بَلسَم - لِمن ألقى السمع

حصل عبر التاريخ وما زال يتكرر.. التقسيم مشروع احتلالي استيطاني، من أنكر على من يُنكره فليخشَ وليجهّز عدّته إن وجدت.. المآل نفسه ينتظر الجميع الصامتين. التقسيم لم يطل فلسطين والصحراء فحسب، بل طال كل مناطق المسلمين.. ومن قال: أنا ضد الحدود، ثم أنكر على من يغار على منطقة إسلامية فليراجع نفسه، هكذا حصل في الأندلس من قبل أمام أنظار العالم الصامت، والتاريخ يكرر نفسه.. والناس كأنهم أنفسهم لأن العقول نفسها. --- ما المشكلة لو كانت قشتالة منطقة دولية؟ ماذا لو بقي للمسلمين ربع غرناطة فقط؟ يتساءل جاهل. يستنكر آخر: لا تجعلوا من هذا الأمر قضية مهمة، ليس وقته الآن. نعم كما لم يكن وقته حين كان المسلمون في أشد الاحتياج إلى وحدة الصف ونصرة بعضهم، فالتفتوا لشؤونهم "الخاصة" وحروبهم الداخلية والخارجية، وفاجأهم المحتل على ضعف. لكننا على يقين اليوم بما لا يدع مجالا للشك، أن لهذه الحوارات كلها نهاية: وهي يوم ظهور النموذج الحقيقي للمسلمين المصلحين الحاملين لميراث النبوة، هناك يظهر إخوانكم الذين لم تعرفوهم ولم تنصروهم ولكن الله عرفهم وحفظ لهم وفيهم وبهم الدين، وترون منهم ومن جيرانهم وإخوانهم خير العمل. وما أقرب الصبح للمترقب! والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المغرب من طنجة للكويرة بلد إسلامي.. والمغرب الكبير من ليبيا لموريتانيا بلدان إسلامية.. هذه أرض المسلمين، من رغب عن قطعة منها فقد رغب عن أرض إسلامية. والدفاع عن الأرض لمجرد الأرض ليس قضية نموت لأجلها، لكن الدفاع عن الأرض لأنها أرض الإسلام وأرض إخوتنا المسلمين هو أمر ((جاهد)) فيه أجدادنا. دماؤهم التي في الصحراء شاهدة، ومن استهزأ بهذا فليحمل على عاتقه دماءهم. قضيتنا ليست وطنجية/ قومية كما يتصورون.. قضيتنا دينية بالدرجة الأولى. ومن لم يقرأ من قبل عن تاريخ الصحراء ومجاهديها وعلمائها، ولم يعاين بطولاتهم ومساندتهم لإخوانهم المسلمين في المشرق والمغرب، فلا يحق له استصدار الأحكام ولا لوم من له غيرة على هذه الأرض المباركة. ولا يزايد علينا أحد في الصحراء، ولا يقفنّ مسلم مع العدو في خطته التقسيمية ثم يدعي أننا نحن من نفرق المسلمين ونقسمهم. ووالله لو أن لأهل تلك البقعة المهملة قوة لخرجوا بأوسع كتائبهم وأجود ركبهم لنصرة إخوانهم وما تأخروا دقيقة، فلا يؤذينّهم أحد في دينهم ويخرجهم عن أرض المسلمين. وماذا يهم في كل هذا الآن؟ إعترفنا بصحرائكم أو لم نعترف.. هل سيتغير شيء؟ مرة أخرى، القضية ليست طلب اعتراف شخصي أو دولي، نحن كمغاربة لا نحتاج هذا، قد يحتاجه السياسيون والقادة، إنما يحتاج المغاربة أن يتعلّم الناس "قليلا" عن إخوانهم في الدين، ويقرؤوا "قليلا" عن التاريخ الإسلامي، ويفهموا "قليلا" ما معنى رسم الحدود من طرف المحتل وتوكيدها من طرف المسلمين على إخوانهم. الله يهدينا جميعا للصواب، ويرد بنا وبإخواننا لما يرضيه.

للمهتمين: مشروع مميز وأكاديمية جديدة للفتيان، لا تفوتوا التسجيل فيه. وهو بثمن رمزي جدا جدا ولا يقارن بحجم الاستفادة إن شاء الله تعالى. رابط الأكاديمية: https://www.fityacademy.com

السودان لا تختلف على غزة ميليشيات الدعم السريع المدعومة من دويلة الامارات تقتل المسلمين وتحرق منازلهم

لا غالب إلا الله.. على أعدائه لا غالب إلا الله.. نصرة لأوليائه لا غالب إلا الله.. اصطفاء لأحبائه لا غالب إلا الله.. تحقيقا لوعده لا غالب إلا الله.. حفظا لكلماته لا غالب إلا الله.. غلبة سميع بصير عليم قدير أخذه شديد اللهم إخواننا وأحبابنا وقطعة من قلوبنا في رفح وغزة!

الأصل في كل مايحصل في العالم من أحداثٍ وماجريات: التغيّر والتبدل. ويبقى الثابت الوحيد: وعدُ الله سبحانه ومشيئته وِفق سننه. ولا يواجه زوبعة المتغيرات الشديدة في هذا الزمن إلا إنسان تمسّك بالثابت الأوحد، وعلم أنه لا مناص من أوبةٍ إلى كلام الله ملاذا وملجأ وتبصرا وعملا. عودة جماعية وفرديّة إلى التمسيك بكلام رب العزة، بوّابة الأمل الكبرى، والدرع الأمتن في وجه عواصف الأزمات.. حيث يقول فيه القوي المتين جل جلاله: {والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون} لا عجب أن نحتها أهل الأندلس في صخور بيوتهم وقصورهم: لا غالب إلا الله!

{وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها، وما ربك بغافلٍ عما تعملون} سورة النمل، الآية 93

وقفة خاصة مع هذه الحلقة التي تترك في النفس أثرا عميقا ومختلفا ! حلقة (السيرة الذاتية) للشيخ أحمد السيد حفظه الله. على المستوى الشخصي أرى أن ميزة هذه الحلقة ليست بمعلوماتها، بل بالمعاني الكبرى فيها، وسبحان الله مهما عرف الإنسان عن أهل الله فإنه يظل قليلاً في فهم حكمة الله في تدبير كونه. ويدرك الإنسان أكثر وأكثر حجم الابتلاء الذي هو فيه الآن، كيف ربه سهل له مكانا يخدم فيه دين الله بين هؤلاء الذين نسأله سبحانه أن يجعلهم من أوليائه وخاصته، ونحسبهم من الصالحين الأتقياء والله حسيبهم. ماذا أقول.. القلب يشتعل؛ خشية على حالنا ألا يرانا الله مخلصين فيستبدلنا.. أو يحرمنا من أهل العلم فينظر كيف نعمل، أو يحرمنا من شرف خدمة الدين بذنوبنا! فقط تصوّروا معي أن ما نسمعه الآن سيصبح تاريخا يقال فيه كان فلان وقال فلان وفعل فلان.. وقال الشيخ كلمة:

"الحساب عسير"

فشعرت بـوخزة في داخلي. أي والله الحساب عسير.. وأول من تسعر بهم النار قارئ للقرآن ومجاهد! لأجل ماذا؟ أرادوا بعملهم غير وجه الله. هذه نقطة محورية فاصلة في أي مشروع.. وكما قال فريدنا الأنصاري: العمل الذي لا يتولاه الله لا يفلح أبدا. ---> وكذلك الشخص الذي لا يتولاه الله يضيع ويزيغ! • ثم ترون أن ما كان يحرك الشيخ طيلة هذه السنوات كان الهمّ الدعوي.. ----- الهمّ جعله يقدم على خطوات عاقبتها مهلكة لولا لطف الله، ----- الهمّ جعله ينطلق في مشروع قيل له إن غيرك قام به والردود موجودة ولن تضيف شيئا، ----- الهمّ جعله ينطلق في العمل دون حسابات إلا حساب التوكل على الله فـبِه تسهل الحسابات الأخرى، ----- حمل هم الأمة جعله يبدأ بنفسه.. ولا يلتفت لعدم وجود الصاحب أو المعين في مشروع كان آنذاك خطوة استباقية تأخر فيها عدد من المشايخ وطلاب العلم بل واستهانوا بها وبأثرها... ولكنه كذلك أدرك أن الثغر أكبر من أن يحمله بنفسه فاتجه لصنع الحملة.. لم تكن فكرة لامعة وبراقة ومكتملة مثلما نراها الآن (رسالتي صناعة الحملة المصلحين).. لا بل كان هكذا يحركه فقط دافع واحد: هناك ثغر تحتاج فيه الأمة رجالا، أنا لها ولكني لن أكفي وحدي؛ إذن سأصنع الرجال.. انطلق وأنشأ صناعة المحاور.. وما قبلها من الممهدات جعلت هذه التجربة كلما كبرت يباركها الله. ---- عجيب جدا، إن لم يكن هذا اصطفاء فما الاصطفاء؟ إن لم يكن هذا قول ربنا للشيء كن فيكون كما أراد بحكمته وسنته فما أمر الله؟ والأعجب قلة الإمكانات وحال الأمة الحرج جدا والضغوطات وغير ذلك الكثير. ____ تجربة الاعتقال، وما أدراك ما الاعتقال! المُلفت بالنسبة لي في تجربة الاعتقال المذكورة ليس كونها معلومة جديدة عن الشيخ، ولا حتى مستغربة في تلك السياقات الزمنية المُحيطة. العجيييييب جدا هو: لماذا يا شيخ أحمد لم تأخذ لك خمس سنوات نقاهة للخروج من ذلك الرعب؟ إن لم يكن من ذلك الرعب فعلى الأقل حتى تتعافى من مرضك.. لماذا مباشرة إلى التأليف والدعوة ومشاكل الشباب؟ -----> هنا يدرك الإنسان الموازين الحقيقية، ويفهم ويفقه معنى أن يستيقظ الإنسان وينام، ويعيش ويموت؛ لله وحده.. طريقةَ أبينا إبراهيم الحنيف الأمّة، ورسولنا الكريم من بعده: بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِين

قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين

لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِين نحسبه من السائرين على هذا الطريق والله حسيبه، ثبته الله وثبتنا معه حتى نلقى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على الحوض غير مبدلين بعده.