cookie

Ми використовуємо файли cookie для покращення вашого досвіду перегляду. Натиснувши «Прийняти все», ви погоджуєтеся на використання файлів cookie.

avatar

أمالي أصولية على مرتقى الوصول

نظم وافق بين موافقات الشاطبي وتقريب ابن جزي بلغة أشرقت بالمعنى وجنّبته غموض التركيب وضرورات الوزن والقافية (أصول الفقه) بوت التواصل @mortgaalwsolbot

Більше
Рекламні дописи
341
Підписники
+124 години
Немає даних7 днів
+930 днів

Триває завантаження даних...

Приріст підписників

Триває завантаження даних...

قال ابن عاصم: وسنةٌ بها وبالقرآن مع*خلف بآحاد تواترا رفع. في هذا البيت يتحدث الناظم عما تنسخ به السنة؛ فذكر أن السنة تنسخ بأمرين: الأول: القرآن؛ والدليل على جواز نسخ السنة بالقرآن أن السنة وحي، وأن نسخ السنة بالقرآن وقع في تحويل القبلة، فإن الصحابة كانوا يستقبلون بيت المقدس اقتداء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم لما نزل قوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} كان ناسخا لهذه السنة، وقد فهم من بعض كلام الشافعي أنه كان يمنع نسخ السنة بالقرآن؛ لأن الله إذا أوحى لرسوله ما يخالف حكم السنة السابق وبلّغ الرسولُ الحكمَ الجديدَ للناس كانت السنة الجديدة ناسخة للسنة السابقة، فصارت السنة تنسخ السنة، وإنما قال الشافعي ذلك تأدبا أن ينسب للرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه سن سنة جاء حكم الله على خلافها. الثاني: السنة؛ ونسخ السنة للسنة كثير، ولم ينكره أحد من أهل العلم، ومن أمثلته قول النبي -صلى الله عليه وسلم- : (إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور، وأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن نبيذ الأوعية، ألا فزوروا القبور؛ فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة، وكلوا لحوم الأضاحي وأبقوا ما شئتم؛ فإنما نهيتكم عنه إذا الخير قليل توسعةً على الناس، ألا أن وعاء لا يحرم شيئا؛ فإن كل مسكر حرام) ففي هذا الحديث يخبر عليه الصلاة والسلام أنه نسخ نهيه عن زيارة القبور، وعن إمساك لحوم الأضاحي فوق ثلاث، وعن تنقيع الثمار في بعض الأوعية، فنسخ الأول بإباحة زيارة القبور، ونسخ الثاني بإباحة إمساك لحوم الأضاحي، ونسخ الثالث بإباحة تنقيع الثمار في كل الأوعية ما لم يتحول هذا الشراب المنقوع مسكرا. ثم أشار الناظم إلى مسألة اشتراط القطعية في نسخ السنة القطعية، فذكر أن فيه خلافا، وهذا الخلاف مرده إلى الأمور الخمسة المذكورة في الكلام على البيت السابق، ومن المهم هنا أن تعلم أن حصر القطع في الخبريات في التواتر فقط طريقة أرسطية، فإن المنطق الأرسطي يحصر اليقينيات في: (البديهيات، والمشاهدات الباطنية، والتجربيات، والمتواترات، والحدسيات، والمحسوسات)، ويسميها المناطقة باليقينيات الست، ويحصرون البرهان القطعي فيها، ومتكلمة الأصول لما اشترطوا القطع في الخبريات، وعرضوا المسألة على قانون ارسطوا، وجدوا أن الخبريات لا تدخل إلا تحت المتواترات، ولذلك حصروا القطع في الخبريات في التواتر، فقالوا لا يقبل من القرآن إلا ما تواتر، ولا تقبل السنة فيما يشترط فيه القطع إلا اذا تواترت، وليت شعري هل اطلعوا على ما روى البخاري من خبر زيد بن ثابت أنه لم يجد آيتين من سورة التوبة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري، ولم يجد آية الأحزاب إلا مع خزيمة بن ثابت، أم هل اطلعوا على قول أبي بكر لعمر ولزيد: (اقعدا على باب المسجد فمن جاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه)، وهذا في القرآن فكيف بالسنة؟ نعم أجمع الصحابة على مصاحف عثمان، وتلقاها الناس بعدهم جيلا بعد جيل، لكن الإجماع مختلف عن تواتر المناطقة، والشريعة غنية بأصولها عن أصول الفلاسفة، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: والنسخ في تلاوة أو حكمٍ او*كليهما معا جوازَه رأوا. في هذا البيت يتحدث الناظم عن حالات نسخ الدليل والمدلول: الحالة الأولى: نسخ الدليل مع بقاء المدلول (نسخ التلاوة وبقاء الحكم)، مثاله نسخ دليل الرجم (آية الرجم) مع بقاء حكم الرجم، حتى أن عمر -رضي الله عنه- همّ أن يكتب حكم الرجم في حاشية المصحف، ونازع في هذه الحالة بعض متقدمي أهل الكلام فزعموا أن ذهاب الدليل يعني ذهاب المدلول؛ لأن الحكم لم يثبت إلا بالدليل فإذا رفع نص الدليل ارتفع الحكم تبعا له. والجواب عن هذه الشبهة: أن المبين وهو الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يترك العمل بالمدلول الذي هو الحكم، وهذا في ذاته دليل على بقاء الحكم، نعم قد يقال أن الحكم حينئذ استمد شرعيته من فعل الرسول إلا أن هذا الاستمداد لا يلغي أن أصل الحكم كان ثابتا بالدليل المنسوخ. الحالة الثانية: نسخ المدلول مع بقاء الدليل (نسخ الحكم وبقاء التلاوة)، مثاله نسخ حكم تخيير من يطيق الصيام بين الصيام أو الإطعام مع بقاء دليله وهو قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون}، وقد نازع أيضا في هذه الحالة بعض متقدمي أهل الكلام؛ فزعموا أن بقاء الدليل دليل على بقاء المدلول، وهذا يجاب عنه: بأن ارتفاع المدلول ثبت بموجب دليل آخر متأخر، ثم إن المدلول لم يذهب كله؛ لأن بقاء التلاوة في ذاته حكم؛ لأن الله أمرنا أن نتلوا القرآن، وتلاوة القرآن عبادة لها أجر عظيم. الحالة الثالثة: نسخ الدليل والمدلول (نسخ الحكم والتلاوة)، مثاله: نسخ التحريم بعشر رضعات، فقد روي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كان فيما أُنزل من القرآن عشر رضعات معلوماتٍ يحرِّمْنَ، ثم نُسِخْنَ بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فيما يقرأ من القرآن) رواه مالك، فاشتراط الرضعات العشر كان يتلى في القرآن، فارتفع الحكم وارتفع الدليل، وقد يعترض بأن التلاوة كانت تقرأ وقت وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما أخبرت أم المؤمنين -رضي الله عنها- والجواب: أنها لو لم ترفع لكتبت في المصحف الإمام الذي أجمع عليه الصحابة وتحروا فيه العرضة الأخيرة للقرآن؛ وهذا دليل آخر على نسخها، أما من كان يقرأ بهذه التلاوة المنسوخة بعد وفاة الرسول فإنه حتما لم يعلم أنها منسوخة التلاوة والحكم، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: وتنسخ الآيات بالآيات*واختلفوا بالمتواترات. والنسخ بالآحاد في ذاك امتنَع*عند سوى الباجيِّ وهْو المتبعْ. بعد أن بين الناظم أن النسخ لا يعرض لشيء من أدلة الشريعة إلا الكتاب والسنة شرع هنا في بيان ما تنسخ به آيات الكتاب، فذكر أن الآيات تنسخ بطريقين: الطريق الأول: الآيات وهذا واضح؛ لأن الله عز وجل أخبرنا في كتابه أنه -عز وجل- ينسخ الآيات ويبدل الآيات مكان الآيات. الطريق الثاني: أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم الكلام عن نسخ القرآن بالسنة في أول باب النسخ، ومما تقدم هناك أن هذه المسألة فرع عن الخلاف في مسألة هل النسخ رفع أو بيان؟ والناظم ذكر هنا أن السنة تنسخ القرآن وهذا قول الجمهور، ولكن الجمهور اختلفوا هل يشترط في السنة التي تنسخ القرآن أن تكون قطعية الثبوت كالقرآن؟ وهل القطعية منحصرة في التواتر؟ أشار الناظم إلى هذا الخلاف، وإذا تتبعت كتب الأصول ستجد أن الخلاف يمكن رده إلى خمسة أمور: الأول: هل القطعيات والظنيات بينهما معيار واضح يجعل العقل يجزم بأن هذا الدليل قطعي الثبوت وغيره ظني الثبوت؟ الثاني: هل قطعية الثبوت تغني عن قطعية الدلالة؟ الثالث: هل قطعية الثبوت منحصرة في التواتر؟ الرابع: ثبوت تأخر الناسخ عن المنسوخ يترتب عليه ثبوت النسخ، فلماذا لا تشترط فيه القطعية كالنسخ؟ الخامس: إذا كان النسخ بيان فلماذا لا تشترط القطعية في بقية أنواع البيان كالتخصيص والتقييد؟ من استطاع أن يضع معيارا واضحا للفرق بين القطعيات والظنيات، وأثبت أن قطعية الثبوت تغني عن قطعية الدلالة، واستطاع أن يثبت أن قطعية الثبوت منحصرة في التواتر، واستطاع أن يوجد فرقا صحيحا بين ثبوت تأخر الناسخ وثبوت النسخ، واستطاع أن يثبت أن الشريعة فرقت بين ثبوت النسخ وبين ثبوت غيره من أنواع البيان: صح عنده اشتراط قطعية التواتر في السنة التي تنسخ القرآن، ومن توقف في شيء من هذه الأمور لم يشترط التواتر في شيء من أحكام النسخ، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: وما عليه أجمعوا في المصحفِ*ليس بنسخٍ لمُزال الأحرفِ. في هذا البيت ينفي الناظم طريقة استدل بها بعض الأصوليين على أن النسخ يثبت بالإجماع، وهي طريقة مركبة من إجماع الصحابة على مصاحف عثمان ومن استدلال الجمهور بهذا الإجماع على أن القراءة المخالفة للرسم لا تجوز الصلاة بها، وتقرير هذا الاستدلال كما يلي: أن الصحابة أجمعوا على مصاحف عثمان، وأحرقوا ما عداها، وتلك المصاحف التي أجمعوا عليها جعلوها على لغة قريش وهي حرف واحد من الحروف السبعة، والجمهور يستدلون بهذا الإجماع على أن ما خالف رسم المصحف لا تجوز القراءة به ولو ثبت من جهة السند، وهذا الاستدلال يقتضي أن ما خالف رسم المصحف من الحروف منسوخ، ولم يثبت هذا النسخ إلا من جهة الإجماع. وتسبيب بطلان القراءة بما يخالف خط المصحف بالنسخ قوي، وهو جار على طريقة الفقهاء، وهو خير من طريقة المتواتر والآحاد التي يفسر بها متكلمة الأصول سبب منع القراءة بما صح نقله وخالف رسم المصحف، لكن في الاستدلال بهذه الطريقة على ثبوت النسخ بالإجماع نظر من جهات: الأولى: أن الصحابة تحروا في كتابة مصاحف عثمان العرضة الأخيرة للقرآن، وهذا يقوي أن العرضة الأخيرة هي الناسخة لا الإجماع. الثانية: أن الإجماع في ذاته لا يكون إلا على مستند، وقد تقدم قول ابن حزم: (وإن قيل: إن الإجماع ناسخ، فليس إلا بمعنى أنه يدل على الناسخ). الثالثة: أن النسخ لا يكون إلا في حياة الرسول، لأن النسخ في عرف الشريعة تبديل آية مكان آية، والتبديل لا يكون إلا في وقت التشريع، والتشريع انتهى بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والإجماع ليس بحجة في حياة الرسول. تنبيه: سيأتي في كلام الناظم ما يفيد أن الإجماع طريق لمعرفة النسخ، وقد يفهم من هذا أنه يفسر إجماع الصحابة هنا بأنه دليل على وقوع النسخ لا أنه ناسخ في ذاته، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: يدخل في السنة والكتاب*إذ بهما النسخ بلا ارتياب. وما عدا هذين يُلْفَى راسخا*ولا يكون لسواه ناسخا. تحدث الناظم في هذين البيتين عن مسألتين: المسألة الأولى: أن النسخ لا يعرض إلا للكتاب والسنة، ولا يعرض لغيرهما من أدلة الشرع، فلا يوصف الإجماع بأنه منسوخ، ولا يوصف القياس بأنه منسوخ، وهنا أمران: الأمر الأول: هل ينسخ الإجماع بالإجماع أو بغيره من الأدلة؟ الجمهور على أن الإجماع لا ينسخ بالإجماع ولا بغير الإجماع، لأن النسخ لا يكون إلا في حياة الرسول، والإجماع ليس بحجة في حياة الرسول، والدليل على النسخ لا يكون إلا في حياة الرسول أن النسخ تبديل أحكام بأحكام، والشريعة قد اكتملت في آخر حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- عند نزول قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، وأما الإجماع الحاصل بعد وفاة الرسول فهو: إما أن يستند إلى أصل محكم فهذا لا يتطرق إليه النسخ، وإما أن يستند إلى أصل منسوخ، وهذا غير متصور في الإجماع الصحيح. وقال جماعة من الأصوليين: نسخ الإجماع بالإجماع متصور، لأن الخلاف المحصور في قولين إجماع على أن الحق لا يعدوهما، والإجماع الحاصل بعده على قول منهما إجماع ناسخ للإجماع الأول. ومنهم من يستدل بإجماع الصحابة على المصحف، ويقول أن إجماعهم في المصحف على حرف واحد ناسخ لبقية الأحرف السبعة، وهذا أشار إليه الناظم في البيت التالي. الأمر الثاني: هل ينسخ القياس بالقياس أو بغيره من الأدلة؟ إذا تقابل قياس نص متقدم مع قياس نص متأخر، فهل ينسخ القياس المتقدم بالقياس الأخير؟ هذه الصورة المشهورة للمسألة، ولها صور أخرى تجدها في مسودة ال تيمية، وهذه المسألة دقيقة والذي فهمته من كتب الأصول أن فيها عدة طرق: الطريقة الأولى: أن القياس المستند على علة منصوصة يدخله النسخ، أما القياس المستند على علة مستنبطة فلا يدخله النسخ، وتكون مقابلة القياس المستنبط للنص دليل على فساده. الطريقة الثانية: أن نسخ القياس متصور في عصر النبوة، لأن الوحي مستمر، وأما بعد عصر النبوة فإذا عثر على نص يخالف حكم القياس فإن هذا دليل على أن القياس فاسد، وهذا قرره ابن عقيل الحنبلي. الطريقة الثالثة: أن الذي يُنسخ هو الأصل المقيس عليه، أما تنائج القياس فلا تنسخ. الطريقة الرابعة: طريقة ابن تيمية الحفيد، وسأنقلها لك من كلامه يقول: (نسخ القياس المنصوص على علته ينبني على تخصيص العلة: إن جوزنا تخصيصها فهي كنسخ اللفظ العام، فيكون نسخ الفرع تخصيصا، وإن لم نجوز تخصيصها فهو نسخ) انتهى، وكأنه يجعل نسخ القياس ضربا من ضروب الاستحسان، لأن الاستحسان عنده هو تخصيص العلة، وله كلام جيد في هذه المسألة تجده في مسودة ال تيمية. المسألة الثانية: أن النسخ لا يكون إلا بالكتاب والسنة، وأما غيرها من الأدلة فلا تنسخ به أحكام الشريعة، وهنا أمران أيضا: الأمر الأول: النسخ بالإجماع للأصوليين فيه عدة طرق: الطريقة الأولى: تفريعه على جواز الإجماع في عصر النبوة، فمن منع منه منع من النسخ بالاجماع؛ لأن النسخ لا يكون إلا في حياة الرسول. الطريقة الثانية: تفريعه على القطعية والظنية فقالوا: الاجماع الصحيح حجة قاطعة، وما كان كذلك يثبت به النسخ، وقد يقال هنا بأن القطع أمر نسبي، وأنه لا معيار له على وجه الحقيقة، فما يقطع به المتكلم قد لا يقطع به الفقيه، وما يقطع به المبتدع قد لا يقطع به السني، والأصول كلها قد حصل فيها نزاع مشهور هل هي قطعية أو ظنية، ولو كان للقطع معيار يتفق عليه العقلاء لارتفع كثير من الخلاف. الطريقة الثالثة: تفريعه على أن الاجماع في ذاته محتاج الى مستند؛ يقول ابن حزم: (وإن قيل: إن الإجماع ناسخ، فليس إلا بمعنى أنه يدل على الناسخ). الأمر الثاني: النسخ بالقياس يختلف فيه القول عن الكلام السابق كله؛ لأننا ننظر في الأحكام التي يراد نسخها بالقياس بأي شيء ثبتت: فإن ثبتت بنص فلا قياس في مقابلة النص، وإن ثبتت بإجماع كان ذلك دليل على أنها لم تثبت الا بعد عصر النبوة، والنسخ قد توقف بانتهاء عصر النبوة، وإن ثبتت بقياس فهي مبنية على المسألة السابقة وهي هل القياس يدخله النسخ، وهنا أصل ينبغي اعتباره في هذه المسألة وهو: أن القياس ضرب من ضروب الاجتهاد، والاجتهاد من عمل المكلفين، وتبديل الأحكام لا يكون إلا بتشريع من الله عز وجل، أو تبيلغ من الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الحكم قد بدل، وقياس المجتهد اجتهاد منه ليس من الله عز وجل وليس من تبيلغ الرسول، نعم هو طريق تعرف به أحكام الشريعة، وقد علّم الرسول الناس القياس في مثل قوله عليه الصلاة والسلام: (فدين الله أحق بالقضاء)، إلا أن ذلك التعليم حصل باعتبار أنه طريق من طرق معرفة الشريعة، وليس طريق من طرق تبديلها، وذهب بعض أهل الأصول إلى أن القياس منصوص العلة ينسخ به، باعتبار أن العلة التي جرى النسخ بها قد شرعها الله وبلغنا بها الرسول، وللنظر مجال في هذه المسألة فتأمل، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: والحد فيه رفع حكم شُرِعا*قد سبق العلم به أن يرفعا. في هذا البيت عرّف الناظم النسخ بأنه: رفع حكم شرعي قد سبق في علم الله أنه يرفع، والناظم -من حسن تصرفه- أعرض عن التفاصيل الكثيرة والنزاعات الطويلة التي لا طائل من ورائها المذكورة في كتب الأصول، والنسخ كما مر سابقا على نوعين: الأول: نسخ كلي، وهو الذي عرفه الناظم هنا، وهو أن يرفع الحكم كاملا، ومثاله نسخ جواز نكاح المتعة، فإنها أحلت ثم حرمت. الثاني: نسخ جزئي: وهذا على ضربين: الضرب الأول: جزئي في ذات الحكم، ومثاله: نسخ عدد الصلوات من خمسين إلى خمس، ونسخ عدد الرضعات المحرمات من عشر إلى خمس. الضرب الثاني: جزئي في صفة الحكم، ومثاله: نسخ قيام الليل من الوجوب إلى الندب، ونسخ صيام عاشورا من الوجوب إلى الندب، ونسخ الصدقة بين يدي مناجاة الرسول من الوجوب إلى الجواز. النوع الأول يسميه ابن تيمية الحفيد النسخ الخاص، ويسمي النوع الثاني النسخ العام، ويجعل وظيفة النسخ الخاص دفع حكم النص، ووظيفة النسخ العام دفع ظاهر دلالة النص، ويجعل من النسخ العام تخصيص العام وتقييد المطلق والزيادة على النص ومخالفة الاستصحاب، والجمهور طريقتهم غامضة، والنزاع بينهم فيه قديم، ومحل النزاع الحقيقي هل النسخ بيان أو رفع؟ لهم في جواب هذا السؤال طرق عدة: الطريقة الأولى: طريقة ابن سريج أن النسخ الكلي بيان؛ ولذلك أجاز النسخ بكل ما يجوز به التخصيص، بل حكي عنه أنه أجاز النسخ بالقياس، وإن كان النسخ بالقياس يمكن رده إلى أصل آخر وهو هل يصح النسخ بعد وفاة الرسول؟ الطريقة الثانية: طريقة الشافعي في الرسالة أن النسخ الكلي رفع لا بيان؛ ولذلك قطع بعدم جواز نسخ القرآن بالسنة، واستدل بأن الرسول مفسر ومبين، ورفع الحكم ليس من التفسير بل من التبديل، والله عز وجل قال لنبيه: {قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي}، واستأثر هو بتبديل آياته فقال: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون}. الطريقة الثالثة: طريقة جمهور المتأخرين -وهي هجينة بين الطريقتين السابقتين- قالوا بأنه رفع لا بيان ومع ذلك يجوز بالسنة. الطريقة الرابعة: طريقة جماعة من متأخري متكلمة الأصول قالوا أنه بيان في الزمان فقط، لكنهم أجروا عليه أحكام الرفع؛ فاشترطوا فيه القطع، ومنعوا نسخ القرآن بالسنة، وللحديث بقية تأتي فيما يذكره الناظم من أبيات، وبالله التوفيق.
Показати все...
قال ابن عاصم: النسخ غير مستحيل عقلا*وقد أتى شرعا وصح نقلا. يذكر الناظم في هذا البيت مسألتين: المسألة الأولى: أن النسخ غير مستحيل في العقل، وسبب ذكر هذه المسألة أن بعض متكلمة الأصول تصور أن رفع الحكم المستقبل مستحيل، لأن المستقبل لم يقع، وما لم يقع لا يمكن رفعه لأنه لم يقع، وهذه سفسطه تشبه دعاوى الإجمال التي تقدمت في باب المجمل، لأن النسخ يتعلق بحكم الله المنزل على العباد، فإذا أنزل الله على عباده حكم لزمهم طاعته في الحال، والاستعداد لطاعته في الاستقبال، وإذا قضى الله برفع هذا الحكم لم يلزم العباد في الحال، ولم يلزمهم الاستعداد بطاعته في المستقبل، فالحكم في الحقيقة لا يتعلق بالمستقبل إلا بنية الاستعداد فقط، فلم يطلب الشارع من العباد إيقاع المستقبل، وإنما طلب منهم الفعل الحاضر، ونية الاستعداد للمستقبل، وفي ظني أنه هذه الشبهه قد داخلت جماعة من كبار الأصوليين؛ ولذلك تجدهم يعبرون عن النسخ بأنه رفع مثل الحكم، على اعتبار أن الحكم الواقع لا يمكنه رفعه لأنه وقع وانتهى، والحكم المستقبل لا يمكن رفعه لأنه لم يقع، ولذلك قالوا رفع مثل الحكم السابق. المسألة الثانية: أن النسخ قد وقع في شريعتنا؛ وبيان هذا من جهتين: الجهة الأولى: أن الله عز وجل أخبرنا في كتابه أنه ينسخ آياته فقال: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير}، وقد نسخ جل وعلا عدد من آياته بكلامه، وبسنة رسوله وهي من وحيه. الجهة الثانية: أنه هذه الشريعة هي في نفسها ناسخة لما قبلها من الشرائع قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، وقال: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : (والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا كان من أهل النار)، وبالله التوفيق.
Показати все...
8- قالت الطائفة التي أجازت نسخ الكتاب بالسنة: نسخ النبي عليه السلام بسنته فرض توجه المسافر بوجهه إلى القبلة إذا صلى تطوعا راكبا، فصارت الآية منسوخة عن المسافر المصلي راكبا تطوعا محكمة مستعملة في سائر المصلين، وأبى الآخرون ذلك، وقالوا: بل الآية محكمة بأسرها ليس منها منسوخ غير أنها من العام الذي أريد به الخاص، فأريد بها جميع المصلين غير المسافر المتطوع بالصلاة في حال ركوبه فالتطوع بالصلاة في السفر إلى غير القبلة سنة من النبي صلى الله عليه وسلم مبينة عن خصوص الآية وليست بناسخة لشيء منها. 9- احتج الذين قالوا: إن الله لم ينسخ شيئا من أحكام كتابه بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بأن قالوا: جعل الله كتابه المهيمن المصدق الشاهد على ما مضى من كتبه والناسخ لبعض أحكامها؛ لأنه جعله خاتم الكتب فأمر أن يعتصم بحبله، فكيف يجوز أن يكون غيره قد نسخ بعضه وبدل حكمه؟ 10- احتج الذين رأوا أن الله قد نسخ بعض أحكام القرآن بالسنة فقالوا: القرآن والسنة أمران فرض الله العلم والعمل بهما على خلقه، وقرن أحدهما بالآخر، فلم يفرق بينهما، فمحلهما في التصديق بهما واحد كلاهما من عند الله، قال الله عز وجل يحكي عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه دعا ربه لذريته فقال: {وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم} [البقرة: ١٢٩] ، وقال عز وجل: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة} فقالت هذه الطائفة بين الله تبارك وتعالى أنه أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعلم الناس الكتاب والحكمة، فالحكمة غير الكتاب، وهي ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما لم يذكر في الكتاب، وكلٌ فرضٌ لا افتراق بينهما؛ لأن مجيئهما واحد وكل أمر الله نبيه بتعليمه الخلق فأوجب عليهم الأخذ بالسنة والعمل بها كما أوجب عليهم العمل بالكتاب. 11- زعم أبو ثور أن القائل إن السنة تنسخ الكتاب مغفل، قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم يحرم ما أحل الله، ويحل ما حرم الله قال: وهذا افتراء، فقال بعض من يخالفه: أعظم غفلة من هذا وأشد افتراء من حكى عن مخالفه ما لا يقوله وشنع به عليه، لم يقل أحد: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحل ما حرم الله، ولا يحرم ما أحل الله، بل القول عند جميع الأمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحل إلا ما أحل الله ولا يحرم إلا ما حرم الله، إلا أن التحليل والتحريم من الله يكون على وجهين: أحدهما أن ينزل الله تحريم شيء في كتابه فيسميه قرآنا كقوله: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير} وما أشبه ذلك مما قد حرمه في كتابه، والوجه الآخر أن ينزل عليه وحيا على لسان جبريل بتحريم شيء، أو تحليله، أو افتراضه فيسميه حكمة، ولا يسميه قرآنا، وكلاهما من عند الله كما قال الله: {وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة}. انتهى كلام الإمام محمد بن نصر بحروفه.
Показати все...
راسلني أحد أخواني ممن يتابعون هذه الأمالي ودلني على كلام لمحمد بن نصر المروزي الإمام صاحب اختلاف الفقهاء، وكلامه هذا طويل مذكور بتمامه في كتاب السنة، فأحببت أن ألخصه متحريا ذكر عبارته بنصها ما أمكن؛ لما فيه من فائدة وتحرير من إمام أثري: 1- النسخ هو أن ينسخ حكمه الأول الذي أوجبه بكلامه على عباده بحكم خير لهم منه، فإنما خفف على العباد فأبدلهم عملا أخف عليهم من الأول، وإنما أراد حكما خيرا لهم من حكم الآية الأولى، أوسع لهم وأخف عليهم؛ كما نسخ قيام الليل بما تيسر منه فكان ما تيسر خيرا لهم في السعة والخفة من المشقة عليهم بطول قيام الليل؛ لأنهم قاموا حولا حتى تورمت أقدامهم فخفف الله ذلك عنهم، وكذلك كانوا لا يناجون النبي صلى الله عليه وسلم حتى يتصدقوا بصدقة فخفف ذلك عنهم وقد يجوز أن يكون الناسخ خيرا لهم بأن يكون الثواب عليه أكثر إذا هم عملوا به وخيرا لهم في العاقبة. 2- يجوز أن يكون بيان الحكم الثاني الذي أبدل به الحكم الأول في كتابه منزلا ويجوز أن يجعل بيانه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا ينزله في كتابه. 3- اختلف الناس في السنة هل تنسخ الكتاب أم لا؟ فقالت جماعة من العلماء: لا تنسخ السنة الكتاب، ولا ينسخ الكتاب إلا الكتاب، والسنة تترجم الكتاب وتفسر مجمله، وتبين عن خصوصه، وعمومه وتزيد في الفرائض والأحكام، ولا تنسخ الكتاب، وقالت طائفة أخرى: جائز أن تنسخ السنة الكتاب وذلك أن يحكم الله تبارك وتعالى في كتابه بحكم، ثم يوحي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه قد نسخ ذلك الحكم، ويأمر بخلافه، فيأمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم الناس، ولا ينزل به قرآنا يتلى، فعلى الناس تصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وقبول ذلك عنه وأن يعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسخ ما أنزله الله في كتابه إلا بوحي من الله. 4- ومما اختلف فيه هاتان الطائفتان مما فرضه مثبت في الكتاب، وقد أجمعوا على نسخه ثم اختلفوا ما الذي نسخه الكتاب أم السنة؟ قوله عز وجل: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين} [البقرة: ١٨٠] فأجمعوا على أن إيجاب الوصية لكل وارث من الأقربين منسوخ، ثم اختلفوا: فقالت الطائفة التي أجازت نسخ الكتاب بالسنة: إنما صارت الوصية لهم منسوخة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا وصية لوارث»، وقالت الطائفة الأخرى: بل نسخت الوصية لهم فرائض المواريث في كتاب الله إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو المبين لذلك بقوله: «لا وصية لوارث». 5- قال الذين أجازوا نسخ القرآن بالسنة كان القطع عند نزول قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} وبعد ذلك واجب على كل سارق، قلت سرقته أم كثرت، إلى أن أسقط النبي صلى الله عليه وسلم القطع عمن سرق أقل من ربع دينار فصار بعض الآية التي فيها الأمر بقطع السارق منسوخا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما فيها [يعني الآية] محكم في مذهب الشافعي وأصحابه لم تنسخ السنة من الكتاب شيئا، ولكنها دلت على أن الآية وإن كان مخرجها عاما في التلاوة فهي خاصة في المعنى المعني بها بعض السراق دون بعض. 6- حرم الله عز وجل في سورة البقرة نكاح المشركات حتى يؤمن فقال: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} [البقرة: ٢٢١] فكان ذلك عاما في الظاهر واقعا على جميع المشركات، وأحل في سورة المائدة نكاح نساء أهل الكتاب وهن مشركات فاختلف أهل العلم في تأويل ذلك، فقال جماعة منهم: كان نكاح المشركات جميعا: الكتابيات وغيرهن محرما في الآية التي في سورة البقرة ثم نسخ الله تحريم نساء أهل الكتاب فأحلهن في سورة المائدة وترك سائر المشركات محرمات على حالهن، فبعض الآية الأولى في هذا القول منسوخ وباقيها محكم، روي هذا القول عن جماعة من السلف، وقال غير هؤلاء من أهل العلم: ليس في الآيتين ناسخ ولا منسوخ ولكن الله أراد بالآية التي في البقرة المشركات سوى أهل الكتاب، ومذهب الشافعي في هاتين الآيتين على ما أعلمتك أنه ليس في واحدة منها ناسخ ولا منسوخ، إلا أن الآية التي في سورة البقرة من العام الذي أريد به الخاص ومن المجمل الذي دل عليه المفسر. 7- أثبت الشافعي نسخ الكتاب بالسنة؛ لأنه أثبت الجلد مع النفي على البكرين عند نزول الآية في جلد الزانيين؛ الجلد بالكتاب والسنة والنفي بالسنة، وكذلك أثبت الجلد مع الرجم على الثيبين عند نزول الآية بحديث عبادة؛ الجلد بالكتاب والسنة والرجم بالسنة، وزعم أن ذلك أول حد الزانيين الثيبين، ثم زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك رفع الجلد عن الثيبين وأثبت عليها الرجم، فأقر بأن الجلد الذي كان واجبا على الثيبين بكتاب الله عند نزول الآية قد رفعه النبي صلى الله عليه وسلم عنهما بعد ذلك، فصار الجلد عنهما منسوخا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا بحمد الله واضح غير مشكل.
Показати все...
بقية الحديث: قد يعترض على هذا الثالث بأمور: الأول: أن التخصيص يفارق النسخ في بعض الأحكام بالاتفاق؛ فإن التخصيص يجوز بالعقل والإجماع والعادة والنسخ لا يجوز بهذه الأمور، والجواب عن هذا قد تقدم عند الكلام عن التخصيص بالعقل والحس، لأن العقل على الحقيقة لم يخصص النص؛ لأن بعض العموم الذي يفهم بطريقة الوضع الأول يكون غير مقصود للمتكلم، وهذا يفهم من سياق الخطاب، وهذا لا يحتاج إلى تخصيص لأنه خاص أصلا وتقدم الحديث عنه هناك، أما الإجماع فإنما خصص لأنه مستند على خطاب مخصص، وما كان كذلك فما المانع من القول بأنه ينسخ، لأنه سيكون مستند على نص ناسخ، وراجع كلام البرماوي المتقدم نقله عند التخصيص بالإجماع، وأما عادة الشرع فإنها دليل كاشف عن مقصود الشارع، وما كان كذلك فلا يتصور فيه أن يأتي رافع لحكم متقدم فتأمل. الثاني: أن هناك فرق بين النسخ والتخصيص فالتخصيص رفع بعض الحكم والنسخ رفع الحكم كله. والجواب: أن من النسخ ما هو رفع لبعض الحكم السابق، كنسخ عدد الرضعات من عشر إلى خمس، فرفعت خمس وأقرت خمس، فما الفرق بين هذا وبين التخصيص؟ ثم إن جماعة من الأصوليين يجيزون التخصيص حتى لا يبقى شيء، فما الفرق بين هذا وبين النسخ؟ لا جواب في الحقيقة إلا قولهم أن التخصيص بيان ما لم يقصد، والنسخ رفع ما قصد، والقصود خفية لا يصح تعليق القواعد عليها، وبالله التوفيق.
Показати все...
Оберіть інший тариф

На вашому тарифі доступна аналітика тільки для 5 каналів. Щоб отримати більше — оберіть інший тариф.