#نظرات_قرآنية في #سورة_الزمر
- ﴿أَلَيسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبدَهُ وَيُخَوِّفونَكَ بِالَّذينَ مِن دونِهِ وَمَن يُضلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن هادٍ وَمَن يَهدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِن مُضِلٍّ أَلَيسَ اللَّهُ بِعَزيزٍ ذِي انتِقامٍ وَلَئِن سَأَلتَهُم مَن خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ لَيَقولُنَّ اللَّهُ قُل أَفَرَأَيتُم ما تَدعونَ مِن دونِ اللَّهِ إِن أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَل هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَو أَرادَني بِرَحمَةٍ هَل هُنَّ مُمسِكاتُ رَحمَتِهِ قُل حَسبِيَ اللَّهُ عَلَيهِ يَتَوَكَّلُ المُتَوَكِّلونَ قُل يا قَومِ اعمَلوا عَلى مَكانَتِكُم إِنّي عامِلٌ فَسَوفَ تَعلَمونَ مَن يَأتيهِ عَذابٌ يُخزيهِ وَيَحِلُّ عَلَيهِ عَذابٌ مُقيمٌ﴾ [الزمر: ٣٦-٤٠]
🔹 جاءت هذه الآيات بوعد الله ﴿عبده﴾ ورسوله محمدا ﷺ بحمايته وكفايته من كل عدو ومن كل أمر يهمه ولا يقدر عليه، وكذا كفاية ﴿عباده﴾ المؤمنين، كما في قراءة سبعية متواترة ﴿أليس الله بكاف عباده﴾، وكفايته إياهم وعد إلهي لهم بتحقق كل ما يحتاجون إلى كفايته وتوليه عنهم مما لا يقدرون عليه؛ ومن ذلك:
١- كفايته المؤمنين بالمدد والنصر والظهور على العدو، كما قال تعالى: ﴿إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين..﴾ [آل عمران: ١٢٤].
فلم يكن للمؤمنين يوم بدر قدرة على صد جيش مشركي مكة الذين كانوا أكثر منهم عددا وعدة، فتولى الله أمرهم، وكفاهم عدوهم، فهزمهم، وفل شوكتهم.
٢- وكفايته سبحانه المؤمنين بالعلم بأعدائهم الذين لا يعلمون أخبارهم، وكشفه أسرارهم لهم، كما قال تعالى: ﴿والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا﴾ [النساء: ٤٥].
٣- وكفايته إياهم برد كيد عدوهم، ودفع شره عن المؤمنين قبل وقوعه، كما جرى يوم الخندق، كما قال تعالى: ﴿ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال﴾ [الأحزاب:٢٥].
٤- وكفايتهم إياهم استهزاء أعدائهم ﴿إنّا كفيناك المستهزئين﴾ [الحجر:٩٥]، فما استهزأ بالنبي ﷺ أحد إلا كفاه الله وتولى عقوبة من استهزأ به، وكذا كل من استهزأ بأوليائه وآذاهم وحاربهم بسبب إيمانهم، فإن الله يتولى حربه، كما قال في الحديث القدسي: (من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب).
٥- وكفايته هدايتهم إلى سبيله وصراطه المستقيم، ووقايته إياهم أن يضلوا، أو أن يغويهم الشيطان وأولياؤه فيزلوا، كما قال تعالى: ﴿إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا﴾ [الإسراء: ٦٥].
وقال: ﴿وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا﴾ [الفرقان: ٣١].
٦- وكفايته إياهم كل ما يخشونه ويخافونه في الدنيا والآخرة كفاية عامة شاملة، يتحقق بها لهم الأمن والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى عن المؤمنين: ﴿ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا﴾[الأحزاب:٣٩].
وكما قال في هذه الآية: ﴿أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه﴾.
🔹 وكان المشركون يخوفون النبي ﷺ ومن معه من المؤمنين بأوثانهم، وأنها ستضرهم، وتنتقم منهم، وأنها تنصر المشركين عليهم، وجاء الرد ﴿أليس الله بكاف عبده﴾ و ﴿عباده﴾، وأضافه إليه والمؤمنين بوصف العبودية إضافة تشريف وتكريم، واختصاص من الله لهم، وإخلاص منهم بعبادته، ووصف العبودية يشعر بالعلية، وأن كفاية الله لرسوله ﷺ والمؤمنين، ترتبت على إخلاص العبودية له وحده لا شريك له.
🔹 وقد عدّ الله خوف المشركين من غيره سبحانه، وتخويفهم المؤمنين من غيره ضلالا مبينا، ولا هادي لمن خاف من غيره ﴿ومن يضلل الله فما له من هاد﴾، وحصر الهداية فيمن خافه وحده لا شريك له ﴿ومن يهد الله﴾ إلى دينه توحيده والخوف منه وحده لا شريك له، فلم يخش إلا الله ﴿فما له من مضل﴾ يضله عن سبيل الله وصراطه المستقيم؛ لأنه أستمسك بالعروة الوثقى، التي لا انفصام لها، وبحبل الله المتين الذي لا ينقطع من وصله ﴿أليس الله بعزيز﴾ يمنع من لجأ إليه، وعاذ به وحده، ولم يشرك به أحدا، ﴿ذي انتقام﴾ ممن أشركوا به، وخافوا غيره، وخوّفوا المؤمنين من غير الله تعالى، والانتقام الغضب الشديد الذي لا يقوم لمن حل به قائمة، ولا نجاة له منه.