منصور الحذيفي

حاشية للتوضيح: هموم الحياة يستوي فيها الجميع.. ‏لكن الهموم التي يتمايز فيها الناس قد يصح أن نسميها: الهموم المكتَسَبة.. ‏أحدهم يهتم أشد الهم وقد يبكي لأن فريقه انهزم ‏وأحدهم قد يبكي لأنه فاتته صلاة الفريضة في وقتها أو لأنه لم يستطع إغاثة محتاج.. ‏فمثل هذه الهموم كاشفة للهمم

على قدر الهِمم تأتي الهموم.

أحب الكاتب المتأنق في كتابته، وأبغض المتكلف، وبين التأنق والتكلف شعرةٌ لا يقطعها مَهَرةُ الكُتّاب.

أنا ممتنٌّ جداً لكل كاتب بليغ متأنِّق حبَّبَ إليَّ الكتابة، لكل كاتب جعلني أقترب منه حتى أُصبتُ بعدوى الكتابة.. هذا الداء المُضني اللذيذ!

تموتُ كثيرٌ من العبارات والمعاني الرائعة في آلاف الكتب المنسية، حتى يقرؤها قلبٌ حي، ويمسُّها قارئٌ ذوّاق، فيبثّ فيها الأنسَ والحياة..

وما رأيتُ ابتسامةَ طفل إلا تمنَّيتُ أن تُصان من صروف الدهر، وأن تمتد جذورها في أعماقه أكثر فأكثر، حتى تُمِدُّها بماء الحياة فتستعصي على عواصف الخذلان، وتصمُد لشتى التقلبات، وتكون كتلك الابتسامة التي نراها دائماً على بعض الوجوه، مهما تناوشَتها مخالب الحياة، حتى صارت ملمَحاً من ملامحها التي تُوصَف وتُعرَف بها!

الاقتراب الشديد من إنسان يجعلنا نرى النمش والرتوش وآثار الشقاوة القديمة وضرباتها.. أي يجعلنا نرى الإنسان على حقيقته.. كما هو.. بخيره وشره.. فإذا كان هذا هو غرضك فاقترب ولا بأس، أما إذا كنت تخشى على صورته في نفسك من التشوُّه والاختلال؛ وتتأثر من الاصطدام بهذه الحقيقة؛ فإن القمر إنما يجمُل في عيوننا حين نراه من هنا، من على بعد ثلاثمئة وأربعة وثمانين ألفاً وأربعمائة كيلو متر! أنا أحب أن أرى في كل عظيم: إنسانيته، ضعفَه، شيئا من حماقاته، مع بقاء سمات العظمة فيه، ولا أظن ذلك سيؤثر في نظرتي له ولا في مكانته في نفسي، بل على العكس، كثيراً ما يجعلني ذلك أقول: ها هو ذا يعاني مما نعاني منه، من عيوب النفس، ومن معوِّقات الواقع، وها هو أيضا -مع كل ذلك- يصعد، ويقاوم، وينتفض على قيوده ليبلغ ما بلغ!

عليك بالغياب الذي يُعطي الحضورَ معناه.. وعليك بالجِدّ الذي يُعطي المزاح معناه.

تُتيح لك القراءة وكذلك منصات التواصل من الاطلاع على أحوال الناس الظاهرة ومآسيهم ونكباتهم ما تغدو معه معاناتك التي تُثقل كاهلك: نُزهةً مُريحة! ‏فهوِّنْ عليك، وسكِّنْ من جأشِك!

من أعظم النِّعَم أن تُحَبَّبَ إليك القراءة.. فليكن من شكرك لله على هذه النعمة: أن تقرأ، ولا تفرّط فيها أو تكسَل عنها، وأن تجوِّد نوعية قراءاتك، وأن تفيد غيرك في ذلك بحسب ما يتهيأ لك من وسائل، وفقك الله وفتح عليك.