قناة د.ناصر الحنيني
الفوائد العلمية والتربوية والدعوية
Більше- Підписники
- Перегляди допису
- ER - коефіцієнт залучення
Триває завантаження даних...
Триває завантаження даних...
قال ابن تيمية في سياق ما ينال المعذور من الأجور: "ﻭﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ اﻟﺮﺣﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺠﺎﺝ عشية عرفة، ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺷﻬﺪ اﻟﺠﻤﻌﺔ، ﺗﻨﺘﺸﺮ ﺑﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ اﻷﻋﺬاﺭ، ﻓﻴﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﻧﺼﻴﺐ ﻣﻦ ﺇﺟﺎﺑﺔ اﻟﺪﻋﺎء، ﻭﺣﻆ ﻣﻊ ﻣﻦ ﺷﻬﺪ ﺫﻟﻚ، ﻛﻤﺎ ﻓﻲ ﺷﻬﺮ ﺭﻣﻀﺎﻥ، ﻓﻬﺬا ﻣﻮﺟﻮﺩ ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺒﻬﻢ ﻭﻳﺤﺐ ﻣﺎ ﻫﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎﺩﺓ، ﻓﻴﺤﺼﻞ ﻟﻘﻠﺒﻪ ﺗﻘﺮﺏ ﺇﻟﻰ اﻟﻠﻪ ﻭﻳﻮﺩ ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻣﻌﻬﻢ". مجموع الفتاوى (٥/ ٢٤٨)
قال ابن القيم في قوله تعالى: {من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت} (لما علم الله سبحانه شدة شوق أوليائه إلى لقائه، وأن قلوبهم لا تهدأ دون لقائه، ضرب لهم أجلا وموعدا للقاء تسكن نفوسهم به. وأطيب العيش وألذه على الإطلاق عيش المحبين المشتاقين المستأنسين، فحياتهم هي الحياة الطيبة في الحقيقة، ولا حياة للعبد أطيب ولا أنعم ولا أهنأ منها. وهي الحياة الطيبة المذكورة في قوله تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} وأي حياة أطيب من حياة من اجتمعت همومه كلها، وصارت هما واحدا في مرضاة الله، ولم شعث قلبه بالإقبال على الله، واجتمعت إراداته وأفكاره التي كانت منقسمة -بكل واد منها شعبة- على الله. فصار ذكر محبوبه الأعلى، وحبه، والشوق إلى لقائه، والأنس بقربه = هو المستولي عليه وعليه تدور همومه وإراداته وقصوده بل خطرات قلبه. فإن سكت سكت بالله، وإن نطق نطق بالله. وإن سمع فبه يسمع، وإن أبصر فبه يبصر. وبه يبطش، وبه يمشي، وبه يتحرك، وبه يسكن. وبه يحيا، وبه يموت). الداء والدواء: (٤٢٨).
لماذا كانت (عرفة) خارج حدود الحرم، على عكس (منى ومزدلفة) فهما داخلتان في حدود الحرم؟ بيّن بعض أهل العلم حكمة هذه المفارقة العجيبة؛ بما جاء عن الخليل بن أحمد قال: "سمعتُ سفيان الثوري يقول: قدمتُ مكة فإذا أنا بجعفر بن محمد قد أناخ بالأبطح، فسألته: لم جُعِلَ الموقف من وراء الحرم، ولم يُصَيَّرْ في المشعر الحرام؟ فقال: الكعبة: بيت الله، والحرم: حجابه، والموقف: بابه، فلمَّا قصدوه أوقفهم بالباب يتضرَّعون، فلمَّا أذِن لهم بالدخول، أدناهم من الباب الثاني، وهو المزدلفة، فلمَّا نظر إلى كثرة تضرُّعهم وطول اجتهادهم رحِمَهم... فلما رحمهم أمرهم بتقريب قربانهم، فلما قربوا قربانهم، وقضوا تفثهم، وتطهروا من الذنوب، أمرهم بالزيارة لبيته. قال له: فلم كُرِه الصوم أيام التشريق؟ قال: لأنهم في ضيافة الله، وليس للضَّيف أن يصوم عند مَنْ أضافه" . تاريخ الإسلام(٩٢/٩) شعب الإيمان (٤٩٩/٣)
المثالية وهم له سطوة عنيفة على النفوس، وأصل بلاء كثير من الخلق هو اعتقادهم إمكانية تحققهم بالمثالية أو تحققها بالفعل في غيرهم، فيظلون في شقائين: شقاء تحقق كمال ومثالية سواهم، وشقاء عجزهم وحرمانهم من كمالهم الخاصة ومثاليتهم، ويظلون يراوحون طوال حياتهم بين هذا وذاك في عذاب مرير. وأصل ذلك الداء المسمم للأرواح الاستسلام ابتداء لإمكانية تحقق الكمال للذات أو للآخرين، والوقوع أسر الظن الكاذب بأن من يتحدث حديثًا جميلاً وعذبًا في شعره وأدبه وخواطره، وتلوح فيه سيما الكمال والمثالية، فإنه بالفعل متحقق به، وهذا كله وهم زائف، فإن كل هؤلاء ليسوا مثاليين ولا كمل. ومهما توهمت تحقق المثالية والكمال في الأشخاص لأن كتاباتهم توحي بالمثالية والكمال فأنت خاطئ وواهم، فما فيهم إلا مقصر وخاطئ، وربما يقول بعض الأحيان ما لا يفعله، ولربما فعله في حين وعجز عنه في حين آخر، وكلنا -كاتب وقارئ- ذلك الإنسان الذي ينهض ويسقط، ويرجو الإحسان وربما لا يحصل عليه. ولهذا كان من أهم سمات العقلاء:الواقعية في نظرتهم لأنفسهم ولغيرهم، ومنهجهم في الحياة التسديد والمقاربة، والمحاولة وتكرارها، والاجتهاد بحسب الطاقة، وعدم اليأس عند حصول الكبوات، والتعلق بالله…