فَنن

قال أبو العباس : وأما الشوق فهو هبوب القلب إلى غائب، وإعواز الصبر عن فقده.

‏{أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ الله لَكُم وَاللَّه غَفورٌ رَّحِيمٌ} أي: فإنَّ الجزاء من جنس العمل، فكما تغفر عن المذنب إليك نغفر لك، وكما تصفح نصفح عنك. فعند ذلك قال الصديق: بلى، والله إنَّا نحبُّ -يا ربنا- أن تغفر لنا. ثم رَجَع إلى مسطح النفقة، لهذا كان الصدِيق هو الصدِيق.

أبحث كثيرًا عن من ترتاح إليه نفسي ويكون من إخوان الصفاء حتى إذا ظفرت بأحد منهم أجدني فجأةً أبتعد عنه وأزوره غبًا وأقلل حديثي معه مخافة أن أكون ثقيلًا على قلبه، الأمر شديدٌ على النفس؛لذا أحب جدًا كلمة الجاحظ : "حاجتي والله أن أخفّ على قلبك" ومؤخرًا حاجتي أن أخفّ على نفسي..

لا يمكن للمرء أن يكون متديناً ووطنياً في ذات الوقت.

أحب تعبير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن مَن يُعاند ويُسفسط بأنه "مَرضت فِطرته" فالأصل أنّ الإنسان يستند على الأشياءِ الواضحات ولا يُعاند فيها، كمن يُعاند لأجل المعاندة، أو لأن نفسه اعتادت على التعنت في الفكر. فهولاء مُلئت فِطرتهم بالمدخلات الفاسدة حتى إذا كنت تُريد أن يَنظروا للأمر نظرة العاقِل، فإنكَ تحتاج لما يُصلح هذه الفِطَر. وطرق الحق متعددة ومختلفة والدخول لها كل بحسبِ ما عنده فقد يصلح هذا لطريقة كما يفسد آخر لنفس الطريقة. فالنفوس مختلفة، والهوى متنوع، وما في القلوب لا يكاد يتفق.

[ولو رَحِمَهم كانت رحمتُه خيرًا لهم من أعمالِهم]

لا تزال هذه القلوب في سجنٍ من هذهِ الدار حتى تتخلص إلى فضاءِ التوحيد، والإقبال على اللّه، و الأُنس به، وجعلِ محبتهِ في دبيبِ خواطر القلب و وساوسه، بحيث يكون ذكره تعالى وحبه، وخوفه، ورجاؤه، والفرح به والابتهاج بذكره= هو المستوى على القلب. -ابن القيم/زاد المعاد ج٢

سبحان الله هذا الفارس الشهيد لم يدر عنه أحد في حياته، وليس له أعمال يعرفها به الناس ولا مؤلفات تجوب البلاد والمكتبات، ربما لا يملك حسابا في تويتر أصلا، اليوم يُذكر اسمه في كل مكان وفي رحاب المساجد الشريفة وفي مدينة رسول الله يترحم عليه جموع المسلمين من بلاد الله الواسعة. بل حتى لا أظنه حمل همّ الأثر الذي يدندن حوله كثير من المسلمين، أن تترك أثرا ويذكرك الناس بعد موتك، فهذه الرغبة قد تكون أحيانا إضماراً خفيا لحب الظهور، يُخفيه المرء، بما يُدعى الأثر بعد الموت، والذكر الطيب. ‏الإخلاص ما أحلاه، وما أحلى عواقبه.