cookie

Ми використовуємо файли cookie для покращення вашого досвіду перегляду. Натиснувши «Прийняти все», ви погоджуєтеся на використання файлів cookie.

Рекламні дописи
479
Підписники
+224 години
+57 днів
+630 днів

Триває завантаження даних...

Приріст підписників

Триває завантаження даних...

قال الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - : " ﻻ يَغُرنَّك خشوع أهل البدع ولا تَنكيس رؤوسهم ولا كثرة ما عندهم من مَحفوظاتٍ ، لا ولا كرامة ، ولا نُعمى عين . 📔 طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى جـ١ صـ٢٣٤
Показати все...
3
01:19
Відео недоступнеДивитись в Telegram
12.84 MB
3
قال الإمام ابن بطة رحمه الله: بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، لَا يَأْبَى ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرْهُ إِلَّا مَنِ انْتَحَلَ مَذَاهِبَ الْحُلُولِيَّةِ، وَهُمْ قَوْمٌ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَمَرَقُوا مِنَ الدِّينِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ ذَاتَهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، فَقَالُوا: إِنَّهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ بِذَاتِهِ حَالٌّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ لِلْحُلُولِيَّةِ: لِمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ؟ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٩] فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ، فَنَكُونَ قَدْ شَبَّهْنَاهُ بِخَلْقِهِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَخْلُو مِنْهُ سَائِرُ دَارِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩] ، وَقَالَ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ} ، ثُمَّ قَالَ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ} [الأنعام: ٣] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّهُ بِعِلْمِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٥٩] ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ} [فاطر: ١٠] ، فَهَلْ يَكُونُ الصَّعُودُ إِلَّا إِلَى مَا عَلَا، وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: ١٧] ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] ، وَقَالَ لِعِيسَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] ، وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨] ، وَقَالَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الأنبياء: ١٩] ، وَقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٨] ، وَقَالَ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر: ١٥] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥] ، وَقَالَ: {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} [المعارج: ٣] ، فَهَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّ الْمُعْتَزِلِيَّ الْحُلُولِيَّ الْمَلْعُونَ يَتَصَامَمُ عَنْ هَذَا وَيُنْكِرُهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْمُتَشَابِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الزَّيْغِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ رَبِّهِمْ إِلَّا عِلْمُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَقُدْرَتُهُ وَذَاتُهُ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ فِيهَا، فَهَلْ زَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ مَكَانَ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَجْتَمِعُ
Показати все...
1
اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ فِيهِ، بَلْ يَزْعُمُ الْجَهْمِيُّ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَّةٌ فِي إِبْلِيسَ، وَهَلْ يَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ وَأَنَّ الْجَلِيلَ الْعَظِيمَ الْعَزِيزَ الْكَرِيمَ مَعَهُمْ فِيهَا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الزَّيْغِ وَالْإِلْحَادِ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَهَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَحِلُّ أَجْوَافَ الْعِبَادِ وَأْجَسَادَهُمْ، وَأَجْوَافَ الْكِلَابِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْحُشُوشَ، وَالْأَمَاكِنَ الْقَذِرَةَ، الَّتِي يَرْبَأُ النَّظِيفُ الطَّرِيفُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ يَجْلِسَ فِيهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: إِنَّ أَحَدًا مِمَّنْ يُكَرِّمُهُ وَيُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ يَحِلُّ فِيهَا وَبِهَا، وَالْمُعْتَزِلِيُّ يَزْعُمُ أَنَّ رَبَّهُ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ فِي كُمِّهِ، وَفِي فَمَهِ، وَفِي جَيْبِهِ، وَفِي جَسَدِهِ، وَفِي كُوزِهِ، وَفِي قِدْرِهِ، وَفِي ظُرُوفِهِ وَآنِيَتِهِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي نُجِلُّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ نَنْسُبَهُ إِلَيْهَا. [📚 الإبانة الكُبرى لابن بطة]
Показати все...
1
قال الإمام ابن بطة رحمه الله: بَابُ الْإِيمان بأن اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عرشه بَائِنٌ مِنْ خلقه، وعلمَهُ محيط بجميع خلقهِ. وأجمع المسلمون من الصحابة والتابعين وجميع أهل العلم من المؤمنين أن الله -تبارك وتعالى- على عرشه فوق سماواته بائن من خلقه، وعلمه محيط بجميع خلقه لا يأبى ذلك ولا ينكره إلا من انتحل مذاهب الحلولية، وهم قوم زاغت قلوبهم واستهوتهم الشياطين فمرقوا من الدين. وقالوا: إن الله ذاته لا يخلو منه مكان. فقالوا: إنه في الأرض كما هو في السماء، وهو بذاته حَالٌّ في جميع الأشياء، وقد أكذبهم القرآن والسنة وأقاويل الصحابة والتابعين من علماء المسلمين. فَقِيلَ لِلْحُلُولِيَّةِ: لِمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ؟ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ، فَنَكُونَ قَدْ شَبَّهْنَاهُ بِخَلْقِهِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَخْلُو مِنْهُ سَائِرُ دَارِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ، وَقَالَ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ} ، ثُمَّ قَالَ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّهُ بِعِلْمِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ} ، فَهَلْ يَكُونُ الصَّعُودُ إِلَّا إِلَى مَا عَلَا، وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، وَقَالَ لِعِيسَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}، وَقَالَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} ، وَقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، وَقَالَ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} ، وَقَالَ: {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} فَهَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّ الْمُعْتَزِلِيَّ الْحُلُولِيَّ الْمَلْعُونَ يَتَصَامَمُ عَنْ هَذَا وَيُنْكِرُهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْمُتَشَابِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الزَّيْغِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ رَبِّهِمْ إِلَّا عِلْمُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَقُدْرَتُهُ وَذَاتُهُ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ فِيهَا، فَهَلْ زَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ مَكَانَ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَجْتَمِعُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ فِيهِ، بَلْ يَزْعُمُ الْجَهْمِيُّ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَّةٌ فِي إِبْلِيسَ، وَهَلْ يزعم أَنَّ أَهل النار في النار وَأَنَّ الْجَلِيلَ الْعَظِيمَ الْعَزِيزَ الْكَرِيمَ مَعَهُمْ فِيهَا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الزَّيْغِ وَالْإِلْحَادِ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَهَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَحِلُّ أَجْوَافَ الْعِبَادِ وَأْجَسَادَهُمْ، وَأَجْوَافَ الْكِلَابِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْحُشُوشَ، وَالْأَمَاكِنَ الْقَذِرَةَ، الَّتِي يَرْبَأُ النَّظِيفُ الطَّرِيفُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ
Показати все...
يَسْكُنَهَا أَوْ يجلس فيها، أَوْ قَالَ لَهُ: إِنَّ أَحدا مِمن يُكَرِّمُهُ وَيحبه وَيُعَظِّمُهُ يَحِلُّ فِيهَا وَبِهَا، وَالْمُعْتَزِلي يَزعُم أنَّ ربه فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ فِي كُمِّهِ، وَفِي فَمَهِ، وَفِي جَيْبِهِ، وَفِي جَسَدِهِ، وَفِي كُوزِهِ، وَفِي قِدْرِهِ، وَفِي ظُرُوفِهِ وَآنِيَتِهِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي نُجِلُّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ نَنْسُبَهُ إِلَيْهَا. [📚 الإبانة الكُبرى لابن بطة]
Показати все...
قال الإمام ابن بطة رحمه الله: بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، لَا يَأْبَى ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرْهُ إِلَّا مَنِ انْتَحَلَ مَذَاهِبَ الْحُلُولِيَّةِ، وَهُمْ قَوْمٌ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَمَرَقُوا مِنَ الدِّينِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ ذَاتَهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، فَقَالُوا: إِنَّهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ بِذَاتِهِ حَالٌّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ لِلْحُلُولِيَّةِ: لِمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ؟ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ، فَنَكُونَ قَدْ شَبَّهْنَاهُ بِخَلْقِهِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَخْلُو مِنْهُ سَائِرُ دَارِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} ، وَقَالَ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ} ، ثُمَّ قَالَ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّهُ بِعِلْمِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ}، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ} ، فَهَلْ يَكُونُ الصَّعُودُ إِلَّا إِلَى مَا عَلَا، وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}، وَقَالَ لِعِيسَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ}، وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ}، وَقَالَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} ، وَقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، وَقَالَ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} ، وَقَالَ: {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} فَهَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّ الْمُعْتَزِلِيَّ الْحُلُولِيَّ الْمَلْعُونَ يَتَصَامَمُ عَنْ هَذَا وَيُنْكِرُهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْمُتَشَابِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الزَّيْغِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ رَبِّهِمْ إِلَّا عِلْمُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَقُدْرَتُهُ وَذَاتُهُ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ فِيهَا، فَهَلْ زَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ مَكَانَ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَجْتَمِعُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ فِيهِ، بَلْ يَزْعُمُ الْجَهْمِيُّ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَّةٌ فِي إِبْلِيسَ،
Показати все...
وَهَلْ يزعم أَنَّ أَهل النار في النار وَأَنَّ الْجَلِيلَ الْعَظِيمَ الْعَزِيزَ الْكَرِيمَ مَعَهُمْ فِيهَا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الزَّيْغِ وَالْإِلْحَادِ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَهَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَحِلُّ أَجْوَافَ الْعِبَادِ وَأْجَسَادَهُمْ، وَأَجْوَافَ الْكِلَابِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْحُشُوشَ، وَالْأَمَاكِنَ الْقَذِرَةَ، الَّتِي يَرْبَأُ النَّظِيفُ الطَّرِيفُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ يجلس فيها، أَوْ قَالَ لَهُ: إِنَّ أَحدا مِمن يُكَرِّمُهُ وَيحبه وَيُعَظِّمُهُ يَحِلُّ فِيهَا وَبِهَا، وَالْمُعْتَزِلي يَزعُم أنَّ ربه فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ فِي كُمِّهِ، وَفِي فَمَهِ، وَفِي جَيْبِهِ، وَفِي جَسَدِهِ، وَفِي كُوزِهِ، وَفِي قِدْرِهِ، وَفِي ظُرُوفِهِ وَآنِيَتِهِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي نُجِلُّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ نَنْسُبَهُ إِلَيْهَا. [📚 الإبانة الكُبرى لابن بطة]
Показати все...
اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ فِيهِ، بَلْ يَزْعُمُ الْجَهْمِيُّ أَنَّ ذَاتَ اللَّهِ تَعَالَى حَالَّةٌ فِي إِبْلِيسَ، وَهَلْ يَزْعُمُ أَنَّ أَهْلَ النَّارِ فِي النَّارِ وَأَنَّ الْجَلِيلَ الْعَظِيمَ الْعَزِيزَ الْكَرِيمَ مَعَهُمْ فِيهَا تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الزَّيْغِ وَالْإِلْحَادِ عُلُوًّا كَبِيرًا، وَهَلْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَحِلُّ أَجْوَافَ الْعِبَادِ وَأْجَسَادَهُمْ، وَأَجْوَافَ الْكِلَابِ، وَالْخَنَازِيرِ، وَالْحُشُوشَ، وَالْأَمَاكِنَ الْقَذِرَةَ، الَّتِي يَرْبَأُ النَّظِيفُ الطَّرِيفُ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَنْ يَسْكُنَهَا أَوْ يَجْلِسَ فِيهَا، أَوْ قَالَ لَهُ: إِنَّ أَحَدًا مِمَّنْ يُكَرِّمُهُ وَيُحِبُّهُ وَيُعَظِّمُهُ يَحِلُّ فِيهَا وَبِهَا، وَالْمُعْتَزِلِيُّ يَزْعُمُ أَنَّ رَبَّهُ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ كُلِّهَا، وَيَزْعُمُ أَنَّهُ فِي كُمِّهِ، وَفِي فَمَهِ، وَفِي جَيْبِهِ، وَفِي جَسَدِهِ، وَفِي كُوزِهِ، وَفِي قِدْرِهِ، وَفِي ظُرُوفِهِ وَآنِيَتِهِ، وَفِي الْأَمَاكِنِ الَّتِي نُجِلُّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ نَنْسُبَهُ إِلَيْهَا. [📚 الإبانة الكُبرى لابن بطة]
Показати все...
قال الإمام ابن بطة رحمه الله: بَابُ الْإِيمَانِ بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمَهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ. وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَجَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عَرْشِهِ، فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَعِلْمُهُ مُحِيطٌ بِجَمِيعِ خَلْقِهِ، لَا يَأْبَى ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرْهُ إِلَّا مَنِ انْتَحَلَ مَذَاهِبَ الْحُلُولِيَّةِ، وَهُمْ قَوْمٌ زَاغَتْ قُلُوبُهُمْ، وَاسْتَهْوَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَمَرَقُوا مِنَ الدِّينِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ ذَاتَهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، فَقَالُوا: إِنَّهُ فِي الْأَرْضِ كَمَا هُوَ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ بِذَاتِهِ حَالٌّ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَقَدْ أَكْذَبَهُمُ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ وَأَقَاوِيلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَقِيلَ لِلْحُلُولِيَّةِ: لِمَ أَنْكَرْتُمْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعَرْشِ؟ وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: ٥٩] فَهَذَا خَبَرُ اللَّهِ أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالُوا: لَا نَقُولُ: إِنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَإِنَّهُ يَخْلُو مِنْهُ أَمَاكِنُ كَثِيرَةٌ، فَنَكُونَ قَدْ شَبَّهْنَاهُ بِخَلْقِهِ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمْ فِي مَنْزِلِهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَخْلُو مِنْهُ سَائِرُ دَارِهِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: إِنَّهُ تَحْتَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ كَمَا هُوَ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَإِنَّهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، وَلَا يَكُونُ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ: إِنَّهُ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَرْشِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنَ الْعَرْشِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَرْشِ، وَهُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة: ٢٩] ، وَقَالَ: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ} ، ثُمَّ قَالَ: {وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ} [الأنعام: ٣] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ وَأَنَّهُ بِعِلْمِهِ فِي الْأَرْضِ، وَقَالَ: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] ، وَقَالَ: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٥٩] ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ} [فاطر: ١٠] ، فَهَلْ يَكُونُ الصَّعُودُ إِلَّا إِلَى مَا عَلَا، وَقَالَ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: ١] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَعْلَى مِنْ خَلْقِهِ، وَقَالَ {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: ٥٠] ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَلَائِكَةِ وَقَدْ أَخْبَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، فَقَالَ {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ، أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا} [الملك: ١٧] ، وَقَالَ: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطِّيبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠] ، وَقَالَ لِعِيسَى: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران: ٥٥] ، وَقَالَ: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: ١٥٨] ، وَقَالَ: {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [الأنبياء: ١٩] ، وَقَالَ: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [الأنعام: ١٨] ، وَقَالَ: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ} [غافر: ١٥] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ} [السجدة: ٥] ، وَقَالَ: {ذِي الْمَعَارِجِ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ} [المعارج: ٣] ، فَهَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّ الْجَهْمِيَّ الْمُعْتَزِلِيَّ الْحُلُولِيَّ الْمَلْعُونَ يَتَصَامَمُ عَنْ هَذَا وَيُنْكِرُهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِالْمُتَشَابِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ لِمَا فِي قَلْبِهِ مِنَ الزَّيْغِ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ كُلَّهُمْ قَدْ عَرَفُوا أَمَاكِنَ كَثِيرَةً وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مِنْ رَبِّهِمْ إِلَّا عِلْمُهُ وَعَظَمَتُهُ، وَقُدْرَتُهُ وَذَاتُهُ تَعَالَى لَيْسَ هُوَ فِيهَا، فَهَلْ زَعَمَ الْجَهْمِيُّ أَنَّ مَكَانَ إِبْلِيسَ الَّذِي هُوَ فِيهِ يَجْتَمِعُ
Показати все...
Оберіть інший тариф

На вашому тарифі доступна аналітика тільки для 5 каналів. Щоб отримати більше — оберіть інший тариф.