cookie

Ми використовуємо файли cookie для покращення вашого досвіду перегляду. Натиснувши «Прийняти все», ви погоджуєтеся на використання файлів cookie.

avatar

بذرة وفكرة

شيء من وحي الخاطر | محمد بن هيكل الأكحلي.

Більше
Рекламні дописи
678
Підписники
-424 години
+57 днів
+12330 днів

Триває завантаження даних...

Приріст підписників

Триває завантаження даних...

السلام عليكم. كيف حالكم جميعاً. أود أن أحذف البوت ورابط الحساب من القناة؛ لأركز أكثر على الكتابة، واعذروني في الانقطاع عنكم. سأنشره بعد أن أكمل سلسلة المقالات إلى المائة.. وفي هذه المدة سأكتب كثيراً إن شاء الله. من أحَب شيئاً وأحَب نشره فليفعل وله الشكر، ومن لم يُحب فلا بأس. سأُبقي الرابط هنا إلى غداً مثل هذا الوقت إن شاء الله.. أود أن تكتبوا لي آخر رسائلكم وتوجيهاتكم: t.me/SY8Bot?start=wbhwi00Swb خالص مودتي.
Показати все...
• طريق الغبار والمطر! في الحديدة، كانت النار تشتعل من تحت الرمال، والغبار يتطاير ويرتطم بالوجوه كلكمات سريعة، يذكّر كل من تطأ قدمه الطرقات في هذا المكان أن الصمود عملة نادرة. هنا، قضيت أسبوعًا كاملًا، والأيام تبدو عصيبة، يكاد ذوبان الحلم أن يحتل التفاصيل المختبئة في زوايا الرحلة. واليوم قررت السفر إلى صنعاء. السيارة تشق الطريق ببطء، تُبحر في قلب صحراء لاهبة كدلو يسحب ماءً من بئر. كيف يمكن للمرء ألا يعترف بعظمة خلق الله في هذه التحولات المفاجئة، عندما تحولت السحب في لحظة من نار مشتعلة إلى صنبور ماء، وبدأ صوت الرعد يهتف حولنا، يعلن عن قدوم رحمة السماء؟ بين ضربة مطرٍ وأخرى، وبين روائح الطين وحفيف الأشجار، غصتُ في تأملاتي. تأملت الشجر الصابر وسط الرياح، والحجر المطحون بفعل الزمن، والعجائز الواقفين على حافة الطريق بكل شجاعة. نقلوا بقاماتهم المنحنية قصص الوطن، كأن ظهر كل عجوز يشبه خريطة توحّد الأوجاع. إنهم هنا في انتظاراتهم الطويلة، يتحدّون جحيم الحياة، ويضربون لنا مثالًا في قياس الصبر على طريقتهم الريفية الصامتة. فجأة، تتأرجح السيارة بين الحفر كراقص مجنون، فيضحك أحد الركاب قائلًا للسائق: - "يا أخي، فكرة توظيف مقعدك في السيرك ما جت على بالك؟ يمكن نجيب ملايين!" فيرد السائق بسخرية: - "يا صاحبي، لو كنا نهتم بالأسفلت مثل اهتمامنا بالقات، لكنّا صرنا قدها وقدود!" فتعالت الضحكات رغم انحناءات الطريق، لتخفف عن الركاب وطأة العناء. أستمر في مراقبة فسيفساء الفساد المنتشرة على جوانب الطريق، كأنّها متاهة يصنعها الجشع للمساكين. لكن، رغم هذا الخذلان، أبقى متفائلًا. ففي نهاية المطاف، لا شيء يضاهي عنفوان التحدي في قلب هذا الشعب المقاوم. أؤمن أن صنعاء، رغم ضبابها والمطبات التي تعاني منها، لا تزال تضطرّ أن تبحث عن طريقها البسيط وسط جبال العبث والغبار. مسحت زجاج نافذة السيارة بطرف قميصي الرطب، لأحظى ولو بلمحة من مشهد الأرض تحت وطأة المطر. عكست الطُرق الضيّقة وحدَات الضباب في المدائن، كأن الطرقات اشتعلت بمطر السحاب. فلا شيء أنقى من المساحات الضيّقة، ذلك الانحناء في الأرض الذي يشبه خلوةً داخلية، حيث نختبئ قليلًا لينكشف لنا الجوهر. وحين وصلت إلى صنعاء، اختلطت قطرات المطر بالغبار، تتشكل صور واستعارات كأنها مرآة لأملٍ هارب. ستمضي الحياة هنا رغم الفساد، ونظل نتساءل عن مصير الطرقات التي نعبرها كل يوم دون وجهة جلية في الأفق. ويبدو الجواب بين تلك الأودية والقمم حاضرًا: لن يتغير الطريق ما لم نغسله بعرقنا، وما لم نضع جميعًا يدنا في يدٍ واحدة، ندفع حجر الفساد بعيدًا، لنرى الشمس تحرّر وجوهنا من ضباب السياسة والغبار الخانق. 🖋️ وسيم الزبيري - اليمن. #أقلام_المتابعين.
Показати все...
80- يوم الوحدة اليمنية! أعود لألبس اليوم بدلة السَاسَة اضطراراً، وأتقلَّد العمامة.. ولَعَمري ما فسد حالنا إلا يوم أن جعلنا السياسة في مَعزلٍ عن الدين! وليس يغيب عني قول أهل العلم: من السياسة اليوم ترك السياسة! وما كلامي هنا بمعارضٍ لقولهم؛ ولكن نهيهم محمولٌ على الخَوض فيها بعد أن تلوَّثت بدساتير الغرب، فما من عاقلٍ -فضلاً عن عالمٍ- يقول بإمكان وزن السياسة بشيءٍ غير الدين! حسناً.. أعتقد أن هذه مقدمة جيدة، لأدخل في صلب الموضوع. يوم الوحدة اليمنية الذي كان يوم 27 شوال 1410، الموافق لـ 22 مايو 2022 للميلاد. هل نسميه عيداً؟ لا. هل نحتفل به؟ لا. وما حجتنا لهذا القول؟ حجتنا هو نبينا وخليل ربنا ﷺ حين قدم المدينة ووجد الأنصار رضي الله عنهم يحتفلون بأعياد لهم منذ عصر قبل الإسلام، فقل لهم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر. فكان قوله تشريعاً لهم ولنا بعدهم، فلزمنا اتباعه. وما عارضه أجدادنا الأنصار وقالوا: قد ألِفناها من قبل مجيئك! ما قالوا هذا، ولكن كان لسان حالهم ومَقالهم: سمعاً وطاعة. هذا هو التنزيل الشرعي لأصل المسألة، والذي عليه جماهير أهل العلم من السَّلَف والخَلَف. ثم هل يلزم من هذا القول أننا لن نفرح بوحدة اليمن؟ لا، بل ما من مسلم غيور على وطنه إلا ويفرح بوحدة أرضه وبلاده، وانتزاع قيود القومية الذميمة من نفوس الشعب، وإخلاص نفوسهم للولاء لله ورسوله ﷺ ثم لأراضي وطنهم الإسلامي. ولكن فلتَكُن الفرحة لجوهر الأمر الذي استفدنا منه حقاً في واقعنا، وهو مشروع الوحدة نفسها، وليس مجرد الشعارات والبهارج في الشوارع، فما لهذه قيمة عند العقلاء، بل ولستَ ترى القامات الكبيرة يشاركون فيها! والإنسان بهويته الإسلامية يفرح بما يصلح به وطنه، ويخدم المسلمين، ويُذيب بذور الشِقاق والنزاع الذي كاد أن يستوطن في النفوس، لولا لطف ربنا ورحمته جل وعلا. وهنا نرى منقبة ذاك اليوم حين اتحد شطرا اليمن، أرضاً وحكومةً وشعباً، فأزالوا عنهم كل الأُطُر والأغلال التي فرضها الاستدمار البريطاني على عامة الشعب، ولن أغض الطرف عن بعض حقراء السَاسَة الذين كانوا يداً خفية للاستدمار، ولعبوا بالأوضاع من الداخل، وهيئوا العرش قبل مجيء الاستدمار نفسه! ثم جاء وأفسَدَ وخرَّب، ورحل إلى حيث ألقَت رحلها أم قَشعم! ولكن.. ما الذي جعل الناس ينتظرون عشرين عاماً من بعد خروج الاستدمار (1967 ميلادي) ليحققوا الوحدة في (1990 ميلادي)؟! كان السبب ولا شك الأفكار الخبيثة التي غرسها القوم في شعبنا، وأوقد فتيلها بعض السَاسَة، لأنها كانت تخدم مصالحهم الشخصية، ولو أنهم فقهوا قاعدة: "المصالح العامة تُقدم على المصالح الخاصة"، من شريعتنا الحنيفة أو حتى من القوانين الغربية التي يُقدسونها، لَمَا فعلوا فِعلتهم تلك، ولكن الاستدمار لا دين له! وحسب التوصيف التاريخي أن بلادنا اليمن الحبيب كان مشطراً إلى شطرين، الشمال يحكمه أئمة الزيدية، والجنوب اغتصبته دولة الاستدمار البريطاني، وبعد التخلص من الاثنين، توحَّد الشطران، وتلاحمت أصول الدولتين لتعود كما كانت منذ آلاف السنين: أرض اليمن السعيد، إلا أن الأرض عادت ولكن السعادة لم تعد بعد! ولكن الأمر وجوهره أن وحدة القلوب أهم من وحدة أشبار الأرض، واتحاد الكلمة أقوى من اتحاد الحدود والشعار والعملة! واستمرار الوحدة قلباً وقالباً أهم من كل ما سواها في نفوس الشعب. ولكن لو أنَّا نظرنا بعينٍ ناقدةٍ بصيرة إلى سياسة الاستدمار، لرأينا أنها لا زالت تعيش بيننا وتبيتُ في بيوتنا! جاءت إلينا أجنبية غريبة، فألبسوها لباساً وطنياً كما يزعمون، وقالوا هي وليدتنا وبنت جلدتنا! أحدثكم عن الحزبية يا سادة! التي فرَّقت وقطَّعت وعاثَت في الأرض الفساد! ولئِن كان الاستدمار يقسم الوطن نصفين، فإنها قد قسمت البيت الواحد قسمين وثلاثة! جاءوا بدساتير الغرب ليُشرعوها في أرضنا.. رأوا الجسد قد ضُمِدت جراحه وبدأ يلتئم، فأبَوا إلا أن يُمزقوه مرةً أخرى وبسيوف أبنائه! ألَا قبَّحهم الله وما جاءوا به، وأعاد الله مَجد البلاد يَمَناً واحداً شعباً وحكومة، تحت مظلة الإسلام، لا قومية تحكمه ولا حزبية تُفرقه! دمتم بخير. 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ١٤ ذي القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...
79- أثواب الأدباء! مهلاً! لا تظنوا أني سأتحدث عن جبة شاكر أو ثوب الطنطاوي، ولا قبعة العقاد، أو الطربوش الأحمر الخاص بالرافعي! حديثي هنا عن الأثواب التي يُلبِسونها أقلامهم! هل قرأتَ "رسالة في الطريق إلى ثقافتنا" لمحمود شاكر؟ أو "تعريف عام بدين الإسلام" لعلي الطنطاوي؟ هل اطلعتَ على "وحي القلم" للرافعي، أو "العبقريات" للعقاد؟ هذه هي أجمل أثوابهم رحمهم الله.. وإذا كان الأدب يُخرِج لنا مثل هذه الكتب، فهو شيءٌ نبيل والغفلة عنه مذمومة! حين نقف أنا وأنت ومعشر القراء ونفتح كتاباً، سنرى أمامنا الأدباء وهم يخلعون عن ربقتهم كل القيود؛ فيتكلمون عن الدين والعلم والأدب والفكر والحب والحياة وكل شيء! لكن قليلهم يُصيب، وأكثرهم يخبِط خَبطَ عَشواء! فإذا كان الشعراء يقولون ما لا يفعلون -بنص القرآن-، فما بالكم بالأدباء الكُتَّاب وهم أعلى كعباً من الشعراء! وأكثر حريةً منهم، ولا وزن يُقيدهم ولا قافية؟! لا شك أنهم سيُخطئون، خاصةً أن مادتهم الأدبية تقودهم إلى أن يقرؤوا ويكتبوا في أمور وعلوم كثيرة وإن لم يكونوا من أهلها! وقد بالغ أحد الأدباء فقال: إن الكاتب يحتاج أن يعرف كل شيء، حتى حديث النساء في خدورهن! حتى أنك تجد منهم من يقتَات بأدبه وشعره؛ فيمتدِح به المُتردية والنطيحة!، ولا يستحيي أن يمدح اليوم من كان يذمه بالأمس؛ لأن الحديث ليس حديثه، بل حديث الدراهم التي عُرِضَت له! وسيكون من الحماقة أن أذكر لك مثالاً أو اثنين، فأنت تعرف عدة أمثلة على هؤلاء! وأما قول قائلهم: "والشعر في مَعزلٍ عن الدين" فليس على إطلاقه؛ بل الدين قاضي على الشعر والأدب، فما وافق قَبِلناه، وما خالف رميناه ولا كرامة! فلسنا نوافق الأدباء والشعراء على ما وقعوا فيه من الأغلاط الشنيعة.. بل نردها عليهم، فمن تاب منهم نفع نفسه، ومن أبى وعاند فهو رهين كلماته عند ربه. أحمد شوقي أمير الشعراء المعاصرين بلا أدنى شك، ومع جلالة مكانته في الشعر عند النُقاد؛ لكن لا أحد يُبرر بعض أبياته الشنيعة التي هي للكفر أقرب منه للإيمان. ونزار قباني حين أفحَشَ في الغزل غير العفيف رده وانتقده أكثر النقاد، بل إن النفوس السوية تأبى سماع كلامه ذاك، وربما صنفه بعضهم أنه الحامل لراية عمر بن أبي ربيعة في هذا العصر! وأما العقاد والرافعي وجبران بعد أن زلَّت أقدامهم في التغزل بتلك الأديبة! نقص وزنهم، وأخرجوا من التآليف عن الحب أسوأ ما لديهم.. ولا تسأل حينها لماذا انتقدها الأديب الفقيه علي الطنطاوي وحذر القراء منها، وهو الذي أشاد كل الإشادة بهم في بقية ما كتبوه! ناهيكَ عمَّن تلوثوا بلوَثة السياسة؛ كطه حسين ونجيب محفوظ وأحمد مطر وغيرهم.. فنقصت مكانتهم من هذا الباب وغيره. كل هذه ردها أهل الأدب على أصحابها كما ردوا هجائيات الحطيئة وخمريات أبي نواس ونقائض الفرزدق وجرير.. أما الأخطل فهو نصراني، فالقول فيه ما هو مُقرر عند الفقهاء: ليس بعد الكفر ذنب! وإن كان مُخاطَباً بفروع الشريعة، لكن لا شيء أشد من الكفر. ولا يكفينا مجرد نقد النُقاد للأدباء والشعراء؛ فأكثر ملاحظاتهم هي لغوية بحتة، هذا على أن كثيرين منهم يلتزمون في مناهج نقدهم بعبارة "والشعر في مَعزل عن الدين" وقد بيَّنا خطأ هذا. بل لا بد من نظرة أخرى نقدية من باب وزن الأدبيات بميزان الشريعة.. نرقى من خلالها إلى رتبة الأدب الجيد، العفيف اللفظ، الرفيع المعاني، السامي الفكر. ولعل هذا أحد أسباب تميز بعض الأدباء على بعض من هم أكبر منهم؛ كابن قتيبة من المتقدمين وجرير وأبي تمام من الشعراء، والطنطاوي والإبراهيمي من المتأخرين وغيرهم، رحمة الله على الجميع. فكان لا بد أن يلبس الأديب ومثله الشاعر ثوباً عفيفاً شريفاً، ويحافظ على مبادئه ويتحرى قول القائل -سواءً كان الشافعي أو الدينوري-: ومـا من كـاتبٍ إلا سيفنى   ويُبقي الدهر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شيءٍ  يسُرك في القيــامة أن تراه أتحدث هكذا بصفتي قارئ مبتدئ في الأدب، وأنصح صَحبي وإخواني بمثل هذا، ألَّا ننجرف خلف روعة الأقلام وحلاوتها؛ فما كل من اشتهر أو امتدحه الشعراء يستحق هذا! الأمر وما فيه أنك لو خلَّدتَ نفسك في ذاكرة الشاعر أو الأديب، سيُخلدك هو في ذاكرة التاريخ! سواءً بالمدح أو القدح! وهل كنا سنعرف سيف الدولة لولا المتنبي! ومَن المعتصم لولا أبو تمام! وغيرهم كثير! والذي أرى أن أقتفيه مستقبلاً لو كتب الله لي أن أكون صاحب قلم.. ألَّا أنتهي حتى أجعل كل من يعرفني أو يقرأ لي يُحب العلم والأدب! وأن يقرأ مقالي كلٌ من المُحدث والفقيه والأديب والشاعر والنحوي والعامي فيستفيدون جميعهم! وأما قلمي الذي لديه إلى الآن قبعة وعمامة وثلاثة أثواب تقريباً.. أريد أن أملأ له دولاباً كاملاً! حتى ألبس لكل حالٍ ثوبه المناسب، وأما إن طغى يوماً، وانحرف عن الطريق، فسأُلبِسه ثوباً أبيضاً وأدفِنه بين رماد الورق! دمتم بخير. 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ١٣ ذي القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...
ثم يدخل الجامعة والحال هو الحال! بل ربما التقى بصحبة أسوأ من صحبة المدرسة؛ تُفسِد ما بقي فيه من صلاح! فماذا تنتظرون منه بعد هذا؟! أيها الأب.. لستُ ألقي اللوم كله عليك، ولكنك حتماً مشارك في التقصير؛ فالشاب في العشرين أو قبلها أو بعدها لا يرى الحياة إلا من منظور الطعام والقات والدخان والتنزه مع الأصحاب! وربما معاكسة الفتيات! بينما أنت الذي قد وصلتَ إلى الأربعين والخمسين، قد رأيتَ الصِعاب، وكابدتَ العيش، وذقتَ المُر لأجل أن تؤسس بيتاً، وتُجاهد لتكون أباً وزوجاً وموظفاً في آنٍ واحد! بعد هذا، قل لي: لماذا لا تغرس هذه المسؤولية بداخله، وتصنع منه رجلاً قبل أن يصل سن البلوغ؟! أرجو ألا تأتيني بحُجَج واهية، مثل أنه لا زال صغيراً، أو أنك تُفرغه لأجل الدراسة! لأن الواقع سيثبت لك كما أثبت لغيرك أن الدَلال يُفسد الشباب، وأن أكثرهم ليسوا أهلاً للدراسة وهم في حالهم هذا، فلا بد من تغيير فِكرهم، بل ربما أنت أيضاً تحتاج إلى تغيير فِكرك قبلهم! يا سادة.. اعذروني على جُرأتي ولكن! قبَّح الله الحزبية، وقبَّح الله الهواتف، وقبَّح الله القات والدخان، وقبَّح الله مجالس الغيبة والنميمة.. كل هؤلاء أشغلوا الشباب عمَّا ينفعهم، وأغرقوهم في تُرَّهات الحياة ووَحل التفاهة وأوديتها المظلمة! أنقِذوهم يا سادة حتى تناموا قَريري الأعيُن في بطن الأرض، وقد خلَّفتم بعدكم جيلاً يُقيمون الدنيا ويُقعدونها لأجل أحلامهم، وكما صنع منكم آباؤكم رجالاً أكفاء، في ميادين العلم والعمل، اصنعوا منهم مثلكم! وورثوهم مبادئكم وأخلاقكم! أرأيتم يا سادة، لو أننا وقفنا جميعاً كتفاً بكتف، الآباء والشباب والفتيات؛ فاهتممنا نحن بالإعداد والعلم، وتوفرت لنا فرص العمل، واهتمَمنَ النساء بإعداد الفتيات ليكوننَ أمهات ونساء صالحات، واهتم المعلمون بالتدريس وتربية الجيل تربية صحيحة، وخفَّض الآباء المهور، وشدَّ الشباب سواعدهم للزواج، هكذا سينتج لنا جيل قوي علمياً وفكرياً، وبيوت صالحة مُحصنة، ومجتمع متماسك ومُنتِج.. لا تؤثر فيه الشهوات ولا الشُبهات، ولا تتخطفه الأفكار الهدَّامة، ولا ينجرف خلف التيارات المظلمة. حينها فقط نضمن لهم مستقبلاً مشرقاً، ونضمن لكم أن تموتون وأنتم مطمئنون! وهذه الخامسة! وفيهنَّ كفاية إن شاء الله! دمتم بخير ودامت منطقتنا وبلادنا وكل بلاد الإسلام بخير. 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ١٢ ذي القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...
بذرة وفكرة

شيء من وحي الخاطر | محمد بن هيكل الأكحلي.

78- عن الآباء والشباب والبنات! ملاحظة: لستُ مستشاراً أسرياً أو خبيراً اجتماعياً، ولا مُتفلسِفاً فيما لا يعلم! أنا شاب، أعرف مجتمعي، وأكتب هنا ما أراه صواباً، ولا يهمني إن مدَحه أحد أو قدَح فيه! ولستُ أحتكر الرأي؛ فالباب مفتوح للنقاش بعلم وأسلوب! اتفقنا؟ حسناً.. أيها السادة! تعلمون جميعاً أن الأوضاع الاجتماعية في مُجتمعنا مُضطَربة قليلاً، كما هي في المناطق المجاورة، ولكنَّا لا نريد هذه المقارنة معهم؛ فلسنا في سباقٍ ماراثوني، بل نريد وضعنا اليوم أفضل منه في الأمس. انظروا عمَّا حولكم، كم لدينا شباب عاطلين عن العمل، ونساء كُثُر في البيوت، لا هم انشغلوا بالعلم ولا بالعمل! فمالنا نقف ساكنين بينما الفرصة سانِحة أن نُقيم لهم دورات تعليم بدائية في مختلف الفنون والمِهن الحرفية؟! دورات حول أساسيات التجارة، وتعليم القيادة، وأساسيات الحاسوب وغيرها، ونُقدِم للنساء مثلاً دورات تعليم فن الخياطة والتطريز؛ لنستغني بمنتجاتنا المحلية عن غيرها، ودورات إسعافات أولية، وإدارة منزلية حول رعاية الأطفال وتعليمهم، وتحسين تقنيات الزراعة والمحاصيل.. ومن يُحسنون التدريس نوفر لهم طلاباً في كافة المجالات. لو فعلنا هذا لأنتَجنا، ولو كسلنا فسنبقى دوماً عالةً بعضنا على بعض! هذه الأولى. ثم كذلك.. ستجد في كل بيت شاباً لم يتزوج، وفتاةً لم تتزوج، وربما أكثر! هو لا يقدِر على مهرها، وهي ليس بيدِها شيء، والذنب كل الذنب على أبيها وعلى عادات المجتمع الظالمة! يا معشر الآباء! هل هناك مَزاد عَلَني على المهور؟! ما لنا نرى الأرقام تزداد كل عام وكأننا في ماراثون؟! لا تُبرروا لنا بغلاء الأسعار؛ فما كل مشتريات العرائس ضرورية! ألستُم تريدون السِتر لبناتكم؟ فما بالكم تقفون حاجِزاً أمام زواجهن؟! ما بالكم إذا تقدَّم الفقير الصالح رفضتُمُوه بحُجَّة أنه قليل المال، ولن يُعيِّش ابنتكم في رفاهية! وإذا تقدَّم الغني ذو الخُلُق السيء قَبِلتُمُوه، بل وقَبَّلتُمُوه في رأسه، وكأنه صاحب الفضل عليكم! وإذا قيل لكم: ولكنه لا يصلي! قلتم: سيهديه الله! فَلِمَ لا تقولون عن ذلك الفقير: سيرزقه الله؟! أوَلَيسَ الهادي هو نفسه الرزاق سبحانه وتعالى؟! ما لكم كيف تحكمون؟! وما يضُر الفتاة أن تعيش مع مَن يُعِزها ويُكرمها وإن كان فقيراً، وهو والله أعَز وأشرَف لها من الغني المُتكبر الذي يُهينها ويُخبرها كل مرة أنه مُستغنٍ عنها وقادر على أن يشتريها هي وأهلها بأمواله! ولستُ أعَمِّم، وحطوا تحتها مائة خط، لستُ أعَمِّم؛ فهناك فقراء أنذال في تعاملهم، وهناك أغنياء كثيرون أجِلاء وأشراف من فَرط تواضعهم وأخلاقهم. والمشكلة أن الأب الذي يُزايد ويُناقِص في المهر، عنده أبناء عازبين يبحثون عن زوجات! وحين يرفع مهر ابنته هو بالمقام الأول يضع السيف على رقبة ابنه! يا معشر الآباء! أنسيتم ما كان يفعله آباؤكم؟! إذا رأوا الشاب الصالح الكُفء للشابة الصالحة، لا يُفوتون الفرصة؛ بل ربما يعقِدون النكاح في يوم وليلة، فستان أنيق، وبضعة جرامات من الذهب، وتمَّ العرس! كانوا يُسهلونها على أنفسهم فسهلها الله عليهم، فعاش الرجل مع زوجته ستين وسبعين سنة وما اشتكى أحدهما من الآخر! حتى في بناء البيوت؛ كان الجار يقول لجاره "أعِرني كتفك" بمعنى أعطني جدار بيتك، فيصبح هو وجدار بيته جدارين، واجتمع الشباب وبنوا جدارين آخرين ليُصبح بيتاً صغيراً وعُشاً زوجياً، يتم توسعته مع الأيام ليكون موطِناً للعديد من الأبناء! أدري أن الأمور اليوم ليسَت بهذه البساطة القديمة، ولكن لنجعلها بسيطة ما أمكَننا ذلك؛ بضعة جرامات من الذهب، وبضعة ملابس، وحفلة بسيطة وغرفة أو بيت صغير وتمَّت الأمور بخير وسعادة! المهم أنك تشتري رجلاً لابنتك، سنداً لها، وهو ابناً آخراً لك عند الشدائد. وهذه الثانية. ثم عن موضوع الشباب! أنتم أيها الآباء.. أنفقتُم وتعبتُم عليهم، ثم اصطادَهم قومٌ آخرون! أخَذَهم منكم غيركم، ووَرِثهم من ليس لهم بوارث! لا يغُرَّنكُم أنهم معكم في البيوت، فوالله إنهم سابِحون في آفاقٍ بعيدة! أخَذَتهُم مجالس القات، وأنواع الشيشة والدخان، والألعاب الإلكترونية، والمسلسلات والأفلام الهدَّامة، والعلاقات الهاتفية مع الفتيات، والصالح منهم من يكاد يسلم من فخ الأفلام السيئة ومشاهد العهر في الهواتف! والتي ستقودهم لفساد الفطرة وانتكاستها.. وتعلمون الباقي! حقيقة بائسة غفلتم عنها، فنحن شباب مثلهم ونعرف ما يمُرون به، وأقول لكم بلسانهم: أنقذونا يا آباءنا! فالقادم أسوأ. ويا أيها الآباء! مالي أراكم تُقصُونهُم من مجالسكم؟ في الأفراح والتعزيات والمناسبات وغيرها؟ كيف تريدون الشباب يأخذون عنكم مبادئكم وأخلاقكم وهم دائماً بعيدون عنكم؟! لستُ أشجع على مضغ القات، وما ذُقته طيلة حياتي، ولا خير فيه ولا نقاش في هذا، ولكن ما دام أنكم واقعون فيه وتعرفون ضرره؛ فما لكم لا تأخذون بيد أبنائكم نُصحاً وتوجيهاً لهم أن يبتعدوا عنه وعن الدخان وتوابعهم؟!
Показати все...
تتحدثون في مجالس القات عن كل شيء في الدنيا، وتأكلون لحوم بعضكم بعضاً غيبةً ونميمة، فما لكم لا تبتكرون الحلول لمشاكل شبابكم؟! اجعلوا لهم بدائل فيها النفع لهم، وادعموهم فيها؛ ككرة القدم والمسابقات الرياضية، ففيها النفع للجسوم، وفي القراءة والمسابقات الأدبية، ففيها النفع للعقول. اجلسوا مع الشباب وأشعِروهم بالثقة والجدارة في مجالس الكبار، وإن بَدَت منهم الهَفوة والهَفوتان فلا بأس، فقد بَدَت منكم مثلها أضعافاً مضاعفة في شبابكم، وتعلمون هذا. المُهم أن تُوجهوا مسارهم، وتُصححوا أفكارهم، وتناقشوا مشاكلهم، وينصح أحدكم حين ينصح بأسلوب الصديق المُقرب، وأسلوب الأب المُربي، فمن كان من الشباب قاسياً سيَلين، ومن كان ليناً سيَشتد! ومن انحرف بعد هذا فرُدُّوه إلى الطريق بالنُصح أولاً وبالشدة والقسوة ثانياً.. ولكلِ داءٍ دواء! وهذه الثالثة. ثم إننا جميعاً نعرف المستوى العلمي والثقافي لآبائنا حفظهم الله، وجيلهم كان جيل علمٍ وعمل.. لكن، ماذا عن جيلنا؟! أخشى أن تبكي عليه البواكي! وتنوح النائِحات! فمنذ أن جاءت الهواتف الذكية، صرنا أكثر غباءً! وأخشى إن مات آباؤنا وجميع الجيل الأول، وصرنا نحن الآباء.. أن التفاهة والحماقة ستغزونا! وسنصبح حتماً في مأزق وكارثة حقيقية! لذلك كان الجدير بنا أن نبدأ منذ الآن بالإعداد للجيل الناشئ، ونغرس فيهم اليوم أن يكونوا قادة الغد؛ حتى نراهم في عهدهم يهُزون عروش الطغاة، وأسوار بني الأصفر، لا أن يهُزون جسومهم في (التيكتوك!) ليتها تُقام أندية علمية وثقافية في مناطقنا، لتهيئة الشباب وعياً وفكراً.. وليس هذا بالصعب؛ لأن فينا كوادر كثيرة قادرون على مثل هذا. ماذا لو كنا نحن أصحاب هذه الفكرة وأقمناها، ثم انتشرت في المناطق المجاورة؟ لَعَمري إن مدينتنا تعز ستعود تعز القديمة، مدينة العلم والثقافة! التي لم تكن يوماً من الزمان أقل من زبيد ولا صنعاء، كما هو مُسطَّر في كتب التاريخ وكتب طبقات علماء اليمن. ماذا لو رأينا تلك الأندية حقيقةً -ولو كانت إلكترونية-، ورأينا فيها من يُقيم حلقات لتحفيظ الشباب كتاب ربهم جل وعلا، ومن يُقيم مسابقات علمية وأدبية بين الشباب وحتى بين الأكابر! ماذا لو أقيمت سِجالات ونقاشات علمية مُثرية بين الأساتذة وأصحاب الأقلام! تُنظمها لجان تحكيم، ضمن مواضيع هادفة بعيدة عن وَحل السياسة ودنائة الحزبية.. يتم من خلالها تحفيزهم وإثارة حافظتهم العلمية، ليُخرجوا أفضل ما عندهم. يا سادة.. مثل هذه النقاشات ستُولد بيئة علمية بين أفراد المنطقة؛ سترى الجميع يقرأ، والكثير يناقش، والبعض يكتب. نعم، سيفهمها البعض أنها وسيلة لتسييس الألسُن والأقلام؛ لكن هذا لن يحصل إلا عند العقول المريضة.. ولا مرحباً بهم بيننا! وهذه الرابعة. أعود إلى حديثي عن صانعي الأجيال؛ المعلمين. ما لنا نراهم تضمَحِل قدراتهم وعلومهم؟! يذهبون للمدارس ويُلقون الدروس على طلاب مُهملين، ويمُر العام تلو العام وما ازداد علم الطالب ولا الأستاذ! يحفظ الأستاذ منذ عشرين أو ثلاثين عاماً ما يُلقيه على طلابه، ثم يبقى يكرره كل عام، ولا يزيد منه ولا ينقص! والطلاب يتغيرون، والأجيال تتبدل، وهو ثابتٌ على نفس طريقته! بل ربما يتدنى في مستواه العلمي! وليس هذا الثبات محمود؛ بل إن المعلم الحقيقي هو من يواكب عقليات طلابه، ويرفع من مستواهم إلى مستواه، لا أن ينزل بمستواه إليهم دائماً، ويُبقيهم في نفس المكان! لا يليق هذا به، فهم واجهته أمام العِلم والعالَم. وفي هذا المعنى يذكر لنا الأديب الكبير إبراهيم المازني أن من آفات التدريس أن المعلم حين ينزل بعقله إلى مستوى الطلاب، يهوي هو نفسه إلى ذلك المستوى بعد أعوام، إن قصَّر في الاطلاع والقراءة الجادة المناسبة لمستواه. ثم إن تغيَّرت عقليات الأساتذة المُبجلين، ستظهر طرائق جديدة في التدريس، وسنرى أن التعليم ليس في المدرسة فقط؛ بل أيضاً في المساجد وفي المجالس والطرقات وفوق وسائل المواصلات وعلى مواقع التواصل.. في رسالة للجميع مفادها أن المعلم أينما حلَّ، حلَّ معه العلم والوعي، كأنما هو غيث؛ أينما وقَعَ نفَع! وما أجمله من منظر حين نرى أستاذاً حوله طلاب مُلتفون، في وقت غير دوام المدرسة!  تخيلوا يا سادة أن هذا الشيء البديهي صار حلماً لنا! أنا لا أكتب هنا بسخرية، أو أنظر بعين الناقِد الحصيف! ولكني كغيري من الطلاب الذين افتقدوا لهذه الأشياء، ولولا أننا ربما أنقذنا أنفسنا بالقراءة الذاتية، لبلغنا في التفاهة الحد البعيد! وكذلك الآن لا نريد أن نرى هذا مع إخواننا الأصغر منا، بني التسعة عشر والعشرين وما دونهم، الذين لا يكاد أكثرهم يكتب سطراً صحيحاً بالعربية الفصيحة! وربما لا يكاد يحفظ جزءًا واحداً من القرآن! والله إن هؤلاء ضحايا! وما قيمة التعليم اثني عشرة سنة إن خرج منه الطالب بهذه الحالة المثيرة للشفقة؟!
Показати все...
77- أنامِل الكيبورد! أيها السادة.. سأجلس اليوم على طاولة وكرسي، أُحدق بعيني على شاشة الحاسِب، كما يُحدق الطفل إليكَ وأنتَ تأكل الحلوى الخاصة به! لا.. لا تظنوا أني أصبحتُ مديراً لإحدى الشركات، أو أني خبير تقني! وتعلمون -طبعاً- أنه ليس لدي قبعة الهاكرز، مما يعني أني لستُ هاكراً! - حسناً ولِمَ تجلس أمام الحاسب يا هذا؟! = حتى أتقمَّص دور المحاسِب! - ولِمَ؟! - لأجل أحد أصدقاء القناة، لستُ أعرفه، ولكن المسكين قد وقع في ورطة! مطلوبٌ منه في الجامعة مقال يتكلم فيه عن مستقبل مجاله "محاسبة"، وصاحبنا العزيز قد أحسَن الظن بي ورأى أني أهلاً لأن أساعده في هذا، وأرجو ألَّا يخيب ظنه! حسناً.. أرجو ألَّا تضحكوا، فهذه أول مرة أتقمَّص فيها هذا الدور، ورغم أني أميل للأشياء القديمة والعتيقة، إلا أنني سألعب الآن دور أني (جِنتل مان!) و(أوبن ميندد!)  (من هنا يبدأ المقال) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ • أنامل الكيبورد! أيها السادة! هل سمعتم بهذه المقولة: وراء كل شركةٍ عظيمة مُحاسِب حاذِق! لم تسمعوا؟! طبعاً! لأني اخترعتُها للتو! لا بأس.. المهم أن معناها صحيح. الآن لو فعلنا (زووم أوت!) من أعلى، على سوق العمل، سنرى اضطرام النيران في السوق، واضطراب الأسهم والصفقات صعوداً ونزولاً، وارتفاع أرصدة البعض وانخفاضها عند آخرين؛ قد يبدو هذا للوهلة الأولى كأنها حرب تجارية، وهي كذلك! في ذات الوقت، يجلس أحدهم بمِعطفِه الجديد على كرسي وطاولة، يحتسي القهوة، وكل من حوله يسمع نقرات أصابعه على الكيبورد، التي تبدو كأنها معزوفة راقية لبيتهوفن! نعم يا سادة.. هذا الشخص هو من يتحكم في ذاك السوق المُضطرب، وهو الذي يُمسك بزمام كل الخيوط المتفرعة في الشركات والمنشئات التي يعمل فيها. هذا هو المُحاسِب؛ المدير الفعلي للبضائع في المُنشئة، سواءً الماديات أو البيانات والمعنويات، الذي يستطيع بحذاقته إنقاذ الشركة من خساراتٍ محتمة، وتفادي أخطاء العاملين والبائعين التي قد تُودي بالمبالغ الضخمة! ومستقبل المُحاسِب هو كتاريخه! التربُّع على عرش وظائف الشركات والمنشآت، حفاظاً على هذا اللقب منذ القديم؛ قبل ثورة التكنولوجيا وبعدها، وقبل الذكاء الاصطناعي وبعده، سيظل الجميع بحاجة إليه دائماً. ذلك أن الذكاء الاصطناعي -الذي هو أرقى التقنيات البرمجية اليوم- يعتريه النقص من وجوه كثيرة؛ فهو يبني نتائجه على البيانات المعبأة فيه سابقاً، وبعض التحليلات المتوقعة، وهو بهذه المنظومة فاقد لعنصر الواقعية، التي يمتلكها المُحاسِب الحاذِق حين يطرأ طارئ، فيلزمه أن يتخذ القرار السليم في الوقت الضيق، فيتعامل معه بتحكيم عقله وواقعه وحسبان النتائج، وربما تغليب بعض العواطف -خاصةً أمام الانهيار أو الخطأ المفاجئ-، في هذا الحال يكتفي الذكاء الاصطناعي بضرب التوقعات والاحتمالات الخيالية التي قد لا تمُت للواقع بأي صلة! والمُحاسِب مع المال الذي يتصرف به، هما المادة الدسمة التي أنتجَت النظريات الاقتصادية على مر العصور، والتي جعلت من "سميث" يكتب (ثروة الأمم)، وغيره الذين كتبوا الكثير، ودرسوها في جميع جامعات العالم. فعلمنا من هذا أن المحاسب لا يُستبدَل بحال، ولا يُغني عنه غيره، بل يُغني هو عن غيره إذا أتقنَ المهارات المجاورة لمهنته؛ فيستطيع أن يكون الخبير الأمني للمنظومة الشبكية للشركة، أو المسؤول المالي فيها، وإن ساءَت أحوال الإدارة أو انهار سُلَّم المَبيعات والمُشتريات، أو عَبِث بها أحد، فهو قادر على إيقاف تلك المَهزلة بمعزوفةٍ قصيرة على الكيبورد، وهو جالس على كرسيه، يحتسي كوب القهوة الذي لم يُكمِله حتى الآن! فالمُحاسب للشركة هو وزير الاقتصاد للدولة، وتصرفاته في كل مُدخلات ومُخرجات الشركة كأنما هو الملكة على رقعة الشطرنج! التي لا يعلوها إلا الملك فقط! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حسناً يكفي.. هذا الكرسي يُشعرني بالضيق! وعند الحديث عن التقنيات أشعر بالكآبة! وتظهر أمامي أكواد وأرقام وتصميمات هندسية تُصيب رأسي بالدوار! وتُذكرني بالرياضيات التي كانت مصيبتي في الثانوية العامة! الآن سأعود أدراجي.. أتنطَّط في شوارع الحياة والكتب، وأكتب عن الأدبيات والوعظيات، وبعض الطرائف التي أحبها! وأنت يا صاحِب! إذا حصلتَ على درجة جيدة في البحث -ولستُ أظن هذا!- أرجو أن تُخبرني هنا عبر بوت التلجرام، حتى نُشاركك الفرحة، وإن حدث العكس فأخبرني أيضاً.. فالرسوب يفقد مَرارته حين نشاركه مع الآخرين! :) وأنتم أيها السادة.. دمتم بخير! 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ١١ ذي القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...
76- سهام القوم! أيها السادة.. مُدن العراق وأنهارها التي تغنى بها الشعراء، وكتب عنها الأدباء، وكانت شاهدةً على أعظم المقطوعات النثرية والغزلية، والتي سكنها أئمة الحديث والفقه، وكتبوا آلاف الكتب بجوارها.. صارت مقبرةً بعدما كانت حياة! جاء المغول، الهَمَج الوحشيون، فسفكوا دماء أهلها، وخضبوا الأرض بلون الدم، وأحرقوا كل الكتب ونثروا رمادها في تلك الأنهار، فاسودت مياهها ثلاثة أيام من آثار الحبر والرماد، وهي التي قبل ذلك قد أخضَرت الحدائق والبساتين المحيطة بها، وارتوى من مياهها أهل تلك الأرض الشريفة. أولئك المغول قتلوا الملايين! وهدموا البيوت على سكانها في أرض العراق وفي غيرها من بلاد الإسلام، وأحرقوا المدن ودمروا البلدان وعاثوا في الأرض الفساد. حتى ظن الناس أنهم هم وبنو عمومتم -التتار- هم يأجوج ومأجوج المُفسدون في الأرض! ثم ماذا؟ ثم قيَّض الله لهم سيوفاً من سيوف الإسلام، لقنَّوهم الدروس الأخيرة في حياتهم، وغرسوا السيوف والسهام في نحورهم، واقتعلوا ذاك الحقد الدفين الكامن في الداخل! ثم أرسلوهم إلى الدار الآخرة ليلقوا وَبال أمرهم، ويصلون في نار جهنم أضعاف ما أصلوه غيرهم في الأرض. وهل كانت فتنة أشد على المسلمين بعد موت نبينا ﷺ إلا هذه! ولكن الله سلَّم، واصطفى من عباده شهداء، وتميَّزت صفوف الناس وظهر إيمان البعض ونفاق الآخرين. ومرَّت تلك السنوات العجاف، وجاءت السمان، فتبدلت الأرض غير الأرض، والناس غير الناس. الذين ماتوا جاء أحفادهم، والكتب المُحترقة كُتِب مثلها وزيادة، ورجع أمر المسلمين أفضل وأكمل من قبل، وصارت تلك القصص صفحاتٍ نقرأها في كتب التاريخ لنأخذ منها العظة والعبرة. أيها السادة.. افتحوا المصحف، وبعده كتب التاريخ وانظروا فيها كم عانى المسلمون على مرِّ الأزمان والقرون، دولٌ تموت وتحيا، ورجالٌ يُسطرون التاريخ بسيوفهم ودمائهم وآخرون بأقلامهم وصحائفهم.. كل هذا فيه سلوى وتثبيتٌ لنا أمام أنفسنا الضعيفة، وهو درعٌ لنا أمام الغزو الذي ينشب أسنانه علينا من فوقنا وتحتنا وأيماننا وشمائلنا. أيها السادة.. لا تهِنوا ولا تحزنوا إن رأيتم الهجمات الشرسة ضد الإسلام والمسلمين، فأمر الله قادمٌ لا محالة. وإن كانت الأحداث المعاصرة تزيدكم قلقاً وخوفاً فقد أخطأتم.. فما هي إلا داءٌ يقودنا إلى الدواء، وأخبار سوء تحمل في طياتها البشارة بإذن الله. أمَا والله إن نور الفجر يأتي بعد أشد الظلام، وفجر الإسلام سيبزغ من جديد كما بزغ أول مرة، وليُتِمَنَّ الله أمره، ولينصرنَّ الله من ينصره، وهذه ثقتنا بربنا سبحانه جل شأنه. هي حربٌ علينا في كل الجبهات؛ الدين والعقيدة، والأرض والوطن، والشرف والعِرض.. ولا شيء أشد علينا من أن نرى إخواننا يُقتلون، ويُشردون، وآخرون تُغسَل عقولهم بأفكار الإلحاد والشذوذ وغير ذلك. ونحن نعلم أن الميادين كثيرة، وسهام القوم أكثر؛ ولكننا لن نقف، ولن ننهزم، وسنقول كما قال عمر المُختار والأبطال من قبله: ننتصر أو نموت. اللهم إنا ندعوك كما أمرتنا، فاستجِب لنا كما وعدتنا.. اللهم نصراً مؤزراً لإخواننا المستضعفين في كل بقاع الأرض. اللهم آمين. 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ٩ ذو القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...
75- درس وَعظِي في علم الأحياء! إن كُنتَ قد هربتَ من المدرسة في دروس الأحياء، بحجة أنها مُمِلة وصعبة، فأنا أوصيكَ أن تهرب منها الآن مرة أخرى! وإن كنتَ ستبقى، فلتَعِش الدور وكأنك في فصلٍ مدرسي! حسناً.. فلنبدأ الآن! صباح اليوم وأنا أشرح لأحد أقاربي في الثانوية العامة، دروس الخلايا العصبية في جسم الإنسان، لفتَني شيء مُثير للتفكر! وهو سرعة استجابة الدماغ لأي مؤثر خارجي يُصيب الجسد؛ في عملية باهرة تبدأ بالخلايا الحسية مروراً بالحركية عن طريق النواقل العصبية وتنتهي بإصدار الأمر من الدماغ وتنفيذه عملياً، وكل هذا في جزء قصير من الثانية! وعرفنا أن الإنسان قد يؤلمه الدبوس أكثر من العصا! وأن ألم الإصبع أشد من ألم البطن! واستذكرنا الكثير عن مراكز الإحساس في الجسد.. ولكني سأتوقف للحديث عن الإصبع! هذا الإصبع الذي هو أكثر الأطراف إحساساً بالألم، ذو البطانة الرقيقة التي تؤثر فيها حتى السوائل، كيف بكَ لو وضعتَه في النار؟! هل سيتحمل؟! كان أحد السلف السابقين رحمه الله إذا أذنَبَ ذنباً وضع إصبعه على الشمعة، يُعاقب نفسه ويُذكرها بنار جهنم.. متجاهلاً كل التضارب العصبي الذي يحدث في جسده، و يتحدى كل قرارات اللا وعي التي يصدرها دماغه! ويُذكرنا -بلسان حاله- بأن نار الآخرة أشد وأقوى بسبعين مرة من كل نيران الدنيا التي نخاف من ملامستها بأصابعنا! (نسأل الله السلامة من نيران الدنيا والآخرة). وهنا أيضاً قصة شهيرة في كتب التاريخ، حدثت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. اشتَهرت في أيامه الفِرَق الصوفية المنحرفة، وخاصةً دجاجِلة البَطائحية؛ الذين كانوا يغُرُّون الناس البسطاء بأنهم من أولياء الله؛ فيقوم أحدهم بدهن جسده بزيت خاص ثم يوقد النار ويدخل فيها ولا تُحرقه، فيندهش الناس ويُصدقون أنه فعلاً من أولياء الله.. لكن مثل هذه الخُدع لا تنطلي على عالمٍ رباني مثل شيخ الإسلام؛ فكان رحمه الله يُنكر عليهم هذا، ويُخبر الناس مُرشِدا لهم، أن أولئك القوم يطلون جسومهم بأدوية يصنعونها من دهن الضفادع، وباطن قشر النارنج، وحجر الطلق، وغير ذلك من الحِيَل المعروفة عندهم، ثم يدخلون في النار فلا تضرهم! وكان كلما اشتد ضلالهم وخداعهم للناس، اشتد إنكاره عليهم رحمه الله، نصرةً للحق ونهياً للباطل، حتى ضاقوا به ذرعاً، ووصل الأمر إلى السلطان، فقرر أن يجمعهم في مناظرة مع ابن تيمية، فجمع العلماء والفقهاء والقضاة والجنود وتجمع الناس لحضور المناظرة، وجيء بشيخ أولئك الدجاجلة وجيء بابن تيمية، وبدأ بينهم نقاش طويل حول كرامات الأولياء وخوارق العادات وأمور كثيرة، رجَحَت فيها كفة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأغرَقَهم بسيل جرَّار من الأدلة الشرعية والعقلية، فلجؤوا إلى التشويش، وقال شيخهم: أنت لا تستطيع أن تفعل ما نفعله، فاكفف نفسك عنا! فقال له ابن تيمية: بل ادخل أنت في النار وسأدخل أنا، بعد أن نغسل أجسامنا بالخل والماء الحار، ومن يحترق منَّا فهو مغلوب! فبُهِتَ الرجل، وبدأ بالمراوغة والتهرب، لأنه لم يتوقع هذا الرد والإلزام من ابن تيمية! فأشار ابن تيمية إلى قنديل نار على الجدار، وقال: ضع إصبعك فيه وأضع إصبعي، ولعنة الله على من تحترق إصبعه! فخاف الرجل، وتلكَّأ وارتبك، وعرف الجميع عجزه عن ذلك، وهُزِم وغُلِب هو وأصحابه أمام الجميع، فوَعَظهم شيخ الإسلام ابن تيمية باتباع الشريعة، والتمسك بما جاء به نبينا ﷺ، والابتعاد عن البدع والخدع والخرافات. بعد انتهاء المناظرة، سأل بعضهم شيخ الإسلام: لو كان الرجل وضع إصبعه، هل ستضع إصبعك؟! قال: نعم. قال: ولن تحترق؟! قال: ما أردتُ بذلك إلا نصرة دين الله، فلن تحترق! رحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية ورفع مقامه في عليين. ما أصبره! وأعلمه! وأوثقه بالله! ونستخلِص من هذا أن النظام الدقيق المحُكَم الذي خلقه الله جل وعلا في أجسادنا؛ لا يمكن أن يُبطله ويوقفه أحدٌ إلا الله جل وعلا. بل حتى المعجزات والكرامات التي تتخطَّى قواعد الطب ونظريات علم الأحياء والفيسلوجيا، تُخبرنا أنها لا يمكن أن تكون إلا من عند الله جل وعلا، الذي إذا أراد شيئاً إنما يقول له كن فيكون. وقد قرأتُ قريباً كلاماً بالغ الروعة لبعض الفقهاء رحمهم الله، حين تكلموا عن مسألة أكل لحم الميتة أثناء الضرورة، وعن ضررها الصحي؛ قالوا: وحين أجازها الله في هذا الحال للضرورة، بطل ضررها على الجسم. ضمن قاعدة: "ما كان مَعفواً عنه شرعاً، زال ضرره قدَرَاً" فسبحان ربي لا إله إلا هو على كل شيءٍ قدير. تمنيتُ أن أرى مثل هذه الوَعظيات في دروس الأحياء! ولا أقصد أن يتحول درس الأحياء إلى محاضرة وَعظية أو درس فقهي! ولكن فلتَكُن مجرد إشارات لطيفة بين ثنايا الدروس؛ تُذكرنا بخالقنا جل وعلا وبديع خلقه وتصويره للمخلوقات، وتزيدنا علماً وإيماناً. حسناً.. انتهى الدرس! الواجب ص ٤٦ مع تقويم الوحدة! دمتم بخير! 🖋️ محمد بن هيكل الأكحلي - ٨ ذو القعدة ١٤٤٥. قناة بذرة وفكرة: t.me/bethrahwafekrah
Показати все...