صُحبَة.

سؤال مُهم: شن وجهة نظركم تجاه شُيوخ التّحفيظ اللي تُضرب في طُلابها"فلقة" كعقوبة للتّقصير؟

- أُنس، سَكينة، فُسحَة.

"المشاعر التي تُثيرها العِبادات في نفس العبد؛ لابُد وأن تظل خفية عن الأعيُن: لذة الأُنس بالله، وصَفاء النّفس في الدُعاء، الخشوع في الصلاة، البُكاء في الآيات كُلها رصيدٌ طَيّب، إن كُشف ستره عُوقبَ كاشفهُ بالحِرمان، ومن ذاقَ تلكَ اللّذة لا يتوانى في الحفاظ عليها، والحاصلُ أنَّ منصات التّواصل هذه الأيام أصبحت محطًا للرِّياء وتناقلِ الأعمال، أما بالله عليك، ألا تترك بينكَ وبينَ اِلله خَبيئة؟"

شيّختكَ التَّجارب؛ لكنَّ قلبكَ بالآمالِ مزالَ فتيَّة.

تُنشَرُ مئاتُ الفَوائدِ يومياً في القَنوات؛ وهذا من النِّعم المَنسيّة، فقد مرَّ على هذَا البَلدِ سَنواتٍ يطلبونَ فيها العِلم خِفْيَةً وكأنّهُ من المَمنُوعات، فلا يأخذُكَ الإعتيادُ إلى أن تتخطأهَا أو تتجَنّب قراءتها. قِفْ عليها وقفَةَ المُحتاجِ المُستشعرِ لهذهِ النِّعمَة؛ إنْ كُنتَ لا تعلمُها فقد ازدتَ عِلماً، وإن كُنتَ على عِلمٍ سابقٍ بها فإنَّ الذكرى تَنفعُ المؤمنين.

قال ابنُ عمر -رضي الله عنهما-: «إنَّ الرّجُلَ لَيستخير اللهَ فيختارُ له، فيَسخَط على ربِّه، فلا يلبثُ أنْ ينظرَ في العاقبةِ فإذا هو خيرٌ له.» ابن المبارك | الزّهد.

في فَترةٍ مَا كُنت على مَعرفةٍ وتواصلٍ مُستمر مع شَخصيةٍ كاتبة، بدايةً كُنت لا أحِبُّ كِتاباتها ويأخذُنا النّقاشُ طَويلاً حول ما تَكتُب. فأخبرتني ذات مرَّة: أنّها لا تُحِبُّ قراءة الكُتب-الفنيّة تقصِد-؛ إذ أنّها لا تودُّ أن تُشبِعَ عقلها بأساليبِ غيرها فتُصبحَ نُسخةً مُتحوّرة عنهم فينعدمُ منها الإبداع والإلهامُ الذّاتي. فكانت تُشبِعُ عَقلها يومياً بكلمةٍ تحتوي تَرادُفاتٍ كَثيرة؛ وبقواعدِ اللّغة وهكذا برأيها يتوّلدُ الإلهامُ من الذّات. حقيقةً لم أكن مُقتنعة تماماً بالفِكرةِ حِينها، إذ أنِّي لا أستوعِب كيفَ يكتبُ الشِّعرَ من لم يقرأهُ؟ ولكن بعدَ سنواتٍ طّويلة وبعد رؤيتي إلى ما آلَ إليهِ حالُها، أقتنعتُ تماماً أن الكَاتِبَ المُهلم يمكنُ أن يتوّلدَ من العَدم.

- بنظرتي الخاصّة- أرى أنَّ كُلّ قارئٍ نَهِمٍ يُجالِسُ الكُتبَ سّاعاتٍ طِوال وإنْ كانت في مواسمَ مُعيّنة يستطيعُ أنَ يكونَ كاتباً؛ أو على الأقل يخرجُ بنصٍّ مُنظّم يِصفُ فيه حالاً من أحواله. لأنّنا بشكلٍ غيرِ مَلحوظ نتشبَّعُ بمُفراداتٍ قراءناها، و أساليبَ كِتابيّة أحببناها، حتّى تخرجُ مِنّا أخيراً بنصٍّ مُرتَب؛ لكنّهُ مؤكدًا يَفتقرُ إلى الحِسّ الإبداعي.

﴿ وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا﴾.

قالَ مُحمّد بن عَليّ بن الحُسين: ندعو اللهَ فيمَا نُحِبّ، فَإِذَا وقعَ الذّي نكره لم نُخالف اللهَ فيما أحَبّ. حِليةُ الأوليَاء | الأصفهَانِي.