قناة أحمد بن خالد الهاجري

( الخوف من الفتنة ) من يتأمل في النصوص الواردة في الفتن و التحذير منها .. و ينظر في أقوال الأئمة و العلماء و مدى خوفهم ثم يشاهد انتشارها و قوة التأثر بها .. تكاد تغيب عنده جميع الحاجات إلا النجاة منها .. جاء في الحديث : "ثم فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لَا تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا لَطَمَتْهُ لَطْمَةً" أَيْ : أَصَابَتْهُ بِمِحْنَةٍ وَمَسَّتْهُ بِبَلِيَّةٍ , وَالْمُرَاد أَنَّ أَثَر تِلْكَ الْفِتْنَة يَعُمّ النَّاس وَيَصِل لِكُلِّ أَحَد مِنْ ضَرَرهَا. قال شيخ الإسلام : " الفتنة إذا وقعت لم يسلم من التلوُّث بها إلا من عصمه الله " و جاء عن الخبير بالفتن حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه : أَنَّهُ أَخَذَ حَجَرَيْنِ فَوَضَعَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ ثُمَّ قَالَ لِأَصْحَابِهِ : هَلْ تَرَوْنَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنَ النُّورِ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , مَا نَرَى بَيْنَهُمَا مِنَ النُّورِ إِلَّا قَلِيلًا ! قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَظْهَرَنَّ الْبِدَعُ حَتَّى لَا يُرَى مِنَ الْحَقِّ إِلَّا قَدْرُ مَا تَرَوْنَ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنَ النُّورِ , وَاللَّهِ لَتَفْشُوَنَّ الْبِدَعُ حَتَّى إِذَا تُرِكَ مِنْهَا شَيْءٌ قَالُوا : تُرِكَتِ السُّنَّةُ" و قال أيضاً : « ليأتينَّ على الناس زمانٌ لا ينجو فيه إلّا من دعا كدعاء الغريق » رجل في مقام الصديق -رضي الله عنه- بعد فتنة المرتدين يقرأ في الثالثة من المغرب : "رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب" إذا لم يكن الخوف من الفتن و الدعاء بالنجاة منها ملازم للعبد فلا شك بأنّه واقع بها ..

( فُرَص ) يختص الله أُناساً بفرص توصل للفردوس الأعلى إن هم اغتنموها .. مثال : التمكن من الصحبة ! خصّ الله ذلك الجيل ببعثة النبي ﷺ فآمن به أقوام و كفر به آخرون ! لكن من آمن منهم من رآه ففاز بشرف الصحبة، ومنهم من لم يهاجر إليه مع قدرته حتى مات ﷺ ولم يره فحرم منها ! مثال آخر : شخص يدرك والديه أو أحدهما في حال كبر سنهما، ولا يوجد غيره أو لا تهيأ الفرصة في البر إلا له، فيصد عنها لانشغاله بما يراه أولى، فيحرم الفردوس الأعلى ! آخر : تفتح له المشاركة في خدمة الإسلام بالأعمال العظيمة، كمن يوفق للعمل مع شيخ مؤثر أو في مشروع نوعي، وهو لا يملك الموهبة فيأبى ويبحث عن أعمال أخرى ! هذه الفرص عبارة عن عطايا إلهية وهي من أفضال الله على بعض عباده .. محروم من لم يقرع باب الجنّة ويسخر كل ما يملك لدخولها .. وأعظم حرماناً وأكثر غبناً من تفتح الجنّة بابها له وتلقي بنفسها عليه، فيصد عنها !