البينة

إن النّاس تطغىٰ عليهم مشاعر الخَوف أكثر من أي شعور آخر عند ليلة استشهاد العبّاس "عليه السّلام"، و احسَب حتّىٰ الرجُل الّذي رأىٰ ما رأىٰ من حروب و صِعاب أيّام شبابه، و إن حاوطه وجود ابنائه و زوجته و أحفاده، يعتريه الشعور بالوحدة، و ينتابه الخوف، و يستوحِش رغم وجود العائِلة. الأعجب من هذا و ذاك، أنّنا نُحاكي شعور الحُسين "عليه السّلام" بعد هذه السنين، حين عبَّر عنه بجملةٍ تصف الفقد بآخر مراحِله "الآن انكسرَ ظهري"، فلا اتصوّر أنّ هنالك شخص لا يشعر بالوحشة، الوحشة النابعة من الوِحدَة، فكُلّنا و إن حاوطَ وجودنا بالأهل و الاصحاب، فلا نشعر بوجودهم، و لا نسمع أصواتهم، كأن بيوتنا ليست ببيوتنا، و كأنّ الأرض الّتي نُقيم عليها ستبتلعنا، فلا نكاد نستقِرُّ علىٰ حال. و هذا التشابه بالاحساس مِصداق علىٰ أنّ العبّاس "عليه السّلام" هو الكافِل، و باستشهاده نشعر جميعنا بشعور واحد؛ أنَّنا دون أبا الفضل ايتام. -هالة الجبوري