سَما

ومن خلال وصايا ونصائح وتوجيهات الحسين (ع) المختلفة التي اطلعت عليها ، أستطيع القول بأنني أعتقد بأن مفتاح شخصية الحسين (ع) يبرز ويتبلور في حس الحماس والحس الملحمي ، في عظمته وصلابته وشدة بأسه وصموده وتقديسه للحق . إن الأحاديث التي تروى عن الحسين بن علي (ع) نادرة ، ولكن المقدار المتوفر يدل على هذه الروح العالية . لقد طلب من الحسين بن علي (ع) يوماً أن ينقل أو يروي حديثاً سمعه بنفسه عن رسول الله (ص) . لاحظوا هنا انتخاب الحسين لنوع الحديث النبوي ، إن هذا الانتخاب بحد ذاته يحدثك عن روحيته وشخصيته المتميزة . قال الحسين عليه السلام : سعمت من رسول الله (ص) أنه قال : ( إن الله تعالى يُحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها (1) انظروا إلى الرفعة والعظمة التي يتميز بهما الإمام فهو عندما ينتخب الحديث النبوي لا يقع اختياره إلا على حديث الروح العالية . في الواقع إنه يبرز شخصيته بهذا الحديث . لقد وصلتنا بعض أبيات من الشعر نسبت إلى الحسين (ع) تتجلى فيها كذلك هذه الروح الحسينية : سبقت العالمين إلى المعالي بخسن خليقة وعلو همة ولاح بحكمتي نور الهدى في ليال في الضلالة مدلهمة يريد الجاحدون ليطفئونا ويأبى الله إلا أن يتمه . -الملحمة الحسينية|مطهري.

ونحن إذ نطالع سيرة علي ترانا نتوقف مثلاً عند تلك القصة الشهيرة التي حصلت له مع عمرو بن ود العامري وهي : إنه لما أوقعه علي على الأرض وتقدم نحوه ليقتله ، إذا بذلك الرجل يبصق بوجه علي فما كان من علي إلا أن رجع قليلًا إلى الوراء ، ثم عاد لتنفيذ المهمة مجدداً وعندها سأله ذلك الرجل : ولماذا لم تقتلني منذ البداية ؟ قال لما كنت قد وقعت تحت تأثير الغضب الشخصي لم أرد تحريك يدي نحو رأسك وتأثير الغضب الشخصي لا يزال عندي فيكون لغضبي الشخصي. تأثير في قتلك ولأنني أردتُ قتلك خالصاً في سبيل الله وتحقيق الأهداف الـعـامـة للخلق تراجعت قليلاً إلى الوراء لإزالة مفعول الغضب الشخصي أولاً الشاعر ( المولوي ) المعروف يصف أمير المؤمنين (ع) في معرض هذه الواقعة ببيتين من الشعر رائعين ، بلغ فيهما - كما أرى - حداً في الصدق لا يداني ، ومضمونها : كنت فرداً وفي العدالة حقاً ففى الشجاعة من أسود الله بل لساناً لكل عدل وحق وفي المروءة .. ذا بعلم الحق. - الملحمة الحسينية|مطهري.

إن علماء النفس لا سيما أولئك الذين يهتمون بكتابة السيرة يسعون على الدوام من أجل اكتشاف مفتاح شخصية كل عَلَم من الأعلام حتى يتسنى لهم فهم روحيته . ولذلك فهم يقولون إن لكل شخص مفتاحاً خاصاً يُطلقون عليه مفتاح الشخصية وإذا ما تم اكتشافه فإنه من السهل عندئذ فهم سيرة حياة ذلك الشخص كلها . لكن اكتشاف مفتاح شخصية الأفراد بالطبع أمر صعب للغاية لا سيما إذا كانوا من نوع الشخصيات العظيمة . يقول عباس محمود العقاد المفكر المصري الشهير في كتابه ( عبقرية الإمام علي ( : ( لقد وجدت أن مفتاح شخصية علي هو في فروسيته . فعلي رجل تملأ حياته كلها روح الرجولة والفروسية سواء في میدان الحرب أو في محيط العائلة - في محراب الصلاة أو في مقام الحكم أو في أي مكان كان . نعم فالفروسية تعني وقفة الرجولة والإباء وهي ما فوق الشجاعة .

إن الحسين بن علي (ع) عبارة عن روح كبيرة وروح مقدسة ، وعندما تكبر الروح يتعذب البدن الذي يحملها ولكن ما أن تصغر الروح حتى يرتاح البدن ويستقر ، وهذا حساب خاص بحد ذاته . أن يأتي ابن عباس وغيره وينهوا الحسين (ع) عن الخروج أمرٌ لا يُفيد ، لأن روح الحسين (ع) لا تجيز لصاحبها القعود والسكينة . يقول شاعر العرب الشهير المتنبي : وإذا كانت النفوس كباراً تعِبَتْ في مُرادها الأجسام نعم فعندما تكبر الروح يضطر الجسم لأن يلحق بها ويتبعها وبالتالي يتحمل المشاق معها . لكن الروح الصغيرة هي التي تذهب نحو تحقيق رغبات البدن ، فتصبح طائعة لكل تعليماته ، والروح الصغيرة تراها منهمكة أبداً في تهيئة لقمة العيش للبدن حتى وإن تطلب الأمر الاستعانة بأساليب التملق والخنوع والمراءاة وهي تبحث عن السلطة والمقام حتى وإن تطلب الأمر ارتهان ناموس الإنسان وشرفه وضميره وهي جاهزة لتقبل كل أنواع الذل والتعاسة من أجل الحصول على الثروة والأثاث ووسائل الراحة والترفيه والنوم المستقر الهادىء. - الملحمة الحسينية | مطهري.

يا هلال المحرم يا غريب التبسم كم حسيناً شهدت في جمعه مفرد الدم ويزيد ابن عمه رب ملك معظم مات والناس خشع في فراش منعم وبجسم مجمع وبرأس معمم لم يخض في دمائه عربي وأعجمي لم يمت وهو جائع لا ولا كان بالظمي لم يضع منه والد بحسام ابن ملجم وأخ بعد والد بطعام مسمم وأخ بع ذا وذا يستقي نهر علقم حاملاً قربة إلى أخته في المخيم ورضيع رماه نذل بسهم وما رمي دمه فوق نحره مثل نقش منمنم كم فتى كرم الردى في الردى لم يكرم سبعة بعد عشرة من بدور وأنجم كلهم يدمع الورى لاسمه حين ينتمي مقبلاً لا مبالياً بالسنان المحطم ذا فضول كأن من يدرك الموت يسلم قصة كم تكررت مثل رق مختم خلت الدهر كله وجه عبد موشم هل تبسمت يا أخي من قبيل التهكم صامتاً تخبر الورى ما أصول التكلم إذ ترى خير أمة كرغيف مقسم وعلى كل قطعة ظالم الكف والفم حاكم غير حاكم مسلم غير مسلم ظهرها ظهر تلة قلبها قلب منجم ورفاقاً لنا قضوا في زنازين عتم قتلتهم آمالهم فإذا لمتهم لمِ قال صبراً ولا يكن سيفكم بالمثلم بدم القوم عمرت هذه الأرض فاعلم ملكوا الأرض والسما سر فيمن وشتم جعلوا الأرض صفحة في كتاب ومعجم اكسر النذل ينكسر آلم الوغد يألم واطلب الحق لا يضع واشهد الحرب تغنم وادع بالخبز يومها ثم قسم وأطعمِ واحفظوها وصية من هلال المحرم شهداكم أهلة ليلهم غير مظلم ليس موت محتم يا أخي بالمحتم

بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ مادامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا

تصاميم سما😎