لأرواحِهِم🤍.

«المُحبّ الخدوم الذي يؤتمن على المال والعرض» بهذه الكلمات يصف النّاس الشَّهيد بإذن الله محمّد غسّان الزعانين، فهذا الشّاب ذو الخمس وعشرين ربيعًا، عاشَ حياته القصيرة مُلازمًا للمساجد مؤدّيًا كلّ الفرائض، فانعكس إيمانه على وجهه ليشعُّ نورًا وبشاشةً بابتسامةٍ أسرت كلّ مَن يراه. لم يبخَل يومًا في تقديم المُساعدةِ لأحدٍ من أهله أو معارفه فكانت سيرته حسنةً طيّبةً بينهم، فاصطفاه اللهُ على أرض بيتِ حانون في السّابع والعشرين من الشهر الأوَّل للحرب، فارتقى مُخلصًا، صادقًا مع ربّه، شهيدًا. رحمَ الله محمّد وأكرمَ مثواه، ورحمَ قارئ الآيات التي نسمعها الشَّهيد بإذن الله محمّد أبو عوكل، وجمعهم مع رسولنا الكريم محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- في جنّات النّعيم.

اللهُمَّ هيِّئ لأمّتنا الإسلاميّة من أمرِها رَشدا، وارفع عنها هذه الغُمَّة، وطهِّر أرضها المُقدّسة من دنس اليهود وكُلّ مَن دنّسها، اللهُمَّ تولّى أهلنا المُستضعفين في كُلّ بقاع الأرض المُسلمة: في غزّة، والسُودان، وسُوريّة، والعراق، واليمن، وفي كُلّ مكانٍ تنزف به جراحهم، اللهُمَّ ائذن لهذه الحرب بنصرٍ من عندك وثوابًا لما بذل وقدَّم وضحّى المُجاهدين في أرض المعركة. اللهُمَّ أطعِم أهلنا في غزّة من جوعٍ وأمنهم من خوف، اللهُمَّ احقِن دماءهم ورُدَّهم لديارهم، اللهُمَّ انتقم لكُلّ نفسٍ عُذِّبت، وأوذيت، وأُسِرت، اللهُمَّ تولّى أسرانا وأسيراتنا في السّجون برحمتك ومُنّ عليهم بفرجٍ عاجلٍ غير آجل، اللهُمَّ اشفي مرضانا، وعافي مُبتلانا، اللهُمَّ اربط على أفئدة ذوي الشُّهداء ونخصّ منهم أمهاتهم، وتغمَّد نفوسهم الطيِّبة بواسع رحمتك وكرمك، اللهُمَّ إنّا مغلوبون فانتصر لنا، لا حول ولا قوّة لنا إلّا بك، يا ذا الجلال والإكرام، يا مُنتقم، يا عزيز، يا جبّار، يا حكيم، يا مُهين، ليس لها من دُونك كاشفة، سُبحانك، لا إله إلّا أنتَ إنّا كُنّا من الظالمين، فاعفُ عنّا، واغفر لنا، وتقبَّل منا، واستجب دُعاءنا، يا مُجيب، يا رحيم.

ارتقاء الشّاب علي موفق مزاحم اثر إصابته برصاص قوّات الاحتلال المقتحمة قرية عبوين شمال غرب رام الله.

قال الرسولﷺ: "أكثروا من الصَّلاة عليّ ليلة الجمعة ويوم الجمعة فإنَّ صلاتكم معروضةً عليّ" زيِّنوا جمعتكم بالصَّلاةِ على النبيّ وباركوها بقراءة سورة الكهف، ولا تنسوا شهدائنا من دعواتكم. -من اليمين- الشَّهيد محمّد عابد، يجاوره الشَّهيد محمّد أبو الجابر، ويأمُّهم الشَّهيد إسلام خمايسة، وتُتلى على مسامعنا الآيات بصوتِ الشَّهيد القارئ حارث حشاش، تقبَّلهم الله جميعًا. رحِمَ الله مَن نعرف منهم ومن نجهل، وأكرمنا ما أكرمهم لنلقاهم حيثُ لا ظلمٌ ولا وداع.

واهمٌ مَن يظُن أنَّ جهادَ أمثال هؤلاء قد يغيب أو ينتهي! واهمٌ مَن يظنّ أن السَّواعد المتوضيّة التي تفتح أبواب جهنّم على أعداءِ الله بذكرِ اسمه وطلبِ عونه وابتغاء مرضاته قد تُهزم! هذه الأرواح التي وهبت نفسها لدينِ الله، فتثبُت معه وبفضله ولأجله، هذه الأرواحُ التي تنتشي بضربِ عدوِّها في كلِّ بقعةٍ أوهَم نفسه بالسَّيطرةِ عليها، هذه الأرواح التي نحتاجُ ثباتها لنثبت، وصبرها لنصبر، وبأسها لنقوى، وعزيمتها لنتحمَّل.. نحنُ فداءً لكم حتّى عندما تذودون أنتم عنّا، نحنُ فداءً لخطواتكم، وقذائفكم، وأصواتكم، وإيمانكم وإسلامكم!

الشَّهيد بإذن الله في جنان الرحمن، محمّد عماد الدجني، ابن مُخيَّم الشاطئ وأسدٌ من أسود الإسلام. ثلاثٌ وعشرون ربيعًا عاشها أبا عماد، كانت كافيةً لأن يترُك في سيرةِ حياته ذكرًا طيِّبًا يُخبرنا عنه كلّ مَن عرفه، حفِظ كلامَ الله كاملًا في صدره وحفّظه لآخرين ابتغوا مرضاته، كرَّس جلّ وقته في تعلّمه وتعليمه وذكرِ الله وعبادته وطاعته، وما كان أفضلُ من الجهادِ في سبيله ليصدُق محمّد وعده مع الله، فارتقى مقبلًا غير مُدبرٍ في معركة طوفان الأقصى، التي ما زالَ المحتلُّ يستهدف فيها كلّ مَن يسعى لأن يعلو بكلمة الإسلام في وجه الكُفر وأعوانه. عزاؤنا أنَّ الله لا يصطفي عباده عبثًا -حاشاه- فسلامٌ على مَن ارتقوا في سبيله، سلامٌ على روحِ محمّد الخالدة في عليّين، سلامٌ عليه بجوار النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وصحبه، سلامٌ عليه إلى حين لُقياه مُقبلين ثابتين صادقين.

"الأسرى بعانوا مُعاناة لا توصف، فعلًا السجون مقبرة الأحياء، فش أكل فش شرب، ضرب تكسير، أنا أقل واحد أنا بس انحلّ كتفي، في ناس فقدت عينيها، في ناس فش عندهم ريَش، إيديهم وإجريهم تطبّشت، في ناس فقدت حاسة اللّمس، وناس استشهدت". -الأسير المُحرَّر محمود الدبعي.

يوميًا يخرجُ الأسرى من عتمة الزنازين إلى نورِ الحريّة حاملين معهم معاناة رفاقهم الذين يخشون أن تصبح قضيّتهم طيّ النسيانِ ويُترَكوا وحيدين، فلا نوم يهنأون به ولا طعامٌ يسدّ جوعهم ولا مياهٌ تروي عطشهم، وضربٌ وتنكيلٌ وتعذيبٌ وموتٌ مستمر! الأسير المُحرَّر، أحد أشرس مقاتلي كتيبة جنين، محمود الدبعي، يتنفّسُ عبق الحريّة بعد عامين وشهرين قضاها في سجون الاحتلال، الذي كان قد حاصر منزله وقصفه بعدّة قذائف قابلهُ مقاومة عنيفة من محمود قبل انتهاء ذخيرته واعتقاله، يخرجُ محمود اليوم بشعرٍ طويلٍ أجعد ولحيةٍ كثيفة وجسدٍ نحيل، ليجد أيضًا أنَّ معظم رفاقه من حملةِ السِّلاح وأهل الحقّ قد ارتقوا أثناء اعتقاله، ارتقوا واحدًا تلو الآخر حاملين الرايةَ على دربِ الجهاد الذي وهبوا أعمارهم لأجله، فيكابدُ معاناة فراقهم وفراغ أماكنهم بعد رحيلهم، إذ أنَّ العمرَ الذي يقضيه الأسرى داخل السّجن كفيلٌ أن يسلبِ منهم أهلًا وأحبّةً وأصدقاء، دون الحصول على فرصةٍ حتى لوداعٍ أخير، فلا تنسوهم من دعائكم لعلّهم بها يصبِرون ويثبتون أمام إجرام هذا المحتلّ.

استشهاد الشّاب علي حسن علي ربايعة من بلدة ميثلون جنوب شرق جنين برصاص قوّات الاحتلال.

الشَّهيدين بإذن الله ميسرة ومصباح العرعير رضيَ الله عنهم وأرضاهم.