《حنان خالد》

إن نوع الحب الذي نتمناه لأنفسنا دائماً .. أنْ نُحَبّ بعد الاعتياد .. بعد الصباح الثلاثمائة .. وبعد كوب القهوة الألف .. بعد أن نجرب معاً أيام الزكام السيء والحمى القاتلة .. بعد ليالي الشجار والانزعاج والأعمال المتراكمة .. حتى حين تبدو وجوهنا متعبة .. وأشكالنا منطفئة .. نحب أن نظن أن أحداً ما سيعيد اختراع الأسباب لنستحق حباً دائماً لا يزول .. أنا أعلم أنك جربت أن يقع الكثيرون في حبك عند النظرة الأولى .. لأن لحظاتك المدهشة دفعتهم لرؤية الأشياء غير العادية في عاديتك .. لكن المحب العظيم .. وحده المحب العظيم يا عزيزي ...سيتمكن من الوقوع في حبك مرة تلو الأخرى حتى بعد أن يخيم الاعتياد .. حتى عندما تزورك الهزائم .. حتى في الأوقات التي تغدو فيه مشوشا .. حتى . عندما يصبح حبك مستحيلاً .. وما أجمل ذلك الحب. - أمل السهلاوي

‏"خطيئة الإنسان الحنون هي ظنّه بأن الكل مثله، فيعطي بغزارةٍ حتى يُصبح فارغًا من كل شيء"

حبيبي، أنا خائفة ويحضر مع خوفي رغبة قديمة في البكاء، أُخبئ رأسي الآن تحت الوسادة وأخاف أن يظهر هذا الشعور الذي لا تفلح الكتابة في تهدئته بشراهة، وحدي أعرف ماذا يمكن أن تفعل مشاعري وهي بهذه الشراهة. أخشى الآن أنْ يكون صوت وقع الأقدام الذي أسمع صداه في أذني هو صوت وقع أقدامك وأنت تمشي، كأنك تمشي بعيدًا وتتركني، تتركني لحالي أُراقب الحواف والشرفات المفتوحة..كأنه لم يكن بيننا وعد! لم تنقطع قدرتي كلها بعد، ما زال بإمكاني أنْ أقوم من سريري وأمشي..ليس كثيرًا، خطوات بطيئة لأجلس بجوار الباب لكنهم سيفهمون أنني أرغب في المغادرة وأنا يا حبيبي أجلس هنا كي أكون في انتظار مجيئك. ملحوظة ما زلتُ أتمنى نفس الأمنية التي عرفتني عليها " أن ينبت تحت أرجلنا العشب"

كيف لي أنْ أشرح تعبي؟ من قصتنا التي لم تكتمل وصداقتنا التي انقطعت دون أدنى سبب! كيف يُمكن أنْ أصف الوجع؟ الوجع الذي جعلته بفراقك يُقبّل حول عيني فيترك هالات سوداء وأنت تعرف، كنت تعرف جيدًا أنني لا أُحبها. "أهرب مِنْ قلبي أروح على فين؟" أنت الذي ملأ حياتي بالأمل رغم اعترافي بالخوف، تركتني بهذا القلب الصغير بعدما عبئته بالأمل، عبثت به كثيرًا وأنا تركته لك بعدما آمنتُ معك بالحب الذي كنت أكفر به، الآن أجلس وحدي في ركنٍ ضيق للغاية من غرفتي الصغيرة، أعجز عن وصف ما يحدث بقلبي، لكنه ينفطر ولا أملك وسيلة للمواساة غير أنني أبكي...وحدها دموعي تؤنس وحدتي

"في أول الحبِّ تنهمرُ عليكَ المطالعُ، زرقاءَ زرقاءَ. و في أوج الحب تحياه، و ينساكَ و تنساهُ و يُنْسيكَ المطالع. و في آخر الحب تطيلُ النظر إلى الساعة. و في الغياب تعثر المطالع على المواجع المترسبة في خُلوّ الغرفة من كأس النبيذ الثانية، و من شال أزرق، فتمتلىء القصيدة بما ينقصها. و حين تكملها بنقصانٍ مفتوح على أخرى، تبرأ من ذكرى و من ندم و لا يصدأُ فيك الذهب. كأن الكتابة، كالحب، بنتُ السحابة إن أمْسَكْتَ بها ذابَت. و كأنَّ العبارة لا تتحفّز إلاَّ لتعويض خسارة. فتتجلّى صورة الحب هناك: في غياب كثيف الحضور"

‏"لا أعرف أين أذهب في هذا العالم الواسع حين تحشرني الأيام السوداء في زاوية لا تتعدى موضع قدمي المرتجفتين."

"‏أنك رائع؛ للحد الذي تمنيت أن يعاد عمري مرة أخرى لأمشيه معك خطوة تلو خطوة، عمرًا كاملا بصحبتك، لا أسف ولا ندم، لأن حياتي برفقتك يملأها شعور رقيق وناعم، يتوزع في قلبي المرتاب منذ الأزل حنانك الناعم، فأغفو دون حسرة أو قلق."

لكنني كُلما ابتعدنا، رأيتُ أشياء غير التي أعرفها..بالكاد أتعرّف على خط يدي، تأكلني الرغبة في الركض باستمرار ليس لأنني اعتدتُ أن أواصل السير ولا أعرف كيف أتوقف لكن لأنني أريد أنْ أرى هل يحرقك الشوق من رأسك إلى قدمك أمْ يُخيّل إليّ؟ "لا أعرف حتى الآن مدى حقيقتي في قلبك...وهذا مُقلق".

مساءٌ آخر تفوح منه رائحة الخيبة، هذه المرة لا أشتهي أي رسالة ولا تُغريني الكتابة لكن رأسي الذي تدور فيه طاحونة ولا تتوقف يكاد يُعلن تفجره بعد قليل. كنتُ أتمنى ألّا أتقيأ كل هذه الكلمات داخلي وألَّا تنزف يدي ويضطرني الاصطدام بالحياة إلى العودة للكتابة مرة أخرى؛ ما زلت أذكر أخر مرة حين انكشفت كل مشاعري وتشوهت كل الأشياء بعدها في نظري. هذه المرة أكاد أختنق..ولا يُسعفني النطق بالكلمات..إنني أموت مختنقه بمشاعري وليس لدي حبل نجاة وأتخيل أنني في مكان ما، في عالم آخر هناك تفوح رائحة الخيبة وأنا أعتذر لأحلامي عن قلقي وترددي الدائم وأعتذر لقلبي الذي مشى طيلة عمره على أطرافه حذرًا من كل شيء حتى انتهى دون أنْ يُقال عنه زهرة أو ثورة أو سماء أو غيمة لكنني أعرف أن في عيني غيمة ستدمع كلما تذكرت أنني سأعيش عمرًا كاملًا أنزف أمام جروحي