تنبيه بخصوص المحاضرة الأخلاقية الثانية:
كتاب
الأخلاق الناصرية هو أقدم كتاب (ظاهرا) في الأخلاق للشيعة ألّفه الخواجة نصير الدين الطوسي لناصر الدين أبي الفتح عبدالرحيم بن أبي منصور الحاكم الاسماعيلي - في قهستان - في وقته.
وسبب تأليفه:
هو أنه جرى ذكر كتاب تهذيب الأخلاق وطهارة الأعراق لأبي علي ابن مسكويه الرازي فطلب الحاكم المزبور منه أن يترجمه إلى الفارسية، فأجابه الخواجة نصير الدين الطوسي بأن ترجمة الكتاب تذهب بجماليّة لفظ الكتاب الأصل وهو مع ذلك مشتمل على فرع من فروع الحكمة العملية فقط خال عن الفرعين الآخَرَين تدبير المنزل وسياسة المدن.
فاقترح أن يُؤلّف كتابا مشتملا على الفروع الثلاثة ويجعل الباب الأول ملخصا من كتاب تهذيب الأخلاق وطهارة الأعراق لأبي علي ابن مسكويه الرازي فوافق ناصر الدين أبوالفتح على ذلك.
وجعل الباب الثاني في تدبير المنزل اقتبسه من رسالة مختصرة في تدبير المنزل لحكيم يوناني يُعرف بآبروسن وأضاف عليها بعض الآداب.
والباب الثالث في سياسة المدن اقتبسه من كتاب آراء أهل المدينة الفاضلة لأبي نصر الفارابي والسياسة لابن سينا وختمه ببعض الوصايا المنسوبة إلى أفلاطون.
وقد كان التأليف سنة ٦٣٣ من الهجرة.
وقد أعاد النظر فيه سنة ٦٦٣ هجرية بعد سقوط الحكم الاسماعيلي واستيلاء المغول على البلاد أيام هلاكو خان.
وأما
أوصاف الأشراف فهو كتاب في السلوك وطي المنازل المعنوية.
قال الخواجة نصير الدين الطوسي في مقدمة كتابه أوصاف الأشراف:
إنّي بعد تحرير الكتاب الموسوم ب
الأخلاق الناصريّة في بيان الأخلاق الكريمة والسياسات المرضيّة على طريقة الحكماء الماضين، أردتُ أنْ أُرتِّب مختصراً في سِيَر الأولياء، أهل الحقيقة وقاعدة سالكي الطريقةِ، مبنيّاً على القوانين العقليّةِ والدقائق العلميّة، على وجهٍ يكونُ لبَّ هذه الصناعة وخلاصةَ الفنّ مع قلّة البضاعة، فشغلتني عنهُ الشواغلُ البدنيّة.
الى أن قال:
وشرعت في إيراد تلك الحقائق وذكر تلك الدقائق في هذا المختصر، واستشهدت في كلِّ بابٍ بآيةٍ من التنزيل، وسمّيتهُ بـ "
أوصاف الأشراف"، فإن صادفَ فهو المرادُ وإلّا فعلى قُدرةِ العبدِ لا يُستزاد.
تمهيد:
في ذكر ما يشتمل عليه هذا المختصر:
لا ريب أنّ من نظر في وجودهِ وأحواله، علم أنّهُ محتاج إلى غيره.
وكلُّ محتاجٍ إلى غيرهِ، فهو ناقصٌ في نفسه. وإذا علم نقصان نفسه، انبعث في باطنه شوقٌ إلى كماله، يدعوهُ إلى طلبه، فيحتاجُ في ذلك الطلب إلى حركةٍ، يُسمّيها أهل الطريقةِ (السلوك)، وكلُّ من رغب في هذه الحركةِ يلزمهُ ستّةُ أشياء:
الأوّل: بدايةُ الحركةِ (وما تحتاج إليه)، فتكون بمنزلة الزاد والراحةِ في الحركة الظاهرةِ.
وتشتمل على: (الإيمان والثبات والنيّة والصدق والإنابة والإخلاص).
والثاني: إزالةُ العوائق، وقطعُ الموانع عن تلك الحركةِ. وتشتمل على: (التوبة والزهد والفقر
والرياضة والمحاسبة والتقوى).
الثالث: الحركةُ الّتي بها يصل (السالك) من المبدأِ إلى المقصد، وتُسمّى بالسير والسلوك. وأحوالُ السالك في تلك الحال تشتمل على: (الخلوة والتفكير والخوف والرجاء والصبر والشكر).
الرابع: الأحوالُ الّتي يمرُّ بها في أثناء سلوكهِ، من مبدئهِ إلى مقصده.
وتشتمل على: (الإرادة والشوق والمحبّة والمعرفة واليقين والسكون).
الخامس: الأحوالُ الّتي تسنحُ إلى الواصلِ بعد سلوكه.
وتشتمل على (التوكُّل والرضا والتسليم والتوحيد والاتّحاد والوحدة).
السادس: نهاية الحركةِ وعدمها وانقطاع السلوك، الّذي يُسمّى في هذا الموضع (الفناء في التوحيد).
وكلُّ واحدٍ من تلك المعاني ـ غير نهاية الحركة ـ يشتمل على ستَّة فصولٍ، غير الباب الأخير، فإنّهُ غير قابلٍ للتكثير.
وينبغي أنْ يُعلم أنّه كما أنّ كلَّ جزءٍ من الحركةِ غير الجُزءِ الآخرِ، والآخرُ مسبوقٌ بجزٍء منها، ومستعقبٌ بجزء، كذلك كلّ حالٍ من أحوال السالك، واسطةٌ بين فقدان سابقٍ وفراقٍ لاحقٍ في حال فقدان السابق كانت تلك الحال مطلوبةً، وفي حال الفراق مهروباً منها، فحصول كلٍّ بقياسهِ إلى ما تقدّم كمالٌ وحال التوجّهِ إليه مطلوبٌ كما قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "من استوى يوماه فهو مغبون"، وإليه الإشارةُ بقولهم: "حسناتُ الأبرار سيّئاتُ المقرّبين". انتهى
فهناك فرق بين الكتابين موضوعاً فليُعلم.
📌
https://t.me/doroos_almousavi