، تلامس المصحف، تلامس الصدقة، تلامس أي خير؛ يصير لها لنفسها ولمن حولها تأثيرٌ وأثر، تلك نفسها التي ستنطق شاهدةً على كل خير أو شر يوم القيامة. وحين تسجد، يُتيحُ لك السجود فرصةَ القرب والخلوة بالله، فرصة البكاء الطويل مغطّيًا عن الناس وجهك، فتبكي وتشكو وتدعو، والدّمع هتّان، والثرى يتشرّبُ هموم عقلك والتفكير السلبيِّ والهَمّ، وكأنَّكَ توضأتَ مرَّتين؛ مرةً قبل الصلاة فغسلتَ عُضوك وتساقط ذنبك مع قطرات الماء، ومرةً بدموع السجود بأثناء الصلاة فغسلت الباطن. فمن أين لك ألا تضيء! ويومًا ما ستسطع هذه الأنوار ليعرفك بها رسولك صلى الله عليه وسلم كعلامةِ أنك من أمّته يوم القيامة. ثم تقوم من السجود مطمئن، وقد خفَّ عن كاهليكَ حِملَك. تواسيك الصلاة... ففيها صِلةٌ بربك، كأنك تحت شلال نور، تستمدّ من نور السماوات والأرض سبحانه نورًا لعتمتك. الدنيا صعبة، ومحطّ بلاء، وما من أحد إلا وفي أعماقه هموم. لكن الصلاة الصلاة ضماد الروح، التي تدبُّ في جسدك القوّة والأمل من جديد. تتذوّق طعمها أكثر في المحن نعم، لأنه وقت انكسارك، والوقت الذي تنفض يديك من كل البشر والأسباب، تتوجّه لله بكُلِّيَّتك وتحقّق خشوعك كما المطلوب، وتلتفت عن الكون لربّك (فوَّلِ وجهك شطر المسجد الحرام...). فرضها عليكَ خمس مرّاتٍ ثم رغّبك سبحانه بالسنن والنوافل، أتدري لِمَ؟ لأنه يعلم منك منذ خلقك أنك تحتاجها، غذاء جسدك الطعام، وهي غذاء روحك وزادك وحدها. تستمدّ فيها من الله ما تستطيع أن تواصل به معمعة الحياة. تدرك بعدها ماذا معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَا بِلَالُ أَقِمْ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا). أرحنا أرحنا. الراحة نحتاج. نور عدنان الزرعي

الهجرة.. ليست فقط بلد لبلد، فحين هاجر الصحابة انتقلوا من أشياء كثيرة لأشياء كثيرة، لأجل الله. من مكة للمدينة، من مكان يحبون للمدينة التي أول ما وصلوا إليها مرضوا من جوّها ومن شوقهم لمكة والكعبة، من بيوتهم وأموالهم لكرم الأنصار، من الأذى للنجاة، من مكان انتقل إليه المعلّم فانتقلوا معه. تكمن هجرتك، في محاولاتك ولو البطيئة في ترك معصية، في ترك عادة سيئة، في خطة نحو تنظيم الوقت جديدة، في هجر وقطع صحبة السوء ولو هنالك محبة عميقة وعتيقة، في التخلص من كل علاقة مؤذية، في الانتقال من كل مكانٍ تُظلَمُ فيه، وفي رحمة قلبك بأن تصنع لعمرك راحةً ومساحة إبداعٍ وسعادة خاصة، في الدعاء الذي يحملك للإنجاز في القرآن في العلم في كل الميادين. وأن تهجر الأحزان متناسيًا لها نحو فرحٍ معقودٍ بالأملِ بالله، وأن تهجر الخوف من المحاولة من جديد بعد كل فشل ذريع غير ملتفت لكلام الناس أو تعليقاتهم، وأن تهجر الكسل بمحولاتك كل يوم، وأن تهجر كل الحوارات العقيمة والمعارك التي تستنزف وقتك وطاقتك وجهدك دون أي تغيير أو جدوى! وأن تهجر الخوف من قول كلمةٍ حق والتعبير عن شيء في قلبك لمن حولك. الهجرةُ قيام، طريقها وعرُ، ولكن لابد من الانتقال من إلى... وتذكر السعة: (وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً...) نور عدنان الزرعي

(#فلما_أسلما) 2 أنت في بُقعةِ سُجّادتك المضيئة تدعوه، تصنع عالمك القادم، تختصر المسافات، تميط عن دربك الأذى والبلاء، تفرش العمر بحقول النجوم، وهو سبحانه في الملأ الأعلى يحرّك الكون لك. لأجل عبدٍ نادى: الله الله الله منقطعًا له وحده. نعم لا ترى. ولكن غدًا ستلمسُ بيدك الجبر والاطمئنان والسلام. توكّل عليه. (ومَن يتوكّل على اللهِ فهو حسبه...). ما أجمل التسليم، أنت تترك لله قيادة حياتك، أنت تُنزِلُ عن كاهليك جبال الهموم، وتدعها على أعتاب ربك سبحانه وهو يقلبها نعيمًا لأجلك. أنت عبدهُ لا يضيّعك. بحرارة كلماتك، بكسرة فؤادك، بدموع دعواتك، وبشكواك له وحده وآهاتك، لن تخيب. فكّرت فكّرت فكّرت دون جدوى! قررت وبحثت وفشلت دون فرج ولا حلّ! (لا تدري لعلَّ اللهَ يُحدِثَ بعد ذلك أمرا). يا صاح! أنت لك ربّ! لست وحدك. أوَ مِن فَرطِ الهَمِّ نسيت! نور عدنان الزرعي

_ثم ماذا فعلت؟ _تبقى المحنةُ تصبُّ بالإنسان وتطول حتى يفعل كما فعل سيدنا إبراهيم، ب (فلمّا أسلما...) استذكرتُ محنةً عظيمةً مررت بها من سنين، ما كان النجاة منها والفرج إلا بالتسليم. يا أخي! لماذا نحن نحشر أنفسنا في تدبير الله لنا وهو أولى بنا منا وأعلم بما يُصلحنا! لماذا نتدخّل! لماذا نحنُ لا نهدأ ولا نستكين! _أوَ هذا التسليم سهل! _لا ليس سهلًا، لكنه وحده الحل، وحين تقرره بقلبك تتنزل عليه الطمأنينة والسكينة وتُعانُ عليه. الله يريدك له، الله يحاصرك بمحنةٍ ويغلق كل الأبواب عليك لتعتمد بقلبك وحالك وسلوكك فقط عليه وحده سبحانه، ليتملئ قلبك بحبه وحده. _كيف ولكن التفكير يرهقنا ويُلاحقنا! _لا! توقّف قليلًا عن التفكير ما استطعت، توزان توازن، وسلّم لله، ودعِ المخاوف جانبًا فالله معك! _وماذا حدث مع سيدنا إبراهيم؟ _وقع بمِحنةٍ، حين رأى في المنام أنه يذبح ابنه -ورؤى الأنبياء حق ووحي ليس مثلنا أضغاث!- فقام إليه يُخبره، فرضي الولد البارّ، وحين استسلما كليهما؛ الأب وابنه لأمر الله عز وجل، -ولو كان الأمر عجيبًا صعبًا مضنيًا- هنا تدخّلت رحمة الله لثقتهم بالله، ما ضيّعهم الله، وفدى الولد بكبشٍ عظيم، وأخبرنا سبحانه وتعالى في أي لحظةٍ جاء الفرج: (فلمّا أسلَمَا...). واللهِ يا أخي هذا وحده الحل، صل ركعتين قضاء حاجة واستخارة، واشكُ لله ما ألمّ بك، وحيرتك، وضياعك، والناس، والمواقف، والغم، والحلول الفاشلة، والعجز الذي أقعدك وكبّلَ حركتك عن أي خطوةٍ نحو الأمام مُبهَمَة! ارفع الملف كما هو لمُدبِّر الأمر، لِمَالِكِ الكون، وسَلِّم له كيفما أراد، واسعَ بالأمر على قدرك، ولا تُعيّن عليه سبحانه مرادًا محدّدًا! بل قل له: اختر لي، رضّني، اجبر كسر قلبي. وامضِ في الحياة مُضَمِّدًا جِراحَ القلبِ النازفِ بالرضا. اللهُ بعد أن سألته بالاستخارة والدعاء كيف يفعل! هل سيُضيّعك وهو وحده محلّ ثقتك! وهو القائل عن نفسه سبحانه: (...واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون). سيهديك السبيل، سيُرسل لك دليل، وسيجبرك، وسيعوِّضك، لا تتعلّق إلا به، ولا تتملّق إلا لجنابه الكريم. أنت في بُقعةِ سُجّادتك المضيئة تدعوه، تصنع عالمك القادم، تختصر المسافات، تميط عن دربك الأذى والبلاء، تفرش العمر بحقول النجوم، وهو سبحانه في الملأ الأعلى يحرّك الكون لك. لأجل عبدٍ نادى: الله الله الله منقطعًا له وحده. نعم لا ترى. ولكن غدًا ستلمسُ بيدك الجبر والاطمئنان والسلام. توكّل عليه. (ومَن يتوكّل على اللهِ فهو حسبه...). ما أجمل التسليم، أنت تترك لله قيادة حياتك، أنت تُنزِلُ عن كاهليك جبال الهموم، وتدعها على أعتاب ربك سبحانه وهو يقلبها نعيمًا لأجلك. أنت عبدهُ لا يضيّعك. بحرارة كلماتك، بكسرة فؤادك، بدموع دعواتك، وبشكواك له وحده وآهاتك، لن تخيب. فكّرت فكّرت فكّرت دون جدوى! قررت وبحثت وفشلت دون فرج ولا حلّ! (لا تدري لعلَّ اللهَ يُحدِثَ بعد ذلك أمرا). يا صاح! أنت لك ربّ! لست وحدك. أوَ مِن فَرطِ الهَمِّ نسيت! نور عدنان الزرعي

••شكوايَ تسمَعُها.. وهُمومي تعرِفها ☆يا ربِّ آهاتي.. أتدُومُ تترُكُها؟ ••في قلبي تُحرِقُني.. والدَّمعُ يُغرِقُني ☆لا أعرفُ سِواكَ.. أأضِيعُ تَهجُرُني؟ ••هل لي سِوى بابك؟ متى جِئتُ تقبلُني ☆يا ربُّ فعسَاكَ.. بالخيرِ تجمَعُني ••للخيرِ تُوصِلُني.. رُحماكَ فارحَمني ☆ناديتُ: اللهُ.. وهتَفتُ: مولاهُ ••وصدحتُ: ربّاهُ.. ربّاهُ ربّاهُ ☆البَلوى تَصقُلُكَ.. كالماسِ مِن كَدَرِ ••في شَرعِهِ تُبنى.. كمَنَازِلِ القَمَرِ ☆مَن أدمَنَ النَّجوى.. فضِياؤُهُ يَسِري نور عدنان الزرعي