أبو السَّمْح الخولاني

البدرُ يبزغُ في الدُّجى والشمسُ تطلع في النّهارِ والليلُ أسكن للحشا والصبحُ آمنُ للعثارِ والطيرُ في أُفقِ السّما والبُهْمُ في أرضٍ قرارِ والنّارُ أجلبُ من للدفا والماءُ أنفى للأُوارِ والْجَلْدُ يُعجِبُ في الوغى والطِّمْلُ يُعجَبُ بالفرارِ والعقلُ يذهبهُ الهوى والحلمُ من شيم الوقارِ والمرء يُرشدُ بالحِجا ويزيدُ أضيعُ من حِمارِ هذا وصلِّ على النبيّ بهِ نجوت من الخسارِ

كأنّنا والمنايا كفتيةٍ في شرابِ ألهاهمُ الشربُ حتّى أتاهمُ ليث غابِ فكلّهم صار منهُ ما بين ضِرسٍ ونابِ

لي صاحبانِ هما هما كلُّ يُرى بثيابهِ هذا مرادُ أبو العلاء مُمَنّعُ بجنابهِ إن جئتهُ في نازلٍ فالنجمُ من أطنابهِ أمّا يزيدُ فإنّهُ ملكٌ يحاطُ ببابهِ ما خاطبَ المُحتاجَ إلا من وراءِ حِجابهِ

يلومُ الفتى الفتياتِ على سهاد الجفونِ وضيق الحياةْ وهل سُميّت بالفَتاةِ الفَتاةُ إلا لتجْعلهُ كالفُتاتْ

لعلي لا أكف عن هذا الضرب حتى آتي بشيء يصفح به عني بديع الزمان والحريري

كتبت مقامة أدبية حاولت أن أحاكي بها أسلوب أبي محمد الحريري، وأن أنهج فيه نهجها: وهي: حدث الحارث بن همام قال: حينَما طال في الغربة الأمد، وباخ جَمْرُ الصّبر وانْخمَد، وعزّ عليّ التمرُ والبُرّ، ولم أَجَد كنًّا من ومَدٍ ولا قُرّ، وحين ضاقت عن مسلكها الروح، ويئستُ من أولاد نُوح، نزعتُ أطناب الخيام، وقلقلت الرّكاب قافلًا إلى البلد الحرام، ودعوت الواحد الصَّمد، أن يعيذني من حرّ الضَمَدْ، وهو نعم المُعتمَدْ. فبينا أنا في السبيل، أغيض الدّمعَ وأُسيل، إذا برجلٍ يُشيرُ من خريق ، ينادي بفمٍ بلا ريق؛ يا فلانُ يا فُلا، إمّا بجدٍّ أو فَلا. فأتيتهُ على عَجَل، أسابقُ إليه الأجل، فوجدته على شَفا، يائسًا من الشِّفا، قد بدا بلاه، وأُخلِقَ سَملَاهْ. فحملتهُ إلى ظلٍّ سَجسج، عند سيالٍ وعوسج، وناولته من زادي، ما قرّ في فؤادي، وهو مُلقًى في أسمالهِ، يئن أنين الواله، كلّ كلامه ويَخْ ويَخْ، فقلت لهُ معافًى يا شَيخ. حتى إذا أفاق وبَلّ، وقام واستقلّ، التفت التفات الأسير، وقال وهو حسير: أعربيْ؟ قلتُ لا خبيْ، قال :فمن أيّ عود؟ قلت من قحطان بن هود، فكأنه بشّ وقال فمن أيّها قاعة؟ قلت: من قضاعة، فقال بخٍ بخٍ، لغيرك الوضَاعة، فمن أي نجر؟، قلتُ من خولان بن عمرو، قال وابلٌ همْر وبحر غَمر، فحدّثني. فلما قصصت عليه الخبر، وما لاقيتُ فيما غَبَر. بكى بدمعٍ هطول، ثُمّ أنشأ يقول: تالله ما ألم النّوى إن تسألوا في أن تفارقَ مربعًا وحميما لكنّ أدهى ما تصيبُ بهِ النوى أن لا ترى في حيث كنتَ كَريما. ثمّ حمدل وحوقل ولم يزد على ما قال، فراعني منه حسن المقال، قلت: لمن البيتين؟ قال: للشيخ أبي البنتين. فعلمت أنه لم يرد غير نفسِهِ، حين أبان عن ضرسِهِ. فسألته باليمين الحذّاء؛ أأنت ذا؟ فضحك ومال، ثمّ وقام وقال: أبا همّام لا آلوكَ نصحًا آمن الكَيدِ بأيٍّ كُنتَ كُن حَذرًا ولا تأمن أبا زيدِ.

صبرا مرادُ لأسهمٍ مما يقدُّ الجهبذُ تبقى بظهرك لا تزولُ ولا تغورُ فتنفذُ أبدًا كذلك لا تني حتّى كأنّكَ قُنفُذُ

من ذا يخبّرُ عن غدٍ ماذا أكون بهِ غدا حين الملائك يـقبلون عليّ فردًا مُفردا وأتوا بكلّ جريرةٍ كالبحرِ أقبلَ مُزبدا وظللتُ أذرف دمع عيني في الكُبُول مُقيّدا يا ربّ عفوك إنّني ممّن يُحِبّ مُحَمّدا

قلتُ للهَجْوِ أشر لي وهو عندي مُستشارُ قال لي من؟ قلت تدري قال دعهم ذاك عارُ لا تجرّد منك نصلًا أن عثا كلبٌ وفارُ كلّ عجماءٍ أضرّت جُرحُها الدهرَ جُبارُ

تأملت قول النبي: صلى الله عليه وسلم: "إن أبْغَضَكُم إليَّ الثَّرْثَارونَ المُتَفَيْهِقُونَ المتشدّقون" وقلت لم ذكّرهم النبي ﷺ بهذه الصفة " المتفيهقون " في مقام التنفير عنها؟ وكان بقدرته عليه السلام أن يقول المتكبرون كما فسرها للصحابة بعد ذلك فاستبان لي أمر وهو أن النبي ﷺ أراد أن يعلم هولاء أنه ما ترك حوشي الكلام ونفر عنه عجزًا عنها وجهلا بها حاشاه بأبي وأمي هو وكيف وقد أوتي جوامع الكلم وأبكار المعاني وخاطب كل قوم بلسانهم؟ لكن لتستيقن انفسهم أن هذه البضاعة كاسدة لا تنم على علم ولا تجل عن فهم وما هي إلا إيغالٌ في غي وزيادة في عي.