قناة أنس

كلمة الشيخ أبي موسى -رضي الله عنه- في ندوة جائزة الدوحة للكتاب العربي في دورتها التأسيسية.

2250- خواطر وذكريات دبلوماسية - السفير أحمد محمد دياب (٤٢٣ص) #السودان #دبلوماسي

يقول السفير السوداني أحمد محمد دياب عن فترة عمله كدبلوماسي في سفارة بلاده برومانيا زمن تشاوشيسكو : وعندما ذهبت مع مدير الخدمات الدبلوماسية لمشاهدة المنزل الذي خُصِص لسكن السفير ، كان ذلك في شهر أغسطس وكل شيء يانع ومزهر وأخضر في بوخارست ولقد أُعجبت بالمنزل منذ النظرة الأولى ، فقد كان رائعاً شامخاً خليطاً بين الطوب والأسمنت والخشب ، يجمع بين الطراز المعماري الفيكتوري والمشربيات والأقواس العربية، وتفحصتُ المنزل ونال موافقتي على الفور وفي باحة المنزل ميدان وحديقة كبيرة، ولكنها مغطاة بعدد كبير من الأشجار الضخمة ، فطلبت من مدير المكتب أن يقطع الأشجار حتى يكون الميدان صالحاً لحفلات الاستقبال في المناسبات الرسمية وكنت اعتقد أن ذلك شيئاً بسيطاً لا يستغرق أكثر من يوم أو يومين. وعندما سمع مدير المكتب ذلك الطلب رأيت في وجهه علامات عدم الرضاء والموافقة ، فلما سألته عن السبب قال لي : إن إزالة الأشجار مشكلة كبيرة، وتحتاج إلى وقت طويل قد يصل إلى خمسة أو ستة أشهر ، فسألته لماذا يُصَعب الأمور والموضوع لا يحتاج لأكثر من ثلاثة عمال ومنشار وفاس. فضحك ضحكة طويلة حتى كاد يقع على الأرض وكدت لا أصدق ما أرى وما أسمع. فأبتسم الرجل واستطرد قائلاً : أن الموضوع ليس بهذه البساطة ، فهذه الأشجار ملك للدولة، وإزالتها تحتاج إلى موافقة الجهات المعنية في الحزب بهذا الخصوص، ووعدني بأنه سيطلب الموافقة على رغبتي ولكن عليّ أن أتحلى بالصبر لمدة قد تستغرق شهوراً وقد تأتي الإجابة بالموافقة أو بالرفض ،فظننت أن الموضوع يحتاج إلى لزّة أو إبداء نوع من المكرمة الدبلوماسية، فأشرت للسكرتيرة بأن تقوم بذلك فوراً ، وفعلاً أحضرت "شيلة" من السجاير والبن والشكولاته وغيرها ، واعتقدت إنني قد وجدت العصا السحرية لقطع الأشجار. ومرت أسابيع وشهور، ونحن نلاحق مكتب الخدمات بخصوص قطع الأشجار، وكانت الإجابة أنهم مازالوا في انتظار موافقة لجنة الحزب ،وطبعاً الصبر شيء يجب أن يتحلى به كل من عمل أو عاش في تلك الدول آنذاك،.وصبرنا وبعد الصبر ما طال جاءت الموافقة بعد مضي أكثر من أربعة أشهر على تقديم الطلب ، وكانت معنونة لمكتب الخدمات الدبلوماسية. وكان عدد الأشجار على ما أذكر ثلاث عشرة شجرة، ولكن الموافقة جاءت بقطع عشر أشجار فقط ، ولدهشتي الشديدة كان لكل شجرة رقم وملف واسم، وذَكَرَت الأشجار التي تمت الموافقة على قطعها بالتحديد ، ورَفَضَت الموافقة على قطع الأشجار الثلاث الأخرى بالتحديد ،ولكن الحكاية لم تقف عند هذا الحد، فقد كانت الموافقة تنص على اسم المصنع الذي ترسل إليه أخشاب وفروع تلك الأشجار التي تمت الموافقة على قطعها. إن تعجبي من ذلك القرار لم يعادله إلا إعجابي وتقديري واحترامي له، إذ أنني أيقنت أن الدولة أو النظام الذي يرعى ويحافظ على الشجرة ، فلابد أن تكون رعايته ومحافظته على مواطنيه من البشر تفوق ذلك بكثير ، كما اقتنعت أيضاً - مع تحفظاتي حول الشيوعية - أنها نظرية متكاملة لم تترك شيئاً للاجتهاد الشخصي وهذا في حد ذاته شيء يدعو إلى الإعجاب والتقدير. ومنذ ذلك الحين بدأت أنظر إلى تلك الأنظمة نظرة مختلفة قد لا تتفق معها في بعض الأشياء، ولكنك تعجب وتعترف أنها كانت جهداً إنسانياً صادقاً حاول أن يكون تجربة رائدة على الرغم مما أصابها من نجاح أو فشل.

أنس المحاضرة بما يستحسن في المذاكرة للإمام عز الدين ابن جماعة رابط أرشيف: https://tinyurl.com/22w2sndk

عصام العطار - رحمه الله - توفي اليوم عن ١٠٠ عام هجري