نور عدنان الزرعي

(#فلما_أسلما) 2 أنت في بُقعةِ سُجّادتك المضيئة تدعوه، تصنع عالمك القادم، تختصر المسافات، تميط عن دربك الأذى والبلاء، تفرش العمر بحقول النجوم، وهو سبحانه في الملأ الأعلى يحرّك الكون لك. لأجل عبدٍ نادى: الله الله الله منقطعًا له وحده. نعم لا ترى. ولكن غدًا ستلمسُ بيدك الجبر والاطمئنان والسلام. توكّل عليه. (ومَن يتوكّل على اللهِ فهو حسبه...). ما أجمل التسليم، أنت تترك لله قيادة حياتك، أنت تُنزِلُ عن كاهليك جبال الهموم، وتدعها على أعتاب ربك سبحانه وهو يقلبها نعيمًا لأجلك. أنت عبدهُ لا يضيّعك. بحرارة كلماتك، بكسرة فؤادك، بدموع دعواتك، وبشكواك له وحده وآهاتك، لن تخيب. فكّرت فكّرت فكّرت دون جدوى! قررت وبحثت وفشلت دون فرج ولا حلّ! (لا تدري لعلَّ اللهَ يُحدِثَ بعد ذلك أمرا). يا صاح! أنت لك ربّ! لست وحدك. أوَ مِن فَرطِ الهَمِّ نسيت! نور عدنان الزرعي

_ثم ماذا فعلت؟ _تبقى المحنةُ تصبُّ بالإنسان وتطول حتى يفعل كما فعل سيدنا إبراهيم، ب (فلمّا أسلما...) استذكرتُ محنةً عظيمةً مررت بها من سنين، ما كان النجاة منها والفرج إلا بالتسليم. يا أخي! لماذا نحن نحشر أنفسنا في تدبير الله لنا وهو أولى بنا منا وأعلم بما يُصلحنا! لماذا نتدخّل! لماذا نحنُ لا نهدأ ولا نستكين! _أوَ هذا التسليم سهل! _لا ليس سهلًا، لكنه وحده الحل، وحين تقرره بقلبك تتنزل عليه الطمأنينة والسكينة وتُعانُ عليه. الله يريدك له، الله يحاصرك بمحنةٍ ويغلق كل الأبواب عليك لتعتمد بقلبك وحالك وسلوكك فقط عليه وحده سبحانه، ليتملئ قلبك بحبه وحده. _كيف ولكن التفكير يرهقنا ويُلاحقنا! _لا! توقّف قليلًا عن التفكير ما استطعت، توزان توازن، وسلّم لله، ودعِ المخاوف جانبًا فالله معك! _وماذا حدث مع سيدنا إبراهيم؟ _وقع بمِحنةٍ، حين رأى في المنام أنه يذبح ابنه -ورؤى الأنبياء حق ووحي ليس مثلنا أضغاث!- فقام إليه يُخبره، فرضي الولد البارّ، وحين استسلما كليهما؛ الأب وابنه لأمر الله عز وجل، -ولو كان الأمر عجيبًا صعبًا مضنيًا- هنا تدخّلت رحمة الله لثقتهم بالله، ما ضيّعهم الله، وفدى الولد بكبشٍ عظيم، وأخبرنا سبحانه وتعالى في أي لحظةٍ جاء الفرج: (فلمّا أسلَمَا...). واللهِ يا أخي هذا وحده الحل، صل ركعتين قضاء حاجة واستخارة، واشكُ لله ما ألمّ بك، وحيرتك، وضياعك، والناس، والمواقف، والغم، والحلول الفاشلة، والعجز الذي أقعدك وكبّلَ حركتك عن أي خطوةٍ نحو الأمام مُبهَمَة! ارفع الملف كما هو لمُدبِّر الأمر، لِمَالِكِ الكون، وسَلِّم له كيفما أراد، واسعَ بالأمر على قدرك، ولا تُعيّن عليه سبحانه مرادًا محدّدًا! بل قل له: اختر لي، رضّني، اجبر كسر قلبي. وامضِ في الحياة مُضَمِّدًا جِراحَ القلبِ النازفِ بالرضا. اللهُ بعد أن سألته بالاستخارة والدعاء كيف يفعل! هل سيُضيّعك وهو وحده محلّ ثقتك! وهو القائل عن نفسه سبحانه: (...واللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون). سيهديك السبيل، سيُرسل لك دليل، وسيجبرك، وسيعوِّضك، لا تتعلّق إلا به، ولا تتملّق إلا لجنابه الكريم. أنت في بُقعةِ سُجّادتك المضيئة تدعوه، تصنع عالمك القادم، تختصر المسافات، تميط عن دربك الأذى والبلاء، تفرش العمر بحقول النجوم، وهو سبحانه في الملأ الأعلى يحرّك الكون لك. لأجل عبدٍ نادى: الله الله الله منقطعًا له وحده. نعم لا ترى. ولكن غدًا ستلمسُ بيدك الجبر والاطمئنان والسلام. توكّل عليه. (ومَن يتوكّل على اللهِ فهو حسبه...). ما أجمل التسليم، أنت تترك لله قيادة حياتك، أنت تُنزِلُ عن كاهليك جبال الهموم، وتدعها على أعتاب ربك سبحانه وهو يقلبها نعيمًا لأجلك. أنت عبدهُ لا يضيّعك. بحرارة كلماتك، بكسرة فؤادك، بدموع دعواتك، وبشكواك له وحده وآهاتك، لن تخيب. فكّرت فكّرت فكّرت دون جدوى! قررت وبحثت وفشلت دون فرج ولا حلّ! (لا تدري لعلَّ اللهَ يُحدِثَ بعد ذلك أمرا). يا صاح! أنت لك ربّ! لست وحدك. أوَ مِن فَرطِ الهَمِّ نسيت! نور عدنان الزرعي

••شكوايَ تسمَعُها.. وهُمومي تعرِفها ☆يا ربِّ آهاتي.. أتدُومُ تترُكُها؟ ••في قلبي تُحرِقُني.. والدَّمعُ يُغرِقُني ☆لا أعرفُ سِواكَ.. أأضِيعُ تَهجُرُني؟ ••هل لي سِوى بابك؟ متى جِئتُ تقبلُني ☆يا ربُّ فعسَاكَ.. بالخيرِ تجمَعُني ••للخيرِ تُوصِلُني.. رُحماكَ فارحَمني ☆ناديتُ: اللهُ.. وهتَفتُ: مولاهُ ••وصدحتُ: ربّاهُ.. ربّاهُ ربّاهُ ☆البَلوى تَصقُلُكَ.. كالماسِ مِن كَدَرِ ••في شَرعِهِ تُبنى.. كمَنَازِلِ القَمَرِ ☆مَن أدمَنَ النَّجوى.. فضِياؤُهُ يَسِري نور عدنان الزرعي

أشرت على حواف القرآن في يدي وقلت لها: هنا حشد السعادات كلها، هنا تجتمع سعادة الدنيا والآخرة. ومن هنا الإنطلاق للمعالي. الشهادة العلمية قد تفتح بابًا للسعادة، المال قد يفتح باب، المكانة الجمال وكذا وكذا وكذا من متع الدنية تفتح باب... لكن الفتح، وما يفتح أبواب سعادة الدنية والآخرة معًا هو القرآن. (وهذا كتابٌ أنزلناه مبارك...) ابدئي به، اجعليه أولا يجعلك الله أولًا، ابدئي به، ولو واجهتِ صعوبةً، وهو يأتي لك بكل شيء بأيسر وأسهل ما يمكن مع منتهى التوفيق. لأن الله تعالى قال: (إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرًّا وعلانيةً يرجون تجارة لن تبور) أنت تتاجرين بالقرآن مع مالك السماوات والأرض مع غناه عنك ليعطيك، (ليوفّيهم أجورهم...) بل ثمة عطايا لم تخطر لك على بال: (ويزيدهم من فضله...) لكن درب العز هذا مفروش بالذل على باب الله، مفروش ب (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم...) حتى يقال لكِ: ربح البيع! ولا تحزني من الصعوبات والفشل وتكرار الصحائف زيادة عن غيرك مئات المرات، فهذا حب، فمن يحبك يحب أن يبقيك معه أكثر. ومع كل تكرار جديد حسنات تزداد للآخرة ولو سبقوك في الدنيا سبقتهم بالآخرة. ابدئي من الفجر، فوالله لطالما كنتُ أظن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى مجازي حين قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) ثم لاحظنا الفرق، حين نفتتح من الفجر يومنا بالقرآن كيف يبارك لنا فيه، كيف ننجز كثيرَ أشياء ويبقى في الوقت بحبوحةً عجيبة! وبين حينما نوثر جهلًا ما عداه كيف ينتهي اليوم بساعات تلاشت وأنصاف إنجاز وهباء! وذلك لأن ذلك الإنسان الذي يفتتح وقت الفجر بالقرآن تشهد عليه الملائكة، تصعد لله لتحكي عنه، يذكر الله فيذكره (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) فمن ذكره الله ماذا يفعل به؟ كيف ينقله ليغسله بأنوار القرآن، كيف يوفّقه، كيف يبارك له، كيف يسعده ويسعد به، كيف تظهر صفحات القرآن على قسمات وجهه وعيونه ودا (سيجعل لهم الرحمن ودّا). يا عينُ قد شَبِعتْ ضِيا.. شَهِدَ المكانُ معَ النَّظَر ولكن ما تحتاجه آية واحدة، ليست ب يُمسكون، بل ب (يُمسِّكون) مهما تفلتت من يدك الأمور وبالغتَ بالتقصير. (والذين يُمسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين). نور عدنان الزرعي

لمحة! كافيةٌ لتطييبِ القلبِ من كل أوجاعه. كافيةٌ لجعله يطير. إنّ المُحبّ يرى بعينٍ غير عاديّة، عينٍ دامعةٍ تحسُّ بشعورٍ رهيبٍ بمجرّد رؤية الصور. لا بعين جافّة من الحبّ! لا تبصر المدينة إلا موقعٌ على وجه الأرض! أما الميّتمون وحدهم من يرون المدينة منوّرة. آهٍ كم سلونا، حينما وِدادكم لمحنا، حينما حنانكم لمسنا، وعلينا نفحت مواساتكم...🤎 نور عدنان الزرعي

أرأيتَ حين تدعوهُ وقلبك ينفطر، وقلبك مكسور؟ أتظنّ أنّ هذه الكسرة عنده تذهب هكذا سدى؟ أرأيت ولو أخطأت، أرأيت لو عدت، أرأيت إن جلست بين يديه ثم قلبكَ له فتحت، أتظنّ أنه يُخيِّبك؟ قل لي... لعلك من كثافة الحزن الطويل على قلبك استصغرت نفسك والله جاعلك في عين الناس جميلًا ولا تدري! وإن كان اليأس والحزن فيك مستبدّ، ألا تذكر ماضٍ دعوته فيه بكسرةٍ تشكو جرحًا ما، ثم ما لبثت أن قُمت فوجدت الجبر ينتظرك على الباب؟ بل! كان الجبر يُجهَّزُ لك أثناء الدعاء بأمرٍ صدر من الملأ الأعلى يُرَتّب لك في الأرض ليجبرك وأنت لا تدري! (وذكّرهم بأيام الله) يُعلّمنا سيدنا إبراهيم ألا نيأس ولا نقنط من رحمة الله.. (قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ * قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) لأن ذلك اليأس حزن يلتهمك، باب يصد عنك القدرة على مواصلة الطريق، وشكٌّ -والعياذ بالله- بقدرة الله على إعطائك سؤلك.. قال تعالى: (...وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) المشكلةُ ليست في أنك دعوت، ولا في أنه تأخّر الفرج. المشكلة كل المشكلة أن يعتصر قلبك كمدًا، ثم أنت لا تدعوه! ثم أنت تغيب! ثم تستحي أن تبوح له أو تيأس من رحمته! أو حتى لا بخطر لكَ أن ترفع يديك لتقول شيئًا! ووالله إن كان لكل باب مِحنَةٍ مفتاح، فالمفتاحُ العام الذي يستطيع فتح كل أبواب الهموم الدعاء بلا استثناء. ولو تأخّر الفرج، ثمّة سكينة، ثمّة فرحة قريبة، ثمّة شيء يهديكه سبحانهُ كدفعةِ اطمئنانٍ أنه يراك وما تخلّى عنك، تسلو به ريثما يأتيكَ الفرج المراد مُحمّلًا بالفرح. قلبك قلبك أصغي له، ماذا يقول لك بعد الدعاء؟ لا يخطئ القلب الذاكرُ حين يختار، حين يلهمه الله قرار، اسعَ واطلب من المولى المدد والسّند، والرضا مع حسن الاختيار. لن يتركك أتدري لِمَ؟ ليس على أعمالك التي أنت وأنا مقصّرون بها سلفًا، لكن لأنك عبدٌ وهو ربّ، لأنك صُنعَتُهُ، لأنه يتولى عباده، في السّماء رزقك، في السماء فقط عنده. لا أقصد فقط رزق المال، بل رزق الفرج الذي تنتظره على جمر. وأوصيكَ أخيرًا بما يمدُّ قلبك بالقوٍة، وعزمك بالمدد، أن تقرأ سورة البقرة كلها، أن تصدح بالترتيل غيبًا. القرآنُ القرآنُ! والله قوّة القلب ووقوده والانشراح بعد الاختناق، وكل المدد. أسلوت؟ (واصبرْ لحكُمِ ربِّكَ فإنّكَ بأعيننا...) نور عدنان الزرعي

قالت لي صديقتي مرةً منذ سنوات طويلةٍ انطوت، كلماتٍ لا أنساها: عندما أرادتْ مُربّيتي السفر، نظرت إليَّ في الموعيد الأخيرة نظرةَ حنانٍ وحزنٍ وعطفٍ وأسف، وقالت كلامًا أشارت لي فيه بالسفر: فلانة! إذا أتى عليكِ يوم ولم يكن في حياتكِ شيخ -أي مُربّية- فالنبي صلى الله عليه وسلم شيخكِ، بالإكثار من الصلاة عليه. ثم افترقوا في أصقاع الأرض، منذ ١٢ سنة تقريبًا وللآن ما التقوا، وأنا من يومها لليوم أذكر كلامهم لبعضهم هذا! سيدنا محمد اللهم صل عليه شيخك في غياب شيخك، ومؤنسك في غياب من يُؤنسك، ومُربِّيكَ في غياب من يُربِّيك، وملاذكَ الآمن الذي لا يخيب ولا يُخيِّبك، وحبيبك في غيبة كل حبيب. يكفيك ما يُسليك، ويمسحُ الحزن عن قلبك، الصلاة الصلاة عليه كل يوم. أدمِن أدمِن تُجبَر. أدمِن فهو يُصدِّقُك، يحنو عليك، يدعو لك، لا يتركك، لا تراه، لكن القلب يراه، (وما كذب الفؤاد ما رأى) تشعرُ به قريبًا منك، تقوم من مجلسٍ يعبق بالنور صلّيتَ به عليه، كلّمته، تشفّعت به لله، شكوت له ما أحزنك من هموم الدنيا؛ وإذ بطبعك أفضل، وفورتك أهدأ، وأخلاقك أرقى، والحِلمُ منك يدنو والسكينة حولك تحوم، تُحشى بالأنوار، وتمتصُّ الصلاة عليه كل سلبياتك لتطرحها أرضًا. فتختلف! وتَصدُق، وتُخلِص، وتَسهُل عليك العبادة، وتنتقل من ظلماتِ كل حزن وهم وذلّ لأنوار كل فرج وفرح وعزّ، حين ينقلك الله من الظلمات للنور كلما عليه صليت. لا تنسَ. صلى عليك الله يا رسول الله.. "تعرفهُ الروحُ وتشتاقُ.. ما جهِلَ سناهُ العُشَّاقُ" نور عدنان الزرعي

♡فكأنَّما كَفُّ الحَبيبِ الرَّاحِمة.. مَسَحَتْ على قلبي الذي هُو فيهِ نور عدنان الزرعي